بين الصحيفة الإلكترونية والموقع الإلكتروني… فروقات لا يمكن تجاهلها ارتبط مصطلح “الصحافة الإلكترونية” في الوطن العربي فعليا بظهور أول موقع لصحيفة عربية هي “الشرق الأوسط ” على الإنترنت وذلك في سبتمبر /أيلول عام 1995، تلتها صحيفة النهار اللبنانية في فبراير /شباط 1996، ثم صحيفة الحياة اللندنية في يونيو /حزيران 1996، والسفير اللبنانية في العام نفسه كذلك، وتوالت بعد ذلك أعداد المواقع الإلكترونيةعلى الإنترنت لصحف عربية كثيرة، وكان يقصد بهذا المصطلح قبل التاريخ المذكور استخدام تقنيات النشر المكتبي في إنتاج وإخراج الصحيفة الورقية التقليدية، أي استخدام الكمبيوتر وبعض البرامج المتخصصة في عمليات النشر الورقي الاعتيادي. ظهر بعد ذلك عدد من المواقع الإخبارية العربية على الإنترنت مثل موقع الجزيرة نت وموقع العربية نت وموقع باب وموقع البوابة العربية لأخبار التقنية الذي تتصفحونه الآن، وهذا كله على سبيل المثال لا الحصر، الأمر الذي دفع باتجاه ضرورة التمييز بين ما يطلق عليه “صحيفة إلكترونية” وبين الموقع الإخباري الإلكتروني، وعدم الخلط بينهما. ولعل من أبرز الفروق بين “الصحيفة الإلكترونية” و ” الموقع الإخباري الإلكتروني” هو طبيعة النشأة، فأصل الصحيفة الإلكترونية أنها نشأت ابتداء على الورق بالصورة التقليدية كأي صحيفة عادية، لكن القائمين عليها ارتأوا لمجاراة لغة العصر ضرورة وجود نسخة إلكترونية من هذه الصحيفة على الإنترنت، فأنشأوا لها موقعا على الإنترنت. وبالتالي فالصحيفة الإلكترونية هنا هي نسخة طبق الأصل “كربونية” من الصحيفة التي تصدر بطبعاتها المختلفة ورقيا وتوزع بصورة اعتيادية. أما الموقع الإخباري الإلكتروني، فقد نشأ ابتداء على الإنترنت، وليس له أصل ورقي، وإنما بيئته الأساسية هي تلك البيئة الافتراضية اللامتناهية المسماة بفضاء الإنترنت. وليس هذا هو الفرق الوحيد بين النوعين، فما ذكرناه عن طبيعة النشأة، يدفعنا للحديث عن طاقم العمل، وهو هنا بالنسبة للصحيفة الإلكترونية في أغلبه مجموعة من الفنيين الذين ينصب جل اهتمامهم – ان لم يكن كله – على رفع محتويات الصحيفة الورقية ونشرها على الموقع الإلكتروني. أما الموقع الإخباري الإلكتروني، فيختلف فيه الأمر تماما عن الصورة السابقة، ويتسع فريق العمل داخله ليشمل مكونات غرفة الأخبار بما تحويه من رئيس تحرير ومحررين وصحفيين ومدققي اللغة والمعلومات ومصنفي المواد، وقسم المالتيميديا الذي يوفر الصور المصاحبة للمواد المنشورة، وهذا على أقل تقدير. فرق آخر يميز الموقع الإخباري الإلكتروني عن الصحيفة الإلكترونية، هو زمن تحديث الأخبار، ففي الصحيفة الإلكترونية يرتبط زمن التحديث – في الغالب– بدورية صدور الصحيفة سواء كانت يومية أم أسبوعية، أما بالنسبة للموقع الإخباري الإلكتروني فهو في صراع مع الزمن لنشر الأخبار حال حدوثها أو حال ورودها من المصادر الموثوقة بعد أن تأخذ دورة النشر الاعتيادية وقتها قبل أن تظهر لجمهور المستخدمين. ولا ننسى أن المواقع الإخبارية الإلكترونية تعمل كذلك على بث ما يعرف بالأخبار العاجلة بصورة تجعلها تتفوق على التلفزيون والإذاعة فيما يتعلق بزمن النشر قياسا إلى زمن حدوث الخبر، لأن أنظمة النشر تتيح لتلك المواقع أن تنشر ما يسمى “الخبر العاجل” بمجرد الانتهاء من كتابته، أو بعبارة أخرى تسمح بكسر دورة إنتاج الخبر العادي الذي يمر تقريبا بخمسة مراحل قبل أن يظهر للمستفيد النهائي on line. بقى أن نعرض لتساؤل قد يثور في ذهن القارئ مفاده، أليست المواقع الإخبارية التي ورد ذكرها والتي نشأت ابتداء في أكناف مؤسسة تلفزيونية ما – كالجزيرة نت أو العربية نت على سبيل المثال- لها في هذه الحالة أصل تلفزيوني، على غرار تلك التي نشأت ولها أصل ورقي !؟ والإجابة ببساطة أن أهم ما يميز تلك المواقع الإخبارية على الإنترنت، أن لها غرفة أخبار مستقلة تحكم عملية النشر على الموقع الإلكتروني. كما أن الموقع الإلكتروني على الإنترنت في هذه الحالة ينشر الأخبار بصورة مكملة لعمل التلفزيون، ويعرض مزيدا من التفاصيل عن الأخبار تكون بيئة الإنترنت ومواصفاتها أقدر على تحمله، عكس الخبر التلفزيوني الذي يكون مقتضبا قدر الإمكان ومحدودا بزمن معين لا يسمح في الغالب بإيراد التفاصيل. وعلى ذلك فقد ترى خبرا في التلفزيون، ثم تسمع المذيع يحيلك إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالقناة لمعرفة مزيد من التفاصيل أو الخلفيات، وكذلك الحال بالنسبة للإذاعة فيما يتعلق بالمواقع الإخبارية المتعلقة بها، وأوضح مثال على ذلك هو موقع إذاعة البي بي سي العربية على الإنترنت، التي تحيل في الغالب المستمع إلى موقعها لمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذا الخبر أو ذاك. ويختلف الوضع بالطبع إذا ما كان الموقع الإلكتروني الذي نشأ في أكناف تلفزيون أو إذاعة ما مقرر له أن يكون مجرد أرشيف إلكتروني لما تعرضه الشاشة التلفزيونية أو تبثه الإذاعة من مواد وبرامج وأخبار، فهنا تكاد تنطبق مواصفات النسخة الكربونية للصحيفة الورقية التي ذكرناها وعرفناها سابقا على هذه الحالة.
قد ظهرت أشكال جديدة للصحافة فبعد أن كانت حكراً على صحفيي الورق ومراسلي التلفاز والمذياع تشعبت مع التغيرات الإلكترونية والسياسية. فقد ظهرت مؤخراً مسميات جديدة – ربما لم تشع حتى الآن في السعودية – كالصحفي الرقمي والصحافة المدنية. من أشكال العمل الصحفي الرقمي والورقي أيضاً استخدام الأدوات الرقمية في إجراء المقابلات والحصول على المعلومات. وفي هذا الموضوع نستعرض بعض الإيجابيات والسلبيات والأفكار المفيدة التي قدمها الكاتب جونثان ديوب في إحدى مقالاته التي عنونها بـ ( نصيحة من أجل المقابلات عبر الإيميل ). يقول الكاتب بأن هذه لمحة لكيفية استخدام الإيميل أو المراسلة السريعة كالمسنجر للمراسلة مع تحاشي الوقوع في التصحيحات المهينة. يقول ديوب بأن المسنجر والإيميل يستخدمان كإحدى الوسائل الإيجابية نظر لتوفيرهما هذه العناصر : – يوفران الوقت , فلا حاجة بإستخدامهما للبطاقات الهاتفية والإنتظار الطويل ليرد الضيف المكالمة .
– المقبلات الرقمية عملية إذ يمكن للمحرر تجهيز مقدمة كاملة وقائمة بالأسئلة وعند تعاون المصدر يتم قص ولصق إجاباته في التقارير أو بعثها بشكل تام.
– توفر سجلاً مكتوباً في حال تفنيد المصدر لأي تصريح قاله
– تعطي المصدر فرصة للتفكير وصياغة الرد
– ربما تكون وسائل أفضل لمقابلة الأفراد في مختلف المناطق ذات الأوقات المختلفة أو مع الأفراد الذين لا يتحدثون اللغة بشكل جيد ولكن بإستطاعتهم الكتابة بشكل جيد. ولكن هناك عدد من السلبيات وهي :
– لا يمكن للمحرر معرفة من الذي قام بالرد. فقد يكون بريد المدراء تحت إشراف مستشاري العلاقات العامة أو أي شخص آخر.
– لا يتيح الإيميل الفرصة للمحرر لتوجيه أسئلة عفوية أو التعقيب على إجابة المصدر
– لابد أن تكون دقيقاً جداً في أسئلتك لأنك غير قادر على طلب تعقيبات وتوضيحات من المصدر مباشرة
– يمكن للمصدر نشر نسخ كاملة عن اللقاء عبر الإنترنت بسهولة كما تفعل وقد فعلها البعض عندما لا يشعرون بالرضى عن القصة الصحفية بشكلها المنشور
– لا تعتبر وسائل جدية لتدوين ردود الفعل العفوية. إذ لا يمكنك مشاهدة ردة فعل الشخص الجسدية تجاه السؤال. لا يمكنك سماعه أو سماع تردده ومعاناته لإيجاد الكلمة المناسبة ولا يمكنك النفاذ إلى طرقة تفكيره لأنك لا تحصل إلا على الرد النهائي.
– ربما توفر لك المقابلة الرقمية تصريحات مفيدة ولكن قد لا تعطيك مقابلة كاشفة. نصائح : – يمكن للإيميل البقاء للأبد. فبمجرد إرساله يمكن توزيعه على الغرباء . ولذلك لابد لك من إبقاءه محترفاً في جميع الأوقات.
– قدم نفسك كصحفي .
– طبق عليه نفس مهاراتك في الفكر النقدي والتحقق من الوقائع التي تستخدمها مع أي مصدر للمعلومة.
– نوّع مصادرك واحصل على هوياتهم المتعددة على الشبكة وتذكر بأن البريد الإلكتروني لأي شخص ربما يكون مزيفاً. تأكيداً للنقطة الأخيرة , قام ديوب بعرض موقف محرج تعرض له أحد الصحفيين – ويدعى دان فيرتون – حين نشر مقابلة مع شخص يدعى ” أبو مجاهد ” الذي عرف نفسه كأحد عناصر تنظيم إسلامي باكستاني متطرف يدعى “حركة المجاهدين” والذي كان خلف هجوم بدودة رقمية ساهمت في تعطيل الإنترنت وقد نشرت تلك المقابلة في مجلة كمبيوتر ورلد (عالم الكمبيوتر). لقد فـُندت هذه القصة بعدما عُـلم أن أحد الصحفيين خدع الآخر وما كان أبو مجاهد هذا إلا رجل يدعى بريان ماكوليامز – 43 عاماً – أحد الصحفيين الذي اعترف بخداعه لفيرتون بهدف تعلم المراسلين الشك في الأشخاص الذين يدعون تورطهم في الإرهاب الرقمي. يقول فيرتون : ” لقد شعرت بوقوعي في الفخ, وهو شيء لا يمكن ابتلاعه بسهولة. والآن أنا هنا أحك القمل كثمن يدفع لنومي مع الكلاب ” < كناية عن طرده من العمل في المجلة.
الصحافة الالكترونية تفرض نفسها
في ظل التحدي الذي جلبته شبكة الإنترنت ، فرضت الصحافة الالكترونية نفسها على الساحة الإعلامية كمنافس قوي للصحافة الورقية ، بالإضافة الى ظهور الأجيال الجديدة التي لا تقبل على الصحف المطبوعة؛ ومن أهم مميزات الصحافة الالكترونية هي نقلها للنص والصورة معا لتوصيل رسالة متعددة الإشكال والاحتفاظ بالزائر اكبر قدر ممكن ، هناك مميزات للقارئ الالكتروني منها السرعة في معرفة الأخبار ورصدها لحظة بلحظة على العكس من الصحف التقليدية التي تقوم بالرصد والتحليل للموضوعيات ، بالإضافة لغياب مقص الرقيب على المواد الصحفية التي يتم نشرها نظرا لان الانترنت عبارة عن عالم مفتوح. هناك مجموعة من التحديات التي تواجه الصحافة الالكترونية في العالم العربي من بينها تواضع أعداد مستخدمي الانترنت العرب والذين تصل أعدادهم إلى 14 مليون مستخدم معظمهم من الشباب علاوة على غياب آليات التمويل في مختلف صورها سواء كان تمويلا ذاتيا أو بصورة إعلانات حيث أن هناك حالة من انعدام الثقة بين المعلن العربي والانترنت بصفة عامة. بالإضافة الى ان نقص المحتوى العربي على شبكة الانترنت يقف وراء عدم انتشار الصحافة الالكترونية بصورتها الواضحة كماهي الحال في الغرب . ذلك دفع الصحف التقليدية الى الاهتمام بمواقعها الالكترونية على الانترنت وتحديثها بصفة دورية . فهل تحل الصحافة الالكترونية محل الصحافة الورقية خلال هذا الزمن؟
بلوغرز”:إعلاميو ن جدد..وإعلام بديل؟
نشرت منظمة مراسلون بلا حدود يوم 22 أيلول 2005 دليلاً لكتاب المدونات ولمستعملي الشبكة الإفتراضية في العالم لمساعدتهم على حسن استغلال الوسائل الحديثة وتفادي كل أشكال الرقابة. على الرغم من انتشارها الواسع على الشبكة، ظلت المدونات الإلكترونية (e-Blogs)، أو الـ”بلوغرز” محدودة جدا في العالم العربي. وبعد بدايات محتشمة عشية اندلاع الحرب على العراق، شهدت الظاهرة طفرة كبيرة جسدتها الساحات الخليجية أولا ثم توسعت لتشمل مشرق العالم العربي ومغربه والساحة المصرية في الفترة الأخيرة. على الرغم من انتشارها التدريجي منذ بداية الألفية الثالثة، فإن المدونات الإلكترونية (e-Blogs)، أو الـ”بلوغرز”، حظيت بالانتشار الكبير أثناء الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على العراق. فخلال هذه الفترة ظهرت، لأول مرة في التاريخ، المدونات الشخصية، (P-Blogs) التي يكتبها أفراد من داخل العراق سواء من جنود الاحتلال أو من المواطنين العراقيين. يقدمون خلالها صورة أقرب للحقيقة، وأكثر تفصيلا لما يحدث على الأرض، كما يوجهون الضوء للأحداث التي لم يشر إليها الإعلام التقليدي بقصد أو بدون قصد. وكان نيكولاس نيجروبونتي قد تنبأ في كتابه “الحياة الرقمية” (Being Digital) الصادر عام 1995 بأن التطور التكنولوجي سيؤدي إلى أفول الإعلام الجماهيري وظهور الإعلام الشخصي كبديل له. وفي النصف الثاني من عام 2005 تحققت نبوءات نيجروبونتي إلى حد بعيد. ماهية الـ”بلوغرز” ؟المدونات (blogs)، الـ”بلوغرز”، هي صفحة إنترنت تظهر عليها تدوينات (مدخلات) مؤرخة ومرتبة ترتيبا زمنيا تصاعديا، تصاحبها آلية لأرشفة المدخلات القديمة. ويكون لكل تدوينة عنوان دائم لا يتغير، مما يمكن القارئ من الرجوع إليها في وقت لاحق، كما أوردت موسوعة “ويكيبيديا” المجانية على الإنترنت. وتمكن المدونات المستخدم من نشر ما يريد على الإنترنت، مع إمكانية حفظ ما ينشر بطريقة منظمة يمكن الرجوع إليها. كل هذا من خلال واجهة بسيطة، تكاد تماثل واجهات مواقع البريد الإلكتروني، ترفع عن كاهل المستخدم عبء التعقيدات التقنية المرتبطة عادة بهذا النوع من النشر، دون الحاجة للمعرفة بأي قاعدة من قواعد البرمجة أو أسس تصميم أو نشر صفحات الإنترنت. ويوصف الـ”بلوغرز” بأنهم مؤرخو العصر الذين يوثقون أدق تفصيلاته. وهؤلاء عبارة عن شرائح من الرجال والنساء الذين اشتركوا في خدمات “بلوغز” مما يتيح لهم تسجيل يومياتهم على مفكرات إلكترونية على شبكة الإنترنت بالطريقة التي يراها كل واحد منهم، وبثها بشكل مباشر ولحظة بلحظة، ليتسنى للآخرين في العالم الاطلاع عليها. ويتسق أسلوب التأريخ عبر البلوغز مع مناخ الحرية السائد في الغرب، غير أن تراجع الحريات في أمريكا وأوروبا، أخذ يوقع بعض الـ”بلوغرز” في فخ المتاعب القانونية وغير القانونية. ومن هؤلاء بائع الكتب البريطاني جو جوردون، 37 سنة، الذي فصل من عمله نتيجة ما كتبه على صفحة إحدى يومياته الإلكترونية، حيث وجه انتقاداً حاداً لمديره في العمل، فكان أن وصل الأمر إلى ذلك المدير وأمر بفصله عن العمل فوراً. وقد أثار قرار الفصل الصادر بحق جوردون جدلاً واسعاً في بريطانيا، باعتبار أنه مؤشر خطير بالنسبة لآلاف كتاب المدونات المشاغبين الذين لا ينفكون عن توجيه الانتقادات اللاذعة سواء للسياسيين أو النجوم أو أرباب العمل. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 5 ملايين “بلوغر” في العالم يكتبون عن يومياتهم بطرق شتى، مستفيدين من حرية التعبير على الشبكة ومما تتيحه من إمكانيات تقنية هائلة تشمل – إضافة إلى الكلمة – الصوت والصورة والفيديو. الـ”بلوغرز” هم “الإعلاميون الجدد” يقول الناشط المصري الدكتور أحمد عبد الله، خبير الطب النفسي بجامعة الزقازيق:” لقد أصبح البلوغرز أهم شيء موجود حاليا على شبكة الإنترنت، وذلك لأنه يمثل آراء الناس في أرض الواقع بدون تزييف. وميزة البلوغ أنه مساحة مفتوحة يكتب فيها كل من يرغب دون اشتراط الخبرة أو الثقافة أو التخصص. والجميل حقا فيه أنه يمكنك من التعرف، ولأول مرة، على آراء الناس بوضوح شديد“. ويوضح عبد الله: “المواطن في البلوغ هو الذي يصنع الرأي، ويصنع الإعلام، والبلوغرز بهذا المفهوم هم “الصناع الجدد للإعلام” أو هم “الإعلاميون الجدد”!!. معتبرا أن البلوغرز هي أكبر بكثير من المنتديات وساحات الحوار لأنها تحول المواطن من متلق للخبر أو المعلومة إلى منتج وصانع لها. ويعتبر عبد الله أن المدونات أو مواقع البلوغر هي من أهم المواقع التي تهتم بها الحكومات، فتتابعها وتراقب كل ما يكتب بها، وتقوم بتحليله، وفي الغرب يعرفون اتجاهات الرأي العام من مثل هذه الوسائل، مشيرا إلى أن هناك مواقع بلوغرز للمعارضة.” ويعتبر البلوغ أو المدونة من أهم مصادر الأخبار لدى كثير من المثقفين، لكونه يرصد الواقع كما هو بدون تزيين أو تزييف، وقد بدا هذا واضحا خلال حوار الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل مع قناة الجزيرة الفضائية من خلال ثنائه على البلوغرز، حيث أشار إلى أنه يطالع بلوغر “بهية” (المصري) يوميا قبل أن يطالع نشرات الأخبار في الصحف والفضائيات!!. ويتعجب عبد الله من أنه على الرغم من أهمية البلوغ وانتشاره على الشبكة العنكبوتية فإن “الاجتماع التحضيري لمؤتمر المعلوماتية في العالم العربي، والذي عقد في تونس، لم يتعرض من قريب أو بعيد للأمر، اللهم إلا بعض المداخلات لعدد من الباحثين والناشطين الذين سجلوا هذا الموقف على أنه عيب وتقصير من مؤتمر بهذه الأهمية“. الـ”بلوغرز”..”الإعلا م البديل” من جهته، يقول المهندس الإلكتروني يقين حسام خبير المعلومات، وأحد أعضاء مجموعة الجنوب للبحث في علم الاجتماع والمعلومات (ROSIE): “لابد أولا أن نفرق بين البلوغ الناطقة بالعربية، وتلك التي يكتبها أجانب ممن يقيمون في بعض الدول العربية.. كما أن الفارق بينها وبين المنتديات أو ساحات الحوار أن البلوغ يقوم عليها الإنسان ويتمحور شغلها الشاغل حول الإنسان. مشيرا إلى أن “المدونات هي عبارة عن مجموعة من الأحاسيس والخواطر والمذكرات واليوميات التي يسجلها إنسان ما عن قضية أو بلد ما“. ويضيف يقين حسام: “البلوغرز اليوم أشبه بـ “الإعلام البديل” لأنه يحول الإنسان نفسه إلى حالة فريدة. فبعد أن كنا نرى الرسالة الإعلامية على أنها عبارة عن أفكار ومتلقي ومرسل أصبح بمقدور أي إنسان أن يصنع هو بنفسه الرسالة الإعلامية“. ويستدرك يقين قائلا: “لكن للحقيقة فإن هناك مشكلتين تبدوان لنا عندما نتحدث عن البلوغ في مصر ألا وهما أن هناك فجوة بين الناس التي تستخدم البلوغ في مصر، فنسبة النشطاء السياسيين أصلا منخفضة جدا. والبلوغ هي أداة تجميع وتعريف أكثر منها أداة تغيير، ويتوقف مدى وجود فرصة من عدمه على عدة ظروف اقتصادية وسياسية ومجتمعية. هذا فضلا عن ان من يتعاملون مع الإنترنت كوسيلة عصرية هم نخبة قليلة، وغالبا ما يكونوا فئة من الشباب المثقف أو المتعلم الذي يعيش في الحضر، والذي يعيش في المستوى المتوسط“. وهناك بلد سقط نظام الحكم فيها بالـ ( SMS)، وفي إيران هناك اعدد كبيرة جدا يستخدمون البلوغرز كوسيلة للتفاعل السياسي. كما نجد أن من أكثر البلدان العربية والإسلامية استخداما لهذه الوسيلة: إيران والبحرين والكويت . أهم مزايا الـمدوناتمن ناحيته، يقول الباحث والصحفي الإلكتروني، أحمد نصر، رئيس تحرير موقع (عشرينات) المصري: “الجميل في موضوع البلوغرز أو المدونات أنه أعطى صورة وانطباعا جيدا عن المستخدم على أنه إنسان محترم، ولذا فقد أصبحت المدونة أشبه ما تكون بصفحة الرأي. حتى غدت فكرة المدونات أقرب إلى كونها فرصة للتعبير عن الرأي. ففي البلوغرز يتكلم الناس بحرية ويتناولون موضوعات مهمة، وكلما اتسعت الدائرة كلما زاد التأثير“. ويضيف نصر: “من المؤسف حقا أننا في عالمنا العربي، حتى اليوم، لا نستخدم سوى 10 % فقط من إمكانات الإنترنت، بينما مازلنا بعيدين عن 90 % من هذه التكنولوجيا”. وحول أهم مزايا البلوغرز أو المدونات يقول نصر: “المزايا كثيرة أهمها: كسر الحاجز النفسي وحاجز الخوف لدى المواطنين، وفتح الباب أمام التعبير عن الرأي مع إمكانية التخفي عبر النت من خلال الظهور بأي اسم، ونشر لا مركزية العمل السياسي، وتحقيق مفهوم العالمية والتواصل والتفاعل“. ويضيف رئيس تحرير موقع “عشرينات” أن المدونات “ألغت أيضا حواجز الزمن، وتخطت حدود الجغرافيا، كما قضت على الخوف الذي هو بالأساس شعور وهمي ووقتي؛ متى استطاع الإنسان أن يهزمه فقد تحرر منه، كما ألغت قيود اللوائح والقوانين؛ فلم يعد هناك ضابط ولا متحكم فيما يكتبه الإنسان سوى ضميره وأخلاقه وأمانته“. الظاهرة تتسع عربياوحول بداية الفكرة ونشأتها، قال نصر:” فكرة المدونات بشكل عام بدأت منذ عدة سنوات في أمريكا وأوربا، غير أنها بدأت تنتشر في العالم العربي منذ فترة قريبة، حيث بدأت في الخليج وخاصة في الكويت والبحرين، بل إن أول موقع بلوغر عربي كان موقع (كويت. بلوغ). لذا تجد أن الكويتيين هم من أنشط البلوغرز العرب في الوقت الراهن“. ويرجع نصر ذلك لعدة أسباب في مقدمتها أن “لدى الخليجيين بشكل عام والكويتيين بصفة خاصة نزوع ورغبة في الخروج عن العقلية العربية، لذا تجدهم أسرع الناس إلى تقليد كل ما هو غربي، أضف إلى ذلك المستوى المادي المرتفع والفراغ الكبير الذي يعيشه الشباب الكويتي المرفه“. وعلى الرغم من ذلك فإن المصريين واللبنانيين بدأوا فقط مؤخرا في استخدام البلوغرز، حتى أن كثيرا من المثقفين المصريين واللبنانييين، ممن يستخدمون الإنترنت، ويعملون في مجال التحرير الإلكتروني لا يسمعون عنه. ويرجع نصر أن “معظم القضايا المثارة على البلوغرز في مصر ولبنان هي قضايا سياسية”، إلى ما أسماها بـ “حالة الحراك السياسي الموجودة في البلد“. ويستطرد نصر قائلا: “مصر دولة لها ثقلها، واستخدام البلوغرز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في السابع من شهر سبتمبر كان أحد ملامح التفاعل الإلكتروني ولكنه لم يكن بدرجة كبيرة. بينما استطاعت حركة “كفاية” استثمار التكنولوجيا في حملتها المناهضة للتمديد والتوريث، فكانت تستخدم الموبايل والإنترنت والمجموعات البريدية والبلوغرز في الإبلاغ بمواعيد مظاهراتها وتغيير أماكنها ومواعيدها إذا لزم الأمر“. ويشير الباحث نصر إلى أن “هناك بلوغرز متخصص، وآخر ينشأ تفاعلا مع واقعة محددة أو ظاهرة أو كارثة، مثل بلوغرز الاقتصاديين أو بلوغرز تسونامي، …..إلخ. وفي أزمة الفلوجة مثلا نشط بعض البلوغرز العراقيين في رصد حجم الدمار والخراب الذي حل بالديار والأفراد والمنشآت”. واختتم كلامه بالقول: “أتوقع أن يقوم البلوغر بإعادة هيكلة البلوغرز لكي يستطيع أن يستمر“. وختاما، فإن خبراء الإعلام ينصحون كتاب المدونات بنشر ما يعتقدون أنه حقيقي فقط، فإذا كان ما يقولونه مجرد تخمين فليوضحوا هذا في المدونة. وإذا كانت المادة محل الكلام منشورة على الشبكة فعليهم أن يضعوا رابطا لها عندما يشيروا إليها، فهذا مما يدعو لمزيد من الثقة فيما يقولون. وأن يكتبوا كل تدوينة كأنهم لن يتمكنوا من تغييرها؛ بأن يضيفوا ولا يحذفوا أو يعيدوا كتابة أي تدوينة.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك