المرأة والرجل : الانثي ذلكَ المخلوقُ البديع التكوين خُلِقت إبتداءً من كيان الرجلِ من بينِن أضلُعه ، لذلك هي تسكنُ قلبَهُ تُسعِدُهُ وتُشقيه ، خُلِقت منهُ بكن فيكون فعندما إستيقظَ آدمُ عليه السلام من نومه ذاتَ مرةٍ وجدَ حواءَ بجانبِ رأسهِ مُكتَمِلهُ النمو والنضج فلم يرُهق بفترة التكوين والنمو والرعاية ، ثمَ أوكلَ لها خالقهما حضانتَهُ في أحشائها من بداية التكوين حتي يكتملَ نموهُ ويخرجُ الي الدنيا فتلِدُهُ وتنشِؤهُ وترعاهُ وتحميه ، ثمَ تُسلِمُهُ إلي أُخري تُلهُبُ عاطَفَتهُ يسكُنُ إليها وتُؤِيه أوتسلُبُ لبَهُ فتُرديهً . هي إذاً جزءُ منه إبتداءً ثمَ صار هو جزءً منها إنتهاءً ، هو منها وهي منه كمركزِ الدائرةِ داخل محيطها فحيثما إلتفتَ آيُ منهما أو توجهَ يجدُ الأخرَ يملأُ المحيط . لا إستمرارَ لوجودِ أحدهما وبقاءَ نوعة دون مشاركةِ الأخر . ولحتميةِ الألتقاء والمشاركة أودعَ اللهُ في كُلٍ منهما من الخصائصِ الخَلقِية والخُلُقِية ما يناسبُ دورهُ والمهامَ المناطَةِ به . لاحاجةَ بنا للحديث عن الصفات الخَلقِية ( البيولوجية ) ولكن سأتناولُ أثرَها في السلوك فالخالقُ سبحانهُ أوجدَ ألمرأةَ في قالِبٍ جميلٍ اّخاذ صورها في أجملِ وأبهي صورة تسلبُ لُبَ الرجلِ اذا رأي مفاتنِها فيهيمُ بها وتشغلُ قلبهُ وتعطُلُ عقلة فيسعي إليها ولا يألو جهداً للظفرِ بها ، وهي حادةُ الذكاءِ تدركُ قيمةَ وأهميةَ ما أودعةُ اللهُ فيها فتجيدُ إستعماله وتوظيفَهُ للإيقاع به وهو يظنُ أنهُ أوقعَها ، وذلك من الفطرةِ السوية لديها لتُبقي الرجلَ منجذباً إليها لا يطيقُ بعداً عنها يرعاها ويرعي بيتها ، يتبدلُ حالُها بتبدلِ المكان والزمان فيتبدَلُ هندامُها ومقالُها معَ مقتضيات الحال ، تجيدُ مزجَ كسمِها ورسمِها في لغةِ الحوارمعهُ فتقصرُ أمدَ المقاومةِ لديه ، مشيَتُها عزفُ ورقصُ وإيقَاع تُغيرُ أيقاعَها ووقعَها بحسبِ المكانِ والزمانِ والحضور ، صَيدُها وهَمُ يظُنُهُ الرجلُ سهلَ المنال وهيهات فهي تتقِنُ فنَ المناورةِ والمداورة وهي صيادُ ماهرُ لا تحتاجُ إلي حبلٍ ولا قوسٍ ولا نبل ، لحظُها سهمُ فتاك ، ضحكتُها قيدُ آسر ، سِحرُها لا يُقِاومهٰ ، همسُها شجنُ يوهِنه ، صوتُها نغمُ يخدرهُ ، كَيدُها متين ، عزمُها لا يَلِين ، ينقلبُ بينَ يديها من رجلٍ شديدِ البأس إلي طفلٍ كبير ، بعدَ كلِ هذا كيفَ بالله عليكم لا تأسَره بل تأسرهُ وتأسرهُ وتأسرهُ ، رِضَاها ينشُدُه ، بسمتُها تُزيلُ همهُ ، حُزنُها يكسرُ قلبهُ ، بٰكاؤها يوقفُ نبضهُ ، غضبُها يؤرقهُ ، هجرُها يُسهِدهُ ، جرحُها يؤلمه ، الأنسُ والدفئ يقربها ، الوحشَةُ والكأبهُ في البعدِ عنها ، حُضنُها سكن ، بيتُها وطن ، عاطِفَتُها جياشهِ ، صبرُهُا صبرُ أيوب ، دمعُهُا دمعُ يعقوب ، تغفِرُ الزلةَ ، قلبُها ينبوعُ حنانٍ فياض يروي جميعَ من حولِها ، الاخلاصُ صفةُ اصيلةُ متجذرةُ فيها فأذا صادفت الرجلَ الذي يتوصلُ إلي مِفتَاحِ قلبِهِا، سكنَهُ وتربعَ فيه ولا يخفِقُ إلا لهُ وبنيه ، لا تتعلقُ عينُها بغيره ، إذا تحدثَ أنصتَ له قلبُها قبلَ سمعِها ، بينهما تناغمُ وتفاهمُ وإنسجام ، لا يهنأُ احدُهما بجلسةِ اؤنسٍ أو طعام أو متعتةِ سفر دونَ مشاركةِ صاحبه ، يبذُلُ الغالي والنفيس للظفرِ بها ، ييذُلُ في سبيلِ رِضاها منَ الوقتِ والمالِ أكثرَ مما يبذلُ في سبيلِ رضي خالقهَ ، فكلَ العباداتِ اليومية إذا أداها علي الوجهِ الأكملِ لاتستغرِقُ إلاساعةَ من يومه وباقي اليوم للعملِ والكسبِ من أجلِها ، ينفقُ كلَ كسبهِ علي بيتها وإذا تبقي مالُ لديه اخرَ العام أخرجَ من أجلِ خالقه ٢,٥٪ مما تبقي ويرضي منهما خالِقُهما ذلك ليحبِبَهما إلي بعضهما ويحبِبُ الحياةَ إليهما ، هما شخصان يعيشانِ بقلبٍ واحدٍ لو فُصِلا عن بعضِهِما ماتا كما صورتهما أغنية نوال الزغبي " نص القلب رسمتله " . فمن ظنَ أنَ العلاقةَ بينهما أساسُها الجنسُ فهو واهم ولا يدركُ معني وقيمةِ الحياة ، فاللهُ حينَ إستخلَفَهما في الارض هيأ لهما أسبابَ البقاءِ والبناء ، فأسبابُ البقاء معروفةُ وملموسة ، أما البناء وإعمار الكون فقد ربطهُ اللهُ بالروح والنفسِ المستقرةِ في الجسد ، فحببَ للنفسِ البشرية كلَ ما في الكون من مظاهرِ الحياةِ ، من إمتِلاكِ الارضَ وما عليها من كائنات وثرَوات وغرسَ في كلِ من الرجلِ والمرأةِ حُبَِ أحدِهِما الأخر والتعلقِ به ، فأصبحَ كلُ واحدٍ منهما في نظرِ الاخر مطلباً اساسياً علي قمة المطالبِ الاساسية المحققةِ لسعادتهِ علي الارض كما وردَ في سورة ال عمران " زُينَ للناسِ حُبُ الشهوات منَ النِساءِ والبنينَ والقناطيرِ المُقنطَرةِ منَ الذهبِ والفضةِ والخيلِ المُسَومَةِ والانعامَ والحرثِ ذلكَ مَتاعُ الحياةِ الدُنيا " فكلمةِ شهوة وشهوات في القرأن لا تعني الجنس ، بل تعني مباهجِ الحياةِ ومباهجِ الاخرةِ ففي عدة سورٍ قرأنيةِ الانبياء، فصلت ، الزخرف ، نجد أن المعني يذهبُ الي مُتع الاخرة " وهم في ما آشتهت أنفُسُهم خالدون " " ولكم فيها ما تشتهي أنفُسُكم ولكم فيها ما تدعون " " وفيها ما تشتهيهِ الانفُس وتلذُ الاعين " وعدمُ ذكرُ القرأن للرجلِ والاقتصار علي ذكرِ النساءِ من ضمنِ الشهوات فذلك يعد من المعاني الضمنية التي لا تحتاجُ إلي تكرارِ في الصياغة البليغةِ للقرأن ، والانثي بطبعِها تُحبُ أن تكونَ مرغوبةُ ولا تحبُ أن تُظِهر رغبتها كما قال سبحانهُ عنها " أوَمن يُنَشأُ في الحليةِ وَهُوَ في الخِصامِ غَيرُ مُبين " . لو إستعرضت الأدبَ العالمي في آي زمانٍ ومكانٍ - الشعر ، النثر ، القصة ، المسرح، السينما ، التلفزيون - ستجدُ أن العلاقةَ بينَ الرجلِ والمرأة هي محورهُ الأساسي وعمودهُ الفقري . ولنا في أخبارِ عشاقِ العربِ والغربِ المشهورة وأشهَرُها تخلي ملكِ بريطانيا عن العرشِ لما حِيلَ بينهُ وبينَ حبيبته ، شواهدَ علي أن العلاقةَ بين الرجلِ والمرأةِ في جوهَرِها هي تجاذبُ أرواحٍ وليست رغبةُ جنسية ، وحديثُ نبينا عليه الصلاة والسلام " الارواحُ جنودُ مجندة ، ما تعارفَ منها إئتلف وما تنافرَ منها إختلف " ، فحبُ كُلُ منهُما للأخر هو حبُ للحياة . عندما تكتُبُ عن المرأةِ والرجل فأنتَ تكتبُ عن سبعةِ آلاف سنةِ منَ الحياة البشرية علي الارض من بداياتِها الاولي إلي يومنا هذا بكلِ ما فيها من متغيراتٍ سريعة متلاحقة إيجابيةٍ وسلبية ، والذي يملِكُ حداً أدني من بصرٍ وبصيرة يستطيعُ رصدَ معالم ومظاهرَ الحياةِ عن جوهرِ الحياةِ من حولةِ برؤيةِ واضحةٍ جليةٍ لا ضبابية فيها . لا يستطيعُ أحدُ مهما بلغَ من العلمِ أومَلَكَ ناصِيةِ البيان أن يفيَ موضوعاً مِثلَ هذا حقهُ الادني من خلالِ مقال ، ولكن لعلَ ما كتبتَهُ هو لوحةُ إرشاديةٍ علي الطريقِ إلي قلبي المرأةِ والرجل لمن كانَ في بدايةِ الطريقِ أو إبتعدَ عنهُ قليلاً . واللوحهُ الارشادية بالتأكيدِ لا تعبرُ عن جمالِ المكانِ الذي تدُلُ عليه ، ولا يدركُ جمالَهُ إلا من وصلَ إليه واستمتعَ بالإقامَةِ فيه . ليسَ بالضرورةِ أن تملِكَ الغاليَ والنفيسَ حتي تدرِكَ قيمتهُ ، فها نحنُ ندركُ قيمةَ نفائسِ الماديات من حولنا ونحنُ لا نملِكُها ، وأقولُ لمن لم يصل منهما إلي قلبِ الأخر أن يرضي بقدرهِ فالرضي بالقضاءِ والقدرِ من أركانِ الأيمان وكاتبُ المقالِ واحدُ من هؤلاء . لا مناصَ منَ التوقفِ حتي لا يملَ القارئ ، فالمجالُ واسعُ والطريقُ طويل والسيرُ فيهِ يستهوي القلم ، أعتذرُ عن التقصير فكلَ ماكتبتُهُ من وحي قلمي ونبضُ حياتي الخاصة وسطَ أُسرتي ومحيطي ، وبالرغمِ من أنني قرأتُ الكثيرَ من الكتب في شتي الاتجاهات لكني لم أقرأ عنِ المرأةِ آي كتابٍ أو مقال ، وأختمُ بقولِ اللهِ سبحانهُ " إنَ في ذَلِكَ لَذِكري لمن كانَ لهُ قلبُ أو أَلقي السَمعَ وهو شهيد " ، تحياتي لمن يقرأهُ . ( كاتبُ المقال عبدالله الجربوع سعودي من القصيم )
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك