قد شرع الإسلام عدة تشريعاته ي في حقيقتها اعتذارات، ليغرس بذلك في نفس المسلم خلق وثقافة الاعتذار،¬ فإذا صلى المسلم في صلاته، وسها فيها لانشغاله بعرض من أعراض الدنيا ، وفقد خشوعه وتركيزه في الصلاة بين يدي ربه، فنسي ركوعا، أو سجودا، أو ما يكون من شأن الإنسان من نسيان في الصلاة، سَنَّ الإسلام علاجا لهذا الخلل والخطأ، فشرع (سجود السهو)، وهو اعتذار لله عز وجل من المسلم الذي بدر منه تقصير بنسيان، بزيادة أونقص، أوتقديمأ وتأخير.
والناس في تعاملهم في الحياة العامة كثيرا ما يخطئون، أو يضطرهم أسلوب الحياة الذي أصبح مصبوغا بأسلوب التجارة، وانعدام الثقة بين الناس، فانتشر بين الناس الإكثار من القسم بالله، رغم نهي الله عزوجل عن الإكثار من القسم فقال: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم }. (البقرة -24)
ومن ألوان الاعتذار التي في التشريع الإسلامي دية القتل الخطأ، فحينما يقوم إنسان بارتكاب حادث طريق بنتج ¬ عنه موت إنسان، فعليه تقديم اعتذار لأهل المتوفَّى، وهو اعتذار في صورة تعويض مادي، اعتذارا منه عن خطئه، يقول الله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا: فتحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلمة إلى أهله، إلا أن يصدقوا، فإذا كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله، وتحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله،وكان الله عليما حكيما} (النساء – 92) الاعتذار هو فعل نبيل وكريم يعطي الأمل بتجديد العلاقة وتعزيزها مع الله ومع الناس، هو التزام لأنه يحثنا على العمل وعلى تحسين العلاقة وتطوير ذاتنا. الإعتذار فن مثل غيره من الفنون له قواعد ومهارات اجتماعية ممكن أن نتعلمها ، والاعتذار يعتبر أسلوب راقي في التصرف. الاعتذار هو خلق من أخلاق الأقوياء ومن شيم الرجال وعلامة من علامات الثقة بالنفس التي لا يتصف بها إلا الكبار، لأنهم لديهم القوة على مواجهة الآخرين بكل أد ب وشجاعة.
ان الحياة بدون اعتذار ستخلق جواً من التوتر والقلق بين الناس. الاعتذار خلق اجتماعي جميل يدعو للتعايش والسلام ويزيل التوتر والمشاحنات التي تنشأ نتيجة للاحتكاك المتبادل بين الناس، وبنفي عن صاحبه صفة التعالي والكب ويمنحه المصداقية والثقة في قلوب الآخرين. الاعتذار يزيل الحقد والحسد بين الناس ن الاعتذار يعني الاعتراف بالخطأ وهذه المرحلة صعب ان نصل لها مع الأفراد إلا إذا كانوا معتادين على الاعتذار لان الفرد إذا لم يتعود على الاعتذار وهو صغير بالمراحل الاولى من عمره يكون صعب إن يعتذر وهو بمراحل العمر المتقدمة . الاعتذار يعني تحمل المسئولية عن الخطأ الذي ارتكبه صاحبه ويحتاج من صاحبه قوة نفسية هائلة للمبادرة به.
لذلك نحن بحاجة لنشر ثقافة الاعتذار في مجتمعاتنا فحين نربي أبناءنا ونعودهم على كلمات ومفردات التواضع والاعتذار مثل انأ أسف و لو سمحت وشكراّ واحبك، ومن ثم نعلمهم كيفية الاعتذار ن فهذا بلا شك يتطلب منا الإشارة بتصرف الطفل أمام الآخرين وتعزيز تلك الفضيلة فيه.
حقيقة أن هذه الثقافة أي ثقافة الاعتذار غائبة في مجتمعاتنا حيث يعتبر الشخص المخطأ أن الاعتذار ” يقلل من شأنه “بينما هو قوة شخصية واتزان تفكير، وهو القدرة على المواجهة في الحياة… فليس عيباً أن يُخطا الإنسان لكن العيب أن يستمر في الخطأ. نعيد ونكرر علموا أبنائكم على الاعتذار في المراحل الأولى من عمرهم حيث تعتبر السنوات الخمس الأولى مهمة في تنشئة الفرد.
نعيد ونكرر قول الحكماء صغار العقول يرون في الاعتذار مهانة أما كبار العقول يرون في الاعتذار رقياً وتسامحاً
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك