يشترط العلماء شروطاً عدة لا بد من توفرها في الحاكم أو الخليفة أو إمام المسلمين، منها العدالة وهي أن يكون مراعياً لجانب الدّين قائماً بأوامر الله متجنباً لنواهيه؛ لأن من أعظم المصالح المقصود تحقيقها بالولاية والإمامة إقامة الدّين بين الناس بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ورد المظالم وردع الظالم ونحو ذلك من المصالح الدينية والدنيوية ( ).
والفاسق كما يقول شارح الطحاوية رحمه الله: ((وهو من أظهر بدعة وفجوراً لا يرتب إمامًا للمسلمين فإنه يستحق التعزير فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً)) ( ).
فإذا كان فاقداً للعدالة في نفسه، فلن يقيم العدالة والحق في غيره، فلا يجوز عقد الولاية للفاسق ابتداءً ( ). ولكن إذا تغلب على الحكم فاسق قد صارع في الأمر وقاتل حتى استطاع أن يغلب الناس ويتولى عليهم بالقوة ( )، أو كان مستوراً حاله ثم ظهر فسقه وبان عن الدّين انحرافه فهل تسقط طاعته ويجوز الخروج عليه؟
قد دلت الأدلة الشرعية على أنه تجب طاعته ويحرم الخروج عليه.
فمن الأدلة التي توجب طاعة الإمام ما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: ((السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) ( ).
وعن عبادة بن الصامت قال: ((بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله وأن نقوم - أو نقول - بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ـ وفي رواية ـ إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان)) ( ).
وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله : ((عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك، ومكرهك، وأثرة عليك)) ( ).
فهذه أحاديث صريحة في وجوب السمع والطاعة لمن تولى أمر المسلمين ما لم يأمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
ولا يعني ذلك لا سمع ولا طاعة مطلقــاً، وإنمـا يعني لا سمع ولا طاعة في معصية الله، فلا يطيع المسلم أحداً من الخلق في معصية الله تبارك وتعالى.
ومن المعلوم أن وجوب السمع والطاعــة على المسلم لمن ولاه الله أمر المسلمين، يعني تحريم الخروج عليه، لأن الخروج عليه هو أعظم العصيان له.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك