ذكر الذهبي نسبه أنه
الزبير بن
العوام ابن خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب الأسدي القرشي , ولد سنة 28 قبل الهجرة .
حواري رسول
الله صلى
الله عليه وسلم ، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد
الله رضي
الله عنه وأرضاه .
وروى الليث ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : أسلم
الزبير ، ابن ثمان سنين ، ونفحتْ نفحة من الشيطان ( أي سمعت صيحة ) أن رسول
الله أُخِذَ بأعلى مكة ، فخرج
الزبير وهو غلام ، ابن اثنتي عشرة سنة ، بيده السيف ، فمن رآه عجب ، وقال : الغلام معه السيف ، حتى أتى النبي -صلى
الله عليه وسلم- ، فقال : ما لك يا زبير ؟ فأخبره وقال : أتيت أضرب بسيفي من أخذك .
حدثنا شعبة ، عن جامع بن شداد ، عن عامر بن عبد
الله ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي : ما لك لا تحدث عن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- كما يحدث ابن مسعود ؟ قال : أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ، ولكن سمعته يقول : "من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار ."
قال المدائني : كان طلحة ، والزبير ، وعلي ، أترابا . يعني في سن واحدة
وقال يتيم عروة : هاجر
الزبير إلى الحبشة الهجرة الأولى وهو ابن ثمان عشرة سنة ، وكان عمه يعلقه ويدخن عليه ( أي بدخان النار ) ، وهو يقول : لا أرجع إلى الكفر أبدا .
وروى هشام عن أبيه عروة ، أن
الزبير كان طويلا ، أشعر ، وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم ، فقيل لها : قتلته ، أهلكته ، قالت : إنمـا أضربه لكــي يدب , ويجـر الجيش ذا الجلــب
قال ابن إسحاق : وأسلم -على ما بلغني- على يد أبي بكر :
الزبير ، وعثمان ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد .
قال أسد بن موسى ، حدثنا جامع أبو سلمة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن البهي قال : كان يوم بدر مع رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- فارسان :
الزبير على فرس على الميمنة ، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة .
وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : كانت على
الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزل جبريل على سيماء
الزبير , وعن أبي جعفر الباقر ، قال: كانت على
الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزلت الملائكة كذلك .
وعن هشام عن أبيه عروة ، قالت عائشة : يا ابن أختي كان أبواك -يعني
الزبير وأبا بكر- من الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ , لما انصرف المشركون من أحد ، وأصاب النبي -صلى
الله عليه وسلم- وأصحابه ما أصابهم ، خاف أن يرجعوا ، فقال : من ينتدب لهؤلاء في آثارهم ، حتى يعلموا أن بنا قوة ، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين ، فخرجوا في آثار المشركين ، فسمعوا بهم ، فانصرفوا ، قال تعالى : ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) الآية أي لم يلقوا عدوا .
روى البخاري ، ومسلم: عن جابر : قال رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- يوم الخندق : من يأتينا بخبر بني قريظة ؟ فقال
الزبير : أنا ، فذهب على فرس ، فجاء بخبرهم . ثم قال الثانية ، فقال
الزبير : أنا ، فذهب ، ثم الثالثة ، فقال النبي -صلى
الله عليه وسلم- : لكل نبي حواري ، وحواري
الزبير . رواه جماعة عن ابن المنكدر .
وعن هشام بن عروة ، عن ابن المنكدر ، عن جابر ، قال رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- :
الزبير ابن عمتي ، وحواري من أمتي .
وحدث زائدة ، عن عاصم ، عن زر قال : استأذن ابن جرموز ( قاتل الزبير) على علي وأنا عنده ، فقال علي : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، سمعت رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول : لكل نبي حواري وحواري
الزبير .
وقال مصعب الزبيري : الحواري : الخالص من كل شيء . وقال الكلبي : الحواري : الخليل .
هشام بن عروة : عن أبيه ، عن ابن
الزبير عن أبيه قال : جمع لي رسول
الله صلى
الله عليه وسلم أبويه , وحدث حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن ابن
الزبير قال له : يا أبت ، قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق ، قال : يا بني ، رأيتني ؟ قال : نعم ، قال : فإن رسول
الله صلى
الله عليه وسلم يومئذ ليجمع لأبيك أبويه ، يقول : ارمِ فداك أبي وأمي .
قال الرياشي ، حدثنا الأصمعي ، حدثنا ابن أبي الزناد قال : ضرب
الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد
الله بن المغيرة بالسيف على مغفره ، فقطعه إلى القربوس فقالوا : ما أجود سيفك ! فغضب
الزبير ، يريد أن العمل ليده لا للسيف .
أبو خيثمة : حدثنا محمد بن الحسن المديني ، حدثتني أم عروة بنت جعفر ، عن أختها عائشة ، عن أبيها عن جدها
الزبير أن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة ، فدخل
الزبير مكة بلواءين .
وعن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة : حمزة ، وعلي ، والزبير .
حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، أخبرني من رأى
الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي .
عن معمر ، عن هشام عن عروة قال : كان في
الزبير ثلاث ضربات بالسيف : إحداهن في عاتقه ، إن كنت لأدخل أصابعي فيها ، ضرب ثنتين يوم بدر ، وواحدة يوم اليرموك .
وعن يحيى بن سعيد الأنصاري : عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- كان على حراء ، فتحرك . فقال : اسكن حراء ؛ فما عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد . وكان عليه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير .
وقال هشام ، عن أبيه ، قال عمر: لو عهدت أو تركت تركة ، كان أحبهم إلي
الزبير ؛ إنه ركن من أركان الدين .
عن ابن عيينة : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أوصى إلى
الزبير سبعة من الصحابة ، منهم عثمان ، وابن مسعود ، وعبد الرحمن ، فكان ينفق على الورثة من ماله ، ويحفظ أموالهم .
قال الأوزاعي : حدثني نهيك ابن مريم ، حدثنا مغيث بن سمي ، قال : كان للزبير بن
العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج ، فلا يُدْخِلُ بيته من خراجهم شيئا .
رواه سعيد بن عبد العزيز نحوه ، وزاد : بل يتصدق بها كلها .
وقالت جويرية بنت أسماء : باع
الزبير دارا له بست مائة ألف ، فقيل له : يا أبا عبد
الله ، غبنت ! قال : كلا ، هي في سبيل
الله .
قال عبد
الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي : عن جده ، عن أبي جرو المازني ، قال : شهدت عليا والزبير حين تواقفا ، فقال علي : يا زبير ، أنشدك
الله ، أسمعت رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول : إنك تقاتلني وأنت لي ظالم ؟ قال : نعم ولم أذكره إلا في موقفي هذا ، ثم انصرف (أي ترك القتال ) . رواه أبو يعلى في "مسنده" .
وقد حدث الفضل بن أبي الحكم ، عن أبي نضرة قال : جيء برأس
الزبير إلى علي ، فقال علي : تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار ، حدثني رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- "أن قاتل
الزبير في النار " , وقد قتل غدرا وهو يصلي في ظهره .
حدث شعبة ، عن منصور بن عبد الرحمن ، سمعت الشعبي يقول : أدركت خمس مائة أو أكثر من الصحابة يقولون : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير في الجنة .
لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ، ومن البدريين ، ومن أهل بيعة الرضوان ، ومن السابقين الأولين الذين أخبر
الله تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه ، ولأن الأربعة قتلوا ، ورزقوا الشهادة ، فنحن محبون لهم ، مبغضون لمن قتلهم .
ذكر البخاري وغيره :أنه قتل في رجب سنة ست وثلاثين , في وادي السباع : على سبعة فراسخ من البصرة في منطقة سميت بأسمه .
قال الواقدي وابن نمير : قتل وله أربع وستون سنة . وقال غيرهما : قيل وله بضع وخمسون سنة .
ورزق من الأبناء الذكور عبدالله , وعروة , والمنذر , وعاصم , و المهاجر , و جعفر , وعبيدة , وعمرو , وخالد , ومصعب , ومن الإناث خديجة , وعائشة , وحفصة , وحبيبة , وسودة , وهند , ورملة , وزينب .
قال القحذمي : كانت تحته أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة أخت سعيد بن زيد ، وأم خالد بنت خالد بن سعيد ، وأم مصعب الكلبية .
هكذا كان أصحاب رسول
الله أشداء على الكفار رحماء بينهم يذودون عن حياض الإسلام ولا يخافون لومة لائم , ولقد حصل بين أصحاب رسول
الله خلاف وفتنة أشعلها المنافقون كأمثال ابن سبأ , وهذا لأنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ ولكن حسناتهم كثيرة وجهادهم وبلائهم من أجل الإسلام كثير , غفر
الله لهم جميعا فيما اجتهدوا فيه وأخطئوا , فعلى المقتدين أن يقرءوا سيرة هؤلاء الصحابة الكرام الذين كانوا رهبانا بالليل فرسان بالنهار , فعلى من أنتقص من قدرهم ولو مقدار ذرة أن يعرف قدر نفسه فإنه لن يجاوز شراك نعلهم ولا أدنى من ذلك , نسئل
الله أن يزيدهم رضا على رضا من عنده وأن يملئ قلوبنا بمحبتهم ..... والحمد لله رب العالمين .