في البدء، لا بد من الإشارة بقوة إلى أننا نمر بمرحلة انتقالية، ومنعطفات تكاد لا تخلو من الخطورة، والقبول والرفض من البعض، والنقاش والحوار الحادَّيْن بسبب هذه التغييرات، التي لا بد منها لكي نصل إلى مرحلة متقدمة من مراحل نهوض الأمم. ويجب، بل يفترض من الغالبية القبول ببرنامج التحول الوطني، ومساندة الحكومة فيما تصبو إليه، والسعي إلى المشاركة الفاعلة في التنمية الوطنية.
نقطة مهمة في هذا المنعطف، وهذا التاريخ، وهذا الوقت بالذات: يجب أن لا يكون "التسويف" والقول أكثر من الفعل والتطبيق.. مللنا من "التنظير"، وننتظر الإبداع، والتفعيل للأنظمة، والقرارات البعيدة عن التهويل والتسويف.. وطننا يمر بمنعطف انطلاقة حقيقية، تدعو الجميع للمشاركة الفاعلة الجادة، صغيرًا كان أو كبيرًا، شابًا وفتاة، مسؤولاً ومواطنًا عاديًّا. الشراكة مطلوبة من الجميع. وخادم الحرمين ــ حفظه الله ــ أعلنها مرارًا وتكرارًا بأننا نحن المواطنين مسؤولون أمام الله وولاة الأمر، ومشاركون في التنمية والبناء.
القطاع الخاص له دور كبير في عجلة التنمية، ويقع على عاتقه الحمل الكبير في السير قُدمًا في تطبيق ما جاءت به الرؤية 2030، وما تضمنته برامج التحوُّل الوطني 2020.
وما يهمنا هنا في هذه العجالة وما سنتحدث عنه هو قطاع النقل، وبالتحديد النقل الجوي (الطيران المدني)؛ لما له من أهمية قصوى في التنمية واقتصاد البلد.
ونعلم أن وزارة النقل الآن تضم في طياتها هيئة الطيران المدني، التي تشرف على المطارات وشركات الطيران، التي بدأت في الدخول إلى الأراضي السعودية، وتقديم خدماتها للمسافرين. إذن، هي هيئة تشريعية أو جهة تشريعية مستقلة، انفصلت تمامًا عن الخطوط السعودية التي تنوي الخصخصة في المرحلة القادمة..!
أُلحقت الهيئة بوزارة النقل، ثم تم رفع يد الهيئة عن الخطوط السعودية، وأن تكون خدماتها وتشريعاتها متطابقة على جميع الناقلات الجوية المسجلة في المملكة العربية السعودية، وأن لا يطغى قرار على قرار، وأن تنظر بعين واحدة لتلك الشركات كافة. وينطبق على "ناس" - على سبيل المثال - ما ينطبق على الخطوط السعودية من حيث المزايا والحقوق والواجبات. ونعلم أن السوق السعودية تزدحم الآن بالعديد من شركات الطيران الجديدة، وقد يتزايد العدد في العامين القادمين. والسوق السعودية تتطلب ذلك، والمرحلة القادمة تتطلب العشرات من الخطوط الجوية الناقلة للمسافرين من وإلى المطارات في السعودية.
إذا تحدثنا عن خصخصة الخطوط السعودية، التي يتحدث عنها الكثير، خاصة مسؤولي الخطوط أنفسهم منذ فترة ليست بالقريبة، سنجد أننا أمام تساؤلات عديدة، أهمها أن الخطوط نفسها تحتاج إلى إعادة هيكلة، وتوزيع الموارد البشرية، وكيفية إدارة الموارد، وتحسين الخدمات المقدمة التي إلى الآن في تراجع مخيف (الخطوط السعودية في المركز الـ85 عالميًّا..؟!). عشرات الأسئلة وعشرات الألسن المتذمرة من الخدمات.. وما مأساة العفش وتكدس المسافرين، وغيرها من المآسي التي حصلت في الآونة الاخيرة، إلا دليل على أن الخطوط السعودية لم تقدم 2 % مما يصبو إليه الجميع، ويأمله منها الراكب السعودي، أو غيره. فإما أن تقدموا خدماتكم بشكل جيد أو أن تفسحوا المجال ــ يا أيتها الهيئة ــ للعديد من الناقلين؛ لتقديم خدمات أفضل، والمساواة بين هذه الشركات، سواء في الخدمات الأرضية أو حتى خدمات سعر الوقود. ولي وقفة معه في مقال آخر..!
برنامج التحوُّل الوطني جاءت به العديد من الفقرات للخطوط السعودية، التي يعنينا في مقالنا هذا الحديث عنها، وأولها سؤال بحجم الأزمة: أين حديثكم عن زيادة عدد طائرات الأسطول، وتحسين الخدمات المقدمة للمسافرين؟ وأين المبادرات والمشاريع التي تحدثتم عنها؟ وأين الخطة الاستراتيجية التي قلتم إنها مقدمة من أكبر بيوت الخبرات العالمية؟ وماذا تم بشركة طيران "أديل"؟ وما هي آخر المستجدات في هيكلة المؤسسة "الشركة القابضة"؟
أسئلة أتمنى الإجابة عنها، وأتمنى من هيئة الطيران المدني وقفة تأمُّل لما كتبت.. ولي عودة..!
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك