التوجيه:
من قرأ ( عَرَفَ ) أي: "جازى النبي على بعضٍ وعفا عن بعضٍ، تكرُّما منه صلى الله عليه وسلم، وجاء التفسير فيه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- أسر إلى بعض أزواجه سرًّا فأفشته عليه، ولم تكمته، فأطلع الله نبيه على ذلك، فجازاها على بعض ما فعلت، وأعرض عن بعض، فلم يجازها عليه، ومجازاته لها هو طلاقها"[2]
وكثير من العلماء على أنَّ هذا هو المعنى المراد، ومن ثم لا يكون (عَرَفَ) هنا بمعنى (عَلِمَ)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أظهره الله على ما أسره إليها علم جميع ذلك، ولم يجز أن يُعلَمَ من ذلك مع إظهار الله إياه عليه بعضه.[3]
ومن قرأ ( عَرَّفَ ) فعلى معنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرَّف حفصة بعض ما حدثها به، وأمسك عن بعض الحديث، على وجه التكرم والتغاضي منه صلوات ربي وتسليماته عليه.
والاختلاف هنا ينتمي إلى المستوى الصرفي، وعلى وجه التحديد: (الاختلاف بين الأفعال المجردة والمزيدة).
التوجيه:
من قرأ ( تَظَاهَرَا ) من ظَاهَر يُظاهِر، فلا توجد فاء تقتضي التشديد.
ومن قرأ ( تَظَّاهَرَا ) فأصلها: تتظاهر، فأدغمت التاء في الظاء، وهو مثل (تظاهرون) في أول سورة المجادلة فلنعد إليه ففيه مزيد تفصيل.
الموضع الثاني: قرأ ابن كثير ( وَجَبْرِيلُ ) بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز، وقرأ أبو بكر عن عاصم ( وَجَبْرَئِلُ) بفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة من غير ياء. وقرأ حمزة والكسائي ( وَجَبْرَئِيلُ) بفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة بعدها ياء. وقرأ الباقون ( وَجِبْرِيلُ ) بكسر الجيم والراء من غير همز.[5]
التوجيه:
كلمة (جبريل) أعجمية، وعندما دخلت هذه الكلمةُ العربيةَ مِن العرب مَن نطق بها على مثال كلام العرب، فــ ( جَبْرِيلُ ) على وزن (قِنديل ومِنديل)، والصيغ الأخرى ( جَبْرَئِلُ ) و( جَبْرَئِيلُ) و ( جِبْرِيلُ ) على خلاف كلام العرب ليُعلم أنها ليست من كلام العرب.[6]
والاختلاف هنا ينتمي إلى المستوى الصرفي، وعلى وجه التحديد: (الاختلاف بين الألفاظ المعرَّبة).
قرأ أبو بكر عن عاصم ( نُصُوحًا ) بضم النون، وقرأ الباقون ( نَصُوحًا) بفتح النون.
التوجيه:
من قرأ ( نُصُوحًا ) فعلى أنه مصدر، نَصَح نُصُوحًا، وهو قليلٌ.
ومن قرأ ( نَصُوحًا ) فعلى أنه " صفة لتوبة، وحذف الهاء؛ لأنها معدولة عن أصلها، لأن الأصل فيها ناصحة، فلما عدلت من فاعل إلى فَعُول حذفت الهاء منها دلالةً على العدْل"[7]
والاختلاف هنا ينتمي إلى المستوى الصرفي، وعلى وجه التحديد: (الاختلاف بين صيغ الأسماء).
قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم ( وَكُتُبِهِ ) على الجمع، وقرأ الباقون ( وَكِتَابِهِ ) على التوحيد.
التوجيه:
من قرأ ( وَكُتُبِهِ ) فعلى الجمع؛ لأن مريم آمنت بكتب الله، ولم تؤمن بكتابٍ واحدٍ، وهو موافق للسياق قبله في (بِكَلِمَاتِ) على الجمع، فوافق الجمعُ الجمعَ.
ومن قرأ ( وَكِتَابِهِ ) بالإفراد المراد به الجمع؛ وقد جاء ذلك كثيرًا، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34].
فالقراءتان على ذلك بمعنى واحدٍ، واختلافهما ينتمي إلى (المستوى الصرفي)، من حيث الاختلاف ما بين (الإفراد والجمع).