في ليلة حالكة، أطلقت فيها السماء العنان لدمعها الهتَّان، انزوى أحمد في ركن من الشارع، يحتسي مشروبه المحرَّم، في غفلة من أعين شرطة الأخلاق، غير أن لحظة الانتشاء ما كانت لتسمح بالتكتم والتخفي.
تحركت الهواجس القريبة والبعيدة، فأنطقت الثغر بلسان عربي مبين: "الباب ما قرعَتْه غير الريح".
سرى النغم في الليل الصامت البهيم، تلقفَتْه أذنا مُخبِر الحي، الذي دفعه فضوله المهني إلى تحرير تقرير في النازلة، عنوانه "الإخلال بالأمن العام، ومعاقَرة الشِّعر والناس نيام".
وظف حاسوبه المحمول الذي زودته به الإدارة المشغلة لأداء المهمة في الوقت المناسب وبالدقة اللازمة. كان محتاجًا إلى كثير من المعلومات عن المتهم، فلم يجد بدًّا من الاستعانة بالوسيلة الجديدة؛ قادته حنكته المهنية إلى تشغيل محرك البحث، فزوده بما صدر عن المتهم من أقوال، فراح يدون نتائج البحث:
الاسم: بدر شاكر السياب.
تاريخ الازدياد ومكانه: 1926 بجيكور.
معلومات إضافية: يتيم الأب، صاحب سوابق بفعل نشاطه السياسي المعارض.
أرسل تقريره عبر البريد الإلكتروني إلى الرئيس المباشر، الذي أصدر - بدوره - دورية ينبه فيها إلى اكتساح المدينة من قبل الأفارقة جنوب العراق.
تحركت المصالح الأمنية في كل الاتجاهات، ومرورًا بإحدى المركبات الثقافية، انسابت إلى سمعهم العبارة المشبوهة؛ طوقوا المكان، فاقتادوا أحمد الفنان إلى المخفر.
فحَصُوا أوراقه الثبوتية، فأضافوا إلى المحضر تهمة إخفاء الهُوية وانتحال شخصية مغربية
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك