عدد الضغطات : 9,175عدد الضغطات : 6,679عدد الضغطات : 6,398عدد الضغطات : 5,606
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ...بم‘ـــآآآذآ تفــكــــر الآن ... (آخر رد :السموه)       :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :السموه)       :: مؤلم ... (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: ذات مساء مساحه خاصه لكم (آخر رد :السموه)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)       :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)       :: تهنئة بحلول عيد الفطر المبارك (آخر رد :ابو يحيى)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 14-08-2021   #1


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 اوسمتي
وسام العطاء وسام صاحب الحضور الدائم العطاء الذهبي المسابقه الرمضانيه عطاء بلاحدود 
لوني المفضل : Green
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ



اللَّهِ, عَلَيْكُمْ, وَاذْكُرُوا, نِعْمَةَ

اللَّهِ, عَلَيْكُمْ, وَاذْكُرُوا, نِعْمَةَ

﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ



الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ مُعزِّ مَن أطاعهُ واتقاهُ، ومُذِلِّ من خالفَ أمرهُ وعصاهُ.. لهُ من الحمدِ أسْمَاهُ وأسْنَاهُ، ولهُ من الشُّكرِ أجزاهُ وأوفاه، ولهُ من الثناء الحسنِ أجملهُ وأبهاهُ.. سبحانهُ وبحمده، لا تُحصى نِعمُهُ، ولا تُكافئُ عطاياهُ، ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 67]، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ولا ربَّ لنا سواهُ، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ ومصطفاهُ، وخليلهُ ومجتباهُ، طوبى لمن والاهُ وتولاهُ، واتبعَ سنَّتهُ واهتدى بهداهُ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابهِ واتباعه ومن والاه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا لا حدَّ لمنتهاه، أمَّا بعدُ:

فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 102، 103].

معاشر المؤمنين الكرام، جُبِلَت النفوسُ على حُبِّ من أحسنَ إليها، ولا أحدَ أعظمُ إحسانًا من الله جلَّ في علاه؛ فالمخلوقُ يتقلَّبُ في نعَمِ من الله لا تُعدُ ولا تحصى، ومع هذا فاللهُ تبارك وتعالى يقول: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

ولا شكَّ أن ذِكرَ النِّعمِ وشُكرَ المنعِم أمرٌ واجبٌ على كلِّ مؤمن؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة: 11]، وشُكرُ المنعِمِ والتَّحدُثَ بنِعمه هو منهجُ الأنبياء والمرسلين، فهذا سليمانُ عليه السلام يقول: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19]، وقال تعالى مثنيًا عليه وعلى أبيه داود: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، وأثنى قبل ذلك على جدهم إبراهيمُ عليه السلام، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 120، 121]، ومن بعدهم موسى عليه السلام يُعاهِدُ ربَّه، فيقول: ﴿ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17]، وعيسى عليه السلامُ يتحدثُ بنعمة اللهِ عليهِ، فيقول: ﴿ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 30 - 32]، وقال اللهُ تعالى لخاتم أنبيائهِ وأفضلِ رُسله: ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66]، فقام صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه، وحتى تعجبَ الصحابةُ من طول قيامه، فقال: أفلا أكونُ عبدًا شكورًا..

فيا أُخيَّ المسلم، اذكُر نِعمة اللهِ عليك: وأنَّ الله تباركَ وتعالى هو الذي أوجدكَ من العدم، وخلقك من ترابٍ وطين، وسواك في أحسنِ تقويم، ونفخَ فيك من روحه، وعلمك ما لم تكن تعلم، ورزقك من الطيبات، وهو الذي أطعمك وسقاك، وكساك وآواك، وهو الذي متَّعك بسمعك وبصرك، وعقلك وجوارحك، وسائر قواك، وهو الذي كرَّمك وحملك في البر والبحر، وفضَّلك على كثيرٍ ممن خلقَ تفضيلًا، ﴿ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].

ويا أُخيَّ المبارك، اذكُر نعمة اللهِ عليك، فهو الذي هداك لهذا الدين العظيم، وهو الذي وفَّقكَ لصراطه المستقيم، وهو الذي ثبتكَ على شرعه القويم، وهو الذي: ﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الحجرات: 7]، ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83].

ويا معاشر المؤمنين الكرام، اذكروا نعمة اللهِ عليكم، فــ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]، و﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [الفتح: 28]، و﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 9]، ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النور: 21].

ويا أيَّها المؤمنون الكرام، اذكُروا نعمة اللهِ عليكم، فـ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]، و﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ [يونس: 5]، و﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾ [يونس: 67]، و﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، و﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 6]، وهو الذي ﴿ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 78]، و﴿ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الملك: 23]، وقال تعالى: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20]، وهو الذي غمَركم بفضله وإحسانه: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، وهو الذي ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13]، ويا أيَّها الأحبة المؤمنون، اذُكروا نعمتَ اللهِ عليكم، فــ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 10 - 14].

وحين يتأمَّلُ المسلمُ نِعم اللهِ وفضلهِ، وما يقومُ به من طاعةٍ وعبادة، يجدُ أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى هو الذي أوجدَ وخلق، وهو الذي أعطى ورزق، وهو الذي ألْهم ووفَق، وهو الذي علَّمَ وهدى، وهو الذي أعانَ وقوَّى، وهو الذي تمَّمَ وأكمل، وهو الذي يتكرمُ فيتقبَّل، ثمَّ يُثيبُ ويأجُر، ويُضاعِفُ الثوابَ ويشكُر.. فما أعظمَ اللهَ وما أعظمَ قُدرته، وما أوسعَ حِلمهُ ورحمته، وما أجلَّ كرمهُ ونِعمته، وما أبلغَ عِلمهُ وحِكمته، و﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3].

وبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الحمدُ للهِ كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، أما بعدُ:

فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ وكونوا مع الصادقين، معاشرَ المؤمنين الكرام، تأمَّلوا قولَ الحق جلَّ وعلا: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، تأمَّلْوا كيفَ أفردَ اللهُ تباركَ وتعالى كلِمةَ (نِعمَة) ولم يقُل: (نِعَم)، فالنِّعمةُ الواحِدةُ لا يُمكِنُ إحصَاؤُها، وذلك لأنَّ كُلَّ نعمةٍ يتولدُ منها نِعمٌ فَرعِيةٍ لا يُمكِنُ عَدُّها، وكُلُّ فَرعٍ مِنها يَتجَدَّدُ على مَدارِ الثانيةِ واللحظةِ، وكلُّ هذه النِعمِ المتجدِّدةِ تتكرَّرُ على مستوى كلِّ مخلوقٍ لوحدِه، والخلائِقُ لا يمكنُ إحصاؤهم.

﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾، فنِعمةُ الحركةِ مثلًا لا يُمكِنُ إحصَاءُ تَنوعَاتِها للعضوِ الواحِدِ، فكيفَ بحركات الأعضاءِ كُلِّها، ثمَّ إنَّ كُلَّ حَركةٍ منها تتجدَّدُ وتتكرَّرُ بصورةٍ لا يُمكِنُ إحصَائُهُا.. فكيف بحركات الخلائقِ أجمعين، وما مِنْ نِعمةٍ إلا ويمكنُ أنْ تتكامَلَ معَ غيرِها لتتَضاعَفَ مَنفعتُها، وتَتعدَّدُ صُورُها فلا يُمكِنُ إحصَاؤُها أيضًا، فلو أضفنا لنِعمَةِ الحركةِ نِعمَةَ الأدواتِ والمعُداتِ مثلًا، فستتولدُ صورٌ وأشكالٌ جديدةٌ ومختلفةٌ من نِعمَ الحركةِ لا يمكنُ إحصاؤُها.

ثم إنك أيُّها الانسانُ مع كل لقمةٍ تأكلها، أو شربةٍ تشربها، أو نفَسٍ تتنفَّسه، هناك نعمٌ لا تُعد ولا تحصى، ومع كُلِّ خفقةِ قلبٍ، ومع كلِّ طرفةِ عينٍ، ومع كلِّ حركةِ عضوٍ، ومع كلِّ خاطرةِ عقلٍ، هناك نعمٌ لا تعدُّ ولا تحصى، ومع كُلِّ كلمةٍ تنطقها، أو عِبارةٍ تسمعها، أو معنى تفهمه, هناك نعمٌ لا تُعد ولا تُحصى..

وفي جسمك العجيبِ ملياراتُ الخلايا، وملايينُ الأنسجة، والآلافُ الكيلوات من الشعيرات الدموية، والنهايات العصبية، وما لا يُتصورُ من التفاعلات الكيميائية، والتحولاتِ الفيزيائية، والعملياتِ الحيوية، كُلُّها تَتمُّ على مدار اللحظةِ والثانية، وكُلُّ واحدةٍ منها، فيها من النِّعمِ والآلاءِ مما لا يُعد ولا يُحصى، ثم إنَّ هناك نِعمًا أُخرى هائلة وغزِيرة، لها أشكالٌ وأحوالٌ وفروعٌ كثيرةٌ كثيرة، لا يتصورها خيال، ولا يمكنُ أن تَخطرَ على بالِ، فضلًا عن أن تُعرفَ أو تُستقصى، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].

وإذا كان الذي وصَلَنا من الخيرات والنِّعمِ لا يُعد ولا يُحصر، فإنَّ ما صَرفَهُ اللهُ عنَّا من الشرور والأخطارِ أكثرَ وأكثر، ومن تأمَّلَ حِكمةَ اللهِ في المنعِ والعطاءِ، عَرفَ أنَّ بعضَ العطاءِ منعٌ، وبعضَ المنعِ عطاء، وإذا كان العَطاءُ نِعمةً، فإن المنعَ نِعمةٌ أيضًا، بل ربما كان المنعُ أفضلَ من العطاء: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

تخيل لو نقصت الحموضةُ في دمك أو زادت، أو لو نقصَ السُّكرُ في دمِك أو زاد، أو لو نقصَ الضغطُ أو زاد، أو لو نقصت سيولةُ الدم أو زادت، أو لو نقصت خلاياك البيضاء أو زادت، لولواتٌ كثيرةٌ، واحتمالاتٌ عديدةٌ، في أوضاع الدمِ فقط، فكيفَ بالقلب، وكيف بالكبدِ، وكيف بالرئةِ والكليةِ والدماغِ وغيرها من الأعضاء التي كُلُّها بفضل اللهِ ونعمتهِ تسيرُ على ما أحسنِ ما يُرام..

ثم إنَّ هناك الملايين بل مئات وألوف الملايين من الميكروبات والفيروساتِ والفطريات والحشراتِ السامة، وغيرها من المخلوقات الضارة، كُلُّها تعيشُ معنا ومِن حولِنا أو في أجوائِنا أو داخِلَ أجسامِنا، ولا يخلو منها طعامٌ ولا شرابٌ ولا هواءٌ ولا مكانٌ، وهناك العشراتُ والمئاتُ من الأمراض المعدية، والأوبئةِ المهلكة، والأخطارِ المحدقة، تتنقلُ بيننا بسرعةٍ وسُهولة، ولكن الحافظَ سبحانهُ يُنعمُ علينا فيحمِينا من شرها، ويحفظنا من أذاها، ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

وكم للهِ من لُطفٍ خَفِي *** يَدِقُّ خَفَاهُ عن فَهْمِ الذَّكِي

وحين يتنقلُ الانسانُ بأيِّ وسيلةٍ من وسائل المواصلات، فإنَّ احتمالَ تعرُّضهِ للحوادث بعدد الثواني التي يستغرقُها مشوارهُ، بل هي أكثر، تأمَّل قوله تعالى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]، فقد جاءَ في تفسيرها: أنهم ملائكةٌ يحفظونَ الإنسانَ من بين يديه ومن خلفه, فإذا جاءَ قدرهُ خَلَّوْا عنه، وما أجملَ قولَ الشاعر:
كم نطلبُ اللهَ في ضُرٍّ يَحِلُّ بِنا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا
فإن تولَّت مُصيبتنا نسيناه وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا
ندعوهُ في البحر أن يُنجي سفينتنا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا
فلمَّا رجعنا إلى الشاطئ عصيناه وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا
ونركبُ الجو في أمنٍ وفي دعةٍ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا
فما سقطنا لأنَّ الحافظَ اللهُ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ  وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا


ووالله يا عباد الله، لو لَمْ يَكُنْ في الشدَائِدِ من المِنَحِ إلَّا أن يَصدُقَ المؤمنُ في الالتِجَاءِ والعودةِ إِلى ربه تبارك وتَعَالَى، لَكْفى بها من نِعمةٍ عظمية، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾.

لقد تكرَّر هذا المقطعُ العجيبُ في القرآن الكريمِ مرتين، ففي الأولى: إشارةٌ إلى أنَّ من لا يَشْكُرِ اللهَ على نِعمٍ لا يمكنُ إحصاؤها فهو ظلومٌ كفَّار، وفي الأخرى: أنَّهُ تعالى أنْعمَ بتلك النِعَمِ (حتى على من لا يَشْكُرُهَا)؛ لأنَّهُ غفورٌ رحِيم، فالحمدُ للهِ على نِعَمهِ كُلِّهَا، أولِهَا وآخِرهَا، ظَاهِرهَا وباطِنُها، ما عَلِمنَا مِنهَا وما لم نَعلَم، ويا بن آدم عشْ ما شئت فإنك ميِّت، وأحبِب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مَجزي به، البر لا يَبلى والذنب لا يُنسى، والديان لا يموت، وكما تدين تُدان.




الألوكة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





,Qh`X;EvE,h kAuXlQjQ hgg~QiA uQgQdX;ElX uQgQdX;ElX ,Qh`X;EvE,h




,Qh`X;EvE,h kAuXlQjQ hgg~QiA uQgQdX;ElX uQgQdX;ElX ,Qh`X;EvE,h ,Qh`X;EvE,h kAuXlQjQ hgg~QiA uQgQdX;ElX uQgQdX;ElX ,Qh`X;EvE,h



 

قديم 14-08-2021   #2
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ



جزاك الله خير الجزاء ونفع بك



 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللَّهِ, عَلَيْكُمْ, وَاذْكُرُوا, نِعْمَةَ


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا طالبة العلم منتدى القرآن الكريم والتفسير 1 23-12-2020 06:45 PM
شرح حديث : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ أنشودة الأمل منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة 7 04-12-2017 10:12 PM
لا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ مصراوي منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة 8 19-12-2016 08:32 PM
وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ ابو يحيى منتدى القرآن الكريم والتفسير 18 22-09-2015 09:07 PM
‏مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ Mesho Al-najmi ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة 8 21-06-2011 08:22 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 12:10 AM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant