قال الله تعالي:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} الكهف: 46
أى:المال والبنون زينة يتزين بها الإنسان في هذه الحياة الدنيا، ويتباهى بها على غيره. وهذا بيان في التعبير بديع ودقيق لحقيقتهما،فهما زينة وليسا قيمة، ولا تُوزَنُ بهما أقدار الناس، إنما توزن أقدار الناس بالإيمان والعمل الصالح،
كما قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) الحجرات: 13..
ولذا جاء التعقيب منه سبحانه بقوله: {وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا}.
أي: وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة:
من حقوق الله، كالصلاة، والزكاة، والصدقة... إلخ، وحقوق عباده، كصلة الرحم، وبر والدين، ... وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق...
كل هذا من الباقيات الصالحات، وهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون.
تأملوا معي كيف ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها، فذكر أن فيها نوعان:نوع من زينتها، يتمتع به قليلا، ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون، و نوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام، وهي الباقيات الصالحات.
..
فالباقيات الصالحات؛ تبقى ثمارها للإنسان، وتكون عند الله تعالى خَيْرٌ من الأموال والأولاد، ثوابًا وجزاءً وأجرًا، وَخَيْرٌ أَمَلًا؛ حيث ينال بها صاحبها في الآخرة ما كان يرجوه في الدنيا من فوز بنعيم الجنة، أما المال والبنون فكثيرا ما يكونان فتنة.
وفتنة الأولاد إذا لم يحتاط ويحذر منها العباد؛ قد تصرفهم عن عبادة رب العباد؛
لذا فقد حذرنا تبارك وتعالى منها في قوله سبحانه: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} التغابن: 15.
إذن فالأولاد فتنة، كما أن من بعضهم أعداء للعبد المؤمن؛ وقد يكون ذلك بسبب تقصير الوالدين أو أحدهما،
وأحد هذه العداوات والفتن، بل من أشرها، عـقــــوق الــوالــديــــن...
هذا العقوق بالوالدين لا شك وأن له سبب، وأغلب الأسباب تكمُنُ في عقوق الآباء والأمهات لأبنائهم، بعدم الإحسان إليهم وعدم بِرِّهم!!
أيُّـهَــا الـوَالِـدَيـْـنِ المُـؤْمِـنَـيـْـنِ.. هل تبرُّون أبنائكما ولا تعقُّونَهُما؟!
إنها البداية لكل من رزقه الله بالبنون
فالبنون -وهم من زينة الحياة الدنيا- بحُسنِ تربيتهم يزدادون زينةً وبهاءً لوالديهما وللمجتمع، لكنَّها زينة تختلف،
وقد تكون زينتهم مُعينَةً للوالدين على التقرب إلى الله أكثر، بالأعمال الصالحة التي هي الباقيات الصالحات.
إنها التربية الدينية الحقّة؛ كما أمر ربنا تبارك وتعالى، وكما أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم.
انهم فتنة فاحذروهم.. ولتنالوا برهم قبلاً بروهم
إنها التربية يا إخواني وأخواتي ويا أبنائي وبناتي
.. يا من رزقكم الله بالأبناء..
فـالـتــربـيــــة ليست بتلبية حاجاتهم من مأكل ومشرب وقضاء حوائجهم، أو تعليمهم بر الوالدين فقط؛ إنما هي أسمى و أرقى من هذا،
فالتربية تكون برعاية الأبناء رعاية دينية على كتاب الله و هدي نبيه عليه الصلاة والسلام،..
الـتـــربـيــــة
هي العناية بالأبناء من جميع النواحي: الجسدية و العقليـة والروحية والوجدانية ، كل هذا وفق منهج الله.
والمنهج واضحٌ وبيِّن، والطريق إليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،
انهم فتنة فاحذروهم.. ولتنالوا برهم قبلاً بروهم فأنت أيها الوالد الفاضل الكريم عليك واجب وفرض في بيتك،
..انهم فتنة فاحذروهم.. ولتنالوا برهم قبلاً بروهم وكذلك أنت أيتها الأم الفاضلة عليك أداء نفس الواجب والفرض؛
.....
..ألا إنَّــه الـــرِعَــــايَــــة..
..كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتهِ ، وهو مسئولٌ عنهم . والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلِها وولدهِ ، وهيَ مسئُولَةٌ عنهُم"
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك