يجلس الملل في ضجر وهو يقلب في احد المجلات بينما تقفز السعادة بفرح وتقرأ المعرفة في احد الكتب قطع ذلك الروتين اليومي صوت الفضول العال وهو ينادي :يا أيتها الأخلاق والصفات اجتمعوا .
استدارت تلك الأخلاق والصفات وتوجهت أعينهم ناحية الفضول و ما هي إلا لحظات حتى تحلقوا حول الفضول كالنحل أدار الفضول رأسه ثم نطق بصوت منخفض السيد حكمة ليس هنا صحيح .
استدارت رؤؤسهم تبحث عن الوجه المنير الممتلئ بالوقار إلا انه ليس هنا أجابوا جميعهم بنفس الصوت المنخفض :ليس هنا .
وقف الفضول ثم نطق بحذر أتذكرون عندما آمرنا السيد حكمة أن لا نقترب من تلك النوافذ التي تحيط بمدينتنا صمت الجميع لوهلة منتظرين من الفضول أن يتم ما بدأ تابع الفضول لقد فتحت النافذة قليلاً .
قاطعه الخوف برعب :لماذا فعلت ذلك سيغضب السيد حكمة وسيعاقبنا للأبد
قال الاحتجاج :أنت دائماً غبياً أيها الفضول
بينما قال الصمت :دعوا الفضول يكمل ما بدأ
ساد الهدوء بالأجواء بانتظار الفضول أن يكمل وفي انغماس الأخلاق والصفات وانجذاب أعينهم إلى الفضول وكأنه قطعة نادرة أو كأنه يحوي كنزاً تسللت النميمة برفقة الفتنة على أطراف أصابعهما مبتعدين عنهم
تابع الفضول يعيش هناك أشياء غريبة لها ألوان و أحجامها متفاوتة .
نظرت الأخلاق والصفات إلى أجسادهم إلا إنها كانت شفافة .
وقبل أن يكمل الفضول كلامه قدم السيد حكمة اتجهت الأعين إليه نطق الخوف: لقد أتى ليعاقبنا
بينما أردف الكذب :الم أخبركم.
وقف الحكمة أمامهم ثم نطق بعد برهة :يبدو أنكم رأيتم ما يحصل وراء النوافذ .
قال الصدق :لا لم نفعل بل ......
قاطعه الفضول :أنا فعلت يا سيد حكمة اعتذر .
ابتسم الحكمة بوقار ثم نطق :يبدو أنكم كبرتم كل الصفات والأخلاق عليها أن تخرج إلا ما وراء هذا العالم إلا عالم أخر لقد خرجت آنا وكثير من الأخلاق والصفات يوماً من الأيام واكتشفنا لوننا وقد حان دوركم
قال الشك :هل أنت متأكد
هز الحكمة رأسه بنعم
حينها قال لشر :ماذا تعتقدون لوني .
أردف الأمل ربما يكون لوني : البني أو البرتقالي
نطق الحكمة :نعم لقد نسيت هناك واحد منكم له عدة ألوان .
ابتسم الحب وقال :اعتقد انه آنا
قال آلا مبالاة :لا اعتقد ذلك بل اعتقد إن لونك الأحمر .
وافقته الكراهية :نعم نعم اعتقد ذلك .
أنهى الحكمة كلامه قائلاً :لقد بدأ الاختبار الآن لا تتأخروا
اتجهت القوة والشجاعة باتجاه النوافذ وبدا بفتح النوافذ الثقيلة رويدا رويدا انتشر الضوء في أنحاء المنزل مما جعلهم يغطون أعينهم بأيديهم الشفافة لم يطل الأمر كثيراً فما لبثوا لحظات معدودة وبدئوا يزيحون أيديهم ببطء شديد وترتسم ابتسامة حمقاء على وجوههم تقدم الفضول ليصبح محاذياً لنافذة وعيناه تجوب في المكان باندهاش امسك بطرف النافذة وأغمض عينيه الصغيرتين وبدأ يخرج افلت يديه فارتفع بالهواء محلقاً كأنه روحاً قد تخلصت من ذنب أثقلها أو طائرة ورقية أفلتها طفل فحلقت مبتعدة نحو الحرية .
لحقته الأخلاق والصفات مسرعة الخوف متخوفاً بالبداية والحذر متردداً والسعادة مسرعة إلا أنهم جميعهم خرجوا وبدئوا يبحثون عن ألوانهم ألوان ستبقى ذكرى في عقولهم حتى لو ذهبت أثارها عن جسدهم اتجه الأمل نحو الزهور في أطراف بستان صغير يسألها أين يجد المتفائلين فهو يرى أن الزهور هي معنى الأمل .
بينما اتجهت السعادة نحو المطر أليس هو من يبعث في الأرض السعادة واتجهت الكراهية نحو النار والمعرفة نحو الكتب والملل نحو التلفاز .
نظر الحب نحو الشمس فرآها تتوهج بشدة فتدفأ الأرض أليس هذا حباً والمطر ليسقي الأرض أليس هذا حباً والزهور تبهج رائيها أليس هذا حباً قرر الحب أخيرا أن يتجول في الأنحاء لعله يرى لونه وفي أثناء تجواله رأى شابان يتهامسان بهدوء وقد احمر خدا الفتاة وتشابكت أصابعهم يداً بيد اقترب الحب قليلاً ليجد إن جسده تلون أولا بالون الأحمر بلون الحب وحالما اقترب أكثر امتزج اللون الأبيض به لون الوفاء وحالما اقترب أكثر خلط به لون الخجل اللون الوردي ابتسم الحب و أكمل جولته بحثا عن حب آخر .
تجول كثيراً ولم يجد ما يلفت نظره وقد حل الليل ونسمات هواء باردة خلت بالأجواء سرت قشعريرة مؤلمة في جسد الحب فاتجه نحو منزل دافئ اطل من النافذة فوجد أبا يكلم ابنه فتح النافذة بهدوء وحالما اقترب أصبح لونه احمر اقترب أكثر ليجد أن لونه اختلط بالذهبي بالفخر تابع خطواته ليتخلله اللون الأزرق لون السعادة .
شعر الحب بالدفء فقرر الرجوع إلى مدينته ليخبرهم عن ألوانه الجميلة خرج من النافذة متسللاً فسمع صوت شجار وصراخ لا يجيبه سوى الصدى فكر الحب قليلاً ثم قال لابد أن الكراهية هنا اقترب ليرى لون الكراهية إلا انه أصبح احمر اللون قرر متابعة خطواته فوجد أن العتاب البني دخل فيه سار مقترباً ليجد إن الصداقة قد تخللت بين ألوانه لتشكل خطاً فضياً .
عاد الحب إلى مدينته وبدأ يرفع النافذة قليلاً ومع كل خطوة يخطوها كانت ألوانه تذهب وما إن دخل حتى تلاشت ألوانه بالكامل نظر فرأى الجميع مجتمعين يتوسطهم الحكمة نادى الحكمة الحب ليدخل معهم .
هنا تكلم الشر :لقد كان لوني الأسود
ابتسم الأمل قائلا :كان لوني أكثر جمالاً برتقالي .
اعترض الاحتجاج :كان لوني الأجمل كنت بنفسجي اللون
نطقت البراءة :لقد بحثت كثيراً إلا إن لوني لم يتغير بقيت شفافة
قال السيد حكمة: و أنت أيها الصمت
ابتسم الصمت :كان لوني رمادياً
سألت الكراهية الحب ما كان لونك صمت الحب لبرهة ثم أجاب :عرفت لم يتغزل بي الشعراء كنت خليطاً امزج الوفاء بالعتاب الخجل بالفخر كنت ولم أزل شيئاً نادراً قد لا يتكرر مرتين كل إنسان يشعر بي ولكن لكل منهم حب ذا لون مختلف حب يجعلهم سعداء بطرقهم المختلفة .
انتهت
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
11-05-2015
