ركّز الاستفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت) على الهجرة. وصوّت العديد من الأشخاص لمصلحة الخروج من دون الأخذ في الاعتبار التداعيات الاقتصاديات السلبية المترتبة عن هذا القرار، وذلك بكل بساطة لأنهم اعتبروا بأن البلاد ترزح تحت عبء المهاجرين الذين يأتون من خلال الاتحاد الأوروبي.
وبصرف النظر عما إذا كانوا على صواب أم على خطأ، تعتبر الهجرة من الاتحاد الأوروبي مشكلةً مختلفةً تماماً عن الهجرة من الدول الأخرى. والحال أن الحصول على الحق بالعيش في المملكة المتحدة يزداد صعوبةً للآتين من دولة من خارج الاتحاد الأوروبي. إلا أنه ثمة طريقين للهجرة متوافرتين أمام أصحاب الثروات. يمكن الحصول على الحق بالعيش في المملكة المتحدة إذا أمكن الاستثمار فيها. وكلّما ازداد حجم الاستثمار، استطاع طالب الإقامة الحصول عليها في وقت أسرع. ان الأمر شبيه بالخطوط السريعة في المطارات المخصصة لمسافري الدرجة الأولى.
تستقبل المملكة المتحدة المستثمرين بالترحاب. ويعتمد الحصول على الإقامة الدائمة على حجم الاستثمار الذي تقوم به. فإذا جرى الاستثمار بقيمة مليوني جنيه إسترليني في «الأصول المؤهلة» (أي سندات الحكومة البريطانية وأسهم شركات التداول في المملكة المتحدة)، يمكن أن يتقدم المستثمر بطلب للإقامة الدائمة بعد خمس سنوات. وإذا استثمر خمسة ملايين جنيه يمكنه الحصول على الإقامة بعد ثلاث سنوات. وإذا استثمر 10 ملايين تتقلص المهلة إلى سنتين. وعندما يصبح المرء مقيماً في المملكة المتحدة لمدة 5 سنوات، منها سنة دائمة، يمكنه التقدم بطلب جواز السفر البريطاني إذا شاء. يوجَّه كثير من الانتقادات إلى مخطط تأشيرة دخول المستثمرين لأن العديد يرون فيه طريقاً يقرض فيها المستثمر المال للحكومة البريطانية، من دون أي مخاطرة، علماً أنه يستعيد ماله بعد خمس سنوات أو ثلاث أو اثنتين. وفي غضون هذا الوقت، يجني المستثمر الفائدة من استثماره ويدفع الضريبة على الدخل. أو بدلاً من ذلك، يمكن له الاستثمار في محفظة من الأسهم ويدفع الضرائب وفق الأرباح المحققة.
وبفضل النظام الضريبي البريطاني المطبق على الأجانب، يمكن ان تبقى الأرباح المحققة جراء أعمال تقام خارج المملكة المتحدة غير خاضعة للضريبة. وبالتالي، يمكن بفضل تخطيط دقيق، الانتقال إلى المملكة المتحدة والحصول على الإقامة من دون إخضاع الدخل الخارجي للضريبة. ولسوء الحظ، لا تخضع للمخطط نفسه الاستثمارات في الشركات العقارية أو الشركات التي تعمل في شكل عام في مجال إدارة العقارات أو امتلاكها.
ومن جهة أخرى، ثمة طريق ثانية سريعة للدخول إلى المملكة المتحدة تعرف بـ «طريق رواد الأعمال». وتعتبر المتطلبات المالية أكثر سهولةً مقارنةً بتأشيرة دخول المستثمرين. ويمكن للمرء ان يستثمر مبلغ 200 ألف جنيه إسترليني في أعمال بريطانية واستحداث ما لا يقل عن وظيفتين للحصول على الإقامة من خلال هذه الطريقة. ومن الضروري لرائد الأعمال وضع خطة عمل قابلة للتطبيق للبرهنة على أن المشروع جدي وأنه سيعمل بدوام كامل. وعلى غرار تأشيرة دخول المستثمرين، تقدم طريق رواد الأعمال الإمكانية للأفراد ليس فقط للحصول على الإقامة له، بل أيضاً لاستقدام العائلة إلى المملكة المتحدة. وإذا سارت الأعمال في شكل جيد، يمكن التقدم بطلب الإقامة بعد ثلاث سنوات.
لا شك في أن طرق الدخول السريعة إلى المملكة المتحدة، أكان من خلال الاستثمار أو إقامة الأعمال، وإمكانية التقدم بطلب الحصول على جواز السفر البريطاني في القريب العاجل، وإمكانية جمع الأموال خارج المملكة من دون الخضوع لضريبة، كلها حوافز تبقي لندن وجهة شائعة بالنسبة الى العائلات التي تسعى إلى مستقبل مستقر.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك