لما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه
قال قصيدته التى تعوّذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها
وتودد فيها أشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره
أنه غير مٌسلِّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبداً حتى يهلك دونه فقال :
ولما رأيت القوم لا وِد فيهمُ * وقد قطعوا كل العُرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والأذى * وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
وقد حالفوا قوماً علينا أظنّة * يعضون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة * وأبيض عضب من تراث المقاول
وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي * وأمسكت من أثوابه بالوصائل
قياما معا مستقبلين رتاجه * لدي حيث يقضي حلفه كل نافل
وحيث يُنيخ الأشعرون ركابهم * بمفضَى السيول من إساف ونائل
موسمَّة الأعضاد أو قصراتها * مخُيَّسة بين السَّديس وبازل
ترى الودع فيها والرخام وزينة * بأعناقها معقودة كالعثاكل
أعوذ برب الناس من كل طاعن * علينا بسوء أو مُلحّ بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة * ومن ملحق في الدين ما لم نحاول
وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه * وراق ليرقى في حراء ونازل
وبالبيت ، حق البيت من بطن مكة * وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجر المسوّد إذ يمسحونه * إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل
وموطىء إبراهيم في الصخر رطبة * على قدميه حافيا غير ناعل
وأشواط بين المروتين إلى الصفا * وما فيهما من صورة وتماثل
ومن حج بيت الله من كل راكب * ومن كل ذي نذر ومن كل راجل
وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له * إلالٌ إلى مُفضَى الشراج القوابل
وتوقافهم فوق الجبال عشية * يقيمون بالأيدي صدور الرواحل
وليلة جمع والمنازل من منى * وهل فوقها من حرمة ومنازل
وجمع إذا ما المقربات أجزنه * سراعا كما يخرجن من وقع وابل
وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها * يؤمون قذفا رأسها بالجنادل
وكندة إذ هم بالحصاب عشية * تجيز بهم حُجَّاج بكر بن وائل
حليفان شدا عقد ما احتلفا له * وردَّا عليه عاطفات الوسائل