عدد الضغطات : 9,099عدد الضغطات : 6,598عدد الضغطات : 6,318عدد الضغطات : 5,539
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :عميد القوم)       :: احذروا سوء الظن (آخر رد :ابو طراد)       :: من فوائد وفضائل الذكر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: هل تريد نخلة في الجنة (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: وانت في مفترق الطرق تذكر... (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: غلط يقع فيه بعض المصلين (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: علماء الأزهر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رائعة جداً (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: ايمانيات (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رحله العمر (آخر رد :فاطمة صلاح)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 12-06-2017   #1
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
 اوسمتي
اوفياء المنتدى وسام صاحب الحضور الدائم الحضور المميز المسابقه الرمضانيه الوسام الملكي 
لوني المفضل : Cadetblue
محبة الله



محبة, الله

محبة, الله




إن المحبة كلمة شائعة متداولة بين الناس , وحقيقة ذلك الحب هو بذل ما في وسع المحب للاقتراب من ذلك المحبوب , فمن أحب مثلا المال فإنه يجتهد في تحصيله وجمعه ليكون قريبا منه وفي حوزته ليستمتع بالأنفاق منه وبذله في رغباته وفيما يحب , ومن أحب امرأة مثلا بذل كل سبيل للوصول إليها بما لديه من أموال وجاه وطرق أخرى لعلها تقبل به خاطبا ليتزوجها فتكون قريبة منه تحت جناحه ليمتع ناظريه بها ويستمتع بها كما يستمتع الأزواج بنسائهم ولتكون أما لأبنائه وسكنا لنفسه وشريكة لحياته .

إن الحب مشاعر يعبر بها اللسان فإذا نطق بها المسلم اتجاه ربه فلا بد أن يختبر الله صدق ذلك الإدعاء وما أكثر ما يزعم به البعض منا ويردد أنهم يحبون الله ورسوله , وإدعاء المحبة لا تثبت لقائلها حقيقة إلا بإتباع ما أمر الله به من أوامر وترك ما نهى الله عنه من أفعال سيئة , قال تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ال عمران (31) , وإتباع الرسول هو حقيقة محبة الله وذلك بامتثال ما أمر الله به أخذا وتركا , أي أن من أراد أن ينال محبة الله وأن يكون من المقربين عنده فعليه أن يتبع ما يأمره به نبيه المرسل إليه , فمن فعل ذلك فإن الله يحبه جزاء طاعته و يقربه إليه في جنته بقدر استجابته .

إن الحب مشاعر قلبية مهمة في حياة كل إنسان فتراه يقسم تلك المحبة بين محبوباته ولكن مهما بلغت درجة المحبوب عند المسلم فلا بد أن يراعي في ذلك محبة الخالق بحيث أن لا يقدم شيء على محبة الله وإن كان طعاما أو شرابا أو نساء أو مالا , فكل شيء يجب عليه أن يتوقف مكانه إذا تعارض مع محبة الله , فيقدم المؤمن محبة الله بطاعته على محبوباته ورغباته , فإذا جاء مثلا أمر الصيام ترك الطعام والشراب والجماع وهو حلال محبب للنفس من أجل طاعة الله , وإذا جاء المال الحرام توقف وأمتنع عن أخذه طاعة لله , وكل محرم نهى عنه الإسلام يقف ويعرض عنه المسلم طاعة ومحبة لله , وهذه الاستجابة المطلوبة من العبد المسلم هي دليل على محبة الله ولولا تلك المحبة لم يستجيب المسلم ولم ينقاد , والحب والبغض في الله أصل من أصول العقيدة الإسلامية وهو حلاوة الإيمان وعليه يتباعد الناس ويتقاربون منزلة من الله بقدر استجابتهم الصادقة لكل أمر , فقد روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يَجِدُ أحَدٌ حَلاوةَ الإيمانِ حتَّى يُحِبَّ المرءَ لا يحبُّهُ إلَّا للَّهِ ، وحتَّى أن يُقذَفَ في النَّارِ أحبُّ إليهِ مِن أن يَرجعَ إلى الكفرِ بعدَ إذ أنقذَه اللَّهُ ، وحتَّى يَكونَ اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليهِ مِمَّا سواهُما " رواه البخاري .

إن الجنة منازل وجعل الله بعضها أعلى من بعض والذين يحبون الله يبتغون إليه كل الوسائل للقرب منه , وأقرب الدرجات إلى الله هي الفردوس الأعلى وهي سقف الجنة , قال تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) الأسراء(57) , وكل ما يقربك إلى الله من عمل صالح فهو وسيلة لرفع الدرجات , وأقربهم إلى الله منزلة أحسنهم طاعة وإيمانا , ولكن هناك صنف من الناس قد زين لهم الشيطان محبة الموتى من الصالحين فكانوا لهم أشد محبة من الله , فتجدهم يبذلون الوسائل ويتقربون لهم بكل ما يبغضه الله من أعمال شرك كدعاء وذبح ونذر وطواف , وهذا كله مخالف لمعتقد الإسلام ومخالف لمحبة الله فإن محبة الله يجب أن لا يعادلها أو يتقدمها أي محبة , وقد أنكر الله في كتابه على من فعل ذلك , قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ) البقرة (165) , فمن كمال المحبة لله أن لا تكون محبة الله مع محبة أحد من الخلق سواء ولا أن تتجاوز محبة الله بل يجب أن تكون محبة الله دوما هي العليا ودوما هي المقدمة .

إن للمحبة صفات يحبها الله في عباده المؤمنين فإذا عمل بها مخلصا بها كان ممن يستحق محبة الله وكان ممن حاز على رضا الله وكتب من أحبائه , ولذلك سنعرض ما تيسر لنا ودل عليه الدليل من الكتاب والسنة لعرض تلك الصفات , فأما الصفة الأولى فهي الإحسان , قال تعالى (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ال عمران(134), إن الله يحب الإحسان في كل شيء حتى في ذبح الشاة , لذا جاء في الحديث عن شداد بن أوس قال : ثنتانِ حفظتُهما عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . قال ( إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء . فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ . وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذبحَ . وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه . فليُرِحْ ذبيحتَه ) رواه مسلم . أي على المؤمن أداء ما طلب منه بإتقان ولن يبلغ تلك المنزلة إلا بمعرفة كيفية القيام به على الوجه المأمور به ليأتي بالعمل صوابا على مراد اهى ورسوله , فإذا أتيت به كاملا صحيحا فقد أحسنت الأداء وكنت من المحسنين الذين يحبهم الله ونلت منزلة المحبة , وطلب الإحسان في الشيء يقودك إلى التعلم والتفقه في الدين لترتقي فتكون من المحسنين , فالمطلوب من المحسن أن يتفقه في الصلاة والزكاة والحج وأمور الدين كافة حتى يعبد الله على نور وبصيرة , ويبصر غيره بما علم من دين الله .

أما الصفة الثانية فهي التقوى فمن جعل الأعمال الصالحة وقاية بينه وبين عذاب الله صار ممن يحبهم الله , قال تعالى (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) البقرة (76) , ولذلك فإن بين أهل التقوى والإحسان درجات متقاربة وقد اشتركا في معية الله , قال تعالى (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) النحل (128) , والمقصود بالمتقين هم المكثرين من العمل الصالح الذي يحبه الله ويرضاه , ولقد أمر الله بأن يتخذ المؤمن وقاية لنفسه فيحيط نفسه بكثرة الأعمال الصالحة من صيام وصدقة وصلاة ودعوة وزيارة مريض وإغاثة ملهوف وغيره من أعمال تقربه إلى الله , قال تعالى (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ) البقرة (197) , والعمل الصالح باب واسع يشمل الأذكار والأعمال البدنية والمالية المفروضة منها والمستحبة , وإن كان المتقي هو أقل درجة من المحسن في حسن الأداء بسبب ما حضي المحسن من وفرة في العلم إلا أنه لا يزال المتقي على منزلة كبيرة من الإيمان , فالمتقي يستكثر من العبادة وهو على علم ودراية بما يفعل لكثرة السؤال والمتابعة ولكن لم يرتقي إلى منزلة العلماء الربانين العارفين بالدليل من مصادره , فالمتقي أقرب إلى العباد المتبتلين في العبادة المكثرين من الأعمال الصالحة أما المحسنون فهم العلماء الربانيون الراسخون في العلم العارفون بالكتاب والسنة.

والصفة الثالثة من صفات أحباب الله هم أهل الجهاد أي ممن يجاهدون في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا , قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) المائدة(54) , والجهاد هو بذل المال والنفس في سبيل الله وبذل النفس أعلى من بذل المال وبهما جميعا هو أعلى الدرجات , فمن جاهد لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله , ويترتب على الإقدام للجهاد في سبيل الله أن يؤذى فيقتل أو يؤسر أو يجرح وكل ذلك لا يضيع أجره عند الله , فإن الله يحب المجاهدين من أجل أعراضهم عن الدنيا وإقبالهم على الآخرة وتحمل المشاق من أجل إعزاز دين الله , قال تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) ال عمران(195) , وأفضل صفوف المجاهدين هم الذين يقفون صفا واحدا في وجه العدو راغبين في الشهادة صابرين مقدمين غير مدبرين لا يفرون ولا ينهزمون , قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) الصف (4) , لذلك منزلة المجاهدين في سبيل الله عالية عند الله وأجورهم مضاعفة , فقد جاء في صحيح الترغيب عن عبادة بن الصامت قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ للشهيدِ عند اللهِ سبعَ خِصالٍ : أن يُغفرَ له في أولِ دَفعةٍ من دمِه ، ويرى مقعدَه من الجنةِ ، ويُحلَّى حُلَّةَ الإيمانِ ، ويُجارُ من عذاب القبرِ ، ويأمنُ من الفزعِ الأكبرِ ، ويوضعُ على رأسِه تاجُ الوَقارِ ؛ الياقوتةُ منه خيرٌ من الدنيا وما فيها ، ويُزوَّجُ اثنتَينِ وسبعينَ زوجةً من الحورَ العِينِ ، ويُشفَّعُ في سبعينَ إنسانًا من أقاربِه " . صححه الألباني . وهذا الحديث يعدد ما أعد الله للمجاهد إذا قتل في سبيل الله وكتب من الشهداء , وهذا الحديث من الدلائل الواضحة على محبة الله للمجاهدين في سبيله فهنيئا لهم .

والصفة الرابعة المحبوبة عند الله هم أهل التوبة , أي كثيرو التوبة فكلما أحدث الواحد منهم ذنبا عاد سريعا وأحدث بعده توبة لذلك الذنب , قال تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) البقرة(222) , والتوبة شعور بالذنب والتقصير بما وقع منه من معصية , وكذلك يخالطه شعور بالخوف من الله من ذلك الذنب , فالتوابون يسارعون في الرجوع والاستغفار , قال تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء(17), ولذلك جعل الله صفة التوبة من الصفات الحميدة للمؤمنين , قال تعالى ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) التوبة(112) , ولقد أفرد الله للتائبين سورة كريمة سميت بسورة التوبة لما لهذه الصفة من مكانة عند الله , لذلك الله يحب كل تائب يرجع إليه رجعة صادقة من قريب ولا يوغل في المعصية , ولقد أخطئ موسى عليه السلام في طلبه عندما سئل الله أن يريه نفسه لما صعد الجبل , قال تعالى (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) الأعراف(143) , وأعد موسى طلب رؤية ربه خطأ ما كان له أن يسأله , فلما أفاق من الصعقة سبح ربه وتاب إليه سريعا , وجاء في صحيح الجامع بسند حسن عن عبدالله بن مسعود وأبو سعيد الخدري قالوا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " التائبُ من الذَّنبِ كمن لا ذنبَ له " , وهذا الحديث بشرى لكل مذنب رجع وتاب من ذنبه لئلا ييئسه الشيطان من رحمة الله.

إن الصفة الخامسة فيمن يحبهم الله هي صفة الطهارة فالمؤمن الطاهر هو الذي يعتني بالطهارة في ملبسه وبدنه ويتحرز عن النجاسات حتى في مأكله ومشربه ومكان جلوسه ونومه وإقامته ويديم المحافظة على الطهارة , فإن فعل ذلك فهو ممن ينطبق عليه صفة المطهرين , قال تعالى (لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ) التوبة(108) , والطهارة هي العناية الكاملة بكل شيء يخص المسلم فيتأكد من طهارة بدنه إذا قضى حاجته من بول أو غائط , ويتطهر من بعد الجماع وتتطهر المرأة كذلك من الحيض والنفاس , وكذلك يتأكد المسلم من المكان الذي يصلي فيه أن يكون خاليا من النجاسات , وكذلك الثياب التي يلبسها والماء الذي يغتسل به أو يتوضأ منه , ويتحرز من أكل الطعام النجس إن كان ميتة أو لحم خنزير أو دما مسفوحا , فباب الطهارة يدل على حرص المسلم على التحرز من النجاسات بشتى أشكالها فيكون ظاهره وباطنه طاهرا نقيا , ولذلك حذر رسول الله صلى اها عليه وسلم من التهاون بنجاسة البول وإصابته للثياب , فقد جاء في الحديث في صحيح الجامع بسند صحيح عن عبدالله بن عباس قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ عامةَ عذابِ القبرِ من البولِ ، فتنزَّهوا منه " .

أما الصفة السادسة فهو التوكل على الله , والتوكل هو العمل بالأسباب الدنيوية المشروعة الموصلة لما يريد أن يدركه الإنسان من غير الاعتماد عليها بل يتوكل على الله يقينا بعد فعل الأسباب المتيسرة , قال تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) ال عمران(159) , وهنا في الآية أمر الله نبيه بمشاورتهم والأخذ بالأسباب البشرية التي يحتاط لها الناس , ثم توكل على الله أي دع الباقي يتممه الله من عنده ويكفيك النقص فهو القادر على تمام كل شيء بسبب وبغير سبب , فمثلا يطلب المسلم الربح في التجارة فيبيع ويشتري ويعمل كما يعمل الناس في أموالهم بالوسائل المشروعة ولكن لا يعتمد على ما صنع فقد لا يربح في تجارته حتى لو أستخدم كل وسيلة مشروعة وسلك كل طريق للربح فيبقى الغنى والفقر بيد الله والسعة في الرزق بيد الله والنجاح والخسارة بيد الله , فلن تتوسع تجارتك ولن يكثر مالك حتى يأذن الله في ذلك , فإن عملت بالأسباب فعليك بعد ذلك التوكل والاعتماد عليه , فإن تركت التوكل عليه وكلك الله إلى نفسك ولمن توكلت عليه وهذا هو الخسران المبين , قال تعالى (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق (3) , وقال تعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )التغابن(13).

إما الصفة السابعة فهي العمل بالقسط وتعني أن تكون عادلا في كل شيء , قال تعالى (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) المائدة(42) , والعدل هو خلاف الجور والظلم ويكون القسط في الحكم بين أهل الخصومات , قال تعالى (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الحجرات(9) , فلابد من المؤمن أن يكون عادلا في حكمه فلا يجور أو يظلم أو يميل بين أبنائه أو بين نسائه , بل يكون عادلا بين جميع الناس إذا تحاكموا إليه فلا يظلم أحد منهم , بل حتى لو كان خصمه من غير المسلمين فعليه بالعدل والأنصاف وأن ينصف الناس من نفسه , قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة (8) , ومن العدل أداء الأمانات لأهلها , قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) النساء (58) .

إن على المؤمن أن يتصف بتلك الصفات أو بعضها التي ذكرت أنفا في هذا البحث لكي يحضى بمحبة الله وليعلم أن محبة الله لا تنال إلا بالصبر والمجاهدة والمثابرة على الأعمال الحسنة , وكل أعمال المؤمن هي خير عند الله قليلها وكثيرها , أسأل الله أن يلهمنا طلب محبته وأن ييسر لنا الطريق إليها ... والحمد لله رب العالمين .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك


الموضوع الأصلي: محبة الله || الكاتب: ابو يحيى || المصدر: منتديات الحقلة

منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





lpfm hggi




lpfm hggi lpfm hggi



 

قديم 14-06-2017   #2
انثى يغلب على طابعها الهدوء


أنشودة الأمل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2530
 تاريخ التسجيل :  18 - 05 - 2016
 أخر زيارة : 25-07-2019 (10:07 AM)
 المشاركات : 20,829 [ + ]
 التقييم :  510
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Crimson
رد: محبة الله




موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا المميز و روعة الإختيار
دمت لنا ودام تألقك الدائم

وجزيل الشكر لك على المجهود
أنشودة الأمل






 

قديم 15-06-2017   #3


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Green
رد: محبة الله



مشكور والله يعطيك الف عافيه


 

قديم 15-06-2017   #4
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: محبة الله



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنشودة الأمل مشاهدة المشاركة

موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا المميز و روعة الإختيار
دمت لنا ودام تألقك الدائم
وجزيل الشكر لك على المجهود
أنشودة الأمل




شكرا لك على هذا المرور الرائع
ولا حرمنا الله من طلتك
وبارك الله فيك


 

قديم 15-06-2017   #5
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: محبة الله



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالبة العلم مشاهدة المشاركة
مشكور والله يعطيك الف عافيه
شكرا لك على هذا المرور الرائع
ولا حرمنا الله من طلتك
وبارك الله فيك


 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
محبة, الله


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( كيف تنال محبة الله ) حسبى ربى المنتدى الاسلامي العام 10 26-11-2016 06:21 PM
رمضان ... و محبة الله .. آسيل ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة 5 11-06-2016 11:24 PM
نصيبك من محبة الله على قدر ذكرك له... الجوهره المنتدى الاسلامي العام 4 27-12-2013 02:21 PM
أعمال عظيمة عند الله تعالى وتجلب محبة الله للعبد ونصرته له ابو يحيى المنتدى الاسلامي العام 2 08-11-2013 08:45 PM
نصيبك من محبة الله على قدر ذكرك له ابو يحيى قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه 2 03-03-2013 05:45 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 04:49 AM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant