إذا أردت الهروب من صخب المدن الكبرى المثير للقلق والإرهاق،
لتتمتع بعطلة هادئة بين أحضان مدينة أليفة،
فما عليك إلا أن تتوجه في أي فصل شئت إلى مدينة صغيرة
في أقصى شمال المملكة المغربية
تقع على ارتفاع 660 متراً عن سطح البحر،
وتحتل سفح جبلي تيسوكا والقلعة ،
في قلب سلسلة جبال الريف المطلة على البحر الأبيض المتوسط ،
إنها مدينة شفشاون المغربية .
شفشاون مدينة في شمال المغرب، الاسم الحقيقي للمدينة هو الشاون ،أُحدث إقليم شفشاون بموجب قانون رقم : 688.75.1 الصادر بتاريخ 23 أبريل 1975.
تأسست مدينة شفشاون حاضرة الإقليم سنة 1471 م على يد علي بن راشد، لايواء مسلمي الاندلس بعد طردهم من طرف الأسبان ;
حيث كانت بمثابة قلعة للمجاهدين ضد الاستعمار. تضم المدينة وحدها 35.709 نسمة
تتسم مدينة شفشاون بالسمات الجبلية، ذات التضاريس الصعبة والانحدارات المفاجئة والأودية المنخفضة والانكسارات الحادة. وقد عرفت تواجد الإنسان منذ العصور القديمة. كما عرفت وصول الفاتحين العرب كموسى بن نصير الذي بنى مسجدا له بقبيلة بني حسان شمال غربي شفشاون، وكذا طارق بن زياد الذي لا يزال مسجدا يحمل اسمه بقرية الشرفات.(قيادة باب تازة) وهكذا، فمنذ الفتح الإسلامي للمغرب، أصبحت هذه المنطقة مركزا لتجمع الجيوش. وفي عهد الأدارسة (القرن التاسع)، أصبحت المنطقة تحت حكم عمر بن إدريس الثاني الذي جعل من فاس عاصمة لإمارته. وهكذا عرفت المنطقة وقوع حروب ونزاعات مختلفة حتى تأسيس مدينة شفشاون في 876هـ/1471م على يد علي بن راشد، لإيقاف الزحف البرتغالي على المنطقة. تحتضن المدينة العتيقة لشفشاون مجموعة مهمة من المباني التاريخية التي تعكس إلى حد كبير الطابع التاريخي والحضاري الذي تكتسيه المدينة.
تؤكد المصادر التاريخية على أن اختطاط المدينة كان في الجهة المعروفة بعدوة وادي شفشاون في حدود 876هـ/1471م، على يد الشريف الفقيه أبي الحسن المعروف بابن جمعة. وقام من بعده ابن عمه الأمير أبو الحسن علي بن راشد باختطاط المدينة في العدوة الأخرى، فبنى قصبتها وأوطنها بأهله وعشيرته.
تقع القصبة في الجزء الغربي للمدينة، وتعتبر نواتها الأولى، التي اتخذها علي بن راشد مقرا لقيادته وثكنة عسكرية من أجل الجهاد ضد البرتغاليين. من الناحية المعمارية، فالقصبة محاطة بسور تتوسطه عشرة أبراج، وتجسد طريقة بنائها النمط الأندلسي في العمارة. يحتوي الفضاء الداخلي للقصبة على حديقة كبيرة مزينة بحوضين. في حين يحتل المتحف الاثنوغرافي الجزء الشمالي الغربي من القصبة. يرجع تاريخ بناء المبنى الذي يأوي المتحف إلى نهاية القرن 11هـ/17م. وقد بناه علي الريفي والي السلطان مولاي إسماعيل على المنطقة. يتخذ هذا المبنى تصميم المنازل التقليدية المغربية التي تتوفر على ساحة داخلية مفتوحة تتوسطها نافورة مائية، محاطة بأروقة وغرف بالإضافة إلى طابق علوي.
تعتبر ساحة وطاء الحمام ساحة عمومية بالمدينة العتيقة نظرا لمساحتها التي تبلغ 3000م. كما أنها قطب المدينة التاريخي والسياحي باعتبار كل الطرق تؤدي إليها. صممت في البداية هذه الساحة لتكون مقرا لسوق أسبوعي، يؤمه سكان الضواحي والمدينة. تغيرت وظيفة الساحة حاليا من سوق أسبوعي إلى ساحة سياحية واحتلت المقاهي محل دكاكين البيع، كما زينت الساحة بنافورة مياه جميلة وبها يوجدالمسجد الأعظم والقصبة وبها تقام المهرجنات متل : مثل مهرجان الغر يا الشمالية و المهرجان الدولي للمسرح العربي.
يقع المسجد الأعظم في مدينة برشيد شيد من طرف مولاي محمد بن علي بن راشد في9 ابريل 1947. كما أنه يتوفر على كل المرافق المعمارية من صومعة وساحة خارجية .وشيد الحجر الاساسي من طرف محمد الخامس نصره الله
يعتبر هذا الحي ثاني أقدم تجمع سكني بني بعد القصبة، وقد ضم في بدايته ثمانين عائلة أندلسية قدمت مع علي بن راشد. سمي بهذا الاسم لوجود قيسارية به بنيت في أواخر القرن الخامس عشر. ويضم هذا الحي أهم وأقدم البيوتات الموجودة بمدينة شفشاون التي ترتدي لونا أبيضا ممزوجا بالأزرق السماوي خاصة. وتعتبر النافورة الحائطية الموجودة بأحد دروب القيسارية، من أهم نافورات المدينة نظرا للزخرفة التي تزين واجهتها. احتلال البرتوغل
بني هذا الحي على أساس إيواء الفوج الثاني من المهاجرين الأندلسيين الذين قدموا إلى مدينة شفشاون سنة 897هـ/1492م. عموما، يتشابه هذان الحيان من حيث التصميم، غير أن حي الأندلس مختلف عنه فيما يخص طبوغرافية الموضع التي حتمت على ساكنيه بناء منازل ذات طابقين أو ثلاثة، مع وجود أكثر من مدخل.
يعتبر باب العنصر الحد الشمالي الغربي لسور المدينة الذي عرف عدة إصلاحات في بنائه، سيرا مع التوسع العمراني للمدينة. وهكذا فالمهاجرون القادمون من الأندلس لم يحافظوا على المعايير الأصيلة في بنائهم لهذا الحي، سيما في برج المراقبة الذي يختلف في بنائه عن حي السويقة. أضف إلى هذا أن برج المراقبة الحالي الذي يتوسطه سور الحي ليس سوى ترميم عصري للبرج القديم الذي بني على نمط مثيله الواقع بحي باب العين، والذي يذكرنا هو الآخر في عمارته بأبراج غرناطة
حي الصبانين
يقع هذا الحي على طول الطريق المؤدية إلى رأس الماء. يضم حي الصبانين مجموعة من الطواحين التقليدية التي كانت تستعمل لطحن الزيتون. كما يوجد به فرن تقليدي يجاور القنطرة التي توجد فوق نهر يسمى واد لفوارة
منبع رأس الماء
يشكل منبع رأس الماء أساس بناء مدينة شفشاون. فهذا المنبع كان ولا يزال المزود الوحيد للمدينة بالمياه الصالحة للشرب والزراعة أيضا. كما أنه شكل القوة المحركة وهوقرب من حي الصبانين
يشكل شارع المغرب العربي طريق الحافلات و هو يؤدي إلى السوق الأسبوعي بالقرب من المكتب الوطني للكهرباء(O.N.E).
المطاعم في شفشاون
تقدم مزيجا من الأكل المغربي التقليدي والأكلات ذات التاريخ المشترك المغربي الإسباني، وهي على العموم الأكلات ذات التاريخ الأندلسي التي ورثها الإسبان وحفظوها باسمهم.
زوار شفشاون يفضلون كثيرا تدوق أكلة الباهيا التي تبدع المدينة في طهيها أكثر من أية مدينة مغربية أخرى.
هناك أيضا الطاجين باللحم أو بالسمك الذي تقدمه الكثير من المطاعم في المدينة، والذي تختلف طريقة طهيه حسب تنوع الأدواق.
زوار شفشاون لا ينسون أيضا أن يتدوقوا ذلك الطعم اللذيذ لوجبة البيصارة التي تطبخ في المدينة و أحوازها وفق الأصول الحقيقية لطبخها، لذلك يبدو عاديا ذلك الزحام الذي يميز مطاعم البيصارة التي يتهافت عليها
تشعر وأنت تصل إلى المدينة بألفة وتصالح مع المكان،
حتى وإن لم تكن قد زرته من قبل،
وهذا الانطباع الاول يجعلك تنسجم بسهولة مع فضاءات المدينة
التي ترحب بالسائح الباحث عن الهدوء والسكينة والعزلة،
فلا تتوقع أن تجد مدينة للملاهي الصاخبة والفنادق الفخمة ومتاجر الماركات العالمية.
وإذا كنت من هواة التسوق، لاقتناء الهدايا البسيطة، أوالاحتفاظ ببعض التذكارات،
فخلال تجولك بأحياء المدينة القديمة، ستجد عدداً من البازارات
التي يبيع أصحابها المنتجات التقليدية التي اشتهرت بها المدينة،
مثل المنسوجات الصوفية الملونة بألوان قزحية جميلة،
والصناعات الجلدية والخشبية، بأثمان زهيدة.