عدد الضغطات : 9,151عدد الضغطات : 6,657عدد الضغطات : 6,371عدد الضغطات : 5,588
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)       :: تهنئة بحلول عيد الفطر المبارك (آخر رد :ابو يحيى)       :: أبي ... (آخر رد :السموه)       :: لِ .. أَحَدُهُم ‘ ..| (آخر رد :السموه)       :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :محمد الجابر)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 19-02-2013   #1
الإدارة العليا


محمد الجابر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1002
 تاريخ التسجيل :  31 - 10 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (02:29 AM)
 المشاركات : 19,284 [ + ]
 التقييم :  1599
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 SMS ~

 اوسمتي
وسام التميز الكاتب المميز الاداري المميز الوسام الملكي وسام مسابقة التراث 
لوني المفضل : Crimson
رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



الجري, السريعة, الإسلامية, والتيسير

الجري, السريعة, الإسلامية, والتيسير


رفع الحرج والتيسير

في الشريعة الإسلامية

ضوابطه وتطبيقاته



تمهيد ومقدمة:
الحمد لله رب العالمين، كلّف عباده المؤمنين بما يطيقون وبما يستطيعون ووضع عنهم ما هم عنه يعجزون، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الذي جاء برسالة عنوانها السماحة - صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر الشافع المشفع يوم الحشر.

أما بعد:
فإن المتتبع والدارس والقارئ للفقه الإسلامي بدقة وتمعن يجد أنه يتميز بخصائص ومميزات لا يتميز بها غيره، جعلته قابلاً للنماء والثبات والعطاء طيلة أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن، وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك أن الشريعة الإسلامية -لذي يُعد الفقه جزءاً منها- ذات صفة عالمية ودائمة.

ولما كانت هذه الشريعة آخر شريعة سماوية، كان لابد أن تكون مميزة بخصائص ومميزات تجعلها قابلة للثبات والاستمرار ومواكبة لحياة الإنسان مهما كان، وفي أي عصر كان وفي أي مكان كان.

ومن أهم المميزات التي تميزت بها شريعتنا الغراء رفع الحرج عن المكلفين والتيسير عليهم، وهذه ميزة ميزت الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع الأخرى السابقة التي ضمَّنها الله -عز وجل- من الأعمال الشاقة ما يتناسب وأحوال وأوضاع تلك الأمم التي جاءت لها تلك الشرائع، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: اشتراط قتل النفس للتوبة من المعصية، والتخلص من الخطيئة، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾[1] ومثله أيضاً تطهير الثوب بقطع موضع النجاسة منه، وبطلان الصلاة في غير موضع العبادة المخصوص، وغير ذلك من الأمور التي كلّف بها من نزلت عليهم تلك الشرائع السابقة.

هذا ولم تسلم شريعة من الشرائع السابقة من المشاق والتشديد والعنت، لذلك علّمنا الله عز وجل دعاءً وهو قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾[2]. بل إن هذه الأمة قد بشرت بنبيها محمد- صلى الله عليه وسلم - الأنبياء الذين سبقوه - صلى الله عليه وسلم - وجاءت صفاته في التوراة والإنجيل والتي منها أنه سيُبعث - صلى الله عليه وسلم - ميسِراً ومخفِفاً عن الأمة التي سيبعث فيها.

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾[3]. ومعنى قوله -عز وجل- ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ ﴾ أنه - صلى الله عليه وسلم - جاء بالتيسير والسماحة.

الفصل الأول

المبحث الأول

أولاً: تعريف رفع الحرج ومقصوده وإطلاقاته:
رفع الحرج: مركّب إضافيّ، تتوقّف معريفته على معرفةٍ لفظيّةٍ، فالرّفع لغةً: نقيض الخفض في كلّ شيءٍ، والتّبليغ، والحمل، وتقريبك الشّيء، والأصل في مادّة الرّفع العلوّ، يقال: ارتفع الشّيء ارتفاعاً إذا علا، ويأتي بمعنى الإزالة.
يقال: رفع الشّيء: إذا أزيل عن موضعه.

قال في المصباح المنير: الرّفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال، وفي المعاني محمول على ما يقتضيه المقام، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثةٍ» والقلم لم يوضع على الصّغير، وإنّما معناه لا تكليف، فلا مؤاخذة.

والحرج في اللّغة: بفتح الراء وكسرها المكان الضّيّق الكثير الشّجر [4]، والضّيق والإثم، والحرام، والأصل فيه الضّيق.

قال ابن الأثير: الحرج في الأصل: الضّيق، ويقع على الإثم والحرام.
تقول رجل حَرَج وحَرِج إذا كان ضيّق الصّدر.
وقال الزّجّاج: الحرج في اللّغة أضيق الضّيّق، ومعناه أنّه ضيّق جدّاً.
فرفع الحرج في: إزالة الضّيق، ونفيه عن موضعه.

ثمّ إنّ معنى الرّفع في الاصطلاح لا يخرج عن معناه اللّغويّ.
والحرج في الاصطلاح ما فيه مشقّة وضيق فوق المعتاد، فهو أخصّ من معناه اللّغويّ.

ورفع الحرج: إزالة ما في التّكليف الشّاقّ من المشقّة برفع التّكليف من أصله أو بتخفيفه أو بالتّخيير فيه، أو بأن يجعل له مخرج.
فالحرج والمشقّة مترادفان، ورفع الحرج لا يكون إلاّ بعد الشّدّة خلافاً للتّيسير.
والفقهاء والأصوليّون قد يطلقون عليه أيضاً: «دفع الحرج» و «نفي الحرج».

الحرج فى اللغة: الضيق والشدة. قال فى الصحاح: مكان حَرَج و حَرج أى ضيق كثير الشجر لا تصل إليه الراعية. وفى الإصطلاح: كل ما يؤدى إلى مشقة زائدة فى البدن أو النفس أو المال حالا أو مآلا.
والمقصود برفع الحرج: إزالة ما يؤدى إلى هذه المشاق.

والمقصود بالتيسير: التخفيف عن المكلف ورفع الحرج عنه، فالتيسير ورفع الحرج مؤداهما واحد أو هما شىء واحد [5].

ثانياً: المصطلحات ذات العلاقة:
أ‌- التّيسير: السّهولة والسّعة، وهو مصدر يسّر، واليسر ضدّ العسر، وفي الحديث: «إنّ الدّين يسر» أي أنّه سهل سمح قليل التّشديد، والتّيسير يكون في الخير والشّرّ، وفي التّنزيل العزيز قوله: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 7]. والنّسبة بين التّيسير ورفع الحرج أنّ رفع الحرج لا يكون إلاّ بعد شدّةٍ.
ب‌- الرّخصة: التّسهيل في الأمر والتّيسير، يقال: رخّص الشّرع لنا في كذا ترخيصاً وأرخص إرخاصاً إذا يسّره وسهّله. ورخّص له في الأمر: أذن له فيه بعد النّهي عنه، وترخيص اللّه للعبد في أشياء: تخفيفها عنه، والرّخصة في الأمر وهو خلاف التّشديد. فالرّخصة فسحة في مقابلة التّضييق والحرج.
ج‌- الضّرر في اللّغة ضدّ النّفع: وهو النّقصان يدخل في الشّيء، فالضّرر قد يكون أثراً من آثار عدم رفع الحرج.

المبحث الثاني

العلاقة بين الحرج والضرورة والحاجة:
أولاً: تعريف المقاصد الحاجية:
المصلحة الحاجية: هي ما تكون من قبيل ما تدعو حاجة الناس إليها [6]، إو المصلحة الواقعة في محل الحاجة. وتسمى المصلحة الحقيقية الحاجية، أو المصلحة الحاجية اختصاراً، أو الحاجة والحاجيات بشكل موجز.
قال الإمام الجويني: الوصف الحاجي هو ما يتعلق بالحاجة العامة، ولا ينتهي إلى حد الضرورة [7].
وقال الأصفهاني: والمصلحي متضمن لحفظ مقصود هو في محل الحاجة [8].

والمصلحة الحاجية تقع بعد مرتبة المقاصد الضرورية، ويعتبر تركها غير مفوت لمصالح الدين والدنيا، ولكنه يوقع الإنسان في الحرج الشديد والمشقة العظمى.

يقول الشاطبي: الحاجيات معناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا دخل على المكلفين على الجملة الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفاسد العادي المتوقع في المصالح العامة، وهي جارية في العبادات والعادات والمعاملات والجنايات [9].

ثانياً: أدلة المقاصد الحاجية:
ثبتت المقاصد الحاجية باستقراء الأدلة والأحكام الشرعية وتتبّعها والنظر فيها، فلم تثبت بدليل واحد أو بعدد قليل من الأدلة الشرعية، وإنما ثبتت بأدلة كثيرة فوق الحصر، افادت بجموعها أهمية تلك المقاصد ودورها في قيام حاجات الإنسان ومطالبه المهمة القريبة من الضروريات اللازمة والأكيدة.

المبحث الثالث

ضوابط المشقة التي تجلب التيسير:
أولاً: المشقة التي لا يقدر عليها المكلف:
وتشتمل المشقة التي لا يطيقها المكلف أو المشقة التي يطيقها ولكنها خارجة على المعتاد الديني والدنيوي، أي المشقة التي فيها التكليف بالزائد عن المطلوب والمأمور به، والتي توقع صاحبها في الملل والسآمة، وتشوش ذهنه وتفوت عليه مصالحه ومنافعه في الدين والدنيا.

مثل: دوام قيام معظم الليل، والوصال في الصوم، وفيه مما يفوق تكليف المعتاد مما يوقع في تعطيل مصالح أخرى كثيرة كطلب الرزق والعلم وإهمال النفس والأهل، ومشقة إدراك الصلوات وأدائها في أوقاتها، ومخالطة الكثرة من الناس، ووقوع التزاحم والتدافع، وحصول الفرقة والبعد عن الأهل والأوطان، وترك الأموال والأملاك والوظائف، والمشقة في الجهاد في سبيل الله تعالى وما فيه من ذهاب الحياة وزوال الأموال والأطراف والأنفس، والإنفاق المالي بالزكوات والصدقات والتبرعات وما فيه من عنت مخالفة النفس الراغبة في تحصيل الأموال، قال تعالى ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8][10].

فهذه المشقة وإن بدا فيها الضيق والحرج والشدة ومخالفة الهوى ومكابدة المصاعب ومجاهدة النفس، إلا أنها أعباء ضرورية لا بد منها في قيام الأحكام وأداء التكاليف.

فالأفعال الشرعية من عبادات ومعاملات وأنكحة وجنايات وكفارات مرتبطة بالمشاق والأعباء التي يقدر عليها المكلفون، والتي لا توقع أصحابها في الحرج والضرر، ولا تؤدي بهم إلى المفاسد والمهالك، وهي أمور تتلازم وترتبط بشكل وثيق ومتين بالأفعال والأعمال والأقوال والاعتقادات الشرعية، فالتكيف الشرعي لا يقوم إلا بها، وه تدور معه وجوداً وعدماً. والتكليف لم يعتبر تكليفاً إلا لما فيه من الكلفة الشاقة، ولما ينضوي عليه من تحمل بعض الأتعاب والإجهاد النفسي والجسدي والعقلي الذي يؤهله لمرتبة التكليف المرجوة.

وحال هذه المشاق في الأفعال الشرعية كحال المشقة في سائر أعمال الدنيا ومختلف الفنون والشؤون والأحوال. فطلب الرزق والسعي في الأرض لتحصيله، ومزاولة الحرف والصناعات والأسفار والرحلات وإنجاز الأفراح وتنظيم المناسبات والملتقيات وإعمار الأرض وتنميتها وتنظيمها.. كل ذلك فيه من المشاق والأعباء ومن التعب والنصب ما يجعل استبعاد تلك المشاق والأعباء أمراً معطلاً لقيام تلك الأعمال، ومفوتاً لمصالح المعاش والمعاد، ومشوهاً لنظام الحياة والوجود.

فخذ مثال الأكل مثلاً أو مثال الجماع لتدرك ما لهذين الفعلين من المشاق والتكلفة وهما على الرغم من ذلك ما تلحظ من الإقبال عليهما والرغبة فيهما وكيف أنهما من أمارات السعادة والسعة ومن علامات الخير ومن ضروب الطيبات والمباحات التي أنعم الله تعالى تفضلاً منه وكرماً على عباده وخلقه.

فالأكل مسبوق بمشاق الضرب في الأرض، والبحث عن الرزق وتحصيله وتناوله، وهو متبوع بمشاق هضمه وإفرازاته وتطهير مواضعه من الأكل نفسه ومن الأرض ومحيطها ثم هو قد يتبع بآثار من الأضرار الصحية والنفسية والبيئية، بل قد يتبع في الأجل الأبعد عند وفاة الإنسان وبعث وحشره بسوء الخاتمة وسوء الحساب بسبب الكسب الحرام والأكل الحرام.

فتلاحظ أن الأكل باعتباره عملية يومية عادية وشأناً مفرحاً وطيباً ومطلوباً، كيف أن المشاق قد أحاطت به من كل جانب وكيف أ، الآلام قد لازمته في أطوار مختلفة في المعاش والمعاد في الدنيا والآخرة.

غير أن الأكل ظل ولا يزال أمراً لا بد منه وضرورة لقيام النفس والحياة، وأن المشاق التي ينضوي عليها ويؤول إليها متلازمة لا تنفك عنه ول تتخلص منه.

أما بالنسبة للجماع، فهو فعل محبوب ومرغوب، وهو طريق التناسل والإعمار، وهو سبيل حفظ الأعراض والأنساب، وهو المنظم للحياة والعلاقات.

فالجماع المشروع الحلال موصوف بكل صفات الفضيلة والحسن، وهو استجابة الفطرة وسد الحاجة، وهو أداء وظيفة التكليف والاستخلاف والإعمار في هذه الأرض، وهو فوق ذلك مدعو إليه ومرغوب فيه، وقد أثنت عليه نصوص الكتاب والسنة مما يجعله مقصداً معتبراً وأصلاً وسبيلاً لمقاصد جمّة ومصالح عدّة.

غير أنه منوط بالمشاق والآلام ومرتبط بالمتاعب والإعياء، فهو منوط بمشقة الاستعداد والتحضير وإعباء الإنفاق والتربية والرعاية، وصور التعب والمتابعة في القيام بواجب الزوجية والأبوة والأمومة، والمسؤولية العظمى أمام الخالق جل وعلا إن لم تؤدّ على حقها وشروطها.

إن الخلاصة لما سبق أن المشقة المقدور عليها تُتحمّل، وتُؤدّى لتحقيق التكليف وإنجازه وصحته.

ثانياً: المشقة التي يقدر عليها المكلف:
وهي المرتبطة بسائر الأحكام والإلتزامات الشرعية في مجال العبادات والمعاملات وغيرها من التصرفات. وهذه المشقة لا تنفك عن التكليف ولا تتخلص منه، وهي تدور معه وجوداً وعدماً. والتكليف لا يعد تكليفاً إلا إذا انطوى على ما فيه الكلفة الشرعية والمشقة اللازمة.

أو هي المشقة التي يستطيع المكلف تحملها غير أنها خارجة عن المعتاد في الأعمال العادية، بحيث يحصل للنفوس التشوش والقلق في القيام بها لما في ذلك من الحرج الشديد. كما يقول الشاطبي – ويقلقها هذا العمل بما فيه من هذه المشقة [11].

ولو أردنا ضبط ذلك فيمكن بالنظر في العمل وما يؤدي إليه أداؤه أو الدوام عليه من الانقطاع عنه أو عن بعضه أو من وقوع خلل في صاحبه في نفسه وماله وأحواله. فإن لم يكن فيه شيء من ذلك في الغالب فلا يعد مشقة وإن سمي كلفة [12].

فيلاحظ وجود أحد أمرين: الانقطاع عن العمل أو وقوع الخلل، ونزيد الأمر بسطاً ووضوحاً فنقول:
الأمر الأول: الانقطاع عن العمل، وهو يتحقق بأحد مظهرين:
المظهر الأول: السآمة والملل: وقد أشار إلى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يملّ حتى تملّوا)[13]. ويستدل بذلك أيضاً بأحاديث النهي عن الوصال، فقد نهى - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تواصلوا، قالوا: يا رسول الله! فإنك تواصل، قال: إني لست كمثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، قال: فلم ينتهوا عن الوصال فواصل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يومين وليلتين، ثم رأوا الهلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم. وقال (لو مد لنا الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقين)[14].

المظهر الثاني: الانقطاع: بسبب تزاحم الحقوق فإنه إذا أوغل في عمل شاق فربما قطعه عن غيره ولا سيما حقوق الغير التي تتعلق به فتكون عبادته أو عمله الداخل فيه قاطعاً لما كلفه الله به فيقصر فيه فيكون بذلك ملوماً لا معذوراً. إذ المطلوب منه القيام بجميعها على وجه لا يخل بواحد منها ولا بحال من الأحوال. فحينما آخى - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء - رضي الله عنه - رأى سلمان أن أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال (صدق سلمان)[15].

وقد يعجز الموغل في بعض الأعمال عن الجهاد أو غيره وهو من أهل الغناء فيه، ولهذا روي في الحديث عن سيدنا داود - صلى الله عليه وسلم - (كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا يفر إذا لاقى)[16]. ومن هنا تظهر علة النهي عن الإيغال في العمل وأنه يسبب تعطيل وظائف كما يسبب الكسل والترك ويبغض العمل. فإذا وجدت العلة أو كانت متوقعة نهى عن ذلك، وإن لم يكن شيء من ذلك فالإيغال فيه حسن، ويقد يكون الدافع إليه هو الخوف أو الرجاء أو المحبة [17].

الأمر الثاني: وقوع الخلل:
العمل الخارج عن المعتاد قد يؤدي إلى وقوع خلل في المكلف، وهذا الخلل قد يكون في النفس سواء أمراض بدنية أو نفسية، فإذا علم المكلف أو ظن أنه يدخل عليه في جسمه أو نفسه أو عقله أو عادته فساد يتحرج به ويعنته ويكره بسببه العمل فهذا أمر ليس له، وكذلك إن لم يعلم بذلك ولا ظن ولكنه لما دخل في العمل دخل عليه ذلك، فحكمه الإمساك عما دخل عليه المشوش وفي مثل هذا جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - (ليس من البر الصيام في السفر)[18]. وفي مثله كذلك نهى عن الصلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان [19]. وقال (لا يقض القاضي وهو غضبان)[20].

فحاصل ما تقدم أن المكلف إذا كان يحصل له بسبب إدخال نفسه في العمل هذه المشقة الزائدة على المعتاد فتؤثر فيه أو في غيره فسادا أو تحدث له ضجراً أو مللاً وقعوداً عن النشاط إلى ذلك العمل فينقطع في الطريق ويبغض إلى نفسه العمل كما هو الغالب في المكلفين [21].

طريق التعرف على المشقة غير المنصوص عليها:
بعد أن ذكرنا ضوابط المشقة غير المعتادة من حيث ما تؤدي إليه من الانقطاع والملل وحصول الخلل للمكلف لا بد من التنبيه إلى أن هذه المشقة قد يصعب تلمسها في الواقع التطبيقي، فلا بد من ذكر ضابط يهتدي به المكلف وبخاصة المفتي والفقيه من أجل إدراك ما يكون مؤثراً في التخفيف بالمقارنة بما نص عليه الشارع من مشقات يؤدي الوقوع فيها إلى سلوك سبيل التخفيف والترخيص. يقول العز بن عبد السلام في ذلك: إن الشرع قد ربط التخفيفات بالتشديد والأشد والشاق والأشق غير أن معرفة الشديد والشاق على وجه التحديد متعذرة فلا بد من التقريب فتضبط مشقة كل عبادة بأدنى المشاق فإذا كانت مثلها أو أزيد ثبتت الرخصة، ولن يعلم التماثل إلا بالزيادة، إذ ليس في قدرة البشر الوقوف على تساوي المشاق فإذا زادت إحدى المشقتين على الأخرى علمنا أنهما قد استويا فيما اشتملت عليه المشقة الدنيا منهما وكان ثبوت التخفيف والترخيص بسبب الزيادة [22] انتهى.

فالأعذار المنصوص على التخفيف من أجلها في عبادة معينة كالسفر والمرض ينظر في المشقة الحاصلة بسبب هذا العذر فإذا حصل أشق منها في نفس الظرف وفي نفس العبادة قيل بالتخفيف، فالتأذي بالقمل مبيح للحلق في حق المتلبّس بالنسك، فيعتبر تأذّيه بالأمراض بمثل مشقة القمل، ومثلها المشاق المبيحة للبس والطيب والدهن وغيرها من المحظورات وكذلك الأعذار في ترك الجمعة والجماعة، غير أنه كلما اشتد اهتمام الشرع بعبادة من العبادات أو عمل من الأعمال شرط في تخفيفه مشاق شديدة وعامة، وما لم يهتم به خففه بالمشاق الخفيفة، وقد تخفف مشاقه مع شرفه وعلو مرتبة لتكرر مشاقة كيلا يؤدي إلى المشاق العامة الكثيرة الوقوع [23].

وجوه الاهتمام بالمطلوبات الشرعية:
ويمكن أن يقال أن هذا الاهتمام بالمطلوبات الشرعية يتمايز بالنظر إلى عدة اعتبارات من أبرزها:
1- النظر في العبادات وغير العبادات.
2- النظر في المأمورات والمنهيات.
3- النظر في المقاصد والوسائل.

الاعتبار الأول: النظر في العبادات وغير العبادات:
إن تقدير المشقة في العبادات قد يختلف عنه في غيرها من عادات ومعاملات، ومردّ ذلك إلى اهتمام الشرع بجانب العبادات، حيث إن العبادات مشتملة على مصالح العباد وسعادة الدنيا والآخرة. فلا يليق تفويتها بمسمى المشقة مع يسر احتمالها، ولذلك قال من قال أن ترك الرخص في كثير من العبادات أولى ولأن تعاطي العبادة مع المشقة أبلغ في إظهار الطواعية وأبلغ في التقرب. ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - (أفضل العبادات أحمزها)[24]. وقال (أجرك على قدر نصيك)[25]. وأما المعاملات فتحصل مصالحها التي بذلت الأعراض فيها بمسمى حقائق الشرع والشروط بل التزام غير ذلك يؤدي إلى كثرة الخصام ونشر الفساد وإظهار العناد [26]. وللشاطبي وجهة نظر في بعض العقود كالقارض والسلم والمساقاة فهي عقود مستثناة لكن استثناؤها ليس للمشقة، إنما هو الحاجة من غير وجود مشقة كما هو المفترض في الرخص الاصطلاحية حسب تعريفه [27]. ذلك أن هذه العقود يجوز التعامل بها حيث لا عذر ولا عجز، ولو كانت مستثناة من أصل ممنوع وإنما يكون مثل هذا داخلاً في أصل الحاجيات الكليات [28].

الاعتبار الثاني: النظر في المأمورات والمنهيات:
قرر العلماء أن اعتناء الشرع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، لذا قال - صلى الله عليه وسلم - (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)[29].

فالمنهيات تجتنب على الإطلاق، أما المأمورات فيأتي الإنسان منها بقدر الاستطاعة. ومن ثم سومح في ترك بعض الواجبات بأدنى مشقة كالقيام في الصلاة والفطر والطهارة ولم يسامح في الإقدام على المنهيات وخصوصاً الكبائر، وكل ذلك يرجع إلى قاعدة – درء المفاسد أولى من جلب المصالح-.

الاعتبار الثالث: النظر في المقاصد والوسائل:
يقصد به النظر إلى المشقة من حيث كون الفعل مقصوداً في نفسه أو وسيلة إلى غيره كالوضوء من أجل الصلاة والسفر من أجل الحج، وقد تكون تابعة من أفعال هي قاصد في حد ذاتها كأفعال الصلاة الحج وغيرها.

وهذا الموضوع له جهتان: إحداهما جهة الأجر النائيء عن الاختلاف في الوسائل كمن كان منزله بعيداً عن المسجد بالنسبة لمن هو قريب منه، وكذلك الوضوء في شدة البرد بالنسبة لمثله في الزمن المعتدل.

أما الجهة الأخرى: فهو الاغتفار في الأمور إذا كانت وسائل مما لا يغتفر مثله في المقاصد. وقد قالوا: يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد [30]. فالشيء الذي هو مقصود في نفسه من شأنه ألا يترك في المكره والمنشط إذ لا يتحقق شيء من العمل عند تركه.

أما ما شرع لكونه وسيلة إلى غيره فهذا القسم من شأنه أن يرخص فيه عند المكاره، وعلى هذا يخرج الرخص في ترك استقبال القبلة إلى التحرّي في الظلمة ونحوها، وترك ستر العورة لمن لم يجد ثوباً فهو يصلي على حسب حاله، وكذلك الانتقال من الوضوء إلى التيمم لمن لم يجد الماء، وترك الفاتحة إلى ذكر من الأذكار لمن لا يقدر عليها، وتر القيام إلى القعود والاضطجاع لمن لا يستطيعه، وترك الركوع والسجود إلى الانحناء لمن لا يستطيعهما [31].

الفصل الثاني

المبحث الأول

أدلة رفع الحرج:
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:
النوع الأول: النص على نفي الحرج: جاء في القرآن الكريم آيات كريمة فيها النص على نفي الحرج عن هذا الدين، آيتان منها تنفي الحرج عن الدين كله وبخاصة آية الحج. والآيات الأخر تنفي الحرج عن فئات معينة وفي حالات خاصة، وهذا لا يعني أنها قاصرة في الدلالة على من نصت عليهم الآيات كما سيتضح من كلام أهل العلم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

1- قال تعالى ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾[32]. هذا جزء من آية كريمة في سورة المائدة جاء ختاماً للكلام عن أحكام الوضوء والغسل والجنابة والتيمم عند فقد الماء أو العجز عن استعماله، مما يتبين أن الغاية في هذه التشريعات ليس الانات والمشقة، إنما هو تكليف مع تخفيف للتطهير وإمام النعمة.

2- قال تعالى ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ﴾[33]. هذا جزء من آية كريمة جاء تعقيباً بعدما أمر الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين بالركوع والسجود والإتيان بمجمل الطاعات من العبادة وفعل الخير والمجاهدة في الله تعالى حق جهاده حيث يقول عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.. ﴾[34].

يقول أهل التفسير: إن الله سبحانه وتعالى ما كلف عباده ما لا يطيقون، وما ألزمهم بشيء يشق عليهم إلا جعل الله لهم فرجاً ومخرجاً. صح عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: إنما ذلك سعة الإسلام وما جعل الله فيه من التوبة والكفارات، فليس هناك ضيق إلا ومنه مخرج ومخلص، فمنه ما يكون بالتوبة ومنه ما يكون برد المظالم، فليس في دين الإسلام ما لا سبيل إلى الخلاص من عقوبته.

ولقد كانت الشدائد والعزائم في الأمم فأعطى الله هذه الأمة من المسامحة واللين ما لم يعط أحداً قبلها رحمة من الله وفضلاً، فأعظم حرج رفع المؤاخذة بما نبدي في أنفسنا ونخفيه وما يقترن به من إصر وضع عنّا، وتوبتنا تكون بالندم والعزم على ترك العود والاستغفار بالقلب واللسان، أما من قبلنا فقيل لهم ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ﴾[35]. يقول ابن العربي: ولو ذهبت إلى تعديد نعم الله في رفع الحرج لطال المرام [36].

بل لقد قال الإمام أبو بكر الجصاص: ولما كان الحرج هو الضيق ونفى الله عن نفسه إرادة الحرج بنا ساغ الاستدلال بظاهره في نفي الضيق وإثبات التوسعة في كل ما اختلف فيه من أحكام السمعيات فيكون القاتل بما يوجب الحرج والضيق محجوجاً بظاهر هذه الآية [37].

3- قوله تعالى ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[38]. هذه الآية أصل في سقوط التكليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء سقط عنه فتارة إلى بدل هو فعل، وتارة إلى بدل هو غرم، ور فرق بين العجز من جهة القوة العجز من جهة المال، ونظير ذلك قوله تعالى ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[39].

والمراد بالضعفاء: العاجزون عن العدو وتحمل المشاق وإن كانوا أصحاء كالشيخ والصبي والمرأة والنحيف. أما المرضى: فهم العاجزون بأمر عرض لهم كالعمى والحرج. والذين لا يجدون ما ينفقون: هم الفقراء ولو كانوا أقوياء وأصحاء [40].فكل هؤلاء ليس عليهم إثم ولا ذنب إذا تخلفوا عن الجهاد إذا نصحوا لله ورسوله وأخلصوا الإيمان والعمل الصالح فلم يرجفوا ولم يثيروا الفتن وأوصلوا الخير إلى المجاهدين وقاموا بمصالح بيوتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك ونقل الأخبار السارة عن المجاهيدن، فكل ذلك من الأمور التي هي في مجرى الإعانة على الجهاد [41].

النوع الثاني: آيات التيسير والتخفيف: وهذا النوع في آيات التفسير والتخفيف والرحمة، وهذه الأوصاف لا يمكن أن تجامع الحرج فهي جلية بينة في رفع الحرج ونفيه عن هذه الشريعة السمحة، وهي آيات لا يمكن حصرها إنما نقتصر على طائفة منها واضحة الدلالة مع بعض تقريرات أهل العلم عليها.

1- قوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ.. ﴾[42]. تبين الآية الكريمة أنه سبحانه وتعالى أراد بتشريعه الأحكام اليسر، واليسر: كل ما يجهد النفس ولا يثقل الجسم، أما العسر فهو ما يجهد النفس ويضر الجسم، ودلالتها على المقصود ظاهرة جلية. فإذا أراد الله اليسر ونفى العسر فقد نفى الحرج، وهل الحرج ألا عسر وكذا إذا أراد اليسر نفى الحرج. والآية وإن كانت في شأن الرخص في الصيام إلا أن المراد منها العموم، كما صرح بذلك غير واحد من المفسرين [43].

2- قوله تعالى ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾[44]. أي للحنفية السمحة السهلة التي هي أيسر الشرائع وأوفقها بحاجة البشر مدى الدهر.

3- قوله تعالى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾[45]. والآية الكريمة وردت في بيان المحرمات في النكاح وما أبيح من نكاح الإماء عند العجز عن الحرائر. لذا رأى بعض العلماء أن المراد من التخفيف إباحة نكاح الإماء عند الضرورة، وأن الضعف في الإنسان هو الضعف أمام الشهوة. والقول الراجح الذي صرح به كثير من المفسرين أن المراد عموم التخفيف في الشريعة وذلك يبتني على ضعف الإنسان أمام رغباته ومغريات الحياة. فالله سبحانه وتعاىل يسرد لهذا المخلوق الضعيف التخفيف والرحمة واليسر ورفع الحرج والمشقة وإزالة الضرر.

والآيات في هذا المجال من أكثر ما تحصى.

ثانياً: الأدلة من السنة النبوية المطهّرة:
النوع الأول: في بيان يسر الدين وسماحته ورفع الحرج عنه:
1- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قيل يا رسول الله. أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: الحنفية السمحة.[46].وأخرجه البزّار من وجه آخربلفظ: أي الإسلام؟. قال ابن حجر وإسناده حسن.
2- أورد الهيتمي في مجمع الزوائد والسيوطي في الأشباه أحاديث بألفاظ متقاربة وأسانيد مختلفة كـ (بعثت بالحنفية السمحة) و (إن أحب الدين إلى الله الحنفية السمحة). وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: أقرأني النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن الدين عند الله الحنفية السمحة لا اليهويدة ولا النصرانية)
3- عن غاضرة بن عروة الفقيمي - رضي الله عنه - قال: كنا ننتظر النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج يقطر رأسه من وضوء أو غسل فصلى، فلما قضى الصلاة جعل الناس يسألونه: يا رسول الله. أعلينا حرج في كذا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا، أيها الناس، إن دين الله عز وجل في يسر، إن دين الله عز وجل في يسر، إن دين الله عز وجل في يسر.[47]

النوع الثاني: في خشيته - صلى الله عليه وسلم - أن يكون قد شق على أمته:
1- عن عائشة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج من عندها مسروراً ثم رجع إليها وهي كئيب، فقال: إني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي [48].
2- أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات ليلة من رمضان فصلى الناس بصلاته، ثم صلى القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أت تفرض عليكم، وفي رواية فتعجزا عنها [49].
3- قال - صلى الله عليه وسلم - (إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز كراهية أن أشق على أمّه)[50].

النوع الثالث: في أمره - صلى الله عليه وسلم - بالتخفيف ونهي أصحابه عن التعمق والتشديد وإنكاره عليهم:
1- كان معاذ - رضي الله عنه - يصلي معه - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ذات ليلة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحد وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله ولآتين رسول الله فلأخبرنه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار، وإن معاذاً صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل - صلى الله عليه وسلم - على معاذ، فقال: يا معاذ أفتّان أنت؟! اقرأ بكذا. وفي الرواية الأخرى سبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى والضحى [51].

2- جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا. يقول راوي الحديث وه أبو مسعود الأنصاري، فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذ، فقال: أينا الناس إن منكم منفرين فأيكم أمّ الناس فليوجز فإن ورائه الكبير والضعيف ذا الحاجة [52].

وتوجيهاته - صلى الله عليه وسلم - في هذا مما يجل عن الحصر في مثل هذا المقام فالسهولة والرفق والأخذ بالأيسر ومراعاة أحوال الناس ديدنه عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.

المبحث الثاني

مظاهر التيسير في الأحكام وغيرها:
أولاً: الأحكام المتعلقة بالعبادات:
1- الفرائض:
الأصل في العبادات التوقيف، فلا يتعبد الله إلا بما شرعه في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -. فالعبادة حق خالص له سبحانه وتعالى قد طلبه من عباده بمقتضى ربوبيته لهم، وكيفية العبادة وهيئاتها والتقرب بها لا يكون إلا على الوجه الذي شرعه وأذن به، قال تعالى ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾[53]. وجانب اليسر في هذا القصر والتحديد ظاهر، فالعبادات تمثل مطلوبات شرعية، والمطلوب ثقيل على النفس، فمن رحمة الله تعالى أنه لم يكله إلى المخلوقين وإلا لأدخل بعض المكلفين أنفسهم العنت والمشقة. وقد أراد بعض الصحابة هذا السلوك في التعمق والتشدد لكنه - صلى الله عليه وسلم - بين لهم أن ذلك رغبة عن سنة الإسلام فالإسلام في مجال العبادات محدود لا يقبل الزيادة. والعبادة المفروضة سهلة ميسرة، فالصلاة التي هي عمود الإسلام لا تجب في اليوم أكثر من خمس مرات على كيفية خفيفة ميسرة، إضافة إلى مراعاة تخفيفها لاعتبارات أخرى كضعف المصلي أو مرضه أو حاجته، فالإنسان لو بذل غاية الطاقة يستطيع فوق ذلك.

أما الزكاة فهي فريضة مالية على الأغنياء من المسلمين إذا تحققت شروطها سواء ما يتعلق بالمال أو مالكه، وهذه الفريضة لا تمثل إلا نسبة من المال الفائض عند المالك، ومعلوم أن الزكاة لا تجب في كل ما يملك الإنسان فالدار التي يسكنها والمركب الذي يركبه وكل ما يستهلكه مهما بلغ من قيمة ولا يحول عليه الحول لا زكاة فيه.

أما الصيام فقد بيّن سبحانه وتعالى فقال ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾[54]. مما يبين أن المقصود من شرعية الصيام تهذيب النفس والوصول بها إلى مراقي التقوى لا العسر والمشقة بالأمساك عن الطعام والشراب ولاشهوة.

أما الحج فإنه لا يجب في عمر المكلف أكثر من مرة إذا توافرت شروطه من قدرة بدنية ومالية وأمن طريق ﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾[55].

هذه هي أهم العبادات في الإسلام، سهلة ميسرة في الأحوال والظروف المعتادة، أم في الحالات الطارئة والظروف الاستثنائة فتأخذ هيات وأحكام تناسب مع وضع الملكف في تلك الظروف والأحوال.

2- النوافل:
شرعت النوافل للمحافظة على الفرائض ولتربية النفس المسلمة وتقوية صلة المسلم بالله عز وجل. وطلب المواظبة على بعض النوافل ليس المراد منه الاتيان بها على هيئة ثقيلة شاقة، إنما المداومة على هيئة لا تؤدي إلى الانقطاع، فأحب الدين إلى الله تعالة ما داوم عليه صاحبه وإن قل. يقول لنووي رحمه الله: إن دوام القليل به تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص، والإقبال على الله بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة. ويقول ابن الجوزي: إن مداوم الخير ملازم للخدمة وليس من لازم الباب في كل يوم وقتاً كمن لازم يوماً كاملاً ثم انقطع [56].

والمقصود من الطاعات استقامة النفس ودفع اعوجاجها لا الإحصاء وبلوغ الغاية فإنه كالمتعذر، وفي ذلك قال - صلى الله عليه وسلم - (استقيموا ولن تحصوا)[57].

والاستقامة تحصل بمقدار معين يسير مع المداومة عليه على وجه لا يفضي إلى إهمال الارتفاقات اللازمة ولا إلى غمط حق من الحقوق كما قال سلمان - رضي الله عنه - لأبي الدرداء - رضي الله عنه -: إن لنفسك عليك حقاً وإن لزوجك عليك حقاً، وقد صدقه عليه الصلاة والسلام بل هو قوله وفعله حيث قال (أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)[58]

وإن من مقاصد التشريع سد باب التعمق والتنطع في الدين لئلا يتمسك بها جيل فيأتي من بعدهم فيظنوا أنها من الطاعات المفروضة عليهم ثم مع تعاقب الزمن يتحول الظن إلى يقين فيقع الحرج بل قد يصل إلى التحريف والزيغ وهو ما ذكره الله في قوله عز وجل ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾[59]. ولقد وجه - صلى الله عليه وسلم - أمته أن يقتصدوا في العمل وأن لا يجاوزا إلى حد يفضي إلى الملل أو إهمال الحقوق، وفي السنة من ذلك ما لا يكاد يحصى كقوله عليه الصلاة والسلام (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غليه فسدوا وقاربوا وأبشروا)[60].

هذا هو المسلك في النوافل طريق لتحصيل الثواب وإكمال لما يعتري الفرائض من خلل من غير مشقة أو حرج ولكن أخذ باليسير من الأمر، أما التشديد والإثقال المؤدي إلى الانقطاع فهذا غير مأمور به وحال صاحبه كالمنبت لا ظهراً ابقى ولا أرضاً قطع.

المبحث الثالث

الأحكام المشروعة للأعذار:
الرخصة في اللغة هي اليسر والسهولة، وفي الاصطلاح اسم لما أباحه الشارع عند الضرورة تخفيفاً عن المكلين ورفعاً للحرج عنهم [61].
أو هي ما وسع للمكلف في فعله لعذر وعجز عنه مع قيام السبب المحرم [62].
أو هي ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام المحرم لولا العذر لثبتت الحرمة [63].

فنلحظ من خلال تلك التعاريف بأن المكلف في الأصل أنه قد شرع في حقه أحكام يجب أن يلتزم بها وهي ما تسمى بالعزيمة وهي الأحكام التي شرعت ابتداءً دون وجود ظروف طارئة يمر بها المكلف، ولكن قد يحدث وأن تمر على المكلف ظروف طارئة، وأعذار تستدعي التخفيف، لولاها لبقي الحكم الأصلي ولكن تخفيفا عن المكلفين ورفعاً للحرج عنهم، ودفعاً للمشقة عنهم شرعت الرخصة والتي هي استثناء جزئي من كلي، وسبب الاستثناء ملاحظة الشارع الضرورات والأعذار، ولذا فإن الأصوليين يعدون تشريع الرخص من باب المصالح الحاجية والتي شرعت لحاجة الناس إليها، والتي لو لم تشرع لوقع الناس في حرج ومشقة وعنت.

والرخصة بهذا المعنى تشمل الأحكام الآتية:
1- ما انتقل فيه الحكم من المنع الذي يقتضيه الدليل إلى الجواز الذي يعم الوجوب كأكل الميتة للمضطر بالقدر الذي يدفع به عن نفسه الهلاك وهذا ثابت بقوله تعالى: ﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾[64] ودل عليه قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[65]،وهذا على خلاف قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ﴾[66] كما يعم أيضاً الندب مثاله: كقصر الصلاة الرباعية للمسافر عند مَن يرى بأن ذلك مندوب وهو ثابت بقوله - صلى الله عليه وسلم - (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)[67] على خلاف الدليل الموجب للإتمام وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - (وصلوا كما رأيتموني أصلي) [68] كما يعم الإباحة كرؤية الطبيب المعالج لعورة المرأة -إذا لم توجد الطبيبة المسلمة- فقد كان ممنوعاً محرماً إلاّ أنه أبيح لرفع الحرج وتيسيراً على المكلفين.

ويعم أيضاً خلاف الأولى كالفطر في نهار رمضان لمن لا يتأذى من الصوم الثابت بقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾[69] وهو على خلاف قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾[70] وكان خلاف الأولى لقوله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[71].

2- ما جاء به النص مخالفاً للقياس كالسلم إذ القياس يقتضي بطلانه لأنه بيع معدوم، وبيع المعدوم من المقرر فقهاً أنه باطل لقوله - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام رضي الله عنه: (لا تبع ما ليس عندك) [72]، ولكن ورد النص بجوازه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - (مَن أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) [73].

وما شرعت الإجارة والمضاربة.. وغيرها من العقود التي صححت على خلاف القياس إلاّ من باب التيسير ورفع الحرج عن المكلفين وذلك لحاجتهم الماسة إلى تصحيح تلك العقود التي لو لم تصحح لوقع المكلفون في حرج ومشقة وعنت لا يطيقونه ولا يتحملونه تخفيفاً عنهم شرعت وصححت تلك العقود على خلاف القياس.

3- ما انتقل فيه الحكم من الوجوب الذي يقتضيه الدليل إلى الترك الذي يعم الحرام، ومثاله: كحرمة صوم المريض إذا كان الصوم يؤدي به إلى الهلاك المؤكد.

أقسـام الرخصة:
1- رخصة فعل: وهي التي يدعو فيها الشارع بسبب الضرورة أو الحاجة إلى فعل ما نهى عنه المكلف، فقد نهى عن أكل الميتة فرخص فيها عند الحاجة والضرورة الملحة تيسيراً على المكلف.
2- رخصة ترك: وهي التي يدعو الشارع فيها بسبب الضرورة أو الحاجة إلى ترك ما أوجبه، مثاله: كترك الصوم في رمضان للمريض والمسافر.

أنواع الرخصة:
1- إباحة المحظورات عند الضرورة فمن أُكره على التلفظ لكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أبيح له ذلك لقوله تعالى: ﴿ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ ﴾ [74] أو اضطر إلى تناول محرم لضرورة فيباح له ذلك.
وأما حكم هذا النوع: وجوب العمل بالرخصة إذا تعينت طريقاً لدفع الضرر عن النفس، ولكن في حالة التلفظ بكلمة الكفر فالأولى عند الأحناف عدم الأخذ بالرخصة والأولى الأخذ بالعزيمة لما في ذلك من إغاظة للكفار وإظهار للتمسك بالعقيدة [75]، ولكن إن أخذ بالرخصة أخذه بها مشروع وجائز.

2- إباحة ترك الواجب في حالة وجود عذر يجعل أداءه شاقاً على المكلف فرفعاً للحرج وتيسيراً عليه أبيح له ترك الواجب، ومثال ذلك إباحة الفطر في نهار رمضان للمريض أو المسافر، وذلك لأن المريض متلبس بعذر يجعل أداء ما كلف به صعباً عليه وشاقاً على النفس فلو لم تشرع تلك الرخصة لوقع المكلف في حرج وضيق، فتيسيراً عليه ورفعاً للحرج عنه أبيح له ترك الواجب، وكذا الأمر بالنسبة للمسافر وكذلك يباح للمسافر تيسيراً عليه ورفعاً للحرج عنه أن يقصر من الصلاة الرباعية والتي تؤدى ركعتين بدلاً من أربع، دل على ذلك التخفيف والتيسير قوله تعالى ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً ﴾.

حكم هذا النوع: عند الجمهور العمل بالعزيمة أفضل من العمل بالرخصة بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر بيّن بالمكلف، فإذا ترتب ضرر يلزم حينئذ العمل بالرخصة الذي يكون متحتماً وواجباً لدرء المفسدة ولدفع الضرر الذي يحصل جراء الأخذ بالعزيمة.

والذي يدل على ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى إذا بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصوم. وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء فشربه والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وظل البعض الآخر صائماً فقيل له - صلى الله عليه وسلم - إن بعض الناس قد صام فقال عليه الصلاة والسلام: (أولئك العصاة أولئك العصاة).

فقوله - صلى الله عليه وسلم - أولئك العصاة تنفير من هذا العمل الذي قاموا به وهو بقاؤهم صائمين بالرغم من إفطار الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلو كان فعلهم مشروعاً وجائزاً لما وصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك الوصف.

3- تصحيح بعض العقود الاستثنائية التي لم تتوافر فيها الشروط العامة لانعقاد العقد وصحته، ولكن جرت بها معاملات الناس وصارت من حاجاتهم حكم هذا النوع: الأخذ بها جائز لأنه يؤدي إلى رفع الحرج والمشقة عن الناس لحاجتهم لتلك المعاملات التي لا تخلو منها حياتهم العملية.

أسباب الرخصة: للرخصة أسباب منها:
1- الضرورة وهذا السبب مبني على أصل تشريعي وهو أن الضرورات تبيح المحظورات، وقد تقدم فيما سبق أمثلة على ذلك تدل على مبدأ رفع الحرج والتيسير على المكلفين.
2- رفع الحرج والضيق والمشقة وهذا السبب مبني على أصل تشريعي وهو أن المشقة تجلب التيسير، ومرّ معنا فيما سبق أمثلة على ذلك.

أسباب التخفيف: أورد الإمام السيوطي -يرحمه الله- في كتابه الأشباه والنظائر سبعة أسباب للتخفيف كلها تدل بمجموعها على أصالة مبدأ رفع الحرج والتيسير على المكلفين، وأنه سمة بارزة وقد ذكرناها في مكانها ولا داعي لتكرارها.

بعد ما أوردناه فيما سبق من بيان لأصالة مبدأ رفع الحرج والتيسير في شرعنا الحنيف لابد أن نشير إلى أنه ليس معنى يسر الشريعة وسماحتها أن يركن الإنسان ويهمل التكاليف الشرعية، ويجعل من التيسير ورفع الحرج مدخلاً للهروب مما كلف به الإنسان.

وأيضاً مع سماحة الإسلام ويسره فهو قد وبخ المتشددين الذين يشددون على المسلمين ويغلو الواحد منهم في دينه ويبالغ في ذلك الغلو وحتى كأن السمة البارزة للإسلام هي الغلو، والذي يعد الأخذ به اتباعاً للهوى لأنه مخالف لدين الله الذي من سماته أنه دين اليسر والسماحة ولا يمكن أن يجتمع اليسر والتشدد في آن واحد.

وصفة الغلو وبخ الله عز وجل أصحابها من الأمم السالفة وأنكر عليهم غلوهم ونهاهم عن ذلك في موعظة يستفيد منها المسلمون، فقال تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾[76] ولما كان الأمر متعلقاً بأمم سبقت هذه الأمة فعلى هذه الأمة الإسلامية أن تتجنب الوقوع بما وقعت يه تلك الأمم من الغلو وأن تبتعد عن أسبابه حتى لا يصيبها ما أصاب تلك الأمم.

ويكفي هنا أن نسوق كلاماً قيماً لابن القيم في كتابه القيم أعلام الموقعين ما يدل دلالة واضحة على سمات بارزة في هذه الشريعة فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه [77].

المبحث الرابع

بعض القواعد الفقهية المتعلقة برفع الحرج:
الضرورات تبيح المحظورات:
شرح القاعدة ومعناها:
الضرورة فى اللغة: مأخوذة من الإضطرار، وهو الحاجة الشديدة، والمحظورات جمع محظور: وهو الحرام المنهى عنه شرعا.

وعلى ذلك يكون معنى القاعدة: أن الممنوع من فعله شرعا يباح عند الضرورة [78].

وقد تأتى الضرورة بمعنى الضرر، وأما الضُر فهو سوء الحال الذى لانفع معه يساويه أو يزيد عليه، فإن كان معه نفع يساويه أو يزيد عليه فلا يسمى حينئذ ضررا، ومن ثم فلا يطلق على تناول جرعات الأدوية المرة مثلا ضرر لما تشمله من المنفعة.

ومثله الإضطرار، وهو حمل الإنسان على ما فيه الضرر، سواء كان الحامل من داخل الإنسان كالجوع والمرض، أو من خارجه كالإكراه.

وأفضل تعريف للضرورة هو ما جاء فى مجلة العدل الدولية: أنها هى العذر الذى يجوز بسببه إجراء الشىء الممنوع. وإباحة الضرورات للمحظورات تسمى فى علم أصول الفقه: رخصة [79].

دليل القاعدة:
1- قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [80]. قال ابن كثير: أى فمن احتاج إلى تناول شىء من هذه المحرمات التى ذكرها الله تعالى لضرورة ألجأته إلى ذلك فله تناوله والله غفور رحيم له، لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر وافتقاره إلى ذلك فيتجاوز عنه ويغفر له[81].

2- قوله تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾[82]، فمن أُكره على النطق بكلمة الكفر وأنذر بالقتل إن لم يفعل نطق بها ولا حرج عليه ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان، وإن لم ينطق بها فقتل مات شهيدا.

فقد أخذ المشركون عمار بن ياسر – كما روى ابن جرير فى تفسيره [83] – فعذبوه حتى قاربهم فى بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:" كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، قال النبى - صلى الله عليه وسلم -:"إن عادوا فعد" أى: إن عادوا إلى تعذيبك وحملك على النطق بكلمة الكفر فقل ما كنت تقول حتى يخلوا سبيلك.

تطبيقات القاعدة:
لهذه القاعدة تطبيقات وصور عديدة، وقد ذكر السيوطى بعضا منها فى كتابه الأشباه والنظائر حيث قال:
ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة [84]، وإساغة اللقمة بالخمر، والتلفظ بكلمة الكفر للإكراه، وكذا إتلاف المال، وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه، ودفع الصائل ولو أدى إلى قتله، ولو عمً الحرام قطرا بحيث لايوجد فيه حلال إلا نادرا فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه ولا يقتصر على الضرورة.

قال الإمام: ولايرتقى إلى التبسط وأكل الملاذ، بل يقتصر على قدر الحاجة [85].

ضوابط الضرورة الشرعية:
لابد للمفتى من مراعاة الضوابط للضرورة الشرعية عند الإفتاء بالرخصة، ومن أهم هذه الضوابط:
الضابط الأول: أن تكون الضرورة متحققة لامتوهمة، بمعنى أن تكون متيقنة أو مظنونة ظنا قويا.
الضابط الثانى: ألا يكون من الممكن تلاشيها أو التخلص منها بوجه مشروع.

قال الشاطبى: وأسباب الرخص أكثر ما تكون مقدرة ومتوهمة لامحققة، فربما عدها شديدة وهى خفيفة فى نفسها فأدى ذلك إلى عدم صحة التعبد، وصار عمله ضائعا وغير مبنى على أصل، وكثيرا ما يشاهد الإنسان ذلك، فقد يتوهم الأمور صعبة وليست كذلك إلا بمحض التوهم [86].

أمثلة للضرورة المتوهمة:
قد ضرب الله فى القرآن الكريم للضرورة المتوهمة أمثلة كثيرة منها:
1- ما جاء فى قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾[87].

فقولهم: كنا مستضعفين فى الأرض اعتذار بضرورة وهمية، لأنهم كانوا قادرين على التحول عنها إلى أرض أخرى يجدون فيها الأمن والحرية فى التعبد، ولذا لايقبل الله عذرهم حين يعتذرون.

2- ما جاء فى قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾[88]، أى ائذن لى بالتخلف عن غزو الروم معك يا رسول الله ولاتفتنى ببنات بنى الأصفر، وهو ساقط فى الفتنة من رأسه إلى قدميه.

إن الضرورة الوهمية لاتطمئن النفس إليها عند عرضها على المفتى، وإن كان المستفتى يرى أنها ضرورة، كمن يكون الماء منه على بُعد يستطيع الوصول إليه بالسيارة فى زمن قصير، فيتمسك بأقوال بعض الفقهاء بأن الماء إذا كان على بُعد ميل جاز التيمم، ولم يأخذ فى اعتباره تغير الأحوال وتيسر السبل.

وكذلك من يكون مريضا مرضا خفيفا فيجعله رخصة فى الفطر، مع أن المرض الذى يبيح الفطر هو ما يجد المسلم فيه مع الصوم مشقة تزيد فى مرضه أو تعوق شفاءه، وليس مطلق مرض كما يتوهم بعض من يأخذ بظواهر النصوص [89].

علاقة القاعدة بالرخص الشرعية:
الرخص التى تخرج على قاعدة الضرورة ثلاثة أنواع:
الأول: يفيد إباحة المرخص به ما دامت حالة الضرورة، كأكل الميتة للمضطر بقدر دفع الهلاك عند المجاعة، وأكل لحم الخنزير وإساغة اللقمة بالخمر عند الغصة.

فهذه الأشياء تباح عند الإضطرار لقوله تعالى: "إلا ما اضطررتم إليه"، أى دعتكم شدة المجاعة لأكلها والإستثناء من التحريم إباحة.

الثانى: نوع من الرخص لاتسقط حرمته بحال، أى أن الفعل يبقى حراما لكن رخص فى الإقدام عليه لحالة الضرورة كإتلاف مال المسلم، أو القذف فى عرضه أو إجراء كلمة الكفر على لسانه مع اطمئنان القلب بالإيمان – إذا كان الإكراه تاما.

فهذه الأفعال فى نفسها محرمة مع ثبوت الرخصة، فأثر الرخصة فى تغيير حكم الفعل وهو المؤاخذة فقط، لافى تغيير وصفه أى حرمته.

الثالث: أفعال لاتباح بحال، ولايرخص فيها أصلا لا بالإكراه التام ولاغيره كقتل المسلم أو قطع عضو منه أو الزنا أو ضرب الوالدين أو أحدهما.

فهذه الأفعال لايباح الإقدام عليها، ولاترتفع المؤاخذة ولا الإثم لو فعل مع الإكراه، لأنه قد تعارض هنا مفسدتان روعى أشدهما بارتكاب أخفهما: فقتل المسلم أشد من تهديده بالقتل، ولو قتل فى هذه الحالة كان مأجورا ولو قَتَل كان ظالما.

ولو زنا تحت الإكراه التام فإنه يسقط عنه الحد للشبهة لكن لايرتفع الإثم. وبناء على ذلك، فهذه القاعدة لاتتناول النوع الأخير لأنه لايباح بحال من الأحوال، فهو مستثنى من هذه القاعدة، وهى إنما تتناول النوع الأول مع ثبوت إباحته والنوع الثانى مع بقاء حرمته، والترخيص إنما هو فى رفع الإثم كنظر الطبيب إلى ما لايجوز انكشافه شرعا من مريض أو جريح فإنه ترخيص فى رفع الإثم لا الحرمة [90].

المشقة تجلب التيسير:
شرح القاعدة ومعناها:
المشقة فى اللغة هى: الجهد والتعب، والمراد بالمشقة التى تكون سببا فى التيسير، هى المشقة التى تنفك عنها التكليفات الشرعية، أما المشقة التى لاتنفك عنها التكليفات الشرعية كمشقة الجهاد، وألم الحدود ورجم الزناة وقتل البغاة والمفسدين والجناة، فلا أثر لها فى جلب تيسير ولا تخفيف.

والتيسير فى اللغة هو السهولة والليونة، والمعنى اللغوى هذا يفيد أن الصعوبة والعناء تصبح سببا للتسهيل.

والمعنى الشرعى للقاعدة اصطلاحا: أن الأحكام التى ينشأ عنها حرج على المكلف ومشقة فى نفسه أو ماله فالشريعة تخففها بما يقع تحت قدرة المكلف دون عسر أو إحراج [91].

دليل القاعدة:
قامت الأدلة على هذه القاعدة من الكتاب والسنة والإجماع ومشروعية الرخص:
1- الكتاب: قوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[92].
وقوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾[93].
وقوله تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾[94]، وغيرها كثير.

2- السنة: وأما الدليل من السنة فكثير منه:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) [95].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة)[96].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -:(إنما بُعثتم ميسرين، ولم تُبعثوا معسرين) [97].

وغيرها كثير حتى قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته.

3- الإجماع: الإجماع قد انعقد بين علماء الأمة على عدم وقوع المشقة غير المألوفة فى أمور الدين، ولو كان ذلك واقعا لحصل التناقض والإختلاف فى الشريعة وذلك منفى عنها، لأن الأدلة على سماحة الشريعة أكثر من أن تحصر.

ومن أجل ذلك أباح الشارع الإنتفاع بملك الغير بطريق الإجارة والإعارة، والقرض، وسهل الأمر بالإستعانة بالغير وكالة وإيداعا، وشركة ومضاربة، ومساقاة، وأجاز الإستيفاء من غير المديون حوالة، وبإسقاط بعض الدين صلحا أو إبراء، وبالتوثيق على الدين برهن أو كفيل [98].

4-ما ثبت من مشروعية الرخص: وهذا أمر مقطوع به ومما علم من دين الأمة بالضرورة كرخص القصر والفطر والجمع، وتناول المحرمات فى الإضطرار، فإن هذا نمط يدل قطعا على مطلق رفع الحرج والمشقة، والتيسير والتسهيل على الناس [99].

تطبيقات هذه القاعدة:
قال الفقهاء يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته، وأسباب التخفيف فى العبادات وغيرها ثمانية:
1-لسفر: فالمسافر يرخص له فى قصر الصلاة والفطر والمسح على الخفين والجمع.

2-لمرض: فالمريض يرخص له فى التيمم عند عدم القدرة على استعمال الماء، أو عدم وجود من يعينه على ذلك، ويرخص له فى الفطر إذا وجد فى الصوم مشقة، والقعود فى صلاة الفرض إن لم يتمكن من القيام، والإستنابة فى الحج ورمى الجمار، وإباحة محظورات الإحرام مع الفدية.

3-لإكراه: المكره على الكفر يرخص له فى التلفظ بكلمة الكفر ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان.

4-لنسيان: وهو عدم تذكر الشىء عند الحاجة إليه، واتفق العلماء على أنه مسقط للعقاب، ومن فاته شىء من الصلاة مثلا بسبب النسيان فإنه يعذر فيه ولايؤاخذ على تركه وما عليه إلا القضاء.

5-لجهل: الجاهل يعذر بجهله فى أمور كثيرة نص عليها الفقهاء فى كتبهم كمن تناول شيئا محرما دون علمه أنه محرم.

7،6 العسر وعموم البلوى: من تعسر عليه فعل شىء من الواجبات سقط عنه بدليل قوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[100]. وإذا كان هناك أمر شاع وانتشر ولم يستطع المسلمون دفعه إلا بمشقة بالغة – قُبل عذرهم فى السكوت عليه وعدم دفعه أو التحرز منه – كالصلاة مع النجاسة التى يشق على المصلى إزالتها مثل دم القروح والدمامل والبراغيث والقيح والصديد، وقليل دم الأجنبى، وطين الشوارع وذرق الطيور إذا عم فى المساجد والمطاف. ومن ذلك الجمع فى المطر، وعدم وجوب الصلاة على الحائض لتكررها بخلاف الصوم وبخلاف المستحاضة لندرة ذلك، ومن ذلك مشروعية الإستجمار بالحجر، وجواز المسح على العمامة لمشقة استيعاب الرأس ومسح الخف فى الحضر لمشقة نزعه فى كل وضوء إلا الغسل لعدم تكرره.

8- النقص: النقص الذى يجلب التخفيف هو الذى يؤدى التكليف معه إلى مشقة غير متحملة غالبا، فلا يكلف الصبى والمجنون بما يكلف به البالغ العاقل لنقص الأهلية، ولايكلف النساء بكثير مما يجب على الرجال كالصلاة مع الجماعة وحضور صلاة الجمعة، والجهاد فى سبيل الله، وغير ذلك من الأمور التى يشق عليهن القيام بها [101].

تطبيقات أخرى فى غير العبادات:
1- إباحة النظر عند الخطبة والتعليم، والإشهاد، والمعاملة والمعالجة.
2- مشروعية الطلاق لما فى البقاء على الزوجية من المشقة عند التنافر وكذا مشروعية الخلع والإفتداء والفسخ بالعيب ونحوه، والرجعة فى العدة.
3- مشروعية السلم والخيار ومشروعية الرد بالعيب، والحوالة والرهن والصلح والشركة، والحجر والوكالة والإجارة والمزارعة والوديعة، والوكالة وغير ذلك من تيسيرات البيوع.
4- مشروعية التخيير بين القصاص والدية تيسيرا على الجانى والمجنى عليه.
5- مشروعية الوصية عند الموت ليتدارك الإنسان ما فرط منه فى حال الحياة.
6- مشروعية التخيير فى كفارة الظهار واليمين تيسيرا على المكلفين.
7- إباحة أربع نسوة، فلم يقتصر على واحدة تيسيرا على الرجال وعلى النساء أيضا لكثرتهن [102].

أنواع المشقة وضوابطها:
المشقة على ثلاثة أقسام:
الأول: مشقة عادية محتملة: وهى لا تنفك عن أى نوع من أنواع التكليف فهذه لا لا تخفيف فيها، لأنها جزء من العبادة، ولو استجاب الشارع لإزالة هذا النوع من المشقة لانهدم التكليف من أساسه.
الثانى: مشقة متوسطة: وهذه فيها الرخصة، من شاء أخذ بها، ومن شاء تحمل المشقة وله أجره عند الله تعالى، والأجر على قدر المشقة، كالفطر الذى هو رخصة للمريض مرضا لا يخشى عليه منه لو صام أن يزداد مرضه أو تأخر البرء منه، وهذه المشقة المتوسطة لاضابط لها إلا العرف، والمقصود هو عرف العلماء لا عرف العوام.
الثالث: مشقة غير محتملة: وهى التى يقع فيها التخفيف حتما رحمة من الله بعباده، والرخصة فيها تتحول إلى عزيمة يجب على المكلف الأخذ بها، كمن عضه الجوع ولم يجد إلا الميتة، فإنه يجب عليه الأكل منها حفظا على حياته، بحيث لا يتجاوز أكله قدر الضرورة [103] لقوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[104].

الخاتمة:
إن المتتبع والدارس والقارئ للفقه الإسلامي بدقة وتمعن يجد أنه يتميز بخصائص ومميزات لا يتميز بها غيره، جعلته قابلاً للعطاء طيلة أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن، يستوعب كل جديد ويدلي بالكلمة الفصل فيه إن كان موافقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية أخذ به، وإن كان مخالفاً لمبادئ التشريع وروحه رفضه، فالفقه هو الحاكم على الواقع وليس الواقع هو الحاكم عليه.

ومن أهم الميزات التي تميزت بها الشريعة الإسلامية -والفقه جزء منها- السماحة واليسر ورفع الحرج، جعلتها هذه الميزة شريعة مميزة عن باقي الشرائع السماوية السابقة والتي وجد فيها من الأعمال الشاقة ما يتناسب وأحوال وأوضاع تلك الأمم التي جاءت لها تلك الشرائع.

وقد ذكرت -صفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه ميسر ومبشر ورافع لتلك الأغلال التي كانت على تلك الأمم السالفة.
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ﴾.

والأدلة على مبدأ التيسير ورفع الحرج كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ فما نافية، الدين يعم كل الأحكام أي معنى ما سبق أن لا يوجد في ديننا الإسلامي حكم في تطبيقه حرج على المكلفين.

وقوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ فهي واضحة الدلالة بينة في معناها من أن الله عز وجل يريد أن ييسر علينا، ولا يعسر علينا، ومن التيسير أن يشرع لنا من الأحكام ما يسهل تطبيقها ولا يشق ذلك على المكلفين مطلقاً.

فإننا إذا نظرنا في السُنّة النبوية نجد نبي السماحة والتيسير والرحمة واللين - صلى الله عليه وسلم - يوصي الدعاة من أمته - صلى الله عليه وسلم - من خلال حديثه مع صحابيين جليلين بعثا للدعوة وهما أبوموسى الأشعري ومعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا وتطاوعوا ولا تختلفوا).


فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا يضع أسساً راسخة لفقه الدعوة إلى الله عز وجل، بدأ وصيته بالأمر بالتيسير على الناس وعدم التعسير عليهم، أوصى أيضاً كل الدعاة بالتبشير وعدم التنفير، فكل الدعاة لابد أن يتمثلوا روح هذا النص النبوي وتتشرب نفوسهم معاني ذلك الحديث وتلك الوصية الجامعة، فالداعي إلى الله عز وجل عليه أن يتذكر أنه على نهج أول الدعاة إلى الله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - خير من دعا إلى الله بحكمة وبموعظة حسنة بأن ييسر ولا يعسر، وأن يبشر وألا ينفر، فإن كان في موطن يقتضي التيسير وعسر على الناس فهو مخالف لسنة أول الدعاة إلى الله وإن نفر في موطن يحتاج إلى تبشير فهو مخالف لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.








ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





vtu hgpv[ ,hgjdsdv td hgavdum hgYsghldm hg[vd hgsvdum hgYsghldm ,hgjdsdv




vtu hgpv[ ,hgjdsdv td hgavdum hgYsghldm hg[vd hgsvdum hgYsghldm ,hgjdsdv vtu hgpv[ ,hgjdsdv td hgavdum hgYsghldm hg[vd hgsvdum hgYsghldm ,hgjdsdv



 

قديم 19-02-2013   #2


أبو محمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 422
 تاريخ التسجيل :  04 - 10 - 2011
 أخر زيارة : 23-01-2015 (12:50 AM)
 المشاركات : 1,670 [ + ]
 التقييم :  564
لوني المفضل : Cadetblue
رد: رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



موضوع قيم ومفيد


جزاك الله وخير .. وأثابك


على ماتقدمه .. بارك

الله فيك .....


 

قديم 19-02-2013   #3


سكون الليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1038
 تاريخ التسجيل :  05 - 12 - 2012
 أخر زيارة : 16-09-2013 (08:53 PM)
 المشاركات : 2,943 [ + ]
 التقييم :  459
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Orangered
رد: رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



جَزآك اللهُ خَيرَ ألجَزآءْ
يَعطِيِك رِبي العَآآإفِيَه عَلى الطَرِحْ ألقَييم
جَعَلَهْا لله فِي مُيزَآإنْ حَسَنَآتِك يوًم القِيَآمَه
وشَفِيعْ لَك يَومَ الحِسَآبْ
دُمْت بَحِفْظْ ألرَحمَن



 

قديم 19-02-2013   #4
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى عضو دائم في مجلس ادارة المنتدى داعم لصندوق المنتدى


Ghupir JR غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 47
 تاريخ التسجيل :  19 - 05 - 2011
 أخر زيارة : 18-02-2016 (01:39 PM)
 المشاركات : 8,350 [ + ]
 التقييم :  437
لوني المفضل : Cadetblue
رد: رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



قيّم جداً


نفع الله


بما تقدم


تقيييييم


لاآآآآآييك



 

قديم 20-02-2013   #5
الإدارة العليا


محمد الجابر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1002
 تاريخ التسجيل :  31 - 10 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (02:29 AM)
 المشاركات : 19,284 [ + ]
 التقييم :  1599
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 مزاجي
 SMS ~

لوني المفضل : Crimson
رد: رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



اخوتي الاعزاء
ابو محمد
سكون الليل
جونيور
شكرلكم من القلب
على المرور الكريم
دمتم بكل سعاده


 

قديم 21-02-2013   #6


استغفر الله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 979
 تاريخ التسجيل :  20 - 10 - 2012
 أخر زيارة : 08-07-2023 (05:37 AM)
 المشاركات : 11,181 [ + ]
 التقييم :  369
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
رد: رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



بآرك آلله فيكـ ونفع بكـ
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان
وأن يثيبك البارئ على ما طرحتـ/يــ خير الثواب
في انتظار جديدك المميز
دمتـ/ــي بسعآده مدى الحياة


 

قديم 25-02-2013   #7
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية



جَزّآَِكـ آِللَهُ خَيْراً عِلْىَ طَيّبِ مَآ طَرِحْت ..

طَرْحٌ قَيْمٌ جِدَاً
الله يَعْطِيْكَـ العَآفِيَهِ عَلِىَ جَمَآلِ مَآ طَرِحْت ..

بَآنْتِظَآرِ جَدِيْدِكـَ آلمُمَيَّزْ ..
لَك كُلً آلوِدْ وَ آلوَرِدُ }~


 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجري, السريعة, الإسلامية, والتيسير


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلطنة بروناي تبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية.. الخميس ابو عمر منتدى الاخبار المحلية والعالمية 2 02-05-2014 10:59 AM
التربية العاطفية فى ضوء الشريعة الإسلامية ابو يحيى المنتدى الاسلامي العام 2 30-01-2014 04:35 PM
واقعيّة الشريعة الإسلامية ابو يحيى المنتدى الاسلامي العام 2 27-01-2014 10:40 PM
البلقية يعلن تطبيق الشريعة الإسلامية في بروناوي اسامة منتدى الاخبار المحلية والعالمية 1 22-10-2013 09:31 PM
الشريعة الإسلامية ابو يحيى المنتدى الاسلامي العام 2 03-09-2013 09:47 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 11:12 AM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant