ماذا استفدنا من رمضان؟
ووقفات قبل الرحيل
والدروس التي يجب أن نراجعها
قبل رحيل الضيف الكريم
الحمد للّه شكراً
والشكر له ذكراًوأشهد ألا إله إلا اللّه وحده لا شريك له غمراً.
شهادة ترفع صاحبها قدراً
وتعظم له أجراً، وتحط عنه وزراً
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله براً.
أرسله للثقلين بشرى
ورضي عن أصحابه دهراً
جمعنا الله بهم طُراً
وحشرنا معهم غُراً.
أما بعد:
السؤال المهم
الذي يطرح نفسه في هذا الأيام وما تتلوه من أيام
ماذا استفدنا من رمضان
ماذا استفدنا من مدرسة الصيام ما الدروس التي يمكننا
أن نخرج بها من تلك الأيام الفاضلة التي قضيناها في العبادة
وتلذذنا فيها بالطاعة
وكيف نستفيد من هذا الشهر الكريم
فيلقي بظلاله على كافة شهور العام
فنكون بذلك حققنا ما يصبوا إليه
الصيام من فوائد ومنافع .
درس التقوى
أما أول الفوائد من دروس رمضان والصيام فهو درس التقوى
والتقوى وصية الله للأولين والآخرين من عباده هي:
تقواه سبحانه وتعالى
قال عز وجل:
"وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا
[النساء:131]
ومعنى التقوى:
تقوى العبد لربه:
أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه
إنه مفهوم عظيم كبير الصائم في رمضان
كان مستشعرا لهذا المعنى أثناء صيامه
فمبدأ التقوى هو السرّ الحقيقي في الصوم
فالله عزّ وجل يقول في محكم التنزيل : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)سورة البقرة ".
ينبغي علينا
بل يجب أن نستشعر مفهوم التقوى في جميع مناحي الحياة
في رمضان وبعد رمضان
التقوى يا عباد الله ليست محصورة
في أيام أو في عبادات
أو معاملات معينة
بل التقوى شاملة لحياة المسلم كلها إن معنى التقوى
أي اتقِ عذابه بطاعته اتقِ سخطه برضوانه
اتقِ الكفر بالإيمان
اتقِ الشرك بالتوحيد
اتقِ إتلاف المال بحسن كسبه
اتقِ سَخَطَ الله عزَّ وجل بحسن إنفاق المال
اتقِ الله في حواسك بأن تجعلها في طاعة الله عزَّ وجل
اتق الله في عينيك العين بأن تَغُضها عن محارم الله
اتق الله في أذنيك بأن لا تسمع بها إلا الحق
اتق الله في لسانك بأن أن لاتقول إلا الصدق والحق
وأن تنزهه عن ماحرم الله من الغيبة والنميمة والكذب وغيرها .
التقوى تكون مع نفسك بأن تلزمها الحق وتكفها عن الباطل
قال تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ" [الحديد:28]. التقوى مع أولادك بأنهم تجنبهم مواطن الردى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) ، التقوى مع غيرك أن تعاملهم بما يرضي الله .
المسلم الذي يتقي ربه
تكون تقوى الله ومراقبته
حاضرة معه في كل مكان
في بيته وفي عمله، مع نفسه
ومع زوجته، ومع أولاده
ومع زملائه، وحينما يكون مع الناس وعندما يخلو بنفسه
لا يراه إلا رب الناس.
درس الإرادة
هذا أول الدروس المستفادة من رمضان
أما ثاني الدروس
وهو درس بالأهمية بمكان
وهو درس الإرادة
فالمسلم في رمضان يخالف عاداته ويتحرر من أسرها
ويترك مألوفاته التي هي مما أحل الله لعباده
فتراه ممتنعا عن الطعام والشراب والشهوة في نهار رمضان
امتثالا لأوامر الله عز وجل
وهكذا يصبح الصوم عند المسلم
مجالا رحبا لتقوية الإرادة الجازمة فيستعلي على ضرورات الجسد ويتحمل ضغطها وثقلها
إيثارا لما عند الله تعالى
من الأجر والثواب .
إن هذا الدرس العظيم
يقودنا بأن نعرف حقيقة في النفس البشرية
أنها قادرة بعد توفيق الله سبحانه بإرادتها وعزيمتها
عن الابتعاد عن الحرام
وعليه فمدرسة رمضان كانت درسا مجانيا
لإخواننا المدخنين بأنهم بإمكانهم
ترك هذه الآفة الضارة
متى ما هم قرروا ذلك
وسألوا قبل ذلك وبعده العون من الله سبحانه .
درس المداومة على الطاعة
ثم إن من أعظم الدروس المستفادة من هذا الشهر العظيم
درس المداومة على الطاعة
فشهر رمضان الكريم موسم
تنوع الطاعات، والقربات
فالمسلم في هذه الأيام الفاضلة يتقلب في أنواع من الطاعات
والعبادات وهو مع ذلك كله
حريص عليها
فإذا كان رب رمضان هو رب جميع الشهور كما نعلم
فحري بالمسلم أن يخرج من مدرسة رمضان
بإقبال على الصلاة والخشوع فيها وصلاتها مع جماعة المسلمين
حري بالمسلم أن يجعل من القرآن الكريم منهج حياة له بتلاوته وتدبره
ما أجمل أن يداوم المسلم على قراءة القرآن بعد رمضان
وأن يجعل له ورداً يومياً يقرأه
فيعيش مع القرآن ويكون له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها .
لقد صلينا في رمضان صلاة التراويح والتهجد
ووجدنا فيها لذة المناجاة
وعظم سماع القرآن
فلنجعل من هذه الدروس مثالا لنا
بأن نجعل من ساعات الليل نصيبا
من صلاتنا وتقربنا إلى الله
ولا يغلبن أحدنا عن صلاة الوتر
كل ليلة ففيها الأجر العظيم من الله.
إن من أجلّ حكم الصيام
غرس القيم والفضائل والخلق الحسن في نفوس الصائمين
والصوم ليس حرمانا مؤقتا من الطعام والشراب
بل هو خطوة لحرمان النفس من الشهوات المحظورة
والنزوات المنكرة
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
إن فراق شهر رمضان المبارك
لمن أصعب الأمور
على النفس المؤمنة
ولولا أن هذا الشهر يعود ويتكرر لانصدعت له قلوبهم
صدعاً لا يلأم
ولكن عزاءهم أنه فراق بعد لقاء.
إن شاء الله
والمهم على فراق هذا الشهر لأمرين:
الأول:
حزن على فراق تلك النفحات الربانية التي لا تتجلى
إلا في هذا الشهر المبارك.
مع همة جادة في الطاعة
والإقبال على المولى سبحانه وتعالي
بأنواع من القربات و العبادات
قلما تجتمع في غيره.
الثاني:
خوف من عدم قبول تلك الأعمال التي جدوا فيها.
وشمروا لها سواعدهم
يدفعه أمل في المولى الكريم أن يقبل منهم ما قدموه
من قليل خدمتهم في مقابل كثير نعمه التي أنعم بها عليهم
فاسمع لسان حالهم يردد:
سلام من الرحمن كل أوان *** على خير شهر قد مضى وزمان سلام على شهر الصيام فإنه *** أمان من الرحمن كل أمان لئن فنيت أيامك الغر بغته *** فما الحزن من قلبي عليك بفان ودعنا نقف أخي الحبيب اختي الحبيبه
بعض الوقفات
ونحن نودع هذا الشهر المبارك
عسى الله أن ينفع بها
وأن يجعلها لي ولكم ذخراً
في صالح أعمالنا إنه سميع قريب.
الوقفة الأولى:
تذكر قبل أن تودع الشهر
تذكر أخي الحبيب اختي الحبيبه
أن سلفنا الصالح عليهم من الله
أزكى الرحمات
قد جعلوا شهورهم كلها رمضان
فما كان دخوله يزيدهم طاعة
وما كان خروجه ينقصهم إحساناً
فهل نعقد العزم على أن نحول السنه كلها إلى رمضان؟
قولوا:إن شاء الله.
وتذكروا أننا قد اعتدنا في هذا الشهر الكريم على الكثير من الخير
وكففنا عن كثير من الشر
ترى!! هل سنستمر على ما اعتدنا عليه من محافظة على صلاة الجماعة؟ - خصوصاً صلاة الفجر وملازمة لكتاب الله؟ فهذا الميزان لقبول الأعمال والتوبة.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ
[محمد:17]
فإن كنا قد اهتدينا فسيزيدنا الله هدى.
وتذكر يا من عرفت الله في رمضان
أن رب رمضان هو رب رجب وشعبان. فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان
قد آذن برحيل.
ومن كان يعبد الله فإن الله دائم
لا يحول.
وتذكر أنك قد عاهدت ربك في هذا الشهر العظيم
على التزام الطاعة. والإقلاع عن المعصية
وقد قال في محكم كتابه وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77].
وقال عز من قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ
[الصف:3،2]
فتعوذ بالله من توبة الكذابين.
وتذكر أن شهر رمضان وإن كان شهر التوبة والإقلاع
فإن باب التوبة مفتوح طول العام
يقول الحق سبحانه: أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
[التوبة:104].
ويقول: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
[الشورى:25]
فهو سبحانه كل وقت غافر للذنب
قابل للتوب.
كما أنه شديد العقاب.
وتذكر أن شهر رمضان وإن كان فرصة للعبادة والتقرب إلى المولى سبحانه. فإن فرصة العبادة باقية لم تنته بعد.
فلئن كان الصيام من أخص خصائص
هذا الشهر إلا أن الصيام سوف يبقي محبوباً مطلوباً في سائر شهور العام. بل هناك من الصيام ما هو كالمتمم لصيام رمضان
كما سنعلم قريباً
- إن شاء الله -
وأين أنت من صيام الإثنين والخميس من كل أسبوع
وصيام ثلاية أيام من كل شهر
وصوم أيام العشر
وشهر الله المحرم، و.....
ولئن ذهبت مع رمضان
صلاة التراويح لكن الصلاة
على الدوام صلة بين العبد وربه
لا يفنيها انقضاء شهر أو مرور دهر.
ولن تسجد لله سجدة إلا رفعك
بها درجة وحط عنك بها خطيئة.
صلاة الليل التي هي شعار المتقين ودأب الصالحين وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً [الإسراء:79]
وهذا مطلق غير مقيد برمضان ولا غيره.
ولا تفوتك السنن الرواتب.
وصلاة الضحى. وركعتي الفجر
وتحية المسجد....،
باب خير لا ينقطع وفضل لا حد له
لأهل الهمم العالية.
وإن كان الدعاء قد كثر في شهر رمضان غير أن الله
يستجيب دعاء من دعاه
في أي زمان وأي مكان
متي استجمع شروطه. وانتفت عنه موانعه
يقول السميع العليم سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
[غافر:60].
عن أبي أمامة الباهلي قال:
قيل يارسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال:
{ جوف الليل الآخر وأدبار الصلوات المكتوبات }
[رواه الترمذي].
والزكاة فريضة ليست مربوطة برمضان. بل مدارها على انقضاء الحول
فمتى حال الحول على مال
بلغ النصاب وجبت زكاته
سواء كان في رمضان أو في غيره.
والصدقة قربة تطفيء الخطيئة وتنمي المال دائماً وأبداً
[ ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً. ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً }
فلا تحصر صدقاتك في رمضان وتحرم نفسك من الأجر بقية العام.
ومتى كنا جادين في دعوانا
يسرنا لليسرى.
وفتح لنا من أبواب الخير
ما لم نحسب له حساباً
حتى نكون - إن شاء الله -
من الذين عناهم المولى بقوله: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16].
الوقفة الثانية: زكاة الفطر
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، عن كل عبد أو حر، صغير أو كبير }
[رواه البخاري ومسلم].
وفي رواية للبخاري: { فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة }.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات } [رواه أبو داود بسند حسن].
ماذا نستخلص من أحاديث زكاة الفطر:
1) أنها فرض واجب، لا خيار ولا عذر
في تركها.
2) أنها تجب على المسلمين جميعاً، أغنياء وفقراء، سادة وعبيداً
ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً
إلا الحمل فإنها تستحب عنه ولا تجب، جاء في حديث عبدالله بن ثعلبة
( أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى )
[رواه أبوداود بسند حسن].
3) أنها طعام، فلا تخرج النقود، لأنه نص على الطعام.
نعديل بلموضوع
لمعرفة ما يخرج فيها
يمكنكم متابعة الفتاوي عنها
النقطة رقم 3 فيها اختلاف
تابعو الان الموضوع^^
4) أن مقدارها صاع، والصاع كما قدر العلماء 2،25 كغم.
5) أنها تخرج من غالب قوت البلد، ففي الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله
{ من قمح أوسواه، أوصاع من طعام }.
6) أنها تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة، ولا يجوز تأخيرها عن ذلك لأنه قال:
{ ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات }.
وأجاز العلماء تقديمها قبل العيد بيوم
أو يومين.
7) الذي يفعله بعض الناس من وضع زكواتهم أمام باب المسجد من غير أن يفوضوا أحداً بتوزيعها خطأ بين. وأخشى ألا تبرأ ذمتهم بهذا العمل، لأنه لابد أن يتولي توزيعها بنفسه. أو يوكل من يثق به في توزيعها. أما وضعها أمام المسجد والانصراف من غير توكيل فهو خطأ قد لا تبرأ به الذمة.
8) وما يفعله بعض الناس من إخراج زكاة الفطر إلى الجيران يوم العيد مع عدم تسليمها للفقير إلا بعد يومين أوثلاثة، إنتظاراً لمن جرت العادة إعطاءه إياها فخطأ. بل إما تذهب له بهذه الزكاة، أو تعطيها من حضر من الفقراء.
9) تتولى بعض الجمعيات والهيئات الخيرية توزيع زكاة الفطر عنك. وتقبلها في وقتها الشرعي أو قبله بقليل فلا بأس من إعطائهم الزكاة ليتولوا بمعرفتهم توزيعها بعد توكيلهم، أو إعطائهم قيمتها بالشراء والتوزيع نيابة عنك.
الوقفة الثالثة: أعمال يوم العيد
التكبير المطلق:
يقول الله تعالى
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]
وفي البخاري من حديث أم عطية رضي الله عنها:
( فيكبرون بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم ).
وأخرج الدارقطني وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما
( أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام ). وقال ابن أبي موسى:
( يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهراً، حتى يأتي الإمام المصلى فيكبر الناس بتكبيره في خطبته، وينصتون فيما سوى ذلك، وعليه عمل الناس ).
وصفة التكبير:
كما روى الدارقطني وغيره عن جابر مرفوعاً: ( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ).
أكله قبل الخروج لصلاة العيد:
عن بريدة قال:
( كان النبي لا يخرج حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي )
[رواه أحمد والترمذي والحاكم بنحوه].
وفي الصحيح عن أنس قال:
( كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلها وتراً )
[رواه البخاري].
خروج النساء للصلاة:
عن أم عطية رضي الله عنها قالت:
( كنا نؤمر أن نَخرُج يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها، حتى نُخُرج الحّيض، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته )
وفي رواية، قالت:
( أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ )
قال: { لتلبسها أختها من جلبابها }
[رواه البخاري].
مخالفة الطريق:
روى البخاري عن النبي
( كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق ). ورواه الترمذي وغيره بلفظ:
( إذا خرج من طريق رجع في غيره )، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة.
ولعل الحكمة في ذلك - والله أعلم - شهادة الطريق، أو سرورها بمروره أو نيل بركته، أو ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق أو ليغيض المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره، أو للتفاؤل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا ونحو ذلك، أو للصدقة على فقرائها. قال ابن القيم رحمه الله:
( والصحيح أنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله منها... ).
لا صلاة قبل العيد:
عن ثعلبة بن زهدم، أن علياً استخلف أبا مسعود الأنصاري على الناس، فخرج يوم عيد فقال:
( يأيها الناس، إنه ليس من السنة أن يصلى قبل أن يصلي الإمام )
[رواه النسائي بسند صحيح].
الوقفة الرابعة:
صيام ست أيام من شوال
روى مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري عن النبي قال: { من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر }.
ما حكمة الصيام في هذا الشهر
1 - صيام الست كالنافلة مع الفريضة تجبر ما ثلم، وتكمل ما نقص.
2 - هو دليل على عدم السآمة من رمضان، والاستعداد لمواصلة الطاعة.
3 - مواصلة الطاعة علامة على قبول
ما قبلها؛ حيث الحسنة تقول: أختي، أختي، والسيئة مثل ذلك.
4 - صيام رمضان سبب للمغفرة بإذن الله وصيام ست من شوال شكر
على هذه النعمة.
س: لماذا تعدل صيام الدهر؟
روى سعيد عن ثوبان مرفوعاً:
( من صام رمضان، شهر بعشرة، وصام ستة أيام بعد الفطر، وذلك سنة )؛ يعني أن الحسنة بعشر أمثالها
كما جاء مفسراً في رواية سندها حسن
( صيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام من شوال بشهرين، فذلك صيام السنة ) أي: مثل صيامها، والمراد التشبيه في حصول العبادة به على وجه لا مشقة فيه.
س:هل يلزم التتابع في صيام هذه الأيام الست؟
استحبه الشافعي وغيره، وهو ظاهر كلام الخرقي وغيره من الحنابلة، ولكن هذا التتابع غير لازم، بل يحصل فضلها متتابعة ومفرقة، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، وقال: في أول الشهر وآخره؛ لظاهر الخبر.
والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
وبعد:
إذا أكمل الصائمون صيام رمضان وقيامه -بمن الله وكرمه- فقد وفوا ما عليهم من العمل وبقى ما لهم من الأجر وهو المغفرة. ومن وفي ما عليه من العمل كاملا وفي له الأجر كاملا ومن سلم ما عليه موفرا تسلم ماله نقدا لا مؤخرا.
ما بعتكم مهجتي إلا بوصلكم
ولا أسلمها إلا يدا بيدفإن وفيتم بما قلتم وفيت أنا
وإن أبيتم يكون الرهن تحت يديومن نقص من العمل الذي عليه
نقص من الأجر بحسب نقصه فلا يلم إلا نفسه.
قال سلمان:
الصلاة مكيال فمن وفي وفي له
ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين.
فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال
من وفاها فهو من خير عباد الله الموفين
ومن طفف فيها فويل للمطففين
أما يستحي من يستوفى مكيال شهواته ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.
أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم العم أيقبل منهم أم لا؟
- وخرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد الفطر فقال في خطبته: "أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما وقمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم".
كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم، ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله منى أم لا؟
ورأى وهيب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال:
إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين!!
- وعن الحسن قال:
إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.
لعلك غضبان وقلبي غافل
سلام على الدارين إن كنت راضيا فيا ليت شعري من هذا القول فنهينه
ومن هذا المحروم فنزيه ماذا فات
من فاته خير رمضان وأي شيء
أدرك من أدركه فيه الحرمان
كم بين من حظه فيه
القبول والغفران
ومن كان حظه فيه الخيبة والخسران. متى يغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر؟
من يقبل من رد في ليلة القدر
متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصلح من كان فيه داء الجهالة والغفلة مرضان؟!
إذا الروض أمسى مجدبا في ربيعه ففي أي حين يستنير يخصب
كل ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يقطع، ثم يوقد في النار.
- من فرط في الزرع في وقت البدار
لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسران.
ترحل شهر الصبر وا لهفاه وانصرما واختص بالفوز في الجنات من خدما وأصبح الغافل المسكين منكسرا
مثلي فياويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار
فما تراه يحصد إلا الهم والندما
- يا إخوتاه شهر رمضان يفاض على المتقين في أوله
خلع الرحمة والرضوان
ويعامل أهل الإحسان بالفضل والإحسان
وأما أوسط اشهر فالأغلب عليه المغفرة
وأما آخر الشهر فيعتق فيه من النار من أو بقته الأوزار
واستوجب النار بالذنوب الكبار
وإنما كان يوم الفطر من رمضان عيد لجميع الأمة لأنه تعتق فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار
فليلتحق فيه المذنبون بالأبرار.
- يا أرباب الذنوب العظيمة:
الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة، فما منها عوض ولا لها قيمة، فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة والمنحة الجسيمة.
- يا من أعتقه مولاه من النار:
إياك أن تعود بعد أن صرت حرا إلى رق الأوزار، أيبعدك مولاك من النار
وتتقرب منها وينقذك منها
وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها. إن امرءًا ينجو من النار بعدما تزود
من أعمالها لسعيد
إن كان الرحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة للمتقين فالظلم غير محجوب عنها.
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فمن الذي يرجو ويدعو المذنب
فيا أيها العاصي وكلنا ذلك لا تقنط من رحمة الله
بسوء أعملك فكم يعتق من النار في هذه الأيام من أمثالك
فأحسن الظن بمولاك وتب إليه
فإنه لا يهلك على الله هالك.
إذا أوجعتك الذنوب فداوها
يرفع بالليل والليل مظلم ولا تقنطن
من رحمة الله
إنما قنوطك منها من ذنوبك أعظم فرحمته للمحسنين كرامة
ورحمته للمذنبين تكرم كان بعض السلف إذا صلى استغفر من تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه
إذا كان هذا حال المحسنين في عباداتهم أرحموا من حسناته
كلها سيئات وطاعاته كلها غفلات. أستغفر الله من صيامي طوال زماني ومن صلاتي يوم يرى كله
خروق وصلاته أيما صلاة مستيقظ
في الدجى ولكن أحسن من
يقظتي سباتي من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود
وعزمه أن يرجع إلى المعاصي
بعد الشهر ويعود فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود"
كان حسان بن أبي سنان
يصوم الدهر ويفطر على قرص ويتسحر بآخر
فنحل وسقم جسمه حتى صار كهيئة الخيال
فلما مات وأخل مغتسلة ليغسل كشف الثوب عنه
فإذا هو كالخيط الأسود قال:
وأصحابه يبكون حوله.
قال حريث: فحدثني يحيى البكاء وإبراهيم بن محمد العرني قالا:
لما نظرنا إلى حسان على مغتسله وما قد أبلاه الدءوب استدمع
أهل البيت وعلت أصواتهم فسمعنا قائلا يقول من ناحية البيت:
تجوع للإله لكي يراه نحيل الجسم من طول الصيام
فوالله ما رأينا في البيت إلا باكيا ونظرنا فلم نجد أحدا.
قال حريث بن طرفة: فكانوا يرون أن بعض الجن قد بكاه"
(لطائف المعارف)
- أين من كان إذا صام صان الصيام
وإذا قام استقام في القيام
أحسنوا الإسلام ثم رحلوا بسلام
فما بقي إلا من إذا صام افتخر
بصيامه وصال
وإذا قام عجب بقيامه وقال:
كم بين خلى وشجي، وواجد وفاقد، وكاتم ومبدي.
"عباد الله إن شهر رمضان قد عزم
على الرحيل
ولم يبق منه إلا القليل
فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام
ومن فرط فليختمه بالحسنى
والعمل بالختام
فاستغنموا منه ما بقى من الليالي اليسيرة والأيام
واستودعوه عملا صالحا يشهد لكم به عند الملك العلام
ودعوة عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان
على خير شهر قد مضى وزمان سلام على شهر الصيام
فإنه أمان من الرحمن كل أمان لئن فنيت أيامك الغر بغتة
فما الحزن من قلبي عليك بفان
شهر رمضان
وأين هو شهر رمضان؟
ألم يكن منذ لحظات بين أيدينا
ألم يكن ملء أسماعنا وملء أبصارنا؟ ألم يكن هو حديث منابرنا، زينة منائرنا وبضاعة أسواقنا ومادة موائدنا
وسمر أنديتنا وحياة مساجدنا
فأين هو الآن!!
- أي شهر رمضان
أين سلطان الشهور وجامع البشر والسرور جامع البستان للزهور
أين شهر رمضان بث الأنس والحبور
بث البدور للنور.
- أين شهرنا الكريم وموسم خيرنا الوسيم
أين شهر المكرمات والكرامات
انجابت فيك الظلمات والظلامات وتضاعفت فيك الحسنات
وفتحت أبواب السموات
لو لم يكن لك من الفضل
إلا ليلة القدر وتردد الملائكة
حتى مطلع الفجر لكان كفاية
في تفضيلك ونهاية في تبجيلك.
- أين شهر الأرواح، تهتز فيك وترتاح وتطير بغير جناح.
- أين شهر النعيم وددنا أن لو كان شهرك حجة
ويا ليتك فينا ما تزال مقيما.
- أين شهر الذي هيم نفوسنا، أي شهرنا المعظم
قدرة المشرف ذكره.
لقد ذهبت أيامه وما أطعتم
وكتبت عليكم فيه آثامه
وما أضعتم، وكأنكم بالمشمرين فيه
وقد وصلوا وانقطعتم
أترى ما هذا التوبيخ لكم أو ما سمعتم.
ما ضاع من أيامنا هل يغرم
هيهات والأزمان كيف تقوم يوم
بأرواح تباع وتشترى وأخوه ليس
يسأم فيه درهم قلوب المتقين
إلى هذا الشهر تحن
ومن ألم فراقه تئن.
دهاك الفراق فما تصنع أتصبر للبين
أم تجزع إذا كنت تبكر وهو جيرة
فكيف تكون إذا ودعوا
- كيف لا تجرى للمؤمن على فراقه دموع، وهو لا يدري هل يبقى له في عمره إليه رجوع.
تذكرت أياما مضت و لياليا
خلت فجرت من ذكرهن دموع ألا هل لها يوما من الدهر عودة
وهل إلى يوم الوصال رجوعهل بعد إعراض الحبيب تواصل
وهل لبدور قد أفلن طلوع
- أين حرق المجتهدين في نهاره
أين قلق المتهجدين في أسحاره
كيف حال من خسر في أيامه و لياليه ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه
وقد عظمت فيه مصيبة وجل عزاؤه
كم نصح المسكين فما قبل النصح
كما دعي إلى المصالحة
فما أجاب إلى الصلح
كم يشاهد الواصلين فيه وهو متباعد كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد حتى إذا ضاق به الوقت