تنشط ما بين السعودية ومخيم اللاجئين السوريين في الأردن، حركة تزويج بين راغبين بزيجات سرية وفتيات قاصرات سوريات، تسعى وراءها خطّابات تجاوزن المحلية إلى ما وراء الحدود بمساعدة مستشار أسري يدير ما يشبه غرفة عمليات، مقابل 5 آلاف ريال للزيجة الواحدة.
ويبدو أن هذه الزيجات بدأت تكبر لتصبح ظاهرة تقلق إدارة شؤون اللاجئين، في حين تروي لاجئات قصصا عن أزواج جاؤوا إليهن بحجة المساعدة، وفروا قبل اكتمال شهر العسل.
تحت عنوان العفاف وبذريعة الستر، يرن صوت منبه الجوال حاملا رسالة تستفز الشجاعة وتنادي للتحلي بها.
عنوان عريض لرسائل تقتحم مجموعات الواتس اب، تحوي قائمة طويلة لأسماء نسوة مزودة بأرقام هواتفهن، فحواها توفيق بين رأسين بالحلال، مقابل 5 آلاف ريال مع التأكيد على أن الزواج شرعي وموثق، واللافت أن هذا النوع من الزواج تخطى الحدود المحلية، ليتركز على فتيات سوريات من اللاجئين المقيمين في مخيم الزعتري بالأردن.
فالقائمة التي ذيلت بعبارة “إذ لم يكن لديك الشجاعة على التعدد فارسلها لمن ترى” تحمل أكثر من 39 اسما لسيدات في كل المناطق شرقا وغربا جنوبا وشرقا ووسطا، فيما يتصدر القائمة رجل يحمل صفة استشاري أسري ويحمل عضوية في لجان استشارات أسرية.
تخطي الحدود وبحسب صحيفة “مكة” التي تواصلت مع إحداهن لمعرفة الطريقة والآلية، فذكرت من رمزت لاسمها بـ”أم علاء”، أن طبيعة عملها خطابة، وهدفها الأجر بالتوفيق بين رجل وامرأة حلالا، إضافة للمال الذي تعول به أسرتها وتنفقه على حاجياتها.
أم علاء تخطت حدود المحلية وأصبحت سفيرة زواج، بعد أن حققت نفوذا خارجيا بمساعدة المستشار الأسري غرفة العمليات ومسير الأمور، الخطابة أم علاء استثمرت خبراتها الممتدة لنحو 15 عاما في التزويج غيرت مسار زواج المسيار، والبحث عن الفتيات العانسات وتوجهت تبحث عن رجال راغبين في الاقتران بفتيات سوريات على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأصبح جل التركيز على الباحثين عن الشقراوات ذوات البشرة البيضاء.
وتشير أم علاء إلى أن الإقبال على الزواج من الفتيات السوريات يتزايد، مرجعة الأسباب إلى أن الفتاة تبحث عن الآمان، فيما الرجل يبحث عن ذات الجمال الذي اشتهرت به أرض الشام، ولافتة إلى أن الذكور المقبلين على الارتباط إما كبار في السن أو راغبون في أن يبقى الأمر سريا إلى حين
تفند أم علاء الخطوات من الألف للياء يوجد أشخاص في مواقع اللاجئين السوريين يرسلون صورا للمستشار الأسري الذي بدوره يمدنا بها، وفي حال العثور على راغب في الزواج يتم عرض الصور عليه ليختار شريكة العمر التي تعجبه وتروق له، وقبل أن تختم الحديث معتذرة بالمشاغل وكثرتها ذكرت “بعد اتفاق الطرفين أحصل على حصتي والتي تقدر بنحو ألفي ريال، وإكرامية من العريس والتي تعتمد على مدى رضا العريس عن العروس، ثم يتولى المستشار الأسري بقية الإجراءات التي تتم بشكل سليم عن طريق القنوات الرسمية وبعد صدور الموافقة تتم مراسم الزواج”.
تحول مخيم الزعتري في الأردن إلى أرض تجمع الأضداد، بين الألم والفرح قواسم مشتركة، إلا أن الثاني ما يلبث أن يعود إلى نقطة البداية فيصبح ترحا، فحكايات الزواج من القاصرات السوريات أبطالها رجال قادمون من الخليج، خططهم تبدأ بالرعاية والإغراق بالمال، وما إن يفلح الطعم في اصطياد الضحية، إلا وتقام مراسم العرس، والتي ما تلبث أن تنتهي باختفاء الزوج ورحيله وفي كثير من الأحيان إن لم يكن جميعها تنتهي في أيام العسل.
الحكاية كما تصفها أم عبدالكريم اللاجئة السورية ذات الخمسين ربيعا، رقص على أوجاع المشردين، تقول “لم نكن وحدنا الذين قطعنا المسافات لبلوغ مخيم الزعتري، فالسوريون أجبرتهم نيران الحرب وشظايا الصواريخ على الهرب، ودفعهم بطش البراميل المتفجرة على ترك ديارهم وهجر منازلهم، وآخرون حزموا حقائبهم برا وجوا، وجاؤوا من دول مجاورة، متكبدين عناء السفر لأجل عرض خدماتهم والمساعدة، فينتهي الأمر بطلب زواج من فتيات ما تلبث زهورهن حتى تذبل”.
وتضيف في حديثها: “يأتي رجال ملتحون من دول الخليج، يعرضون خدماتهم، ويكفلون الأيتام، ويقدمون المال، وبعد كسب ثقة أسر همها الأكبر الحصول على لقمة العيش، يبدؤون في طرق الأبواب بحثا عن الزواج الذي ينتهي قبل اكتمال العسل وشهره”.
وتستشهد بقصة حدثت لرجل من جنسية عربية كان إماما لأحد مساجد مخيم الزعتري، “أغدق المال على إحدى الأسر اللاجئة، وكفل أيتام ابنتهم التي توفي زوجها في الأراضي السورية، وبعد تأكده من أنه أصبح محل ثقة، تحين الفرصة طالبا الزواج من الأرملة، فتحقق له مراده مقابل 7 آلاف دينار أردني (36.4) ألف ريال سعودي”، مشيرة إلى أن الزوج تكفل باستئجار مسكن لأسرتها في مدينة جرش، وفي منتصف شهر العسل، استأذنهم على أمل العودة إلا أنه لم يعد.
وفي قصة أخرى، تذكر أن من يحضرون لأجل الزواج يحملون معهم أرقام هواتف أردنية، وبعد اصطياد الضحية والظفر بما يريدون، يغلقونها فيصعب الوصول إليهم وينتهي الأمر عند هذا الحد، مستشهدة برجل جاء للمخيم قبل نحو عامين، وتزوج فتاة سورية في الثامنة عشرة من العمر مقابل 3 آلاف دينار أردني ( 15.6 ) ألف ريال سعودي، ودفع لأسرتها إيجار شقة مدة ثلاثة أشهر، وبعد عشرين يوما تغيب ولم يرجع، وتضيف “لم تتوقف المأساة عند هذا الحد إذ اكتشفت الزوجة أنها حامل ففوضت أمرها لله”.
وعن سبب عدم التحقق من هويات الراغبين في الزواج، علقت بالقول: “كل المتقدمين للزواج يخفون أوراقهم الثبوتية ولا يراها سوى عاقدي الأنكحة الذين ينهون الأمور ويسيرونها مقابل المال” مستشهدة بالمثل الدارج “اطعم الجيب تستحي العين”.
وفي حديثها عن قصة ابنة شقيقها، قالت: “تقدم أحدهم طالبا الزواج من ابنة أخي، وللأسف حكمنا عليه من منظره العام الذي كان يوحي بأنه من أهل الخير، وبعد الزواج بأسبوعين، استأذن طالبا العودة للسعودية لأخذ الموافقة، فزادت ثقتنا به أكثر، إلا أنه من ذلك التاريخ اختفى، أما ابنة أخي فهي الآن معلقة، ولا تستطيع التصرف كونه دخل بها”
وهنا علقت ابنة شقيقتها ميساء: “أثناء زواجنا كان يرفض إعطائي أية معلومات عن هويته الحقيقية، ولكنه قبل الزواج أعطانا صورة جوازه، وهاتفنا أمه ووالده وشقيقاته، وأحضر كفيلا أردنيا كان صديقا له، وحين قدمنا الأوراق للشرطة هددونا بالسجن، فآثرنا الصمت وفوضنا الأمر لله”.
بين القصص قاسم مشترك هو الزواج، ولكن الاختلاف في المدة الزمنية، فالزواج في الزعتري لا يمكن أن يكمل الثلاثين يوما، وبحسب أم عبدالكريم، فإن أكثر من ثلاثة آلاف واقعة زواج حدثت في المخيم، ومن بينها قصة لضابط أردني، كانت رعايته واهتمامه بإحدى الأسر بمثابة طعم، وما أن علق الصيد حتى بدأ في التباهي بين أقرانه أنه تزوج فتاة سورية بمبلغ زهيد.
وأشارت إلى أن الضابط تزوج بـ50 دينارا أردنيا (260 ريالا سعوديا)، إضافة لتأمين مسكن لذويها وأشقائها، فبلغ والدها الأمر الذي أقسم عليه أن يطلقها فحدث، مضيفة: “بعد الطلاق عاد الأب برفقة زوجته وبناته إلى سوريا مفضلا بطش الشبيحة على الاستهانة بعرضه، وتحويله لسلعة رخيصة تلوكها ألسنة الناس”.
وزادت: “يبحث الرجال القادمون إلى المخيم عن الفتاة الطويلة البيضاء، ويفضلون أن تكون الأعمار بين 14 - 20 عاما، وكثير منهم يتسللون لقلوب الأسر بالمظاهر والأموال، ويقابلها في الطرف الآخر، حسن نية ورغبة في دفن الفقر وسد الجوع والانتقال إلى مسكن أفضل من كرفانات المخيم
قال السفير السعودي في الأردن الدكتور سامي الصالح : “قد تكون هناك حالات زواج بين سعوديين ولاجئات سوريات، لكنها فردية ولا تشكل ظاهرة، غير أن جهات تسعى إلى ترويج مثل تلك القصص بهدف تشويه سمعة السعوديين”.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك