[read] لقد سوى الله بين الخلق والبرية فى ورودهم لحوض المنية فقال عز وجل : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } فالخلق يموتون أو يقتلون بأعمارهم التى قدّرها الله لهم وسماها لآجالهم على هذه الأرض والحياة . { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }. ستأتهم ملائكة الموت ورسل الله أينما كانوا لقبض أرواحهم فى موعدٍ لايستقدمون عنه ولا يستأخرون . { حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } . ... فإذا ما أتى يوم القيامة سوف يجازى كل إنسان عما فعل واحتقب و يُحاسب عن كل ما كسب واكتسب . ما من قول أو فعل أو عمل إلا ونسخه الله وسوف يجده المرء فى كتابه ويلقاه منشورا .. { هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ .. إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وإن كان الناس قد نسوا أعمالهم فالله لم ينساها وإن لم يحصوا أفعالهم فالله قد أحصاها .. { وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } ***** فمنذ أن خلق الله الأرض ومن عليها فإن من أحياه الله بها من الأولين والآخِرين سوف يأتى بعد الممات إلى هذا الميقات . سوف يهبّ كل العباد ويبعثهم الله للحساب والمآب .. يقول رب العالمين : { قُلْ إِن الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَات يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } . الأولون : هم كل الأمم والأقوام منذ سيدنا آدم عليه السلام وحتى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل من خلقهم الله قبل الرسالة ) . والآخِرون : هم كل الأمم والشعوب والأقوام منذ أن بعث الله نبيه ورسوله وحتى يوم القيامة ( كل من خلقهم الله بعد الرسالة ) . ***** زعم الكفار والمشركون ومن حادوا عن دين الله القويم وصراطه المستقيم بأنهم لن يبعثوا .. قالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين .. وقالوا إن هى إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين .. وقالوا كيف نحيا بعد موتنا وكيف نبعث بعد أن تصبح أجسادنا وعظامنا تراباً بالية .. { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ }. ***** يوم القيامة هو اليوم الآخر .. آخر يوم من الأيام على هذه الأرض والحياة .. سيأتى على العباد بغتة وهم لايشعرون . سيأتى كلمح البصر أو هو أقرب . ( مما لايعِه ولا تدركه العقول ) . قد يأتنا ونحن أحياء . وقد يأتنا ونحن أموات . وقد يأتنا فى العشية أو فى الليل ونحن نائمون . وقد يأتنا ضحىً أو نهاراً ونحن لاهون لاعبون . { أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } . ... سينفخ فى الصور نفخة الفزع . وسيصيب الناس رعب وهلع . سينفخ فى الصور نفخة الصعق وستصعق كل الأحياء .. وستأتى نفخة البعث ويقوم الناس لرب العالمين . { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ } { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ .. ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ } ... ستتشقق الأرض ويخرج الناس من قبورهم وأجداثهم سِراعاً يتناسلون كأنهم جراد منتشر . سيخرجون مهطعين ناظرين مشدوهين مادّين أعناقهم لن ترتد إليهم أهداب عيونهم من هول هذا اليوم العظيم .. ستنتهى كل القوانين والنواميس التى وضعها الله للحياة .. سيجمع الشمس والقمر فلا ضياء ولا أنوار ولا مسار للأفلاك فى المدار ولاتعاقب لليل أو نهار .. { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ } . ظلمة وظلام وإظلام .. ستُمحى الكواكب وتنتثر . وتطمس النجوم وتنكدر . وستكشط السماء وتنفطر . وتتخلى الأرض عما فيها وما عليها من أحمال وأثقال . رجف للأرض ورجرجة . ودك للأرض وزلزلة . بث وبس وتسيير للجبال . وتسجير وتفجير للبحور . وبعثرة للأجداث والقبور . يومٌ عبوس قمطرير .. يوم شره مستطير .. يوم عسير على الكفار والمشركين والعصاة غير يسير . ... يومٌ لاخفايا فيه ولا أسرار سيفتضح كل ما أخفيناه وسيُبلى أمام الله وكافة الخلائق كل ما أسررناه وأكنناه . { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ } .. { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } . يومٌ لاضراعة فيه ولاشفاعة ولاحجة فيه ولابرهان ولا ناصر فيه أو نصير . يقول عز وجل : { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } . { وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } لا الوالد سينفع ولده ولا الولد سينفع والده .. سوف يفر المرء من أخيه ومن أمه وأبيه ومن زوجته وبنيه ومن فصيلته التى تؤويه . سيتمنى أن يلقِى بهم جميعاً فى النار بل ويلقى بكل من فى الأرض لينجو بنفسه من عذاب الله المنتقم الجبار . { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } { يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً } ... ستتبدل الأرض وتتبدل السماوات وبعد الظلمة والظلام سيأتى الإبصار وتشرق الأنوار بنور الواحد القهار . { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء } ... كلٌ منا طائره فى عنقه .. سيقرأ كتابه الذى يلقاه منشورا .. سيقرأه متعلماً أو غير متعلم . ستوضع الموازين .. وتأتى كل أمة برسولها الذى أرسله الله لها ليكون شاهداً عليها ( قبل الرسالة ) . ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون شاهداً علينا ونحن شهداء على الناس ( فى أداء الأمانة وبلاغ الرسالة ) . { وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .. ستشهد علينا ألسنتنا بأقوالنا وستنطق أيدينا وأرجلنا بأفعالنا وبما عملناه وبكل ما اقترفناه فى حياتنا . سينظر المرء ما قدمت يداه ويتذكر الإنسان ماسعى . وسيعض الظالم على يديه ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا . ... الكفار والمشركون واليهود والنصارى والمجوس والصابئون سيشهدون بوحدانية الله ويقرون بأن لا إله إلا الله . ولكن أنّى لهم .. لن ينفعهم إيمانهم .. { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } والعصاة من المؤمنين سيطلبون التوبة والمغفرة من الله .. ولكن أنّى لهم .. لن تجدى توبتهم أو استغفارهم .. { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ .. أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً } لن ينفعهم حسرة أو ندم .. فلقد طويت الصحف وجفت الأقلام .. ***** وبعد السؤال والحساب سيكون مآل العباد إما إلى جنة الخلد والنعيم وإما إلى نار جهنم وسكنى الجحيم . يقول العزيز الحكيم : { لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ } لا بشرى : لمن كفروا بالله وكذبوا أنبياءهم ورسلهم ( قبل الرسالة ) . ولابشرى : لمن بلغهم دين الإسلام وذكر نبى الله عليه الصلاة والسلام فجحدوا وكذبوا ولم يؤمنوا . ولا لمن عصوا الله من المؤمنين فيما أمرهم الله به وما نهاهم عنه ( بعد الرسالة ) . هؤلاء هم أصحاب الشمال : عذابهم أليم وحالهم ذميم وموردهم وخيم . فى سموم وحميم وظل من يحموم . سيصطلون فى النار والجحيم دهوراً وأحقاباً خالدين .. سيظلون ماكثين صبروا أو لم يصبروا لن يخرجوا . { اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ .. إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } سيأتهم الموت من كل مكان وماهم بميتين . ولهم المزيد من الأنكال والجحيم . مآلهم وحشرهم صماً لايسمعون . بكماً لاينطقون . عمياً لا يبصرون .. يقول رب العرش العظيم : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } ***** البشرى يومئذ للمؤمنين .. { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ } البشرى لمن آمنوا وصدقوا بأنبيائهم ورسلهم ( قبل الرسالة ) . ولمن آمنوا واتبعوا الإسلام .. ومن لم يعصوا الله من المؤمنين فيما أمرهم الله به ونهاهم عنه ( بعد الرسالة ) . هؤلاء هم أصحاب اليمين : لاخوف عليهم ولاهم يحزنون كفلهم الله برحمته واستثناهم بمشيئته من هول هذا اليوم العظيم . تتلقاهم ملائكة الرحمن بالسلام وتبشرهم بالجنة وعقبى الدار ونجاتهم من عذاب النار . { لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } لا فزع لهم ولا هلع ولا ظلمة بينهم ولا ظلام أو إظلام .. نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم .. سيقيهم الله شر هذا اليوم العسير ويحفظهم من هوله المستطير وينجيهم من خزى ذلك اليوم العبوس القمطرير . لهم مقام أمين فى نعيم مقيم . سعداء فرحين . لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار . ولهم ما يطلبون ويشاءون . { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }[/read]
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
18-01-2017
الإيمان بالبعث واليوم الآخر
