عدد الضغطات : 9,099عدد الضغطات : 6,597عدد الضغطات : 6,318عدد الضغطات : 5,539
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > قصص الرسل والانبياء

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :عميد القوم)       :: احذروا سوء الظن (آخر رد :ابو طراد)       :: من فوائد وفضائل الذكر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: هل تريد نخلة في الجنة (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: وانت في مفترق الطرق تذكر... (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: غلط يقع فيه بعض المصلين (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: علماء الأزهر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رائعة جداً (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: ايمانيات (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رحله العمر (آخر رد :فاطمة صلاح)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 05-07-2016   #1
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 اوسمتي
وسام ادارة المنتدى وسام مسابقة التراث المراقبة المميزة الإداري المميز وسام المشرفة المميزة 
لوني المفضل : Black
قصص الانبياء عيسي عليه السلام



الانبياء, السماء, عليه, عيسى

الانبياء, السماء, عليه, عيسى

الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء

الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء
الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء


الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء

سيدنا أدم عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101259



سيدنا ادريس عليه السلام


http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101310

سيدنا هود عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101336

سيدنا صالح عليه السلام


http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101377


ابراهيم عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101395

لوط عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101412

شعيب عليه السلام


http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101437


اسماعيل عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101465


اسحاق عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101506

يوسف عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101599


ايوب عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101624


يونس عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101714


موسي عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101738


الياس عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101790

اليسع عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.p...525#post684525

شمويل عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101865


داوود عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101961

سليمان عليه السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.php?t=101962


زكريا ويحيى عليهما السلام

http://www.alhaqlah.com/showthread.p...d=1#post685235


عيسي عليه السلام



قال الله تعالى في سورة آل عمران التي أنزل صدرها وهو ثلاث وثمانون آية منها في الرد على النصارى عليهم لعائن الله، الذين زعموا أن لله ولدا، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وكان قد قدم وفد نجران منهم على رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء فجعلوا يذكرون ما هم عليه من الباطل من التثليث في الأقانيم ويدعون بزعمهم أن الله ثالث ثلاثة وهم الذات المقدسة وعيسى ومريم، على اختلاف فرقهم فأنزل الله عز وجل صدر هذه السورة بين فيها أن عيسى عبد من عباد الله خلقه وصوره في الرحم كما صور غيره من المخلوقات وأنه خلقه من غير أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم، وقال له كن فكان سبحانه وتعالى. وبين أصل ميلاد أمه مريم وكيف كان من أمرها وكيف حملت بولدها عيسى، وكذلك بسط ذلك في سورة مريم كما سنتكلم على ذلك كله بعون الله وحسن توفيقه وهدايته.
فقال تعالى وهو أصدق القائلين: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب}.
يذكر تعالى أنه اصطفى آدم عليه السلام والخلص من ذريته المتبعين شرعه الملازمين طاعته، ثم خصص فقال: {وآل إبراهيم} فدخل فيهم بنو إسماعيل ثم ذكر فضل هذا البيت الطاهر الطيب وهم آل عمران، والمراد بعمران هذا والد مريم عليها السلام.
وقال محمد بن إسحاق: وهو عمران بن باشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق بن موثم بن عزازيا بن أمصيا بن ياوش بن أحريهو بن يازم بن يهفاشاط بن إيشا بن إيان بن رحبعام بن داود.
وقال أبو القاسم بن عساكر: مريم بنت عمران بن ماثان بن العازر بن اليود بن أخنز بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن أيبود بن زريا بيل بن شالتال بن يوحنا بن برشا بن آمون بن ميشا بن حزقيا بن أحاز بن موثام بن عزريا بن يوارم بن يوشافاط بن إيشا بن إيبا بن رحبعام بن سليمان بن داود عليه السلام. وفيه مخالفة لما ذكره محمد بن إسحاق.
ولا خلاف أنها من سلالة داود عليه السلام وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت أمها وهي حنة بنت فاقود بن قبيل من العابدات، وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم "أشياع" في قول الجمهور وقيل زوج خالتها "أشياع" فالله أعلم.
وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره أن أم مريم كانت لا تحبل فرأت يوما طائرا يزق فرخا له فاشتهت الولد فنذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محررا أي حبيسا في بيت المقدس.
قالوا: فحاضت من فورها فلما طهرت واقعها بعلها فحملت بمريم عليها السلام {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت} وقرئ بضم التاء {وليس الذكر كالأنثى} أي في خدمة بيت المقدس، وكانوا في ذلك الزمان ينذرون لبيت المقدس خداما من أولادهم.
وقولها: {وإني سميتها مريم} استدل به على تسمية المولود يوم يولد، وكما ثبت في الصحيحين عن أنس في ذهابه بأخيه إلى رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء فحنك أخاه وسماه عبد الله. وجاء في حديث الحسن عن سمرة مرفوعا "كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه".
رواه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي. وجاء في بعض ألفاظه: "ويدمى" بدل ويسمى وصححه بعضهم.. والله أعلم.
وقولها: {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} قد استجيب لها في هذا كما تقبل منها نذرها، فقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، أن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء قال: "ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إلا مريم وابنها" ثم يقول أبو هريرة: واقرأوا إن شتئم {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}.
أخرجاه من حديث عبد الرزاق ورواه ابن جرير عن أحمد بن الفرج عن بقية، عن عبد الله بن الزبيدي، عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء بنحوه.
وقال أحمد أيضا: حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا ابن أبي ذؤيب، عن عجلان مولى المشمعل، عن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء قال: "كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان بإصبعه إلا مريم بنت عمران وابنها عيسى".
تفرد به هذا الوجه. ورواه مسلم عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن عمر بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة، عن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء بنحوه.
وقال أحمد: حدثنا هشيم، حدثنا حفص بن ميسرة، عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، أن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء قال: "كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا ما كان من مريم وابنها، ألم تر إلى الصبي حين يسقط كيف يصرخ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: ذلك حين يلكزه الشيطان بحضنيه".
وهذا على شرط مسلم ولم يخرجه من هذا الوجه، ورواه قيس عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء: "ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى بن مريم ومريم" ثم قرأ رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء: {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}.
وكذا رواه محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبيد الله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء. بأصل الحديث.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الملك، حدثنا المغيرة هو ابن عبد الرحمن الحزامي، عن ابن الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء قال: "كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب". وهذا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه من هذا الوجه.
وقوله: {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا} ذكر كثير من المفسرين أن أمها حين وضعتها لفتها في خروقها ثم خرجت بها إلى المسجد فسلمتها إلى العباد الذين هم مقيمون به، وكانت ابنة إمامهم وصاحب صلاتهم، فتنازعوا فيها، والظاهر أنها إنما سلمتها إليهم بعد رضاعها وكفالة مثلها في صغرها.
ثم لما دفعتها إليهم تنازعوا في أيهم يكفلها، وكان زكريا نبيهم في ذلك الزمان، وقد أراد أن يستبد بها دونهم من أجل زوجته أختها - أو خالتها على القولين. فشاحوه في ذلك وطلبوا أن يقترع معهم، فساعدته المقادير فخرجت قرعته غالبة لهم وذلك أن الخالة بمنزلة الأم.
قال الله تعالى: {وكفلها زكريا} أي بسبب غلبه لهم في القرعة كما قال تعالى {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون} قالوا: وذلك أن كلا منهم ألقى قلمه معروفا به، ثم حملوها ووضعوها في موضع وأمروا غلاما لم يبلغ الحنث فأخرج واحدا منها وظهر قلم زكريا عليه السلام. فطلبوا أن يقترعوا مرة ثانية وأن يكون ذلك بأن ألقوا أقلامهم في النهر فأيهم جرى قلمه على خلاف جرية الماء فهو الغالب ففعلوا فكان قلم زكريا هو الذي جرى على خلاف جرية الماء، وسارت أقلامهم مع الماء ثم طلبوا منه أن يقترعوا ثالثة فأيهم جرى قلمه مع الماء ويكون بقية الأقلام قد انعكس سيرها صعدا فهو الغالب ففعلوا فكان زكريا هو الغالب لهم فكفلها إذ كان أحق بها شرعا وقدرا لوجوه عديدة.
قال الله تعالى: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} قال المفسرون: اتخذ لها زكريا مكانا شريفا من المسجد لا يدخله سواها، فكانت تعبد الله فيه وتقوم مما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها، حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني إسرائيل، واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة حتى إنه كان نبي الله زكريا كلما دخل عليها موضع عبادتها يجد عندها رزقا غريبا في غير أوانه. فكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف فيسألها {أنى لك هذا} فتقول {هو من عند الله} أي رزق رزقنيه الله {يرزق من يشاء بغير حساب}.
فعند ذلك وهنالك طمع زكريا في وجود ولد له من صلبه وإن كان قد أسن وكبر {قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} قال بعضهم: قال: يا من يرزق مريم الثمر في غير أبانه هب لي ولدا وإن كان في غير أوانه. فكان من خبره وقضيته ما قدمنا ذكره في قصته.
{قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون، إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين، قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين، ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعوني، إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}.
يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها من بين سائر نساء عالمي زمانها، بأن اختارها لإيجاد ولد منها من غير أب وبشرت بأن يكون نبيا شريفا {يكلم الناس في المهد} أي في صغره يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكذلك في حال كهوليته، فدل على أنه يبلغ الكهولة ويدعو إلى الله فيها، وأمرت بكثرة العبادة والقنوت والسجود والركوع لتكون أهلا لهذه الكرامة ولتقوم بشكر هذه النعمة، فيقال إنها كانت تقوم في الصلاة حتى تفطرت قدماها رضي الله عنها ورحمها ورحم أمها وأباها.
فقول الملائكة: {يا مريم إن الله اصطفاك} أي اختارك واجتباك {وطهرك} أي من الأخلاق الرذيلة وأعطاك الصفات الجميلة {واصطفاك على نساء العالمين}. يحتمل أن يكون المراد عالمي زمانها كقوله لموسى {إني اصطفيتك على الناس}. وكقوله عن بني إسرائيل {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام أفضل من موسى، وأن محمدا الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء أفضل منهما، وكذلك هذه الأمة أفضل من سائر الأمم قبلها وأكثر عددا وأفضل علما وأزكى عملا من بني إسرائيل وغيرهم.
ويحتمل أن يكون قوله: {واصطفاك على نساء العالمين} محفوظ العموم فتكون أفضل نساء الدنيا ممن كان قبلها أو جد بعدها لأنها إن كانت نبية على قول من يقول بنبوتها ونبوة سارة أم إسحاق ونبوة أم موسى محتجا بكلام الملائكة والوحي إلى أم موسى، كما يزعم ذلك ابن حزم وغيره، فلا يمتنع على هذا أن تكون مريم أفضل من سارة وأم موسى لعموم قوله {واصطفاك على نساء العالمين} إذ لم يعارضه غيره. والله أعلم.
وأما قول الجمهور كما قد حكاه أبو الحسن الأشعري وغيره عن أهل السنة والجماعة من أن النبوة مختصة بالرجال، وليس في النساء نبية فيكون أعلى مقامات مريم كما قال الله تعالى {المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة} فعلى هذا لا يمتنع أن تكون أفضل الصديقات المشهورات ممن كان قبلها وممن يكون بعدها. والله أعلم. وقد جاء ذكرها مقرونا مع آسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء ورضي الله عنهن وأرضاهن.
وقد روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عديدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء: "خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد".
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء: "حسبك من نساء العالمين بأربع، مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد".
ورواه الترمذي عن أبي بكر بن زنجويه، عن عبد الرزاق به وصححه، ورواه ابن مردويه من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي وابن عساكر من طريق تميم بن زياد، كلاهما عن جعفر الرازي، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء: "خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد رسول الله".
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيبب، قال: كان أبو هريرة يحدث أن النبي الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء قال: "خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في ذات يده" قال أبو هريرة: ولم تركب مريم بعيرا قط. وقد رواه مسلم في صحيحه عن محمد بن رافع وعبد الله بن حميد، كلاهما عن عبد الرزاق به.
وقال أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني موسى بن علي، سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء: "خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرأفه بزوج على قلة ذات يده" قال أبو هريرة: وقد علم رسول الله الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء أن ابنة عمران لم تركب الإبل. تفرد به وهو على شرط الصحيح.
ولهذا الحديث طرق آخر عن أبي هريرة.






الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء الانبياء عيسي عليه السلام  الانبياء عيسي عليه السلام الانبياء



ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك



منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





rww hghkfdhx udsd ugdi hgsghl hgslhx ugdi




rww hghkfdhx udsd ugdi hgsghl hgslhx ugdi rww hghkfdhx udsd ugdi hgsghl hgslhx ugdi



 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:14 PM

قديم 05-07-2016   #2
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خط رسول الله في الأرض أربع خطوط فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله : "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون" ورواه النسائي من طرق عن داود بن أبي هند.
وقد رواه ابن عساكر من طريق أبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث، حدثنا يحيى بن حاتم العسكري، أنبأنا بشر بن مهران بن حمدان، حدثنا محمد بن دينار، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله : "حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين: فاطمة بنت محمد، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران".
وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا وهب بن بقيه حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة، أنها قالت لفاطمة: أرأيت حين أكببت على رسول الله فبكيت ثم ضحكت؟ قالت: أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أكببت عليه فأخبرني أني أسرع أهله لحوقا به وأني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت.
وأصل هذا الحديث في الصحيح. وهذا إسناد على شرط مسلم وفيه أنهما أفضل الأربع المذكورات.
وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا جرير، عن يزيد هو ابن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران. إسناده حسن وصححه الترمذي ولم يخرجوه، وقد روي نحوه من حديث علي بن أبي طالب ولكن إسناده ضعف.
والمقصود أن هذا يدل على أن مريم وفاطمة أفضل هذه الأربع. ثم يحتمل الاستثناء أن تكون مريم أفضل من فاطمة ويحتمل أن يكونا على السواء في الفضيلة.
لكن ورد حديث إن صح عين الاحتمال الأول فقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: أنبأنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا، قالوا أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أحمد بن سلمان، حدثنا الزبير هو أبي بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون".
فإن كان هذا اللفظ محفوظا بثم التي للترتيب فهو مبين لأحد الاحتمالين اللذين دل عليهما الإستثناء، وتقدم على ما تقدم من الألفاظ التي وردت بواو العطف التي لا تقتضي الترتيب ولا تنفيه. والله أعلم.
وقد روى هذا الحديث أبو حاتم الرازي عن داود الجعفري، عن عبد العزيز بن محمد وهو الدراوردي، عن ابراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس مرفوعا. فذكره بواو العطف لا بثم الترتيبية، فخالفه إسنادا ومتنا. فالله أعلم.
فأما الحديث الذي رواه ابن مردويه من حديث شعبة، عن معاوية ابن قرة، عن أبيه قال: قال رسول الله :
"كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث: مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" وهكذا الحديث الذي رواه الجماعة إلا أبا داود من طرق، عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة الهمداني، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله : " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
فإنه حديث صحيح كما ترى اتفق الشيخان على إخراجه، ولفظه يقتضي حصر الكمال في النساء في مريم وآسية، ولعل المراد بذلك في زمانهما فإن كلا منهما كفلت نبيا في حال صغره، فآسية كفلت موسى الكليم، ومريم كفلت ولدها عبد الله ورسوله، فلا ينفي كمال غيرهما في هذه الأمة كخديجة وفاطمة.
فخديجة خدمت رسول الله قبل البعثة خمسة عشر سنة وبعدها أزيد من عشر سنين، وكانت له وزير صدق بنفسها ومالها، رضي الله عنها وأرضاها.
وأما فاطمة بنت رسول الله فإنها خصت بمزيد فضيلة على أخواتها لأنها أصيبت برسول الله وبقية أخواتها متن في حياة النبي .
وأما عائشة فإنها كانت أحب أزواج رسول الله إليه ولم يتزوج بكرا غيرها، ولا يعرف في سائر النساء في هذه الأمة بل ولا في غيرها أعلم منها ولا أفهم، وقد غار الله لها حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فأنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات، وقد عمرت بعد رسول الله قريبا من خمسين سنة تبلغ عنه القرآن والسنة وتفتي المسلمين وتصلح بين المختلفين وهي أشرف أمهات المؤمنين حتى خديجة بنت خويلد أم البنات والبنين في قول طائفة من العلماء السابقين واللاحقين، والأحسن الوقف فيها رضي الله عنها وما ذاك إلا لأن قوله : "وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" يحتمل أن يكون عاما بالنسبة إلى المذكورات وغيرهن ويحتمل أن يكون عاما بالنسبة إلى ما عدا المذكورات. والله أعلم.
والمقصود ها هنا ذكر ما يتعلق بمريم بنت عمران عليها السلام، فإن الله طهرها واصطفاها على نساء عالمي زمانها، ويجوز أن يكون تفضيلها على النساء مطلقا كما قدمنا، وقد ورد في حديث أنها من أزواج النبي في الجنة هي وآسية بنت مزاحم وقد ذكرنا في التفسير عن بعضهم السلف أنه قال ذلك واستأنس بقوله: {ثيبات وأبكارا} قال: فالثيب آسية ومن الأبكار مريم بنت عمران وقد ذكرناه في آخر سورة التحريم. فالله أعلم.
قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن ناجية، حدثنا محمد بن سعد العوفي، حدثنا أبي أنبأنا عمي الحسين، حدثنا يونس بن نفيع، عن سعد بن جنادة، هو العوفي، قال: قال رسول الله : "إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى" رواه ابن جعفر العقيلي من حديث عبد النور به وزاد فقلت: هنيئا لك يا رسول الله. ثم قال العقيلي: وليس بمحفوظ.
وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الحسن، عن يعلى بن المغيرة عن أبي داود، قال: دخل رسول الله على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه فقال لها: "بالكره مني ما أرى منك يا خديجة، وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا، أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون"؟ قالت: وقد فعل الله بك ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. قالت بالرفاء والبنين.
وروى ابن عساكر من حديث محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا العباس بن بكار، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله دخل على خديجة وهي في مرض الموت فقال: يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام" قالت: يا رسول الله وهل تزوجت قبلي؟ قال: "لا.. ولكن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى".
وروى ابن عساكر من طريق سويد بن سعيد، حدثنا محمد بن صالح بن عمر، عن الضحاك ومجاهد، عن ابن عمر، قال: نزل جبريل إلى رسول الله بما أرسل به وجلس يحدث رسول الله إذ مرت خديجة، فقال جبريل: من هذه يا محمد؟ قال: هذه صديقة أمتي. قال جبريل: معي إليها رسالة من الرب عز وجل يقرئها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب بعيد عن اللهب لا نصب فيه ولا صخب. قالت: الله السلام ومنه السلام والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته على رسول الله، ما ذلك البيت الذي من قصب؟ قال: "لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم، وهما من أزواجي يوم القيامة".
وأصل السلام على خديجة من الله وبشارتها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا وصب في الصحيح، ولكن هذا السياق بهذه الزيادات غريب جدا. وكل من هذه الأحاديث في أسانيدها نظر.
وروى ابن عساكر من حديث أبي زرعة الدمشقي، حدثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية، عن صفوان بن عمرو، عن خالد بن معدان عن كعب الأحبار أن معاوية سأله عن الصخرة يعني صخرة بيت المقدس فقال: الصخرة على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم ينظمان سموط أهل الجنة حتى تقوم الساعة.
ثم رواه من طريق إسماعيل، عن عياش، عن ثعلبة بن مسلم، عن مسعود، عن عبد الرحمن، عن خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت عن النبي بمثله. وهذا منكر من هذا الوجه بل هو موضوع.
وقد رواه أبو زرعة عن عبد الله بن صالح، عن معاوية عن مسعود بن عبد الرحمن، عن ابن عابد، أن معاوية سأل كعبا عن صخرة بيت المقدس فذكره.
قال الحافظ بن عساكر: وكونه من كلام كعب الأحبار أشبه.
قلت: وكلام كعب الأحبار هذا إنما تلقاه من الإسرائيليات التي منها ما هو مكذوب مفتعل وضعه بعض زنادقتهم أو جهالهم، وهذا منه والله أعلم.





 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:15 PM

قديم 05-07-2016   #3
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







قال الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا، قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا، قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا، قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكن بغيا، قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا، فحملته فانتبذت به مكانا قصيا، فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا، وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا، فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا، فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا، يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا، فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا، قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا، وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا، ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون، ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم، فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم}.

ذكر الله تعالى هذه القصة بعد قصة زكريا التي هي كالمقدمة لها والتوطئة قبلها كما ذكر في سورة آل عمران، قرن بينهما في سياق واحد وكما قال في سورة الأنبياء {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين، والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين}.
وقد تقدم أن مريم لما جعلتها أمها محررة تخدم بيت المقدس، وأنه كفلها زوج أختها أو خالتها نبي ذلك الزمان زكريا عليه السلام، وأنه اتخذ لها محرابا وهو المكان الشريف من المسجد لا يدخله أحد عليها سواه، وأنها لما بلغت اجتهدت في العبادة فلم يكن في ذلك الزمان نظيرها في فنون العبادات، وظهر عليها من الأحوال ما غبطها به زكريا عليه السلام وأنها خاطبتها الملائكة بالبشارة لها باصطفاء الله لها، وبأنه سيهب لها ولدا زكيا يكون نبيا كريما طاهرا مكرما مؤيدا بالمعجزات، فتعجبت من وجود ولد من غير والد، لأنها لا زوج لها، ولا هي ممن تتزوج فاخبرتها الملائكة بأن الله قادر على ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، فاستكانت لذلك وأنابت وسلمت لأمر الله، وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها، فإن الناس يتكلمون فيها بسببه، لأنهم لا يعلمون حقيقة الأمر، وإنما ينظرون إلى ظاهر الحال من غير تدبر ولا تعقل.
وكانت إنما تخرج من المسجد في زمن حيضها أو لحاجة ضرورة لابد منها من استقاء ماء أو تحصيل غذاء، فبينما هي يوما قد خرجت لبعض شؤونها و{انتبذت} أي انفردت وحدها شرقي المسجد الأقصى إذ بعث الله إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام {فتمثل لها بشرا سويا} فلما رأته {قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا} قال أبو العالية: علمت أن التقي ذو نهية. وهذا يرد قول من زعم أنه كان في بني إسرائيل رجل فاسق مشهور بالفسق اسمه "تقي" فإن هذا قول باطل بلا دليل، وهو من أسخف الأقوال.
{قال إنما أنا رسول ربك} أي خاطبها الملك قائلا {قال إنما أنا رسول ربك} أي لست ببشر ولكني ملك بعثني الله إليك {لأهب لك غلاما زكيا} أي ولدا زكيا.
{قالت أنى يكون لي غلام} أي كيف يكون لي غلام أو يوجد لي ولد {ولم يمسسني بشر ولم أكن بغيا} أي ولست ذات زوج وما أنا ممن يفعل الفاحشة { قال كذلك قال ربك هو علي هين} أي فأجابها الملك عن تعجبها من وجود ولد منها والحالة هذه قائلا {كذلك قال ربك} أي وعد أنه سيخلق منك غلاما ولست بذات بعل ولا تكونين ممن تبغين {هو علي هين} أي وهذا أسهل عليه ويسير لديه، فإنه على ما يشاء قدير.
وقوله {ولنجعله آية للناس} أي ولنجعل خلقه والحالة هذه دليلا على كمال قدرتنا على أنواع الخلق، فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى. وقوله {ورحمة منا} أي نرحم به العباد بأن يدعوهم إلى الله في صغره وكبره في طفوليته وكهوليته، بأن يفردوا الله بالعبادة وحده لا شريك له وينزهوه عن اتخاذ الصاحبة والأولاد والشركاء والنظراء والأضداد والأنداد.
وقوله: {وكان أمرا مقضيا}. يحتمل أن يكون هذا من تمام كلام جبريل معها، يعني أن هذا أمر قد قضاه الله وحتمه وقدره وقرره، وهذا معنى قول محمد بن إسحاق واختاره ابن جرير، ولم يحك سواه. والله أعلم.
ويحتمل أن يكون قوله {وكان أمرا مقضيا} كناية عن نفخ جبريل فيها كما قال تعالى: {ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا}.
فذكر غير واحد من السلف أن جبريل نفخ في جيب درعها فنزلت النفخة إلى فرجها فحملت من فورها كما تحمل المرأة عند جماع بعلها. ومن قال إنه نفخ في فمها أو أن الذي كان يخاطبها هو الروح الذي ولج فيها من فمها، فقوله خلاف ما يفهم من سياقات هذه القصة في محالها من القرآن، فإن هذا السياق يدل على أن الذي أرسل إليها ملك من الملائكة وهو جبريل عليه السلام، وأنه لما نفخ فيها الروح ولم يواجه الملك الفرج بل نفخ في جيبها فنزلت النفخة إلى فرجها فانسلكت فيه، كما قال تعالى: {فنفخنا فيه من روحنا} فدل على أن النفخة ولجت فيه لا في فمها، كما رواه السدي بإسناده عن بعض الصحابة.
ولهذا قال تعالى: {فحملته} أي فحملت ولدها {فانتبذت به مكانا قصيا} وذلك لأن مريم عليها السلام لما حملت ضاقت به ذرعا، وعلمت أن كثيرا من الناس سيكون منهم كلام في حقها، فذكر غير واحد من السلف منهم وهب بن منبه أنها لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك رجل من عباد بني إسرائيل يقال له يوسف بن يعقوب النجار، وكان ابن خالها فجعل يتعجب من ذلك عجبا شديدا، وذلك لما يعلم من ديانتها ونزاهتها وعبادتها وهو مع ذلك يراها حبلى وليس لها زوج، فعرض لها ذات يوم في الكلام فقال: يا مريم هل يكون زرع من غير بذر؟ قالت: نعم، فمن خلق الزرع الأول. ثم قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت: نعم إن الله خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى. قال لها: فأخبريني خبرك. فقالت: إن الله بشرني {الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين}.
ويروى مثل هذا عن زكريا عليه السلام أنه سألها فأجابته بمثل هذا. والله أعلم.
وذكر السدي بإسناده عن الصحابة: أن مريم دخلت يوما على أختها فقالت لها أختها: أشعرت أني حبلى؟ فقالت مريم: وشعرت أيضا أني حبلى؟ فاعتنقتها وقالت لها أم يحيى: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك وذلك قوله {مصدقا بكلمة من الله} ومعنى السجود ها هنا الخضوع والتعظيم، كالسجود عند المواجهة للسلام كما كان في شرع من قبلنا، وكما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم.
وقال أبو القاسم: قال مالك: بلغني أن عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا ابنا خالة وكان حملها جميعا معا، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك. قال مالك: أرى ذلك لتفضيل عيسى عليه السلام، لأن الله تعالى جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص. رواه ابن أبي حاتم.
وروى عن مجاهد قال: قالت مريم كنت إذا خلوت حدثني وكلمني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني.
ثم الظاهر أنها حملت به تسعة أشهر كما تحمل النساء ويضعن لميقات حملهن ووضعن، إذ لو كان خلاف ذلك لذكر.
وعن ابن عباس وعكرمة أنها حملت به ثمانية أشهر، وعن ابن عباس ما هو إلا أن حملت به فوضعته. قال بعضهم: حملت به تسع ساعات واستأنسوا لذلك بقوله {فحملته فانتبذت به مكانا قصيا، فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة}.
والصحيح أن تعقيب كل شيء بحسبه، كقوله: {فتصبح الأرض مخضرة} وكقوله: {ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} ومعلوم أن بين كل حالين أربعين يوما كما ثبت في الحديث المتفق عليه.
قال محمد بن إسحاق: شاع واشتهر في بني إسرائيل أنها حامل، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل بيت زكريا.
قال: واتهمها بعض الزنادقة بيوسف الذي كان يتعبد معها في المسجد، وتوارت عنهم مريم واعتزلتهم وانتبذت مكانا قصيا.
وقوله: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} أي فألجأها واضطرها الطلق إلى جذع النخلة، وهو بنص الحديث الذي رواه النسائي بإسناد لابأس به عن أنس مرفوعا والبيهقي بإسناد وصححه عن شداد بن أوس مرفوعا أيضا ببيت لحم الذي بنى عليه بعض ملوك الروم فيما بعد على ما سنذكره هذا البناء المشاهد الهائل.
{قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتن، وذلك أنها علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها بل يكذبونها حين تأتيهم بغلام على يدها، مع أنها قد كانت عندهم من العابدات الناسكات المجاورات في المسجد المنقطعات إليه المعتكفات فيه، ومن بيت النبوة والديانة فحملت بسبب ذلك من الهم ما تمنت أن لو كانت ماتت قبل هذا الحال أو كانت {نسيا منسيا} أي لم تخلق بالكلية.
وقوله: {فناداها من تحتها} وقرأ من تحتها على الخفض وفي المضمر قولان: أحدهما أنه جبريل. قاله العوفي عن ابن عباس قال: ولم يتكلم عيسى إلا بحضرة القوم. وبهذا قال سعيد بن جبير وعمرو بن ميمون والضحاك والسدي وقتادة. وقال مجاهد والحسن وابن زيد وسعيد بن جبير في رواية: هو إبنها عيسى. واختاره ابن جرير.
وقوله { ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا}. قيل النهر وإليه ذهب الجمهور وجاء فيه حديث رواه الطبراني لكنه ضعيف واختاره ابن جرير وهو الصحيح وعن الحسن والربيع بن أناس وبن أسلم وغيرهم أنه ابنها. والصحيح الأول لقوله {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} فذكر الطعام والشراب ولهذا قال {فكلي واشربي وقري عينا}.
ثم قيل: كان جذع النخلة يابسا وقيل كانت نخلة مثمرة فالله أعلم. ويحتمل أنها كانت نخلة، لكنها لم تكن مثمرة إذ ذاك، لأن ميلاده كان في زمن الشتاء وليس ذاك وقت ثمر، وقد يفهم ذلك من قوله تعالى على سبيل الأمتنان {تساقط عليك رطبا جنيا} قال عمرو بن ميمون: ليس شيء أجود للنفساء من التمر والرطب ثم تلا هذه الآية. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا شيبان، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله : "أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم وليس من الشجر شيء يلقح غيرها" وقال رسول الله : "أطعموا نساءكم الولد الرطب، فإن لم يكن رطب فتمر، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران".
وكذا رواه أبو يعلى في مسنده عن شيبان بن فروخ، عن مسروق بن سعيد، وفي رواية مسرور بن سعد. والصحيح مسرور بن سعيد التميمي، أورد له بن عدي هذا الحديث عن الأوزاعي به ثم قال: وهو منكر الحديث ولم أسمع بذكره إلا في هذا الحديث.
وقال ابن حبان: يروى عن الأوزاعي المناكير الكثيرة التي لا يجوز الاحتجاج ممن يرويها.






 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:17 PM

قديم 05-07-2016   #4
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







وقوله: {فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا}. وهذا من تمام كلام الذي ناداها من تحتها قال: {فكلي واشربي وقري عينا، فإما ترين من البشر أحدا} أي فإن رأيت أحدا من الناس {فقولي} له أي بلسان الحال والإشارة {إني نذرت للرحمان صوما} أي صمتا، وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام. قاله قتادة والسدي وابن أسلم.
ويدل على ذلك قوله: {فلن أكلم اليوم إنسيا} فأما في شريعتنا فيكره للصائم صمت يوم إلى الليل.
وقوله تعالى: {فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا، يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} ذكر كثير من السلف ممن ينقل عن أهل الكتاب أنهم لما افتقدوها من بين أظهرهم ذهبوا في طلبها فمروا على محلتها والأنوار حولها، فلما واجهوها وجدوا معها ولدها فقالوا لها: {يا مريم لقد جئت شيئا فريا} أي أمرا عظيما منكرا، وفي هذا الذي قالوه نظر، مع أنه كلام ينقض أوله آخره وذلك لأن ظاهر سياق القرآن العظيم يدل على أنها حملته بنفسها وأتت به قومها وهي تحمله. قال ابن عباس: وذلك بعدما تعالت من نفاسها بعد أربعين يوما.
والمقصود أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها {يا مريم لقد جئت شيئا فريا} والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة من الفعال والمقال.
ثم قالوا لها {يا أخت هارون} قيل شبهوها بعابد من عباد زمانهم كانت تساميه في العبادة وكان اسمه هارون. قاله سعيد بن جبير. وقيل أرادوا بهارون أخا موسى شبهوها به في العبادة وأخطأ محمد بن كعب القرظي في زعمه أنها أخت موسى وهارون نسبا فإن بينهما من الدهور الطويلة ما لا يخفى على أدنى من عنده من العلم ما يرده عن هذا القول الفظيع، وكأنه غره أن في التوراة أن مريم أخت موسى وهارون ضربت بالدف يوم نجا الله موسى وقومه وأغرق فرعون وملأه، فاعتقد أن هذه هي هذه.
وهذا في غاية البطلان والمخالفة للحديث الصحيح مع نص القرآن كما قررناه في التفسير مطولا ولله الحمد والمنة.
وقد ورد الحديث الصحيح الدال على أنه قد كان لها أخ اسمه هارون وليس في ذكر قصة ولادتها وتحرير أمها لها ما يدل على أنها ليس لها أخ سواها. والله أعلم.
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن إدرس، سمعت أبي يذكره، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله إلى نجران فقالوا: أرأيت ما تقرأون: {يا أخت هارون} وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال فرحت فذكرت ذلك لرسول الله فقال: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم".
وكذا رواه مسلم والنسائي والترمذي من حديث عبد الله بن إدريس، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديثه وفي رواية: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يتسمون بأسماء صالحيهم وأنبيائهم".
وذكر قتادة وغيره أنهم كانوا يكثرون من التسمية بهارون حتى قيل إنه حضر بعض جنائزهم بشر كثير منهم ممن يسمى بهارون أربعون ألفا. فالله أعلم.
والمقصود أنهم قالوا: {يا أخت هارون} ودل الحديث على أنها قد كان لها أخ نسبي اسمه هارون وكان مشهورا بالدين والصلاح والخير، ولهذا قالوا: {ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} أي لست من بيت هذا شيمتهم ولا سجيتهم لا أخوك ولا أمك ولا أبوك، فاتهموها بالفاحشة العظمى ورموها بالداهية الدهياء.
فذكر ابن جرير في تاريخه أنهم اتهموا بها زكريا وأرادوا قتله ففر منهم فلحقوه وقد انشقت له الشجرة فدخلها وأمسك إبليس بطرف رداءه فنشره فيها كما قدمناه. ومن المنافقين من أتهمها بابن خالها يوسف بن يعقوب النجار.
فلما ضاق الحال وانحصر المجال وامتنع المقال، عظم التوكل على ذي الجلال، ولم يبقى إلا الإخلاص والإتكال {فأشارت إليه} أي خاطبوه وكلموه فإن جوابكم عليه وما تبغون من الكلام لديه، فعندما {قالوا} من كان منهم جبارا شقيا: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا} أي كيف تحيلين في الجواب على صبي صغير لا يعقل الخطاب، وهو مع ذلك رضيع في مهده ولا يميز بين مخض وزبدة، وما هذا منك إلا على سبيل التهكم بنا والاستهزاء والتنقص لنا والازدراء، إذ لا تردين علينا قولا نطقيا، بل تحيلين في الجواب على من كان في المهد صبيا.
فعندها {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أين ما كنت ?وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا، وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}.
هذا أول كلام تفوه به عيسى بن مريم، فكان أول ما تكلم به أن {قال إني عبد الله} اعترف لربه تعالى بالعبودية وأن الله ربه فنزه جناب الله عن قول الظالمين في زعمهم أنه ابن الله، بل هو عبده ورسوله وابن أمته، ثم برأ أمه مما نسبها إليه الجاهلون وقذفوها به ورموها بسببه بقوله: {آتاني الكتاب وجعلني نبيا} فإن الله لا يعطي النبوة من هو كما زعموا لعنهم الله وقبحهم، كما قال تعالى {وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما} وذلك أن طائفة من اليهود في ذلك الزمان قالوا إنها حملت به من زنى في زمن الحيض، لعنهم الله فبرأها الله من ذلك وأخبر عنها أنها صديقة واتخذ ولدها نبيا مرسلا أحد أولي العزم الخمسة الكبار ولهذا قال: {وجعلني مباركا أين ما كنت} وذلك أنه حيث كان دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونزه جنابه عن النقص والعيب من اتخاذ الولد والصاحبة تعالى وتقدس {وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا} وهذه وظيفة العبيد في القيام بحق العزيز الحميد بالصلاة، والإحسان إلى الخليقة بالزكاة، وهي تشتمل على طهارة النفوس من الأخلاق الرذيلة وتطهير الأموال الجزيلة بالعطية للمحاويج على اختلاف الأصناف وقرى الأضياف والنفقات على الزوجات والأرقاء والقرابات وسائر وجوه الطاعات وأنواع القربات.
ثم قال: {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا} أي وجعلني برا بوالدتي وذلك أنه تأكد حقها عليه لتمحض جهتها إذ لا والد له سواها، فسبحان من خلق الخليقة وبراها وأعطى كل نفس هداها، {ولم يجعلني جبارا شقيا} أي لست بفظ ولا غليظ، ولا يصدر مني قول ولا فعل ينافي أمر الله وطاعته.
{والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} وهذه المواطن الثلاثة التي تقدم الكلام عليها في قصة يحيى بن زكريا عليهما السلام.






 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:18 PM

قديم 05-07-2016   #5
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







ثم لما ذكر تعالى قصته على الجلية وبين أمره ووضحه وشرحه قال: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون، ما كان لها أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} كما قال تعالى بعد ذكر قصته وما كان من أمره في آل عمران: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم، إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون، الحق من ربك فلا تكن من الممترين، فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين، إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم، فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين}.

ولهذا لما قدم وفد نجران وكانوا ستين راكبا يرجع أمرهم إلى أربعة عشر منهم، ويؤول أمر الجميع إلى ثلاثة هم أشرافهم وساداتهم وهم العاقب والسيد وأبو حارثة بن علقمة، فجعلوا يناظرون في أمر المسيح فأنزل الله صدر سورة آل عمران في ذلك، وبين أمر المسيح وابتداء خلقه وخلق أمه من قبله، وأمر رسوله بأن يباهلهم إن لم يستجيبوا له ويتبعوه، فلما رأوا عينيها وأذنيها نكصوا وامتنعوا عن المباهلة وعدلوا إلى المسالمة والموادعة وقال قائلهم وهو العاقب عبد المسيح: يا معشر النصارى لقد علمتم أن محمدا لنبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنها للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم، فطلبوا ذلك من رسول الله وسألوه أن يضرب عليهم جزية وأن يبعث معهم رجلا أمينا، فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وقد بينا ذلك في تفسير آل عمران وقد بسطنا هذه القصة في السيرة النبوية.
والمقصود أن الله تعالى بين أمر المسيح فقال لرسوله: {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} يعني من أنه عبد مخلوق من امرأة من عباد الله، ولهذا قال: {ما كان لهأ أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} أي لا يعجزه شيء ولا يكرثه ولا يؤوده بل هو القدير الفعال لما يشاء {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} وقوله: {إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} هو من تمام كلام عيسى لهم في المهد، أخبرهم أن الله ربه وربهم وإلهه وإلههم، وأن هذا هو الصراط المستقيم.
قال الله تعالى: {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم} أي فاختلف أهل ذلك الزمان ومن بعدهم فيه.
فمن قائل من اليهود: إنه ولد زنية، واستمروا على كفرهم وعنادهم.
وقابلهم آخرون في الكفر فقالوا: هو الله وقال آخرون: هو ابن الله.
وقال المؤمنون: هو عبد الله ورسوله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وهؤلاء هم الناجون والمثابون والمؤيدون المنصورون ومن خالفهم في شيء من هذه القيود فهم الكافرون الضالون الجاهلون، وقد توعدهم العلي العظيم الحكيم العليم بقوله: {فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم}.
قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، أنبأنا الوليد، حدثنا الأوزاعي، حدثني عمير بن هانئ، حدثني جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، عن النبي قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل".
قال الوليد: فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عمير، عن جنادة: وزاد: من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء.
وقد رواه مسلم عن داود بن رشيد، عن الوليد، عن جابر به ومن طريق أخرى عن الأوزاعي به.





 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:21 PM

قديم 05-07-2016   #6
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام








وقال تعالى في آخر هذه السورة: {وقالوا اتخذ الرحمان ولدا، لقد جئتم شيئا إدا} شيئا عظيما ومنكرا من القول وزورا {تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، أن دعوا للرحمان ولدا، وما ينبغي للرحمان أن يتخذ ولدا، إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا}.

فبين أنه تعالى لا ينبغي له الولد لأنه خالق كل شيء ومالكه، وكل شيء فقير إليه، خاضع ذليل لديه وجميع سكان السماوات والأرض عبيده، هو ربهم لا إله إلا هو ولا رب سواه كما قال تعالى: {وجعلوا له شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون، بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم، ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}.
فبين أنه خالق كل شيء فكيف يكون له ولد، والولد لا يكون إلا بين شيئين متناسبين، والله تعالى لا نظير له ولا شبيه ولا عديل له، فلا صاحبة له، فلا يكون له ولد كما قال تعالى: {قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد}
يقرر أنه الأحد الذي لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله {الصمد} وهو السيد الذي كمل في علمه وحكمته ورحمته بلغ جميع صفاته {لم يلد} أي لم يوجد منه ولد {ولم يولد} أي ولم يتولد عن شيء قبله {ولم يكن له كفوا أحد} أي وليس له عدل ولا مكافئ. ولا مساو فقطع النظير المداني والأعلى والمساوي، فانتفى أن يكون له ولد، إذ لا يكون الولد إلا متولدا بين شيئين متعادلين أو متقاربين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال تبارك وتعالى وتقدس: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا، لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا، فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا}.
ينهى تعالى أهل الكتاب ومن شابههم عن الغلو والإطراء في الدين وهو مجاوزة الحد، فالنصارى لعنهم الله غلوا وأطروا المسيح حتى جاوزوا الحد.
فكان الواجب عليهم أن يعتقدوا أنه عبد الله ورسوله وابن أمته العذراء البتول التي أحصنت فرجها فبعث الله الملك جبريل إليها فنفخ فيها عن أمر الله نفخة حملت منها بولدها عيسى عليه السلام، والذي اتصل بها من الملك هي الروح المضافة إلى الله إضافة تشريف وتكريم، وهي مخلوقة من مخلوقات الله تعالى كما يقال: بيت الله وناقة الله وعبد الله، وكذا روح الله أضيفت إليه تشريفا لها وتكريما. وسمي عيسى بها لأنه كان بها من غير أب وهي الكلمة التي أيضا التي عنها خلق وبسببها وجد كما قال تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}. وقال تعالى: {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون، بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون}.
وقال تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون}.
فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى عليهم لعائن الله كل من الفريقين ادعوا على الله شططا وزعموا أن له ولدا، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وأخبر أنهم ليس لهم مستند فيما زعموه ولا فيما أئتفكوه، إلا بمجرد القول ومشابهة من سبقهم إلى هذه المقالة الضالة تشابهت قلوبهم.
وذلك أن الفلاسفة عليهم لعنة الله زعموا أن العقل الأول صدر عن واجب الوجود الذي يعبرون عنه بعلة العلل والمبدأ الأول وأنه صدر عن العقل الأول عقل ثان ونفس وفلك، ثم صدر عن الثاني كذلك حتى تناهت العقول إلى عشرة والنفوس إلى تسعة والأفلاك إلى تسعة، باعتبارات فاسدة ذكروها واختيارات باردة أوردوها. ولبسط الكلام معهم وبيان جهلهم وقلة عقلهم موضع آخر.
وهكذا طوائف من مشركي العرب زعموا لجهلهم أن الملائكة بنات الله وأنه صاهر سروات الجن فتولد منهما الملائكة تعالى الله عما يقولون وتنزه عما يشركون. كما قال تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} وقال تعالى: {فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون، أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون، ألا إنهم من إفكهم ليقولون، ولد الله وإنهم لكاذبون، أاصطفى البنات على البنين، ما لكم كيف تحكمون، أفلا تذكرون، أم لكم سلطان مبين، فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين، وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون، سبحان الله عما يصفون، إلا عباد الله المخلصين}.
وقال تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمان ولدا سبحانه بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون، ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}.
وقال تعالى في أول سورة الكهف وهي مكية: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا، ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا}.
وقال تعالى: {قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون، قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون}.
فهذه الآيات المكيات الكريمات تشمل الرد على سائر فرق الكفرة من الفلاسفة ومشركي العرب واليهود والنصارى الذين ادعوا وزعموا بلا علم أن لله ولدا سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا.
ولما كانت النصارى عليهم لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة من أشهر من قال بهذه المقالة ذكروا في القرآن كثيرا للرد عليهم وبيان تناقضهم، وقلة علمهم، وكثرة جهلهم. وقد تنوعت أقوالهم في كفرهم، وذلك أن الباطل كثير التشعب والاختلاف والتناقض.
وأما الحق فلا يختلف ولا يضطرب قال الله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فدل على أن الحق يتحد ويتفق والباطل يختلف ويضطرب. فطائفة من ضلالهم وجهالهم زعموا أن المسيح هو الله تعالى. وطائفة قالوا هو ابن الله، عز الله. وطائفة قالوا هو ثالث ثلاثة. جل الله.
قال الله تعالى في سورة المائدة: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولهأ ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير}.
فأخبر تعالى عن كفرهم وجهلهم وبين أنه الخالق القادر على كل شيء وأنه رب كل شيء ومليكه وإلهه وقال في أواخرها: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار، لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم، أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم، ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون}.
حكم تعالى بكفرهم شرعا وقدرا فأخبر أن هذا صدر منهم مع أن الرسول إليهم هو عيسى بن مريم، وقد بين لهم أنه عبد مربوب مخلوق مصور في الرحم داع إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وتوعدهم على خلاف ذلك بالنار وعدم الفوز بدار القرار والخزي في الدار الآخرة والهوان والعار، ولهذا قال: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}.
ثم قال: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} قال ابن جرير وغيره: المراد بذلك قولهم بالأقانيم الثلاثة: أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن، على اختلافهم في ذلك ما بين الملكانية واليعقوبية والنسطورية، عليهم لعائن الله كما سنبين كيفية اختلافهم في ذلك ومجامعهم الثلاثة في زمن قسطنين بن قسطس، وذلك بعد المسيح بثلاثمائة سنة وقبل البعثة المحمدية بثلاثمائة سنة.
ولهذا قال تعالى: {وما من إله إلا إله واحد} أي وما من إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نظير له ولا كفؤ له ولا صاحبة له ولا ولد، ثم توعدهم وتهددهم فقال: {وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} ثم دعاهم برحمته ولطفه إلى التوبة والاستغفار من هذه الأمور الكبار والعظائم التي توجب النار فقال: { أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم}.
ثم بين حال المسيح وأمه وأنه عبد رسول وأمه صديقة، أي ليست بفاجرة كما يقوله اليهود لعنهم الله، وفيه دليل على أنها ليست بنبية كما زعمه طائفة من علمائنا. وقوله: {كانا يأكلان الطعام} كناية عن خروجه منهما كما يخرج من غيرهما، أي ومن كان بهذه المثابة كيف يكون إلها! تعالى الله عن قولهم وجهلهم علوا كبيرا.
وقال السدي وغيره: المراد بقوله {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} زعمهم في عيسى وأمه أنهما الإلهان مع الله، يعني كما بين تعالى كفرهم في ذلك بقوله في آخر هذه السورة الكريمة: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد، إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}
يخبر تعالى أنه يسأل عيسى بن مريم عليه السلام يوم القيامة على سبيل الإكرام له والتقريع والتوبيخ لعابديه ممن كذب عليه وافترى وزعم أنه ابن الله، أو أنه الله أو أنه شريكه، تعالى الله عما يقولون، فيسأله وهو يعلم أنه لم يقع منه ما يسأله عنه ولكن لتوبيخ من كذب عليه فيقول له: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك} أي تعاليت أن يكون معك شريك {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} أي ليس هذا يستحقه أحد سواك {إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب} وهذا تأدب عظيم في الخطاب والجواب {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} أي ما قلت غير ما أمرتني عليه حين أرسلتني إليهم وأنزلت علي الكتاب الذي كان يتلى عليهم. ثم فسر ما قال لهم بقوله: {أن اعبدوا الله ربي وربكم} أي خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني} أي رفعتني إليك حين أرادوا قتلي وصلبي فرحمتني وخلصتني منهم وألقيت شبهي على أحدهم حتى انتقموا منه فلما كان ذلك {كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد}.
ثم قال على وجه التفويض إلى الرب عز وجل والتبري من أهل النصرانية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} أي وهم يستحقون ذلك {وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} وهذا التفويض والإسناد إلى المشيئة بالشرط لا يقتضي وقوع ذلك، ولهذا قال {فإنك أنت العزيز الحكيم} ولم يقل الغفور الرحيم.
وقد ذكرنا في التفسير ما رواه الإمام أحمد عن أبي ذر أن رسول قام بهذه الآية الكريمة ليلة حتى أصبح: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} وقال: إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله شيئا. وقال: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين، لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون، وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون}.
وقال تعالى: {أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار، خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار}.
وقال تعالى: {قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين، سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون}.
وقال تعالى: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}.
وقال تعالى: {قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد}.
وثبت في الصحيح عن رسول الله أنه قال: يقول الله تعالى: "شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، يزعم أن لي ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد".
وفي الصحيح أيضا عن رسول الله أنه قال: "لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم". ولكن ثبت في الصحيح أيضا عن رسول الله أنه قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}.
وهكذا قوله تعالى: {وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير}.
وقال تعالى: {نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ}.
وقال تعالى: {قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون} وقال تعالى: {فمهل الكافرين أمهلهم رويدا}.






 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:23 PM

قديم 05-07-2016   #7
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







قد تقدم أنه ولد ببيت لحم قريبا من بيت المقدس.
وزعم وهب بن منبه أنه ولد بمصر وأن مريم سافرت هي ويوسف بن يعقوب النجار وهي راكبة على حمار ليس بينهما وبين الإكاف شيء.
وهذا لا يصح، والحديث الذي تقدم ذكره دليل على أن مولده كان ببيت لحم، كما ذكرنا، ومهما عارضه فباطل.
وذكر وهب بن منبه أنه لما خرت الأصنام يومئذ في مشارق الأرض ومغاربها، وأن الشياطين حارت في سبب ذلك حتى كشف لهم إبليس الكبير أمر عيسى فوجدوه في حجر أمه والملائكة محدقة به، وأنه ظهر نجم عظيم في السماء وأن ملك الفرس أشفق من ظهوره فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا: هذا لمولد عظيم في الأرض. فبعث رسله ومعهم ذهب ومر ولبان هدية إلى عيسى، فلما قدموا الشام سألهم ملكها عما أقدمهم فذكروا له ذلك، فسأل عن ذلك الوقت فإذا قد ولد فيه عيسى بن مريم ببيت المقدس واشتهر أمره بسبب كلامه في المهد فأرسلهم إليه بما معهم وأرسل معهم من يعرفه له ليتوصل إلى قتله إذا انصرفوا عنه، فلما وصلوا إلى مريم بالهدايا ورجعوا قيل لها إن رسل ملك الشام إنما جاءوا ليقتلوا ولدك. فاحتملته فذهبت به إلى مصر، فأقامت به حتى بلغ عمره اثنتي عشرة سنة، وظهرت عليه كرامات ومعجزات في حال صغره. فذكر منها أن الدهقان الذي نزلوا عنده افتقد مالا من داره وكانت داره لا يسكنها إلا الفقراء والضعفاء والمحاويج فلم يدر من أخذها، وعز ذلك على مريم عليها السلام وشق على الناس وعلى رب المنزل وأعياهم أمرها، فلما رأى عيسى عليه السلام عمد إلى رجل أعمى وآخر مقعد من جملة من هو منقطع إليه فقال للأعمى أحمل هذا المقعد وانهض به. فقال: إني لا أستطيع ذلك. فقال: بلى كما فعلت أنت وهو حين أخذتما هذا المال من تلك الكوة من الدار فلما قال ذلك صدقاه فيما قال وأتيا المال فعظم عيسى في أعين الناس وهو صغير جدا.
ومن ذلك أن ابن الدهقان عمل ضيافة للناس بسبب طهور أولاده، فلما اجتمع الناس وأطعمهم ثم أراد أن يسقيهم شرابا يعني خمرا كما كانوا يصنعون في ذلك الزمان لم يجد في جراره شيئا فشق ذلك عليه، فلما رأى عيسى ذلك منه قام فجعل يمر على تلك الجرار ويمر يده على أفواهها فلا يفعل بجرة منها ذلك إلا امتلأت شرابا من خيار الشراب فتعجب الناس من ذلك جدا وعظموه وعرضوا عليه وعلى أمه مالا جزيلا. فلم يقبلاه وارتحلا قاصدين بيت المقدس. والله أعلم.
وقال إسحاق بن بشر: أنبأنا عثمان بن ساج وغيره، عن موسى بن وردان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وعن مكحول عن أبي هريرة قال: إن عيسى بن مريم أول ما أطلق الله لسانه بعد الكلام الذي تكلم به وهو طفل فمجد الله تمجيدا لم تسمع الآذان بمثله لم يدع شمسا ولا قمرا ولا جبلا ولا نهرا ولا عينا إلا ذكره في تمجيده فقال: "اللهم أنت القريب في علوك، المتعال في دنوك، الرفيع على كل شيء من خلقك، أنت الذي خلقت سبعا في الهواء بكلماتك مستويات طباقا أجبن وهن دخان من فرقك فأتين طائعات لأمرك، فيهن ملائكتك يسبحون قدسك لتقديسك، وجعلت فيهن نورا على سواد الظلام وضياء من ضوء الشمس بالنهار، وجعلت فيهن الرعد المسبح بالحمد، فبعزتك يجلو ضوء ظلمتك، وجعلت فيهن مصابيح يهتدي بهن في الظلمات الحيران، فتباركت اللهم في مفطور سماواتك وفيما دحوت من أرضك دحوتها على الماء فسمكتها على تيار الموج الغامر، فأذللتها إذلال التظاهر، فذل لطاعتك صعبها وأستحيا لأمرك أمرها وخضعت لعزتك أمواجها، ففجرت فيها بعد البحور والأنهار ومن بعد الأنهار الجداول الصغار ومن بعد الجداول ينابيع العيون الغزار، ثم أخرجت منها الأنهار والأشجار والثمار ثم جعلت على ظهرها الجبال فوتدتها أوتادا على ظهر الماء، فأطاعت أطوادها وجلمودها.
فتباركت اللهم! فمن يبلغ بنعته نعتك أم من يبلغ بصفته صفتك، تنشر السحاب وتفك الرقاب وتقضي الحق وأنت خير الفاصلين، لا إله إلا أنت سبحانك أمرت أن نستغفرك من كل ذنب، لا إله إلا أنت سبحانك سترت السماوات عن الناس، لا إله إلا أنت سبحانك إنما يخشاك من عبادك الأكياس، نشهد أنك لست بإله استحدثناك، ولا رب يبيد ذكره، ولا كان معك شركاء فندعوهم ونذرك، ولا أعانك على خلقنا أحد فنشك فيك، نشهد أنك أحد صمد لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد".
وقال إسحاق بن بشر: عن جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس، أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان. ثم أنطقه الله بعد ذلك الحكمة والبيان فأكثر اليهود فيه وفي أمه من القول، وكانوا يسمونه ابن البغية وذلك قوله تعالى: {وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما}.
قال: فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه في الكتاب، فجعل لا يعلمه معلم شيئا إلا بدره إليه، فعلمه أبا جاد فقال عيسى: ما أبو جاد؟ فقال المعلم: لا أدري فقال عيسى: كيف تعلمني ما لا تدري؟ فقال المعلم: إذا فعلمني. فقال له عيسى: فقم من مجلسك. فقام فجلس عيسى مجلسه فقال: سلني. فقال المعلم: فما أبو جاد؟ فقال عيسى: الألف آلاء الله والباء بهاء الله والجيم بهجة الله وجماله. فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبا جاد.
ثم ذكر أن عثمان سأل رسول الله عن ذلك فأجابه على كل كلمة بحديث طويل لا يسئل عنه ولا يتمادى! وهكذا روى ابن عدي من حديث إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكة، عن ابن مسعود، عن مسعر بن كدام عن عطية، عن أبي سعيد، رفع الحديث في دخول عيسى إلى الكتاب وتعليمه المعلم معنى حروف أبي جاد وهو مطول لا يفرح به.
ثم قال ابن عدي: وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد لا يرويه غير إسماعيل. وروى ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة قال: كان عبد الله بن عمر يقول: كان عيسى بن مريم وهو غلام يلعب مع الصبيان فكان يقول لأحدهم: تريد أن أخبرك ما خبأت لك أمك؟ فيقول: نعم فيقول: خبأت لك كذا وكذا. فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها أطعميني ما خبأت لي. فتقول: وأي شيء خبأت لك؟ فيقول: كذا وكذا. فتقول له: من أخبرك؟ فيقول: عيسى بن مريم. فقالوا: والله لئن تركتم هؤلاء الصبيان مع ابن مريم ليفسدنهم، فجمعوهم في بيت وأغلقوا عليهم، فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم فسمع ضوضائهم في بيت فسأل عنهم فقالوا: إنما هؤلاء قردة وخنازير. فقال: اللهم كذلك. فكانوا كذلك. رواه ابن عساكر.
وقال إسحاق بن بشر، عن جويبر، ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: وكان عيسى يرى العجائب في صباه إلهاما من الله، ففشا ذلك في اليهود وترعرع عيسى، فهمت به بنو إسرائيل، فخافت أمه عليه، فأوحى الله إلى أمه أن تنطلق به إلى أرض مصر، فذلك قوله تعالى: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}.
وقد اختلف السلف والمفسرون في المراد بهذه الربوة التي ذكر الله من صفتها أنها ذات قرار ومعين، وهذه صفة غريبة الشكل، وهي أنها ربوة وهو المكان المرتفع من الأرض الذي أعلاه مستو يقر عليه وارتفاعه متسع، ومع علوه فيه عيون الماء المعين، وهو الجاري السارح على وجه الأرض فقيل المراد المكان الذي ولدت فيه المسيح وهو نخلة بيت المقدس، ولهذا {فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} وهو النهر الصغير في قول جمهور السلف، وعن ابن عباس بإسناد جيد أنها أنهار دمشق فلعله أراد تشبيه ذلك المكان بأنهار دمشق. وقيل ذلك بمصر كما زعمه من زعمه من أهل الكتاب ومن تلقاه عنهم.. والله أعلم، وقيل هي الرملة.
وقال إسحاق بن بشر: قال لنا إدريس عن جده وهب بن منبه، قال: إن عيسى لما بلغ ثلاث عشرة سنة أمره الله أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت إيليا قال فقدم عليه يوسف ابن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء بهما إلى إيليا وأقام بها حتى أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاه إحياء الموتى وإبراء الأسقام والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتي من العجائب، فجعلوا يعجبون منه فدعاهم إلى الله ففشا فيهم أمره.





 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:25 PM

قديم 05-07-2016   #8
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







وقال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عمن حدثه قال: "أنزلت التوراة على موسى في ست ليال خلون من شهر رمضان، ونزل الزبور على داود في اثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، وذلك بعد التوراة بأربعمائة سنة واثنتين وثمانين سنة، وأنزل الإنجيل على عيسى بن مريم في ثمانية عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد الزبور بألف عام وخمسين عاما، وأنزل الفرقان على محمد في أربع وعشرين من شهر رمضان".
وقد ذكرنا في التفسير عند قوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} الأحاديث الواردة في ذلك، وفيها أن الإنجيل أنزل على عيسى بن مريم عليه السلام في ثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان.
وذكر ابن جرير في تاريخه أنه أنزل عليه وهو ابن ثلاثين سنة، ومكث حتى رفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وقال إسحاق بن بشر: وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، ومقاتل عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة قال: أوحى الله عز وجل إلى عيسى بن مريم: يا عيسى جد في أمري ولا تهن، وأسمع وأطع يا ابن الطاهرة البكر البتول، إنك من غير فحل، وأنا خلقتك آية للعالمين، إياي فأعبد وعلي فتوكل، خذ الكتاب بقوة، فسر لأهل السريانية، بلغ من بين يديك أني أنا الحق الحي القائم الذي لا أزول، صدقوا النبي الأمي العربي صاحب الجمل والتاج - وهي العمامة - والمدرعة والنعلين والهراوة - وهي القضيب - الأنجل العينين، الصلت الجبين، الواضح الخدين، الجعد الرأس، الكث اللحية، المقرون الحاجبين، الأقنى الأنف، المفلج الثنايا، البادي العنفقة، الذي كأن عنقه إبريق فضة وكأن الذهب يجري في تراقيه، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب، ليس على بطنه ولا على صدره شعر غيره، شأن الكف والقدم، إذا التفت التفت جميعا وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب، عرقه في وجهه كاللؤلؤ وريح المسك ينفح منه، ولم ير قبله ولا بعده مثله، الحسن القامة الطيب الريح، نكاح النساء ذا النسل القليل، إنما نسله من مباركة، لها بيت - يعني في الجنة - من قصب لا نصب فيه ولا صخب، تكفله يا عيسى في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك، له منها فرخان مستشهدان وله عندي منزلة ليست لأحد من البشر، كلامه القرآن ودينه الإسلام وأنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه وشهد أيامه وسمع كلامه.
قال عيسى: يا رب.. وما طوبى، قال: غرس شجرة أنا غرستها بيدي، فهي للجنان كلها أصلها من رضوان وماؤها من تسنيم وبردها برد الكافور وطعمها طعم الزنجبيل وريحها ريح المسك من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.
قال عيسى: يا رب.. اسقني منها. قال: حرام على النبيين أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي، وحرام على الأمم أن يشربوا منها حتى تشرب منها أمة ذلك النبي.
قال: يا عيسى، أرفعك إلي. قال رب ولم ترفعني؟ قال: أرفعك ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب ولتعينهم على قتال اللعين الدجال، أهبطك في وقت صلاة ثم لا تصلي بهم لأنها مرحومة ولا نبي بعد نبيهم.
وقال هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، أن عيسى قال: يا رب أنبأني عن هذه الأمة المرحومة. قال: أمة أحمد، هم علماء حكماء كأنهم أنبياء، يرضون مني بالقليل من العطاء وأرضى منهم باليسير من العمل، وأدخلهم الجنة بلا إله إلا الله. يا عيسى هم أكثر سكان الجنة، لأنه لم تذل ألسن قوم قط بلا إله إلا الله كما ذلت ألسنتهم، لم تذل رقاب قوم قط بالسجود كما ذلت به رقابهم.
رواه ابن عساكر. وروى ابن عساكر من طريق عبد الله بن بديل العقيلي، عن عبد الله بن عوسجة قال: أوحى الله إلى عيسى بن مريم: أنزلني من نفسك كهمك، واجعلني ذخرا لك في معادك، وتقرب إلي بالنوافل أحبك ولا تول غيري فأخذلك، اصبر على البلاء وارض بالقضاء، وكن لمسرتي فيك، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى، وكن مني قريبا وأحيي ذكري بلسانك، ولتكن مودتي في صدرك، تيقظ من ساعات الغفلة واحكم في لطيف الفطنة، وكن لي راغبا راهبا وأمت قلبك في الخشية لي، وراع الليل لحق مسرتي وأظم نهارك ليوم الري عندي، نافس في الخيرات جهدك، واعترف بالخير حيث توجهت، وقم في الخلائق بنصيحتي، واحكم في عبادي بعدلي، فقد نزلت عليك شفاء وسواس الصدور من مرض النسيان وجلاء الأبصار من غشاء الكلال ولا تكن حلما كأنك مقبوض وأنت حي تنفس.
يا عيسى بن مريم.. ما آمنت بي خليقة إلا خشعت، ولا خشعت لي إلا رجت ثوابي فأشهدك أنها آمنة من عقابي ما لم تغير أو تبدل سنتي.
يا عيسى بن مريم البكر البتول.. أبك على نفسك أيام الحياة بكاء من ودع الأهل وقلا الدنيا وترك اللذات لأهلها وارتفعت رغبته فيما عند إلهه، وكن في ذلك تلين الكلام وتفشي السلام، وكن يقظان إذا نامت عيون الأبرار، حذار ما هو آت من أمر المعاد وزلزال شدائد الأهوال، قبل أن لا ينفع أهل ولا مال، وأكحل عينك بملول الحزن إذا ضحك البطالون، وكن في ذلك صابرا محتسبا، وطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين، أرج من الدنيا بالله يوم يبعثون وذق مذاقة ما قد حزب منك أين طعمه، وما لم يأتك كيف لذته، فرح من الدنيا بالبلغة، وليكفك منها الخشن الجيب، وقد رأيت إلي ما يصير أعمل على حساب فإنك مسؤول، لو رأت عيناك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك.
وقال أبو داود في كتاب القدر: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: لقي عيسى بن مريم إبليس فقال: أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك؟ قال إبليس: فارق ذروة هذا الجبل فترد منه فانظر هل تعيش أم لا. فقال ابن طاووس: عن أبيه: فقال عيسى: أما علمت أن الله قال: لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت. وقال الزهري: إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده.
وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن عبدة، أنبأنا سفيان، عن عمرو، عن طاووس قال: أتى الشيطان عيسى بن مريم فقال: أليس تزعم أنك صادق؟ فأت هوة فألقي نفسك. قال: ويلك أليس قال: يا ابن آدم لا تسألني هلاك نفسك فإني أفعل ما أشاء!
وحدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا عيسى بن طلحة، سمعت خالد بن يزيد، قال: تعبد الشيطان مع عيسى عشر سنين أو سنتين، أقام يوما على شفير جبل فقال الشيطان: أرأيت إن ألقيت نفسي هل يصيبني إلا ما كتب لي. قال: إني لست بالذي أبتلي ربي ولكن ربي إذا شاء ابتلاني. وعرفه أنه الشيطان ففارقه.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا شريح بن يونس، حدثنا علي بن ثابت، عن الخطاب بن القاسم، عن أبي عثمان، كان عيسى عليه السلام يصلي على رأس جبل، فأتاه إبليس فقال: أنت الذي تزعم أن كل شيء بقضاء وقدر؟ قال: نعم قال: ألق نفسك من هذا الجبل وقل قدر علي. فقال: يا لعين! الله يختبر العباد وليس العباد يختبرون الله عز وجل.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا الفضل بن موسى البصري، حدثنا إبراهيم بن بشار سمعت سفيان بن عيينه يقول: لقي عيسى بن مريم إبليس فقال له إبليس: يا عيسى بن مريم الذي بلغ من عظم ربوبيتك انك تكلمت في المهد صبيا، ولم يتكلم فيه أحد قبلك. قال: بل الربوبية للإله الذي أنطقني ثم يميتني ثم يحيني. قال: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى. قال: بل الربوبية لله الذي يحيي {من يشاء} ويميت من أحييت ثم يحييه. قال: والله لأنك لإله في السماء وإله في الأرض. قال: فصكه جبريل صكة بجناحيه فما نباها دون قرون الشمس. ثم صكه أخرى بجناحيه فما نباها دون العين الحامية، ثم صكه أخرى فأدخله بحار السابعة فأساخه - وفي رواية فأسلكه فيها، حتى وجد طعم الحمأة فخرج منها وهو يقول ما لقي أحد من أحد ما لقيت منك يا ابن مريم.
وقد روي نحو هذا بأبسط منه من وجه آخر، فقال الحافظ أبو بكر الخطيب: أخبرني أبو الحسن بن رسقويه، أنبأنا أبو بكر أحمد بن سيدي. حدثنا أبو محمد الحسن بن علي القطان، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار، أنبأنا علي بن عاصم، حدثني أبو سلمة سويد عن بعض أصحابه، قال: صلى عيسى ببيت المقدس فانصرف، فلما كان ببعض العقبة عرض له إبليس فاحتبسه فجعل يعرض عليه ويكلمه ويقول له: إنه لا ينبغي لك أن تكون عبدا. فأكثر عليه وجعل عيسى يحرص على أن يتخلص منه، فجعل لا يتخلص منه فقال له فيما يقول: لا ينبغي لك يا عيسى أن تكون عبدا. قال: فاستغاث عيسى بربه، فأقبل جبريل وميكائيل فلما رآهما إبليس كف، فلما استقر معه على العقبة اكتنفا عيسى وضرب جبريل إبليس بجناحه فقذفه في بطن الوادي. قال: فعاد إبليس معه وعلم أنهما لم يؤمرا بغير ذلك. فقال لعيسى: قد أخبرتك أنه لا ينبغي أن تكون عبدا، إن غضبك ليس بغضب عبد، وقد رأيت ما لقيت منك حين غضبت ولكن أدعوك لأمر هو لك، أمر الشياطين فليطيعوك فإذا رأى البشر أن الشياطين أطاعوك عبدوك، أما إني لا أقول أن تكون إلها ليس معه إله ولكن الله يكون إلها في السماء وتكون أنت إلها في الأرض فلما سمع عيسى ذلك منه استغاث بربه وصرخ صرخة شديدة، فإذا إسرافيل قد هبط فنظر إليه جبريل وميكائيل فكف إبليس، فلما استقر معهم ضرب إسرافيل إبليس بجناحه فصك به عين الشمس، ثم ضربه ضربة أخرى فأقبل إبليس يهوي ومر عيسى وهو بمكانه فقال: يا عيسى لقد لقيت فيك اليوم تعبا شديدا فرمى به عين الشمس، فوجد سبعة أملاك عند العين الحامية قال: فغطوه فجعل كلما صرخ غطوه في تلك الحمأة قال: والله ما عاد إليه بعد.
قال وحدثنا إسماعيل العطار، حدثنا أبو حذيفة قال: فاجتمع إليه شياطينه فقالوا: سيدنا لقد لقيت تعبا قال: إن هذا عبد معصوم ليس لي عليه من سبيل، وسأضل به بشرا كثيرا وأبث فيهم أهواء مختلفة وأجعلهم شيعا ويجعلونه وأمه إلهين من دون الله. قال: وأنزل الله فيما أيد به عيسى وعصمه من إبليس قرآنا ناطقا بذكر نعمته على عيسى فقال: {يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس} يعني إذا قويتك بروح القدس يعني جبريل {تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير} الآية كلها، وإذا جعلت المساكين لك بطانة وصحابة وأعوانا ترضى بهم وصحابة وأعوانا يرضون بك هاديا وقائدا إلى الجنة، فذلك فاعلم خلقان عظمان، من لقيني بهما فقد لقيني بأزكى الخلائق وأرضاها عندي.
وسيقول لك بنو إسرائيل صمنا فلم يتقبل وصلينا فلم تقبل صلاتنا وتصدقنا فلم تقبل صدقاتنا وبكينا بمثل حنين الجمال فلم يرحم بكاؤنا فقل لهم: ولم ذاك وما الذي يمنعني؟ أن ذات يدي قلت؟ أوليس خزائن السماوات والارض بيدي أنفق منها كيف أشاء أو أن البخل يعتريني أولست أجود من سأل وأوسع من أعطى. أو أن رحمتي ضاقت؟ وإنما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي.
ولولا أن هؤلاء القوم يا عيسى بن مريم غروا أنفسهم بالحكمة التي تورث في قلوبهم ما استأثروا به الدنيا أثرة على الآخرة ولعرفوا من أين أتوا، وإذا لأيقنوا أن أنفسهم هي أعدى الأعداء لهم، وكيف أقبل صيامهم وهم يتقوون عليه بالأطعمة الحرام وكيف أقبل صلاتهم وقلوبهم تركن إلى الذين يحاربوني ويستحلون محارمي، وكيف أقبل صدقاتهم وهم يغصبون الناس عليها فيأخذونها من غير حلها، يا عيسى إنما أجزي عليها أهلها، وكيف أرحم بكائهم وأيديهم تقطر من دماء الأنبياء! ازددت عليهم غضبا.
يا عيسى وقضيت يوم خلقت السماوات والارض أنه من عبدني وقال فيكما بقولي أن أجعلهم جيرانك في الدار ورفقاؤك في المنازل وشراكك في الكرامة، وقضيت يوم خلقت السماوات والارض أنه من أتخذك وأمك إلهين من دون الله أن أجعلهم في الدرك الأسفل من النار.
وقضيت يوم خلقت السماوات والارض أني مثبت هذا الأمر على يدى عبدي محمد وأختم به الأنبياء والرسل، ومولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يتزين بالفحش ولا قوال بالخنا، أسدده لكل أمر جميل وأهب له كل خلق كريم وأجعل التقوى ضميره والحكم معقوله والوفاء طبيعته والعدل سيرته والحق شريعته والاسلام ملته، اسمه أحمد، أهدي به بعد الضلالة وأعلم به بعد الجهالة وأغني به بعد العائلة، وأرفع به بعد الضعة، أهدي به وأفتح به بين آذان صم وقلوب غلف وأهواء مختلفة متفرقة، واجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر إخلاصا لاسمي وتصديقا لما جاءت به الرسل، ألهمهم التسبيح والتقديس والتهليل في مساجدهم ومجالسهم وبيوتهم ومنقلبهم ومثواهم، يصلون لي قياما وقعودا وركعا وسجودا، ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، قربانهم دمائهم وأناجيلهم في صدورهم وقربانهم في بطونهم، رهبان بالليل ليوث في النهار، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم.
وسنذكر ما يصدق كثيرا من هذا السياق مما سنورده في سورتي المائدة والصف إن شاء الله وبه الثقة.
وقد روى أبو حذيفة إسحاق بن بشر بأسانيده عن كعب الأحبار ووهب بن منبه وابن عباس وسلمان الفارسي، دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا: لما بعث عيسى بن مريم وجاءهم بالبينات جعل المنافقون والكافرون من بني إسرائيل يعجبون منه ويستهزئون به فيقولون: ما أكل فلان البارحة وما أدخر في منزلة؟ فيخبرهم، فيزداد المؤمنون إيمانا والكافرون والمنافقون شركا وكفرانا.
وكان عيسى مع ذلك ليس له منزل يأوي إليه إنما يسيح في الأرض ليس له قرار ولا موضع يعرف به، فكان أول ما أحيا من الموتى أنه مر ذات يوم على امرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي فقال لها: مالك، أيتها المرأة؟ فقالت: ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها، وإني عاهدت ربي أن لا أبرح من موضعي هذا حتى أذوق ما ذاقت من الموت أو يحييها الله لي فأنظر إليها. فقال لها عيسى: أرأيت إن نظرت إليها أراجعة أنت؟ قالت: نعم. قالوا فصلى ركعتين، ثم جاء فجلس عند القبر فنادى: يا فلانة قومي بإذن الرحمن فاخرجي. قال: فتحرك القبر ثم نادى الثانية فانصدع القبر بإذن الله؛ ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب، فقال لها عيسى: ما أبطأ بك عني؟ فقالت: لما جاءتني الصيحة الأولى بعث الله لي ملكا فركب خلقي، ثم جاءتني الصيحة الثانية فرجع إلي روحي، ثم جاءتني الصيحة الثالثة فخفت أنها صيحة القيامة فشاب رأسي وحاجباي وأشفار عيني من مخافة القيامة، ثم أقبلت على أمها فقالت: يا أماه ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين، يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا، يا روح الله وكلمته، سل ربي أن يردني إلى الآخرة وأن يهون علي كرب الموت. فدعا ربه فقبضها إليه واستوت عليها الأرض.
فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضبا.
وقدمنا في عقب قصة نوح أن بني إسرائيل سألوه أن يحيي لهم سام بن نوح فدعا الله عز وجل وصلى الله فأحياه الله لهم فحدثهم عن السفينة وأمرها ثم دعا فعاد ترابا.
وقد روى السدي عن أبي صالح وأبي مالك، عن ابن عباس في خبر ذكره وفيه أن ملكا من ملوك بني إسرائيل مات وحمل على سريره فجاء عيسى عليه السلام فدعا الله عز وجل فأحياه الله عز وجل، فرأى الناس أمرا هائلا ومنظرا عجيبا.
وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين، وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون}.
بذكره تعالى بنعمته عليه وإحسانه إليه في خلقه إياه من غير أب، بل من أم بلا ذكر، وجعله له آية للناس ودلالة على كمال قدرته تعالى ثم إرساله بعد هذا كله {وعلى والدتك} في اصطفائها واختيارها لهذه النعمة العظيمة وإقامة البرهان على براءتها مما نسبها إليه الجاهلون ولهذا قال {إذ أيدتك بروح القدس} وهو جبريل بإلقاء روحه الى أمه وقرنه معه في حال رسالته ومدافعته عنه لمن كفر به {تكلم الناس في المهد وكهلا} أي تدعو الناس إلى الله في حال صغرك في مهدك وفي كهولتك {وإذ علمتك الكتاب والحكمة} أيا الخط والفهم. نص عليه بعض السلف {والتوراة والإنجيل} وقوله: {وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني} أي تصوره وتشكله من الطين على هيئة الطير عن أمر الله له بذلك {فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني} أي بأمري يؤكد تعالى بذكر الإذن له في ذلك لرفع التوهم.
وقوله {وتبرئ الأكمه} قال بعض السلف وهو الذي يولد أعمى ولا سبيل لأحد من الحكماء الى مداواته {والأبرص} هو الذي لا طب فيه بل قد مرض بالبرص وصار دوائه عضالا.
{وإذ تخرج الموتى} أي من قبورهم أحياء بإذني. وقد تقدم ما فيه دلالة على وقوع ذلك مرارا معددة بما فيه كفاية.
وقوله: {وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين}وذلك حين أرادوا صلبه فرفعه الله إليه وأنقذه من بين أظهرهم صيانة لجنابه الكريم عن الأذى وسلامة له من الردى.
وقوله: {وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} قيل المراد بهذا الوحي وحي إلهام أي أرشدهم الله إليه ودلهم عليه كما قال {وأوحى ربك إلى النحل} {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم} وقيل المراد وحى بواسطة الرسول وتوفيق في قلوبهم لقبول الحق ولهذا استجابوا قائلين {آمنا واشهد بأننا مسلمون}.
وهذا من جملة نعم الله على عبده ورسوله عيسى ابن مريم أن جعل له أنصارا وأعوانا ينصرونه ويدعون معه الى عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى لعبده محمد : {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} وقال تعالى: {ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين، ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعوني، إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم، فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين}.
كانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسب أهل ذلك الزمان، فذكروا أن موسى عليه السلام كانت معجزته مما يناسب أهل زمانه وكانوا سحرة أذكياء، فبعث بآيات بهرت الأبصار وخضعت لها الرقاب، ولما كان السحرة خبيرين بفنون السحر وما ينتهي إليه وعاينوا ما عاينوا من الأمر الباهر الهائل الذي لا يمكن صدوره إلا عمن أيده الله وأجرى الخارق على يديه تصديقا له، أسلموا سراعا ولم يتلعثموا.
وهكذا عيسى بن مريم بعث في زمن الطبائعية الحكماء، فأرسل بمعجزات لا يستطيعونها ولا يهتدون إليها، وأنى لحكيم إبراء الأكمه الذي هو أسوأ حالا من الأعمى، والأبرص والمجذوم ومن به مرض مزمن، وكيف يتوصل أحد من الخلق الى أن يقيم الميت من قبره؟ هذا مما يعلم كل أحد معجزة دالة على صدق من قامت به وعلى قدرة من أرسله.
وهكذا محمد وعليهم أجمعين بعث في زمن الفصحاء البلغاء، فأنزل الله عليه القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فلفظه معجز تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة، وقطع عليهم بأنهم لا يقدرون لا في الحال ولا في الاستقبال، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا وما ذاك إلا لأنه كلام الخالق عز وجل، والله تعالى لا يشبه شيئا لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
والمقصود أن عيسى عليه السلام لما أقام عليهم الحجج والبراهين استمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم وطغيانهم، فانتدب له من بينهم طائفة صالحة فكانوا له أنصارا وأعوانا قاموا بمتابعته ونصرته ومناصحته، وذلك حين هم به بنو إسرائيل ووشوا به إلى بعض ملوك ذلك الزمان، فعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله منهم ورفعه إليه من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى وهم في ذلك غالطون وللحق مكابرون، وسلم لهم كثير من النصارى ما ادعوه، وكلا الفريقين في ذلك مخطئون.
قال تعالى: {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين} وقال تعالى: {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين، ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}. إلى أن قال بعد ذلك: {يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين}.
فعيسى عليه السلام هو خاتم أنبياء بني إسرائيل وقد قام فيهم خطيبا فبشره بخاتم الأنبياء الآتي بعده ونوه باسمه وذكر لهم صفته ليعرفوه ويتابعوه إذا شاهدوه. إقامة للحجة عليهم وإحسانا من الله إليهم كما قال تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.
قال محمد بن إسحاق: حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال: "دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام".
وقد روي عن العرباض بن سارية وأبي أمامه عن النبي نحو هذا وفيه: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى وذلك أن إبراهيم لما بنى الكعبة قال: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم} الآية.. ولما انتهت النبوة في بني إسرائيل إلى عيسى قام فيهم خطيبا فأخبرهم أن النبوة قد انقطعت عنهم وأنها بعده في النبي العربي الأمي خاتم الأنبياء على الإطلاق أحمد، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الذي هو من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام.
قال الله تعالى: {فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} يحتمل عود الضمير إلى عيسى عليه السلام ويحتمل عوده إلى محمد .
ثم حرض تعالى عباده المؤمنين على نصرة الإسلام وأهله ونصرة نبيه ومؤازرته ومعاونته على إقامة الدين ونشر الدعوة فقال: {يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله} أي من يساعدني في الدعوة إلى الله {قال الحواريون نحن أنصار الله} وكان ذلك في قرية يقال لها الناصرة فسموا بذلك النصارى قال الله تعالى: {فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة} يعني لما دعا عيسى بني إسرائيل وغيرهم إلى الله تعالى منهم من آمن ومنهم من كفر، وكان ممن آمن به أهل انطاكية بكمالهم فيما ذكره غير واحد من أهل السير والتواريخ والتفسير بعث إليهم رسلا ثلاثة، أحدهم شمعون الصفا فآمنوا واستجابوا وليس هؤلاء هم المذكورون في سورة يس لما تقدم تقريره في قصة أصحاب القرية، وكفر آخرون من بني إسرائيل وهم جمهور اليهود فأيد الله من آمن به على من كفر فيما بعد وأصبحوا ظاهرين عليهم قاهرين لهم كما قال تعالى: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} الآية... فكل من كان إليه أقرب كان غالبا لمن دونه، ولما كان قول المسلمين فيه هو الحق الذي لا شك فيه، من أنه عبد الله ورسوله كانوا ظاهرين على النصارى الذين غلوا فيه وأطروه وأنزلوه فوق ما أنزل الله به.
ولما كان النصارى أقرب في الجملة مما ذهب إليه اليهود فيه عليهم لعائن الله، كان النصارى قاهرين لليهود في أزمان الفترة إلى زمن الإسلام وأهله







 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:27 PM

قديم 05-07-2016   #9
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







قال الله تعالى: {إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين، قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين، قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين}.

قد ذكرنا في التفسير الآثار الواردة في نزول المائدة عن ابن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر وغيرهم من السلف.
ومضمون ذلك: أن عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوما، فلما أتموها سألوا من عيسى إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله قد تقبل صيامهم وأجابهم إلى طلبتهم، وتكون لهم عيدا يفطرون عليها يوم فطرهم وتكون كافية لأولهم وآخرهم لغنيهم وفقيرهم. فوعظهم عيسى عليه السلام في ذلك وخاف عليهم أن لا يقوموا بشكرها ولا يؤدوا حق شروطها فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك من ربه عز وجل.
فلما لم يقلعوا عن ذلك قام إلى مصلاه ولبس مسحا من شعر وصف بين قدميه وأطرق رأسه وأسبل عينيه بالبكاء وتضرع إلى الله في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا.
فأنزل الله تعالى المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنوا قليلا قليلا، وكلما دنت سأل عيسى ربه عز وجل أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها بركة وسلامة فلم تزل تدنوا حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل فقام عيسى يكشف عنها وهو يقول "بسم الله خير الرازقين" فإذا عليها سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة ويقال: وخل. ويقال: ورمان وثمار، ولها رائحة عظيمة جدا، قال الله لها كوني فكانت.
ثم أمرهم بالأكل منها، فقالوا: لا نأكل حتى تأكل فقال: إنكم الذين ابتدأتم السؤال لها. فأبوا أن يأكلوا منها ابتداء، فأمر الفقراء والمحاويج والمرضى والزمنى وكانوا قريبا من ألف وثلاثمائة فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفه أو مرض مزمن، فندم الناس على ترك الأكل منها لما رأوا من إصلاح حال أولئك. ثم قيل إنها كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها، يأكل آخرهم كما يأكل أولهم حتى قيل أنها كان يأكل منها نحو سبعة آلاف.
ثم كانت تنزل يوما بعد يوم، كما كانت ناقة صالح يشربون لبنها يوما بعد يوم. ثم أمر الله عيسى أن يقصرها على الفقراء أو المحاويج دون الأغنياء، فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك، فرفعت بالكلية ومسخ الذين تكلموا في ذلك خنازير.
وقد روى ابن أبي حاتم وابن جرير جميعا، حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي، حدثنا سفيان بن حبيب، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن خلاس، عن عمار بن ياسر، عن النبي قال: نزلت المائدة من السماء خبز ولحم وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا ولا يرفعوا لغد، فخانوا وادخروا ورفعوا، فمسخوا قردة وخنازير.
ثم رواه ابن جرير عن بندار، عن ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس، عن عمار موقوفا. وهذا أصح. وكذا رواه من طريق سماك، عن رجل من بني عجل، عن عمار موقوفا. وهو الصواب والله أعلم.
وخلاس عن عمار منقطع، فلو صح هذا الحديث مرفوعا لكان فيصلا في هذه القصة، فإن العلماء اختلفوا في المائدة: هل نزلت أم لا؟ فالجمهور أنها نزلت كما دلت عليه هذه الأثار كما هو المفهوم من ظاهر سياق القرآن ولا سيما قوله: {إني منزلها عليكم} كما قرره ابن جرير والله أعلم.
و قد روى ابن جرير بإسناد صحيح الى مجاهد والى الحسن ابن أبي الحسن البصري، أنهما قالا: لم تنزل وإنهم أبوا نزولها حين قال {فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين} ولهذا قيل إن النصارى لا يعرفون خبر المائدة وليس مذكورا في كتابهم، مع أن خبرها مما تتوفر الدواعي على نقله. والله أعلم.
وقد تقصينا الكلام على ذلك في التفسير فليكتب من هناك ومن أراد مراجعته فلينظره من ثم. ولله الحمد والمنة.






 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:28 PM

قديم 05-07-2016   #10
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء عيسي عليه السلام







قال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا رجل سقط اسمه، حدثنا حجاج بن محمد حدثنا أبو هلال محمد بن سليمان، عن بكر بن عبد الله المزني قال: فقد الحواريون نبيهم عيسى فقيل لهم توجه نحو البحر، فانطلقوا يطلبونه فلما انتهوا إلى البحر إذا هو يمشي على الماء يرفعه الموج مرة ويضعه أخرى، وعليه كساء مرتد بنصفه ومؤتزر بنصفه، حتى انتهى إليهم فقال له بعضهم - قال أبو هلال ظننت أنه من أفاضلهم - : ألا أجيء إليك يا نبي الله؟ قال: بلى. قال: فوضع إحدى رجليه على الماء ثم ذهب ليضع الأخرى فقال: أوه غرقت يا نبي الله. فقال: أرني يدك يا قصير الإيمان، لو أن لابن آدم من اليقين قدر شعيرة مشى على الماء.

ورواه أبو سعيد بن الأعرابي، عن إبراهيم بن أبي الجحيم، عن سليمان بن حرب، عن أبي هلال عن بكر بنحوه.
ثم قال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان، حدثنا إبراهيم بن الأشعث، عن الفضيل بن عياض قال: قيل لعيسى ابن مريم: يا عيسى بأي شيء تمشي على الماء؟ قال: بالإيمان واليقين. قالوا: فإنا آمنا كما آمنت وأيقنا كما أيقنت. قال: فامشوا إذا. قال: فمشوا معه في الموج فغرقوا فقال لهم عيسى ما لكم؟ فقالوا: خفنا الموج قال: ألا خفتم رب الموج قال: فأخرجهم. ثم ضرب بيده إلى الأرض فقبض بها ثم بسطها فإذا في إحدى يديه ذهب وفي الأخرى مدر أو حصى فقال: أيهما أحلى في قلوبكم؟ قالوا: هذا الذهب قال: فإنهما عندي سواء.
وقدمنا في قصة يحيى بن زكريا عن بعض السلف أن عيسى عليه السلام كان يلبس الشعر ويأكل من ورق الشجر ولا يأوي إلى منزل ولا أهل ولا مال ولا يدخر شيئا لغد. قال بعضهم: كان يأكل من غزل أمه، صلوات الله وسلامه عليه.
وروى ابن عساكر عن الشعبي أنه قال: كان عيسى عليه السلام إذا ذكر عنده الساعة صاح ويقول: لا ينبغي لابن مريم أن يذكر عنده الساعة ويسكت.
وعن عبد الملك بن سعيد بن أبجر أن عيسى كان إذا سمع الموعظة صرخ صراخ الثكلى.
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، حدثنا جعفر بن بلقان، أن عيسى كان يقول: "اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو، وأصبح الأمر بيد غيري، وأصبحت مرتهنا بعملي، فلا فقير أفقر مني، اللهم لا تشمت بي عدوي ولا تسوء بي صديقي، ولا تجعل مصيبتي في ديني، ولا تسلط علي من لا يرحمني".
وقال الفضيل بن عياض عن يونس بن عبيد، كان عيسى يقول: لا يصيب أحد حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا.
قال الفضيل: وكان عيسى يقول: فكرت في الخلق فوجدت من لم يخلق أغبط عندي ممن خلق.
وقال إسحاق بن بشر، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: إن عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة. قال: وإن الفرارين بذنوبهم يحشرون يوم القيامة مع عيسى.
قال: وبينما عيسى يوما نائما على حجر قد توسده وقد وجد لذة النوم إذ مر به إبليس فقال: يا عيسى ألست تزعم أنك لا تريد شيئا من عرض الدنيا؟ فهذا الحجر من عرض الدنيا قال: فقام عيسى فأخذ الحجر فرمى به إليه وقال: هذا لك مع الدنيا!.
وقال معتمر بن سليمان: خرج عيسى على أصحابه وعليه جبة صوف وكساء وتبان حافيا باكيا شعثا مصفر اللون من الجوع يابس الشفتين من العطش فقال: السلام عليكم يا بني إسرائيل، أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله ولا عجب ولا فخر، أتدرون أين بيتي؟ قالوا: أين بيتك يا روح الله؟ قال: بيتي المساجد، وطيبي الماء، وإدامي الجوع، وسراجي القمر بالليل، وصلائي في الشتاء الشمس، وريحاني بقول الأرض، ولباسي الصوف، وشعاري خوف رب العزة، وجلسائي الزمنى والمساكين، أصبح وليس لي شيء وأمسي وليس لي شيء وأنا طيب النفس غير مكترث فمن أغنى مني وأربح. رواه ابن عساكر.
وروى في ترجمة محمد بن الوليد بن أبان بن حبان أبي الحسن العقيلي المصري، حدثنا هانئ بن المتوكل الإسكندراني، عن حيوة بن شريح، حدثن الوليد بن أبي الوليد، عن شفي بن ماتع، عن أبي هريرة، عن النبي قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى: أن يا عيسى انتقل من مكان إلى مكان لئلا تعرف فتؤذى، فوعزتي وجلالي لأزوجنك ألف حوراء ولأولمن عليك أربعمائة عام.
وهذا حديث غريب رفعه، وقد يكون موقوفا من رواية شفي بن ماتع، عن كعب الأحبار أو غيره من الإسرائيليين والله أعلم.
وقال عبد الله بن المبارك: عن سفيان بن عيينه، عن خلف بن حوشب قال: قال عيسى للحواريين: كما ترك لكم الملوك الحكمة فكذلك فاتركوا لهم الدنيا.
وقال قتادة: قال عيسى عليه السلام: سلوني فإني لين القلب وإني صغير عند نفسي.
وقال إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال عيسى للحواريين: كلوا خبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا سالمين آمنين، بحق ما أقول لكم إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة، وإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، وإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين، بحق ما أقول لكم إن شركم عالم يؤثر هواه على علمه يود أن الناس كلهم مثله.
وروى نحوه عن أبي هريرة.
قال أبو مصعب عن مالك أنه بلغه أن عيسى كان يقول: يا بني إسرائيل عليكم بالماء القراح والبقل البرير وخبز الشعير وإياكم وخبز البر فأنكم لن تقوموا بشكره.
وقال ابن وهب عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد قال: كان عيسى يقول اعبروا الدنيا ولا تعمروها. وكان يقول: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والنظر يزرع في القلب الشهوة.
وحكى وهيب بن الورد مثله وزاد: ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا.
وعن عيسى عليه السلام: يا ابن آدم الضعيف: أتق الله حيثما كنت، وكن في الدنيا ضيفا، واتخذ المساجد بيتا وعلم عينك البكاء وجسدك الصبر وقلبك التفكر، ولا تهتم برزق غد فإنها خطيئة.
وعنه عليه السلام أنه قال: كما أنه لا يستطيع أحدكم أن يتخذ على موج البحر دارا فلا يتخذ الدنيا قرارا.
وفي هذا يقول سابق البربري:
لكم بيوت بمستن السيوف وهل…… يبنى على الماء بيت أسه مدرا
وقال سفيان الثوري: قال عيسى ابن مريم: لا يستقيم حب الدنيا وحب الآخرة في قلب مؤمن كما لا يستقيم الماء والنار في إناء.
وقال إبراهيم الحربي عن داود بن رشيد، عن أبي عبد الله الصوفي قال: قال عيسى: طالب الدنيا مثل شارب ماء البحر، كلما ازداد شربا ازداد عطشا حتى يقتله.
وعن عيسى عليه السلام: إن الشيطان مع الدنيا ومكره مع المال وتزيينه مع الهوى، واستمكانه عند الشهوات.
وقال الأعمش عن خيثمة: كان عيسى يضع الطعام لأصحابه ويقوم عليهم ويقول: هكذا فاصنعوا بالقرى.
وبه قالت امرأة لعيسى عليه السلام: طوبى لحجر حملك ولثدي أرضعك. فقال: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبعه.
وعنه: طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته وحفظ لسانه ووسعه بيته.
وعنه: طوبى لعين نامت ولم تحدث نفسها بالمعصية وانتبهت إلى غير إثم.
وعن مالك بن دينار قال: مر عيسى وأصحابه بجيفة فقالوا: ما أنتن ريحها فقال: ما أبيض أسنانها. لينهاهم عن الغيبة.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: يحدثنا الحسين بن عبد الرحمن، عن زكريا بن عدي قال: قال عيسى ابن مريم: يا معشر الحواريين ارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا.
قال زكريا: وفي ذلك يقول الشاعر:
أرى رجالا بأدنى الدين قد قنعوا * ولا أراهم رضوا في العيش بالدون
فاستغني بالدين عن دنيا الملوك كما * استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
وقال أبو مصعب عن مالك: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: "لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافى ومبتلى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية".
وقال الثوري: سمعت أبي يقول عن إبراهيم التيمي، قال: قال عيسى لأصحابه: بحق أقول لكم: من طلب الفردوس فخبز الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب كثير.
قال مالك بن دينار قال عيسى: إن أكل الشعير مع الرماد والنوم على المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس.
وقال عبد الله بن المبارك: أنبأنا سفيان، عن منصور، عن سالم ابن أبي الجعد، قال: قال عيسى: اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم، انظروا إلى هذه الطيور تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها، فإن قلتم نحن أعظم بطونا من الطير فانظروا إلى هذه الأباقير من الوحوش والحمر فإنها تغدو وتروح ولا تحرث ولا تحصد والله يرزقها.
وقال صفوان بن عمرو: عن شريح بن عبد الله، عن يزيد بن ميسرة، قال: قال الحواريون للمسيح: يا مسيح الله انظر إلى مسجد الله ما أحسنه. قال: آمين آمين بحق ما أقول لكم لا يترك الله من هذا المسجد حجرا قائما إلا أهلكه بذنوب أهله، إن الله لا يصنع بالذهب ولا الفضة ولا بهذه الأحجار التي تعجبكم شيئا إن أحب إلى الله منها القلوب الصالحة وبها يعمر الله الأرض، وبها يخرب الله الأرض إذا كانت على غير ذلك.
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه: أخبرنا أبو منصور بن محمد الصوفي، أخبرتنا عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية، قالت: حدثنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله بن الهشيم إملاء، حدثنا الوليد بن أبان إملاء، حدثنا أحمد بن جعفر الرازي، حدثنا سهيل بن إبراهيم الحنظلي، حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز، عن المعتمر، عن مجاهد، عن ابن عباس عن النبي قال: مر عيسى عليه السلام على مدينة خربة، فأعجبه البنيان فقال: أي رب مر هذه المدينة أن تجيبني. فأوحى الله إلى المدينة: أيتها المدينة الخربة جاوبي عيسى. قال: فنادت المدينة: عيسى حبيبي وما تريد مني؟ قال: ما فعل أشجارك وما فعل أنهارك وما فعل قصورك وأين سكانك؟ قالت: حبيبي جاء وعد ربك الحق فيبست أشجاري ونشفت أنهاري وخربت قصوري ومات سكاني. قال: فأين أموالهم؟ فقالت: جمعوها من الحلال والحرام موضوعة في بطني، لله ميراث السماوات والارض. قال: فنادى عيسى عليه السلام: تعجبت من ثلاث أناس: طالب الدنيا والموت يطلبه، وباني القصور والقبر منزله، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامه! ابن آدم لا بالكثير تشبع ولا بالقليل تقنع، تجمع مالك لمن لا يحمدك وتقدم على رب لا يعذرك، إنما أنت عبد بطنك وشهوتك، وإنما تملأ بطنك إذا دخلت قبرك، وأنت يا ابن آدم ترى حشد مالك في ميزان غيرك. هذا حديث غريب جدا وفيه موعظة حسنة فكتبناه لذلك.
وقال سفيان الثوري عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، قال عيسى عليه السلام: يا معشر الحواريين اجعلوا كنوزكم في السماء فإن قلب الرجل حيث كنزه.
وقال ثور بن يزيد عن عبد العزيز بن ظبيان قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: من تعلم وعلم وعمل دعى عظيما في ملكوت السماء.
وقال أبو كريب: روي أن عيسى عليه السلام قال: لا خير في علم لا يعبر معك الوادي ويعبر بك النادي.
وروى ابن عساكر بإسناد غريب عن ابن عباس مرفوعا أن عيسى قام في بني إسرائيل فقال: يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكم غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، والأمور ثلاثة: أمر تبين رشده فاتبعوه وأمر تبين غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله عز وجل.
وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن رجل، عن عكرمة قال: قال عيسى: لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئا، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها، فإن الحكمة خير من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من الخنزير!.
وكذا حكى وهب وغيره عنه أنه قال لأصحابه: أنتم ملح الأرض فإذا فسدتم فلا دواء لكم، وإن فيكم خصلتين من الجهل: الضحك من غير عجب والصبحة من غير سهر.
وعنه أنه قيل له: من أشد الناس فتنة؟ قال: زلة العالم، فإن العالم إذا زل يزل بزلته عالم كثير.
وعنه أنه قال: يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم، قولكم شفاء وعملكم داء مثلكم مثل شجرة الدفلى تعجب من رآها وتقتل من أكلها.
وقال وهب: قال عيسى: يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة فلا تدخلونها ولا تدعون المساكين يدخلونها، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه.
وقال مكحول: التقى يحيى وعيسى، فصافحه عيسى وهو يضحك فقال له يحيى: يابن خالة مالي أراك ضاحكا كأنك قد أمنت؟! فقال له عيسى: مالي أراك عابسا كأنك قد يئست! فأوحى الله إليهما: إن أحبكما إلي أبشكما بصاحبه.
وقال وهب بن منبه: وقف عيسى هو وأصحابه على قبر وصاحبه يدلى فيه، فجعلوا يذكرون القبر وضيقه فقال: قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم، فإذا أحب الله أن يوسع وسع.
وقال أبو عمر الضرير: بلغني أن عيسى كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دما.
والآثار في مثل هذا كثيرة جدا. وقد أورد الحافظ بن عساكر منها طرفا صالحا اقتصرنا منها على هذا القدر، والله الموفق للصواب.






 
التعديل الأخير تم بواسطة طالبة العلم ; 25-09-2016 الساعة 12:30 PM

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الانبياء, السماء, عليه, عيسى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
موتى أحياهم عيسى عليه السلام بإذن الله آسيل قصص الرسل والانبياء 15 05-08-2016 01:41 PM
ما هو البرهان على أن عيسى عليه السلام بشر من خلق الله؟ حقلاوي قصص الرسل والانبياء 13 17-10-2015 06:40 PM
سلسلة قصص الانبياء...عيسى عليه السلام قوت القلوب 2 قصص الرسل والانبياء 9 19-08-2015 06:16 PM
العثور على إنجيل يحوي نبوءة عيسى -عليه السلام- بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. Ghupir JR منتدى القرآن الكريم والتفسير 6 07-06-2012 03:03 PM
قصة نبي الله عيسى عليه السلام واليهودي أمير الكلمة قصص الرسل والانبياء 14 16-01-2012 10:04 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 11:28 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant