لقد وضع الإسلام نظامًا فريدًا للاجتماع، لحمته التراحم والتعاطف، وسداه التكافل والتكاتف، ومبناه على التعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان، وقيام كل مسلم بما يجب عليه تجاه من يعامله أويصل إليه. وقد عظم الله حق المسلم على المسلم، وحق القريب على قريبه، وحق الجار على جاره.
والقيام بهذه الحقوق من أهم أسباب السعادة للفرد والمجتمع. فإن الناس في هذه الدنيا ممتحنون، والمصائب تحيط بهم من كل جانب.
والإنسان بمفرده أضعف من أن يصمد طويلاً أمام هذه الشدائد، ولئن صمد، فإنه يعاني من المشقة والجهد ما كان في غنى عنه لو أن إخوانه التفتوا إليه، وحدبوا عليه، وهرعوا لنجدته، وأعانوه في مشكلته، فالمرء قليلٌ بنفسه، كثيرٌ بإخوانه وجيرانه وأهله. وانطلاقا من هذه الأهمية نبحث حقوق الجار من خلال المباحث التالية:
الأول: حاجة الجار إلى جاره.
الثاني: أنواع الجيران.
الثالث: حد الجار.
الرابع: عظم حق الجار.
الخامس: مراتب حق الجار.
السادس: أهمية الاجتماعات بين الجيران.
المبحث الأول
حاجة الجار إلى جاره
لقد وضع الإسلام نظامًا فريدًا للاجتماع، لحمته التراحم والتعاطف، وسداه التكافل والتكاتف، ومبناه على التعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان، وقيام كل مسلم بما يجب عليه تجاه من يعامله أويصل إليه. وقد عظم الله حق المسلم على المسلم، وحق القريب على قريبه، وحق الجار على جاره.
والقيام بهذه الحقوق من أهم أسباب السعادة للفرد والمجتمع. فإن الناس في هذه الدنيا ممتحنون، والمصائب تحيط بهم من كل جانب.
والإنسان بمفرده أضعف من أن يصمد طويلاً أمام هذه الشدائد، ولئن صمد، فإنه يعاني من المشقة والجهد ما كان في غنى عنه لو أن إخوانه التفتوا إليه، وحدبوا عليه، وهرعوا لنجدته، وأعانوه في مشكلته، فالمرء قليلٌ بنفسه، كثيرٌ بإخوانه وجيرانه وأهله.
وأقرب الناس إلى الإنسان، وأكثرهم ملابسة له، ومعرفة بأحواله ـ بعد أهله وقرابته ـ هم جيرانه. بل لربما كان الجار في حالات كثيرة، أقرب إليهم، وأكثر إعانة لهم من القرابة والأصهار، فإن أهل البيت حين يفاجؤون بمشكلة، أو تحل بهم نازلة، ويحتاجون فيها إلى إغاثة عاجلة، فإنهم يهرعون مباشرة إلى جارهم، بحكم قربه منهم، وملاصقة داره لدارهم.
ومن هنا يتبين شدة حاجة الجار إلى جاره، وقوة تأثيره فيه، وعظم حقه عليه، وأن القيام بحقه من أوجب الواجبات، ومن أكبر أسباب التكافل والتعاون في هذه الحياة، لتذليل عقباتها، وتخفيف مصاعبها، وأكبر أسباب الإعانة على البر والخير، والحماية من الإثم والشر.
ولكن هذا الحق العظيم قد أهمله كثير من الناس اليوم، وانشغلوا عنه بخصوصياتهم وحب ذواتهم، وقعدوا عن القيام به بسبب أثرتهم وأنانيتهم، ولم يرعوه حق رعايته بسبب جهلهم وضعف إيمانهم، وتربع الدنيا على قلوبهم، فأصبحوا لا يعيشون إلا لأنفسهم، ولا يهمهم إلا مصالحهم، غير مكترثين بما يجب عليهم تجاه إخوانهم وجيرانهم، فماتت فيهم عواطف الأخوة والمحبة، وخفتت في نفوسهم أخلاق السماحة والنجدة، وخلت قلوبهم من المعاني الإنسانية الجميلة، وربما حملهم حب الدنيا والمنافسة على حطامها على إيذاء جيرانهم وظلمهم، والاعتداء على مصالحهم، وغمطهم حقوقهم.
وليتهم إذ لم يحسنوا إليهم ويقوموا بحقوقهم عليهم، كفَّوا عنهم ظلمهم وعدوانهم.
ولقد كان العرب وهم في جاهليتهم يتفاخرون بحسن الجوار وإكرام الجار، ورعاية حقوقه وصون حرماته، وكف الأذى عنه، حتى قال قائلهم:
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك