عدد الضغطات : 9,176عدد الضغطات : 6,679عدد الضغطات : 6,398عدد الضغطات : 5,606
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ذات مساء مساحه خاصه لكم (آخر رد :محمد الجابر)       :: مؤلم ... (آخر رد :محمد الجابر)       :: ...بم‘ـــآآآذآ تفــكــــر الآن ... (آخر رد :محمد الجابر)       :: لِ .. أَحَدُهُم ‘ ..| (آخر رد :محمد الجابر)       :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)       :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 19-07-2022   #1


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 اوسمتي
وسام العطاء وسام صاحب الحضور الدائم العطاء الذهبي المسابقه الرمضانيه عطاء بلاحدود 
لوني المفضل : Green
من جماليات الظاهر والمضمر في قصة فداء إسماعيل



من, الظاهر, جماليات, في, فداء, إسماعيل, والمضمر, قصة

من, الظاهر, جماليات, في, فداء, إسماعيل, والمضمر, قصة

الحوار في قصص القرآن الكريم

من جماليات الظاهر والمضمر في قصة فداء إسماعيل


أَوْلَى القرآنُ الكريمُ الحوارَ أهميةً كبيرةً، وأعطاه مساحةً واسعةً؛ يظهرُ ذلك من خلال كثرةِ تمثيلِه وشواهدِه، ومن خلال تَنَوُّعِ طرائقِه باعتباره وسيلةً من أنجحِ وسائلِ الإقناعِ؛ فالأسلوبُ القرآنيُّ يُقنعُ ولا يُجْبِر، ويُقِيمُ الحُجَّةَ ولا يُصادرُ آراءَ المخالفين، وإذا تأملتَ آيَ القرآنِ الكريمِ وسُورَه لوجدتَ هذه القاعدةَ مضطردة لا تتخلف، ثابتة لا تتغيرُ؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ خلقَ لنا العقولَ لنفكِّرَ ونتدبرَ، ومن ثم نحاور بغيةَ الوصولِ إلى الحقيقةِ عَبْرَ ذلك الحوار الهادف الذي هو أقربُ طريقٍ إلى الفهم، وأمثلُ سبيلٍ إلى الإقناع.

ويعتمدُ القرآنُ الحوارَ أسلوبًا لتوضيح المواقفِ، وجلاءِ الحقائقِ، وتحريكِ الوجدانِ، والتدرجِ بالحُجَّةِ احترامًا لعقل الإنسان، ومراعاة لكرامته الإنسانية، وفي إطلالتنا هذه نجد أن إبراهيم عليه السلام كان طرفًا في أكثر من حوار في القرآن الكريم، وكان لحواره سَمْت خاص، وأسلوب مميز، يتواءم مع طبيعة كل موقف ويتماشى معه، ويراعي المقام، ومقتضى الحال فيه؛ فقد حاور إبراهيمُ عليه السلام ربّه عز وجل، وسأله عن كيفية إحياء الموتى ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260] فقد حاول إبراهيم -هنا- التَّرَقِّي من علم اليقين إلى " عين اليقين" وإثبات قدرة الله في الخلق. وحاور أباه في آيات سورة مريم (من آية 42- 48) بأسلوب فيه من الرقي والبر وحسن الخلق، ولين الجانب ما فيه، فقد استهل كل خطاب لأبيه في الآيات بقوله: "يا أبتِ". وحاور قومه، وسجّل القرآن ذلك الحوار في سورة الأنعام (الآيات من 76 إلى 79).

فإذا ما جئنا إلى حواره مع ابنه إسماعيل- وهو مبتغانا هنا- وجدناه حوارًا له خصوصيّة؛ فلئن كان إبراهيم (الابن) قد حاور أباه من قبل فإن المواقع هنا قد تبدّلت، والأدوار قد اختلفت، والسياق أيضا – برُمَّته- قد تباين؛ فإذا كان إبراهيم قد حاول جاهدا إقناع أبيه بترك الشِّرْك ودخول الإسلام مستخدمًا كل وسائل اللين وأدوات الإقناع الممكنة، فإنه هنا في حوار ممزوج بابتلاء عظيم، وبلاء مبين، حوار هو جزء من قلب يكاد ينفطر، ونفس تكاد تذوب، وهو – في ذات الوقت- صورة من التسليم والانقياد، فلئن كان حُبُّه لوحيده الذي طال انتظاره قد ملأ قلبَه، وإذا كانت شفقته عليه قد هصرت فؤاده، فإن هناك حبًا آخر هو أولى بالتقديم، وأجدر ألا ينازَع؛ إنه حب الله عز وجل، حبُّ الخليلِ خليلَه، وهو ما كان سبب اختبار الله له، ومن ثم كان الحوار هنا مع الابن مختلفًا عن أي حوار! إنه لم يأت لابنه ليحدّثه حديث سَمَرٍ، ولا يحاوره حوار أُنْسٍ، ولم تكن مشاورته إياه في زوجة اختارها له، ولا في سكن فارهٍ ينقله إليه! لم يكن شيء من ذلك ولا من غيره مما يحمله أبٌ كبير السن -من مبهجات الدنيا- لوحيده تسريةً له أو إدخالا لدواعي السرور إلى قلبه.. إنها مشاورة" ليعلم ما عند ابنه من العزم: هل هو من الصبر على أمر الله على مثل الذي هو عليه، فَيُسَرُّ بذلك أم لا؟ وهو في الأحوال كلها ماض لأمر الله" انظر ابن جرير الطبري.


لذا فالحوار في ظاهره مشاورة، وفي باطنه أمرٌ، أمرٌ بالذبح، وذبح من؟ ابنه الوحيد الذي رُزِقَه بعد طول انتظار (86 سنة كما ذكر ابن كثير في قصص الأنبياء) وبعد إلحاح في الدعاء، وبعد ما رأى من عَنَت قومه ما رأى، إذ ألقوه في النار في اختبار لا يثبت فيه إلا أولو العزم من الرسل، يتيقن من إعراضهم عنه، وعدم استجابتهم له فيقرر الخروج من بين ظهرانيهم، ويدعو ربَّه قائلا: ﴿ ربّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ[الصافات: 100] فيأتيه الجواب: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ [الصافات: 101] ولك أن تتخيل مدى الغبطة والسرور بهذه البُشرى، إنها ليست بشرى بالغلام فحسب بل هي مشفوعة بـصفة" حليم" وهي صفة جامعة لجُلِّ أبواب الخير، تلك التي امتدحها نبينا محمد "ﷺ” في أشج عبد القيس، فقال له: " إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ"؛ (رواه مسلم) وقد صوّر القرآن هذا المشهد الذي توارت وراء أستاره كثيرٌ من المشاعر؛ مشاعر أب يشتهي الولد، ويلهج لسانه بالدعاء ليل نهار طلبًا له، فبعد أن يستجاب دعاؤه، ويأتيه الولد، ويتعهده بالرعاية والعناية، ويشمله بحبه وعطفه، فتشرق نفسه مع كل بسمة ترتسم على مُحيَّاه، وتُضحي كل تفصيلة من تفصيلات حياته غايته ومبتغاه.. فكأنّ متاع الدنيا قد جُمع فيه، وتسير الأيام على هذه الحال، لا يعكر صفوها عقوق ابن، ولا تكدّرها غلظة أب، ويشب إسماعيل عن الطوق، (قيل:ثلاث عشرة سنة) ويبدأ مرحلة السَّعي مع أبيه؛ فيكون ساعدَه ومُساعدَه، ويبدأ الأب مرحلة الاعتماد عليه، وإيكال بعض الأعمال إليه، فتزيد بهجة الأب بالولد المطيع، القادر على تنفيذ بعض المهام التي كان يتعين على الأب القيام بها من قبل، فيكون أدعى لتعلق إبراهيم به، "فالابن سند أبيه" لا سيما إذا كان الأب قد نيّف على التسعين، وخطت إحدى رجليه عتبة المئة، ويبلغ ذلك التعلق من إبراهيم مبلغًا لا يستطيع منه فِكاكًا، فقد ملأ حب الولد على الأب شغاف قلبه... وبعد هذا كله يأتيه أمر بذبح ولده.. هنا تخُتَبَرُ معادنُ الرجال، وتُبلى سرائرهم فيكون الأمر العلوي الذي يحمل -في ظاهره- هدمًا لصروح السعادة، وطمسًا لشواهق الأنس، ولكن هل هناك سعادة بعيدًا عن الخالق؟! وهل يكون الأنس إلا في جواره سبحانه؟! ولعل هذا أحد المقاصد الإلهية من ابتلاء إبراهيم! فالقرب يوجب الأنس والهيبة والمحبة! "كما يقول ابن القيم في مدارج السالكين 2/ 382 وفي هذا الإطار؛ إطار تعديل المسار يأتي الأمر بالذبح في مشهد مهيب تصوره الآيات الكريمات: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 101-111].

لقد تلقّى إبراهيم الأمر برضا وتسليم، ومن ثم خاطب ابنه خطاب الودّ والمحبة، خطاب من يريد قبول الأمر والتعجيل به لا التسويف فيه:" يا بُني" وهو خطاب بقدر ما فيه من التدليل الظاهر من التصغير فإنّ فيه تذكيرًا للابن بموجبات البُنُوَّة الصالحة المقتضية للطاعة، ولو كان ثمنها رأس تُقطع، ورقبة تُحزّ!! ثم أعقب النداء بالتوكيد الجازم المضاف لياء المتكلم مُكرَّرًا مرتين، لا يفصل الثاني عن الأول سوى كلمات ثلاث لبيان أن الأمر على محمل الجد والتكليف، ﴿ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾، وكلمة "في المنام" تحمل من الدلالات المُضمَرَة الكثير، منها: ثقة الأب في طاعة ابنه له، وتذكير الابن بأن رؤيا الأنبياء صدق فلا مجال أمامنا سوى التسليم والتنفيذ، وربما أراد نقل المشهد برمته لابنه؛ كي يضعه معه في موقع تحمل المسؤولية، وربما كان الحوار مع الابن فيه شيء من التنفيس عما في النفس قبل الشروع في التنفيذ.. وكأن الابن قد أحس شيئًا مما يثقل كاهل أبيه من همّ تنوء بحمله الجبال فسارع إلى تخفيف ذلك الحِمْل بلا مواربة، وبردٍّ مباشر، قاطع، صريح، برضا نفس؛ ليضرب " إسماعيل" المثل الأعلى في بر الأب وطاعته، فيجيب أباه بنفس الأسلوب الحاني الرفيق: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤمَر سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ هكذا، وبأسلوب النداء الذي يحمل البِرّ والودّ،فكما كان خطاب الأب خطاب حُنُوٍّ وعطف: (يا بُني) كان ردّ الابن البارّ رَدَّ حُبٍّ وودّ حتى في أحلك الأوقات وأشدها:(يا أبتِ) ثم يُتْبِعُ ذلك بـجواب الواثق الثابت الراضي المستعد العازم على الطاعة والتنفيذ " افعل مَا تُؤْمَرُ "..لقد خفّف الابن عن كاهل أبيه بهذا الجواب نصف الحِمْل، وبقي نصفه؛ خفف عنه تَحَسُّبَه الرفض، أو التلكؤ، أو محاولة الإفلات من تنفيذ هذا الأمر الثقيل، أو التسويف على أقل تقدير، أمّا نِصف الحِمْل الآخر فستتولاه عملية الشروع في الذبح، والصبر عليه.

ولم يقف رد الابن عند حد "افعل" وإنما أردفها بتقديم المشيئة الدالة على العزم بقوله: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ لأنه أمر مستقبلي، ولأن تقديم المشيئة فيه الصدق لا الادعاء أو الزعم الذي قد لا يكون الإنسان على قدره ومستواه، ولأن الأمر متعلق بمستقبل لا يدري الإنسان حاله معه؛ لأجل ذلك وغيره أوكل إسماعيل أمره لله عز وجل؛ أمّا السين في قوله: "ستجدني" ففيها من التأكيد والتنفيس ما فيها!.

وفي مشهد الشروع في التنفيذ ومباشرة الذبح يظهر صدق الإيمان، وتتضح علامات الإخلاص واليقين، (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) فالاستسلام والانقياد كانا منهما معًا؛ من الأب الهامّ بالذبح، فيُكِبّ ابنه على وجهه حتى لا يرى ذلك الوجه الحبيب، فتأخذه الرأفة به فيتأخر عن تنفيذ أمر الله فيه، ومن الابن البارّ الراضي بقضاء الله، وكان عليه قميص أبيض، فقال له: يا أبت، إنه ليس لي ثوبٌ تكفنني فيه غيرُه، فاخلعه حتى تكفنني فيه فعالجه ليخلعه، فنودي من خلفه ﴿ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ﴾ [الصافات: 104، 105]، فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين. قال ابن عباس: لقد رأيتنا نتبع ذلك الضرب من الكباش.

لقد اعترت إبراهيم مشاعر متباينة، وحالات متعارضة؛ من رغبة في الولد وإلحاح في طلبه، إلى فرح غامر بقدومه، إلى حزن مُمِضّ على فَقْدٍ وشيك على يد الأب نفسه؛ حزن تعجز الكلمات عن وصفه، وفي هذا الجو المبكي من خلال مشاهدة أجزاء المشهد التي تتآلف لتكون الصورة الكلية تأخذك روعة التصوير القرآني، وتنتقل بك من الأب المأمور بالذبح إلى الابن / الضحية ثم إلى الأب ثانية وهو يُمَرِّرُ سكينَه على رقبة وحيده في عرض يحبس الأنفاس؛ حيث تَرَقُّب عملية الذبح، وتَخَيُّل حال الابن المُسَجَّى وقد أسلم أمره لربه فأطاع أباه راضيًا، وحالة الأب وهو ممسك بسكينه وقد شحذها، وشمّر عن ساعديه، وانحنى على رقبة ابنه لينهي - بيديه- أجمل فصل من فصول سعادته، وهنا يحين وقت الذروة في قصة حقيقية ليست من وحي خيال، فيمرر الأب السكين على عنق الابن المنقاد ليذبح ذلك الصراع الناشب بداخله قبل ذبح ولده، ولكنَّ لطف الله يدركه في اللحظة الحاسمة؛ فالاختيار اختياره، والزمن بيده سبحانه، والأمر كله خاضع لمشيئته فتأبى السِّكِّين في يد إبراهيم أن تعمل عملها المعهود فتقطع، لقد تخلّت عن صفتها، وفقدت أهم خواصها، وليس هذا عن إبراهيم ببعيد، ولا أمره بالنسبة إليه بغريب، فقد فقدت النار معه خواصها من قبل فبدلا من أن تحرق – هناك-كانت بردًا وسلامًا، وبدلا من أن تقطع السِّكِّين- هنا- عنق ولده إسماعيل قطعت رقبة كبش أملح؛ إذ أتاه النداء العلوي ليولد الأمل من رحم المعاناة والألم: ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ إنّ أية كلمات – غير كلمات القرآن- لتقف عاجزة عن تصوير هذا المشهد، وما فيه من الرضا والحبور بعد الحزن والألم ليتجلى لُطْف الله عز وجل فلا يُحيّد المشاعر بأن تؤجّل عملية الذبح إلى حين، وإنما تطلق العنان للفرحة والسعادة؛ وهكذا عطاء الله عز وجل وكرمه إذا حلّ أدهش!

إن خلف هذا الحوار الظاهر آلاف الصور المستترة، وآلاف المشاهد المتوارية؛ فالقرآن معجز، ولا يبوح ببعض ما فيه إلا لمن أعطاه كيانه كله، كتاب لا تنقضي عجائبه، فسبحان من هذا كلامه.

ومن الصور المتوارية وإن كانت حاضرة في صلب القصة، صورة هاجر أُمُّ إسماعيل.. هل أخبرها زوجها برؤيا ذبح وليدها؟ وهل هرع ابنها إليها يودّعها قبل فراقها؟ أم أن الزوج والابن قد اتفقا معا على عدم إخبارها رأفة بها، وشفقة عليها؟ أم تُراها علمت وحضرت مشهد الشروع في الذبح وصبرت واحتسبت وأطاعت كما هو عهدها؟ لم يذكر القرآن شيئًا من ذلك؛ لأن القصة تتعلق بإبراهيم ووجوب أن يكون قلبه منصرفا إلى خالقه لا ينازعه فيه أحد، وبإسماعيل لضرب المثل في أعلى درجات التضحية والبر والطاعة، وقد نجحا في الاختبار، كما نجحت هاجر من قبل في طاعتها لزوجها، وتنفيذها أمر ربها فجادت بنفسها وبرضيعها لله في تلك الصحراء القاحلة فنجّاها الله ورضيعها وخلّد على مسامع الزمن اسمها وذِكْرَها مع نَبيينِ؛ إبراهيم زوجها، وإسماعيل ابنها؛ لتُبعث يوم القيامة زوج نبي، وأمّ نبي؛ فأي جزاء أعظم من ذلك الجزاء؟! وأي تكريم يعادل ذاك التكريم؟!

إن الظاهر والمضمر في الحوار في قصة فداء إسماعيل ليسيران متوائمين متآلفين في سياق الحدث من بدايته إلى نهايته، يعيشه القارئ بوجدانه وهو يتلو هذه الآيات بخشوع فترتسم في مخيلته هذه الصورة، وغيرها من الصور التي تتولّد داخل كل قارئ حسبما تمده به الآيات من ظلال، وما ترفده به من معانٍ، وما تفيضه عليه من تجليات؛ ليبقى للحوار في القصص القرآني خصوصيته من حيث إعجاز النص، وإمتاع القص.





الألوكة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





lk [lhgdhj hg/hiv ,hglqlv td rwm t]hx Yslhudg hg/hiv [lhgdhj td t]hx Yslhudg ,hglqlv




lk [lhgdhj hg/hiv ,hglqlv td rwm t]hx Yslhudg hg/hiv [lhgdhj td t]hx Yslhudg ,hglqlv lk [lhgdhj hg/hiv ,hglqlv td rwm t]hx Yslhudg hg/hiv [lhgdhj td t]hx Yslhudg ,hglqlv



 

قديم 20-07-2022   #2
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (01:21 AM)
 المشاركات : 210,290 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: من جماليات الظاهر والمضمر في قصة فداء إسماعيل



جزاك الله خير الجزاء
ونفع بك وبعلمك



 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الظاهر, جماليات, في, فداء, إسماعيل, والمضمر, قصة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جماليات قرآنية (فصل التشابه والاختلاف)[1] طالبة العلم منتدى القرآن الكريم والتفسير 1 27-03-2022 07:01 PM
قصة فداء إسماعيل عليه السلام قيم تربوية ودروس عملية طالبة العلم منتدى القرآن الكريم والتفسير 2 05-07-2019 11:54 PM
جماليات الدين في المحافظة على المال ابو يحيى المنتدى الاسلامي العام 16 11-11-2015 07:39 PM
الظاهر بيبرس القيصر محمود الثقافه العامه 4 17-05-2015 04:49 PM
أقارب الشهيد حلوي: دماؤنا وأرواحنا فداء للوطن ابو عمر اخبار منطقة جازان 2 06-01-2015 01:07 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 04:32 AM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant