هو زيد بن الخطاب بن نفيل ،
أخو عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبيه ..
يكنى ( أبا عبد الرحمن ) . كان زيد أسن من عمر وكان من المهاجرين الأولين ..
أسلم قبل عمر - رضي الله عنهما - وآخى رسول الله صل الله عليه وسلم بينه وبين معن بن عدي العجلاني حين آخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه المدينة ..
شهد بدراً وأحداً والخندق وما بعدها من المشاهد وشهد بيعة الرضوان بالحديبية حبــــــــــــه للشهـــــــــــادة وكان زيد بطلا باهر البطولة..
وكان العمل الصامت. الممعن في الصمت جوهر بطولته. وكان إيمانه بالله وبرسوله وبدينه ايمانا وثيقا ..
ولم يتخلّف عن رسول الله صل الله عليه وسلم في مشهد ولا في غزاة. وفي كل مشهد لم يكن يبحث عن النصر, بقدر ما يبحث عن الشهادة..! يوم أحد, حين حمي القتال بين المسلمين والمشركين والمؤمنين. راح زيد بن الخطاب يضرب ويضرب.. وأبصره أخوه عمر بن الخطّاب, وقد سقط درعه عنه, وأصبح أدنى منالا للأعداء .. فصاح به عمر: " خذ درعي يا زيد فقاتل بها".. فأجابه زيد: " إني أريد من الشهادة ما تريد يا عمر"..!!! وظل يقاتل بغير درع في فدائية باهرة
قصته فى حرب اليمامه قلنا إنه رضي الله عنه, كان يتحرّق شوقا للقاء الرّجّال متمنيّا أن يكون الإجهاز على حياته الخبيثة من حظه وحده.. فالرّجّال في رأي زيد, لم يكن مرتدّا فحسب.. بل كان كذّابا منافقا, وصوليا. لم يرتدّ عن اقتناع.. بل عن وصولية حقيرة, ونفاق بغيض هزيل. وزيد في بغضه النفاق والكذب, كأخيه عمر تماما..! كلاهما لا يثير اشمئزازه, مثل النفاق الذي تزجيه النفعيّة الهابطة, والأغراض الدنيئة. ومن أجل تلك الأغراض المنحطّة, لعب الرّجّال دوره الآثم..
فأربى عدد الملتفين حول مسيلمة إرباء فاحشا, وهو بهذا يقدّم بيديه إلى الموت والهلاك أعدادا كثيرة ستلاقي حتفها في معارك الردّة.. أضلّها أولا, وأهلكها أخيرا..
وفي سبيل ماذا..؟
في سبيل أطماع لئيمة زيّنتها له نفسه, وزخرفها له هواه, ولقد أعدّ زيد نفسه ليختم حياته المؤمنة بمحق هذه الفتنة, لا في شخص مسيلمة بل في شخص من هو أكبر منه خطرا, وأشدّ جرما الرّجّال بن عنفوة. وبدأ يوم اليمامة مكفهرّا شاحبا. وجمع خالد بن الوليد جيش الإسلام, ووزعه على مواقعه ودفع لواء الجيش إلى من..؟؟ إلى زيد بن الخطّاب. وقاتل بنو حنيفة أتباع مسيلمة قتالا مستميتا ضاريا.. ومالت المعركة في بدايتها على المسلمين, وسقط منهم شهداء كثيرون. ورأى زيد مشاعر الفزع تراود بعض أفئدة المسلمين, فعلا ربوة هناك, وصاح في إخوانه: " أيها الناس.. عضوا على أضراسكم, واضربوا في عدوّكم, وامضوا قدما.. والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله, أو ألقاه سبحانه فأكلمه بحجتي"..!! ونزل من فوق الربوة, عاضّا على أضراسه, زامّا شفتيه لا يحرّك لسانه بهمس. وتركّز مصير المعركة لديه في مصير الرّجّال, فراح يخترق الخضمّ المقتتل كالسهم, باحثا عن الرّجّال حتى أبصره.. وهناك راح يأتيه من يمين, ومن شمال, وكلما ابتلع طوفان المعركة غريمه وأخفاه..
غاص زيد وراءه حتى يدفع الموج إلى السطح من جديد, فيقترب منه زيد ويبسط إليه سيفه,
ولكن الموج البشري المحتدم يبتلع الرّجّال مرّة أخرى, فيتبعه زيد ويغوص وراءه كي لا يفلت.. وأخيرا يمسك بخناقه, ويطوح بسيفه رأسه المملوء غرورا, وكذبا, وخسّة.. وبسقوط الأكذوبة, أخذ عالمها كله يتساقط, فدبّ الرعب في نفس مسيلمة ثم روع المحكم بن الطفيل ثم في جيش مسيلمة الذي طار مقتل الرّجّال فيه كالنار في يوم عاصف.. لقد كان مسيلمة يعدهم بالنصر المحتوم, وبأنه هو والرّجّال بن عنفوة, والمحكم بن طفيل سيقومون غداة النصر بنشر دينهم وبناء دولتهم..!! وها هو ذا الرّجّال قد سقط صريعا.. إذن فنبوّة مسيلمة كلها كاذبة.. وغدا سيسقط المحكم, وبعد غد مسيلمة..!! هكذا أحدثت ضربة زيد بن الخطاب كل هذا المدار في صفوف مسيلمة.. أما المسلمون, فما كاد الخبر يذيع بينهم حتى تشامخت عزماتهم كالجبال, ونهض جريحهم من جديد, حاملا سيفه, وغير عابئ بجراحه.. حتى الذين كانوا على شفا الموت, لا يصلهم بالحياة سوى بقية وهنانة من رمق غارب, مسّ النبأ أسماعهم كالحلم الجميل, فودّوا لو أنّ بهم قوّة يعودون بها إلى الحياة ليقاتلوا, وليشهدوا النصر في روعة ختامه.. ولكن أنّى لهم هذا, وقد تفتح أبواب الجنّة لاستقبالهم وإنهم الآن ليسمعون أسماءهم وهم ينادون للمثول..؟؟!! رفع زيد بن الخطاب ذراعيه إلى السماء مبتهلا لربّه, شاكرا نعمته.. ثم عاد إلى سيفه وإلى صمته, فلقد أقسم بالله من لحظات ألا يتكلم حتى يتم النصر أو ينال الشهادة.. ولقد أخذت المعركة تمضي لصالح المسلمين.. وراح نصرهم المحتوم يقترب ويسرع.. هنالك وقد رأى زيد رياح النصر مقبلة, لم يعرف لحياته ختاما أروع من هذا الختام, فتمنّى لو يرزقه الله الشهادة في يوم اليمامة هذا.. وهبّت رياح الجنة فملأت نفسه شوقا, ومآقيه دموعا,وعزمه إصرارا.. وراح يضرب ضرب الباحث عن مصيره العظيم.. رضي الله عنهم اجمعين
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك