بداية :
ما رأيك في الغياب ؟
في الرحيل عن الحياة , في الهروب بعيدًا.
ليس بأجسادنا , إنما بقلوبنا الثقيلة جدًا.
إليكَ يـا الله , رسائلٌ حزينة. دموعٌ مالحة. و صرخاتُ لا يسمعها غيرك.
***
ليس لدي ما أكتبه , و لكنني أرغبُ بالكتابة على أي حال ..
أرغبُ بالبكاء حروفًا و أسطرًا , و أن أُحدِثَ ضجة على بياضٍ ما !
أؤمنُ كثيرًا بأن السكوت الطويل يقتلُ فينا المبالاة , و الإحساسَ اتجاه أمورٍ كثيرة.
يجعلنا نبدو أكثرَ هدوءًا و استرخاءً , حتى في الأمور التي تتطلب ردود أفعالٍ معاكسة ..
و بالرغم من انتهاء صلاحيّة صبري و تحملي , و ضعفي الذي تغلغل ملامح وجهي ,
و باتَ فاضحًا لكل ما أشعر به من دهشة لما يفعله البشرُ من حولي.
بالرغم من كلِ الأمراض التي هاجمتني في آنٍ واحد , و تركت آثارها السوداء أسفلَ عيني.
و الأهم من هذا كله , أنهُ و بالرغم من حزني الشديد , و عزائي على فرحي الراحل ..
أنا ما زلتُ أخالطُ الناس , و بالحسنى.
في مواقفَ كهذه اعتدتُ الهروب , و إن باغتني أحدُهم لحظة اعتكافي بحزن ,
صرختُ في وجهه , فيخشى العودة لسؤالي مجددًا.
اعتدتُ أن يكونَ لي دورٌ في الجزء السيئ من الرواية ,
أما دورُ المظلومة مسكورةِ الجناح فهوَ " دور البطولة " الذي لعبتهُ كثيرًا.
المؤسفُ في الأمر هوَ ظنُ الآخرين من حولك أن القوّة إن كانت صفةً مُتأصلةً فيك ,
فليسَ لك الحقُ في السقوط. الضعف. البكاء. و الشكوى.
دونَ أن يضعوا اعتبارًا لوجودِ مشاعرنا , أو مقدار تحملنا الذي يأخذُ بالتناقص همًا بعد هم.
فلماذا نضعف ؟
* لأن الموقفَ الذي سبّب ضعفنا , أيًا كان , لم يكن مُتوقعًا.
لم نعتبره أمرًا قابلًا للحدوث , و ذلك إما لظنوننا الحسنة , أو ثقتنا العمياء.
* لأن قدرة تحملنا ليست بالخارقة , و لا بد من أن نعطي أرواحنا متسعًا لنرمي فيهِ ما أثقلنا.
نبكي. نصرخ. نتحدث. نبوحُ بما ضاقت منه صدورنا.
* لأن أسبابَ قوتنا لم تعد تنفع , و لم نعد نراها مقنعة لنبقى صامدين.
* لأننا كنا أقوياءَ لمدةٍ كافية.
نحنُ نضعف لنعود مكسورين تحتَ رحماتِ الله , نطلبهُ عونًا و سندا.
لنتذكّر أننا بدونه سبحانه لا حيلة لنا , فلا الدنيا تسيرُ كما نبغي , و لا تحقيق أحلامنا بأيدينا الضعيفة.
نضعف ليُبيّنَ إيماننا و صدقه , و كيفَ أنهُ إن أصابنا مصيبة قلنا " إنا لله و إنا إليه راجعون " و إليهِ رجعنا.
و لكنني ما زلتُ أمرّ في حالةِ العزاء , و التي تتطلبُ مني الكثير من الهدوء و العزلة.
لماذا يتوجّب على الحزن أخذ كل ما أحببناه ؟ من أصدقاء , و أجزاء من أنفسنا ..
فغيرَ أنه يأخذُ بأحبابنا نحوَ طريق الغياب , هوَ يأخذ عفويّتنا , ابتسامتنا الصادقة ,
نومَنا , غذاءنا , راحتنا , نبرة صوتِنا الفرِحة.
لماذا يعرّينا الحزن من جميعِ أقنعة محاولات التماسك و القوة ؟
و كأنه يخبرنا بأن الضعف يجبُ أن يكونَ علنيًا ليمضي بألمٍ أكبر في مدةٍ أقصر.
و في كل دقيقةٍ تمرُ في يومي البائس , أرجو من الله أن يمضيَ هذا الحزن سريعًا.
و ألّا يحرمني ما يرتجيهِ قلبي اليتيم تحت أغشيةِ سحره. فلا الحزنُ بالأمر الجميل الهيّن , و لا العزلة كذلك.
و ما عدتُ أعرف نفسي , يـا الله !
***
نهاية :
هناك حيثُ تحملنا غيوم السماء ..
و تحوينا رحماتُ الله على طبقٍ من فرح.
ما رأيكَ في الصبر أكثر ؟ و ترك ما أهمّنا لله ,
لأن الظنَ إن خابَ بغيره , ما خابَ فيه سُبحانه !
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
10-05-2013
