قال الإمام الخطابي:ومن باب جماع أبواب ما يصلى فيه
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن المسيب، عَن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد فقال أو لكلكم ثوبان.( )
قوله أولكلكم ثوبان لفظه لفظ استفهام ومعناه الإخبار عما كان يعلم من حالهم من العدم وضيق الثياب يقول فإذا كنتم بهذه الصفة وليس لكل واحد منكم ثوبان والصلاة واجبة عليكم فاعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة.
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا سفيان، عَن أبي الزناد عن الأعرج، عَن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبه منه شيء. ( )
يريد أنه لا يتزر به في وسطه ويشد طرفيه على حقويه ولكن يتزر به ويرفع طرفيه فيخالف بينهما ويشده على عاتقه فيكون بمنزلة الإزار والرداء.
وهذا إذا كان الثوب واسعا فإذا كان ضيقا شده على حقويه؛ وقد جاء ذلك في حديث جابر الذي نذكره في الباب الذي يلي هذا الباب.
ومن باب في الثوب إذا كان ضيقا
قال أبو داود: حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ويحيى بن الفضل السجستاني وهذا لفظ يحيى قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة قال أتينا جابر بن عبد الله قال سرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقام يصلي وكانت عليّ بردة فذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لى وكانت لها ذباذب فنكستها ثم خالفت بين طرفيها ثم تواقصت عليها لا تسقط وذكر صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا جابر إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك. ( )
ذباذب الثوب أهدابه وسمي ذباذب لتذبذبها. وقوله تواقصت عليها معناه أنه ثنى عنقه ليمسك الثوب به كأنه يحكي خلقة الأوقص من الناس.
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن إلاّ ثوب فليتزر ولا يشتمل اشتمال اليهود( ).
قلت اشتمال اليهود المنهي عنه هو أن يجلل بدنه الثوب ويسبله من غيرأن يشيل طرفه، فأما اشتمال الصماء الذي جاء في الحديث فهو أن يجلل بدنه الثوب ثم يرفع طرفيه على عاتقه الأيسر، هكذا يفسر في الحديث.
ومن باب السدل في الصلاة
قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى عن ابن المبارك عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء قال إبراهيم، عَن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه. ( )
السدل إرسال الثوب حتى يصيب الأرض، وقد رخص بعض العلماء في السدل في الصلاة. روي ذلك عن عطاء ومكحول والزهري والحسن وابن سيرين. وقال مالك لا بأس به ويشبه أن يكونوا إنما فرقوا بين إجازة السدل في الصلاة وبينه في غير الصلاة لأن المصلي ثابت في مكانه لا يمشي في الثوب الذي عليه. فأما غير المصلي فإنه يمشي فيه ويسدل وذلك من الخيلاء المنهي عنه وكان سفيان الثوري يكره السدل في الصلاه وكان الشافعي يكرهه في الصلاة وفي غير الصلاة.
وقوله وأن يغطي الرجل فاه فإن من عادة العرب التلثم بالعمائم على الأفواه فنهوا عن ذلك في الصلاة إلاّ أن يعرض للمصلي التثاؤب فيغطي فمه عند ذلك للحديث الذي جاء فيه.
ومن باب في كم تصلي المرأة
قال أبو داود: حدثنا مجاهد بن موسى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، يَعني ابن دينار عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليهما إزار. فقال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها( ).
قلت واختلف الناس فيما يجب على المرأة الحرة أن تغطي من بدنها إذا صلتفقال الأوزاعي والشافعي تغطي جميع بدنها إلاّ وجهها وكفيها.
وروي ذلك عن ابن عباس وعطاء وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها. وقال أحمد المرأة تصلي ولا يرى منها شيء ولا ظفرها وقال مالك بن أنس إذا صلت المرأة وقد انكشف شعرها أو صدور قدميها تعيد ما دامت في الوقت. وقال أصحاب الرأي في المرأة تصلي وربع شعرها أوثلثه مكشوف، أو ربع فخذها أو ثلثه مكشوف، أو ربع بطنها أو ثلثه مكشوف فإن صلاتها تنتقض، وإن انكشف أقل من ذلك لم تنتقض وبينهم اختلاف في تحديده.
ومنهم من قال بالنصف ولا أعلم لشيء مما ذهبوا إليه في التحديد أصلا يعتمد.
وفي الخبر دليل على صحة قول من لم يجز صلاتها إذا انكشف من بدنها شيء ألا تراه يقول إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها فجعل من شرط جواز صلاتها أن لا يظهر من أعضائها شىء.
ومن باب تصلي المرأة بغير خمار
قال أبو داود: حدثنا ابن المثنى حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقبل صلاة حائض إلاّ بخمار.
قلت يريد بالحائض المرأة التي قد بلغت سن المحيض ولم يرد به المرأة التي هي في أيام حيضها فإن الحائض لا تصلي بوجه.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك