هل فول الصويا نافع أم ضار؟
بين الحين والآخر، نسمع أو نقرأ بأن منتجات فول الصويا مفيدة جداً، أو أنها تسبب بعض الأضرار الصحية. فما هو رأيك بهذا التناقض وماذا علينا أن نفعل؟ هل نستهلك هذه المنتجات أم لا؟
هنالك منتجات متنوعة من فول الصويا، بعضها عبارة عن حبات فول الصويا الكاملة، وبعضها عبارة عن منتجات مكررة لفول الصويا دخلت عليها الكثير من المُحسِّنات والتفاعلات الكيميائية للحصول على المنتج النهائي بصورته المُباعة. كما يجدر بنا أن نوضح بأن بعض حبوب الصويا تمَّت زراعتها بدون مبيدات حشرية أو تدخلات جينية، بينما بعضها الآخر تعرَّض للكثير من العمليات الجينية التي تعمل على زيادة مقاومة هذه الحبوب لبعض الآفات الزراعية. من هنا يجدر بنا الحرص في طريقة اختيارنا للمنتجات التي سنتناولها - بغض النظر عمَّا إذا كانت هذه المنتجات مصنـَّعة من حبوب فول الصويا أو بعض الحبوب الأخرى.
لقد تم الترويج لحبوب فول الصويا بصورة كبيرة، ذلك لأن هذه الحبوب تعتبر مصدرًا جيداً للبروتين – خاصة للأشخاص النباتيين الذين غالباً ما يعانون من نقص في البروتين. وربما تسأل عزيزي: ما الذي يُميِّز هذه الحبوب عن باقي البقول مثل الفول المصري، الحمص، العدس وغيرها؟
سؤالك في مكانه، وإليك الإجابة. إن البروتين الذي يتم الحصول عليه من المصادر النباتية يفتقر في الأغلب إلى واحد أو إثنين من الأحماض الأمينية الثمانية الأساسية التي تتوفر بصورة طبيعية في البروتين الموجود في المنتجات الحيوانية. لكن حبوب فول الصويا تتميَّز عن غيرها من البقول بكونها تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية الثمانية الضرورية للجسم. هذا الأمر، يجعل من فول الصويا مصدرًا ممتازًا للبروتين الكامل – خاصة للنباتيين.
بالرغم من أن فكرة تناول الطعام النباتي قد تبدو سهلة التنفيذ، إلا أنها في الحقيقة صعبة وتحتاج إلى الكثير من الوقت والتخطيط. فعملية تعويض البروتينات الموجودة في قطعة اللحم التي قرَّرت الامتناع عن تناولها، لا يتم فقط من خلال تناول بعض الفاكهة أو الخضار أو الحبوب لسد جوع الجسم ومليء المعدة. فإعداد وجبة غذائية نباتية متكاملة تحتاج إلى وعي وتدبير. وإذا لم تـُوفـِّر لجسمك الطعام المناسب وتمدَّه بالاحتياجات اللازمة للنمو والقيام بوظائفه الأساسية بأحسن صورة ممكنة، ستعاني من التعب والإرهاق، وربما ستصاب ببعض الأمراض.
إن قطع المنتجات الحيوانية من قائمة الطعام يؤدي إلى تقليل نسبة وأيضاً نوعية البروتين التي يحصل عليها الجسم، وبالتالي يفتقر إلى بعض أنواع الأحماض الأمينية التي لا يمكن توفيرها إلا عن طريق مزج وتنويع المنتجات النباتية في وجبات الطعام، بحيث تحتوي الوجبة الواحدة على خليط من الحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات بالإضافة إلى الخضروات. هذه التشكيلة من الأطعمة، تعدُّ مصدرًا جيداً للحصول على الأحماض الأمينية اللازمة بالنسبة للنباتيين على اختلاف أعمارهم ونشاطاتهم، سواء كانوا رياضيين أو مراهقين أو حتى سيدات حوامل.
هذا أيضاً يعني بأن منتجات الصويا ليست مكوِّناً أساسياً لا يمكن الاستعاضة عنه في غذاء النباتيين، كما أنه ليس من الضروري أن يكون جزءًا من النظام الغذائي النباتي لضمان توازن الغذاء إذا تمذَت مُراعاة مزج الأطعمة الأخرى مع بعضها ضمن وجبات الطعام.
مع أنه يمكن الاستعاضة عن كل الأحماض الأمينية التي توفـِّرها حبوب الصويا، إلا أن هناك على الأرجح فوائد أخرى لفول الصويا ولكن يصعب إجراء دراسات على التأثيرات الغذائية التي يقدمها هذا النوع من البقول – كما هي الحال مع الأنواع الأخرى. بعض الدراسات تشير إلى أن حبوب الصويا تحتوي على بعض المركبات المُضادَّة للأكسدة بالإضافة إلى مركبات أخرى تقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان. كما أن لحليب الصويا القدرة على تقليل نسبة الإصابة بسرطان البروستاتا عند الرجال، ولذلك يُنصح الرجال بشرب كوب واحد من حليب الصويا يوميًا.
منذ عدَّة شهور، تمّّ إجراء إحدى الدراسات الناجحة على تناول منتجات الصويا وعلاقتها بالتقليل من نسبة الإصابة بسرطان الثدي عند النساء. فاللواتي كـُنَّ يتناولن كمية أكبر مِن منتجات الصويا، كانت نسبة إصابتهن بسرطان الثدي 30 - 40٪ أقل من اللواتي تناولن كمية أقل.
من ناحية أخرى، يقوم الفريق المعارض لاستخدام فول الصويا بتجميع كافة الحجج لتبرير موقفهم ضد تناول هذه المنتجات. فالبعض يتحدَّث عن حالات تمَّ فيها تغذية الطيور بالصويا، مما أدّى إلى حدوث إعوجاج في مناقيرها. والبعض الآخر يعتقد أن أكل كميات كبيرة من منتجات الصويا يؤدّي إلى الإصابة بالخرف ومشكلات عقلية أخرى، وذلك بناءً على دراسات تمّ إجراؤها. غير أنه من الضروري أن نعرف أن تلك الدراسات غير موثوق بها كليًا.
في الختام، يجدر بنا القول بأن تناول القليل من فول الصويا في الوجبات الغذائية يُعدُّ خيارًا صحيًا جيدًا، بينما الإكثار منه قد يكون مضرًا، خاصة إذا كانت الحبوب مُعامَلة جينياً أو خضعت لتحسينات أو كانت منتجات الصويا مُكرَّرة ومعاملة بطرق كيميائية.
كما لاحظت عزيزي، هنالك دراسات تؤكد على فائدة تناول هذه الحبوب، بينما بعضها الآخر تشير إلى أضرار ناتجة عن تناولها. والخيار الأمثل ما بين هذين الرأيين هو الإعتدال وعدم الإفراط في تناول فول الصويا أو منتجاته. فالإكثار مِن تناول أي شيء – حتى لو كان مفيداً، سيؤدي في النهاية إلى الإضرار بالجسم. فكن معتدلاً ولا تفرط في شيء.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك