أختلف أهل العلم في أقسام المياه على أقوال أقواها و أهمها قولان:
القول الأوَّل: أنَّ الماء ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر، ونجِس، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهية الأربعة في الجُملة : الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشافعيَّة ، والحنابلة .
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة:
- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سُئل عن ماء البحر فقال: ((هو الطَّهورُ ماؤُه)) .
وجه الدَّلالة:
أنَّ الصَّحابة يعلمون أنَّ ماء البحر طاهر وليس نجسًا - بلا شكٍّ - فسؤالهم إنَّما كان عن تطهير ماء البحر لا عن طهارته، وهذا يدلُّ على أنَّ هناك ماءً طاهرًا ليس بطَهور
ثانيًا: أحاديث النَّهي عن الاغتسال في الماء الرَّاكد
والنَّهي عن غمْس اليد في الإناء قبل غَسلها لمن قام من النوم
وجه الدَّلالة منها:
أنَّ هذه المياه مع كونها ليست نجسةً، إلا أنه قد ورد النَّهي عن الاغتسال فيها؛ فدلَّ على أنَّه يوجد نوع من الماء ليس بنجس ولا يمكن التطهُّر به، وهو الطاهر.
القول الثَّاني: أنَّ الماء قسمان فقط: طَهور ونجس، وهو محكيٌّ عن بعض الحنفيَّة ، وهو اختيار ابن تيميَّة ، وابن باز ، وابن عثيمين .
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب:
1- قوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان: 48].
2- قوله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال: 11].
ثانيًا: من السُّنَّة:
عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ((إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسه شيءٌ)) .
وجه الدَّلالة من الآيتين والحديث:
أنَّ اسم الماء مطلقٌ في الكتاب والسُّنة، ولم يرِد فيهما تقسيمه إلى: طهورٍ وطاهر، فهذا التقسيم مخالفٌ للكتاب والسُّنة، ولا أصلَ له في الشريعة؛ إذ لو كان القسم الطاهر ثابتًا بالشرع، لكان أمرًا معلومًا مفهومًا، تأتي به الأحاديث البيِّنة الواضحة؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى بيانه، وليس بالأمر الهيِّن؛ إذ يترتَّب عليه: إمَّا أن يتطهَّر بماءٍ أو يتيمَّم .
ثالثًا: أنَّ الماء إمَّا أن يبلغ اختلاط الطاهر به إلى حدِّ زوال وصف الماء عنه فلا يكون ماءً مطلقًا، وإمَّا ألَّا يبلغ به ذلك فيجوز التطهُّر به، يدلُّ على ذلك ما جاء عن أمِّ عطيَّة الأنصاريَّة رضي الله عنها قالت:
دخل علينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوفِّيت ابنته فقال: اغسلْنَها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك بماءٍ وسِدر، واجعلْنَ في الآخِرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتُنَّ فآذنَّنِي ، فهذا ماءٌ مختلط، ولكنَّه لم يبلغ من الاختلاط بحيث يُسلَب عنه اسم الماء المطلق
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك