قال الجوينيُّ ـ رحمه الله ـ: «ولا يرتاب من معه مَسْكةٌ من عقلٍ أنَّ الذبَّ عن الحوزة، والنضالَ دون حفظِ البيضة محتومٌ شرعًا، ولو تُرك الناس فوضى لا يجمعهم على الحقِّ جامعٌ، ولا يَزَعُهم وازعٌ، ولا يردعهم عن اتِّباع خطوات الشيطان رادعٌ، مع تفنُّن الآراء وتفرُّق الأهواء؛ لَانتثر النظام، وهلك العظام، وتوثَّبت الطَّغام(١) والعوامُّ، وتحزَّبت الآراء المتناقضة، وتفرَّقت الإرادات المتعارضة، وملك الأرذلون سراةَ الناس، وفُضَّت المجامع، واتَّسع الخرقُ على الراقع، وفَشَتِ الخصوماتُ، واستحوذ على أهل الدين ذوو العرامات(٢)، وتبدَّدت الجماعات، ولا حاجةَ إلى الإطناب بعد حصول البيان، وما يَزَعُ الله بالسلطان أكثرُ مما يَزَعُ بالقرآن».
[«غياث الأمم» للجويني (٢٣ ـ ٢٤)]
(١) الطَّغام: أراذل الناس وأوغادهم، ويطلق -أيضا- على الأحمق [انظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (١٤٦٣)].