فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا أحب لقاء الله أحب الله لقاءه وذلك أن المؤمن يؤمن بما أعد الله للمؤمنين في الجنة من الثواب الجزيل والعطاء العميم الواسع فيحب ذلك وترخص عليه الدنيا ولا يهتم بها لأنه سوف ينتقل إلى خير منها فحينئذ يحب لقاء الله ولاسيما عند الموت إذا بشر بالرضوان والرحمة فإنه يحب لقاء الله عز وجل ويتشوق إليه فيحب الله لقاءه
أما الكافر والعياذ بالله فإنه إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه ولهذا جاء في حديث المحتضر أن نفس الكافر إذا بشرت بالغضب والسخط تفرقت في جسده وأبت أن تخرج ولهذا تنزع نفسه-
روحه - من جسده كما ينزع الشعر من الصوف المبلول بمعنى أنه يكره على أن تخرج روحه وذلك لأنه يبشر والعياذ بالله بالشر ولهذا قال الله تعالى { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ } [ الأنعام ٩٣]
فهم شحيحون بأنفسهم والعياذ بالله لا يريدون أن تخرج ولكن الملائكة تقول أخرجوا أنفسكم فإذا بشرت تفرقت في الجسد فينتزعها الملائكة كما ينتزع السفود من الصوف المبلول والعياذ بالله حتى تخرج
الحاصل - أن المؤمن يحب لقاء الله لأنه يحب الله عز وجل يحب ثوابه يحب جنته يحب النعيم فهو يحب لقاء الله ولاسيما عند الموت فيحب الله لقاءه
اللهم اجعلنا ممن يحب لقاءك يا رب العالمين وأحسن لنا الختام إنك على كل شيء قدير
يعني إذا قلت لإنسان أنت فاسق أو يا فاسق صرت أنت الفاسق إلا إذا كان هو كذلك وهكذا من كفر أحدا وقال أنت كافر أو يا كافر وليس كذلك صار القائل هو الكافر
وفي هذا دليل على أن هذا من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد هذا القائل أن يكون هو الذي يتصف بهذه الصفة وعلى هذا فلا يحل للإنسان أن يقول لأخيه المؤمن يا فاسق أو يقول فلان فاسق إلا إذا كان كذلك وأراد أن يحذر منه فلا بأس وكذلك لا يقول له يا كافر أو يقول فلان كافر فإنه لا يحل له ذلك ما لم يكن هكذا
وفيه التحذير من تكفير المسلمين بغير دليل شرعي خلافا لما يتجاسر به بعض الناس والعياذ بالله يكفر على أدنى شيء يقول هذا كفر وهذا فسق وما أشبه ذلك
📚 *منتقى من شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى ص ٢٢٠ : ج ٦*