د. مطلق بن سعود المطيري
تؤكد جميع دول العالم استعدادها لمحاربة الإرهاب، ولكن كم هو عدد الدول التي تريد القضاء نهائيا على الارهاب؟ لا توجد دولة واحدة في العالم لم تتخذ اجراءات امنية وسياسية لمعاقبة التطرف على أرضها، وكلما زادت قوانين مكافحة الارهاب زادت فرص انتشاره، هكذا هي الجريمة تتضخم بتضخم قانون معاقبتها وتزداد تكلفتها وسعرها بزيادة مخاطرها، المخدرات لم تمنعها العقوبات الصارمة عن التجارة والتعاطي، فالجريمة لها فكر آخر ينشط استخدامه وذكاؤه بطريقة مضادة للعقوبات التي تتصيد مكان وجودها..
إن تعاملنا مع الارهاب كجريمة جنائية صعبنا أمر مكافحته، فالجرائم تتخذ من طبائع البشر مادة استمرارها..
الارهاب سياسة يجب القضاء عليها بأدوات سياسية، فالمجموعات الارهابية تعمل وفق منظومة عقدية متطرفة لتحقيق اهداف سياسية، فإدانة العقيدة المتطرفة بفقه مضاد لن تمنع تطرف العقيدة، لان العقائد الدينية روح وفكر، فمتى ما استقرت صعب تحولها بشكل مباشر وسريع، فالتوجه نحو اهداف التطرف وتعريتها امام الناس علنا، هو ما سوف يساعد على بناء حجج سياسية لمحاربة الارهاب، فالتبريرات العقائدية المستخدمة لتعرية عقيدة الارهاب ثبت انها اجتهاد فقهي يقابل باجتهاد فقهي آخر..
اما السياسية فهي آلية مفيدة لصناعة الاهداف سواء للدول او للجماعات الطامحة للتحول الى دول، فأهداف الارهاب هي المجال الحيوي الذي يجب ان يحارب ويفضح، لان التعامل مع الاهداف هو ما يوضح طريقة الارهاب السياسية التي تسمح له بالتعاون مع الدول التي تستخدمه لتحقيق اهدافها مثل ايران وروسيا ونظام بشار..
المملكة بتوجهها الاخير في محاربة الارهاب المتمثل بتشكيل تحالف اسلامي عسكري هدفه القضاء على الارهاب، وليس المشاركة فقط في محاربة الارهاب، فسياسة القضاء على الارهاب، تختلف عن سياسة محاربة الارهاب، الأخيرة تم تجريبها منذ عقود ولم تحقق اهدافها، لان الدول التي دخلت في محاربة الارهاب لا تريد القضاء عليه ولكن تريد الاستفادة منه من جهة، ومنعه من دخول أراضيها من جهة أخرى، القضاء على الارهاب واستخدامه لصالح اطراف اقليمية ودولية، هو التوجه السعودي الذي قدمته المملكة لكل الدول المتحالفة في الحرب على الارهاب في بروكسل الخميس الفائت، وعبرت عن مشروع سياسي يستهدف القضاء على اهداف الارهاب نهائيا بكل الوسائل بما فيها العسكرية، هذه السياسة السعودية عازمة على القضاء على الارهاب في مكان تواجده، واي تفسير آخر لهذه السياسة لا يصب في مصلحة القضاء على الارهاب، سوف يأخذنا لمنطقة استخدام الارهاب لتحقيق مصالح سياسية لبعض اطراف الصراع في المنطقة، وعندها يتحول الارهاب كجريمة تبرر جريمة أكبر منه كما هو حاصل في سورية اليوم، هل يقابل العالم سياسة المملكة التي تستهدف القضاء على الارهاب بالإيجابية، او سوف يتردد بين خيار استخدام الارهاب والتحالف معه لتحقيق مصالحه الخاصة؟
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
13-02-2016
