الحمد لله رب العالمين، أنزل الكتاب على نبيه ليُتْلَى كما نزل إلى يوم الدين، وأعلى منزلة من يتلوه حق تلاوته بحشْرِه مع الكرام الكاتبين؛ أما بعد:
فعلم الوقف والابتداء له أهمية كبرى، لا يعرفها إلا من تعثَّر فهمه لبعض الكلمات القرآنية أو الآيات؛ فمرجع كل هذا إلى علم النحو أولًا، ثم علم الوقف والابتداء ثانيًا؛ فعلم الوقف والابتداء استنبط العلماء قواعدهم فيه من قواعد النحو؛ ولذلك سيتضح للقارئ أن القواعد التي سأنشرها في المقالات التالية لاحقًا إن شاء الله أغلبها قواعد لغوية.
وتعد القاعدة الأهم في سورة الناس التي يخطئ فيها كثير من عوام القراء بأنهم يقفون على كلمة ﴿الْوَسْوَاسِ ﴾، ثم يبتدئون بكلمة ﴿ الْخَنَّاسِ ﴾ وحدها دون إعادة الآية من أولها كاملة في نَفَسٍ واحد؛ ولذلك فالابتداء بكلمة ﴿ الْخَنَّاسِ ﴾ وحدها، وفصلها عما قبلها يعد ابتداء قبيحًا؛ لأن القاعدة تقول: لا يجوز فصل التابع عن المتبوع، أو بصيغة أشهر: لا يجوز فصل الصفة عن الموصوف؛ فكلمة ﴿ الْخَنَّاسِ ﴾ صفة لكلمة ﴿الْوَسْوَاسِ ﴾؛ فلا يصح الابتداء بكلمة ﴿ الْخَنَّاسِ ﴾ وحدها.
فينبغي على القارئ أن يقرأ الآية كلها مرة واحدة، هكذا ﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴾ [الناس: 4]، وإن اضطر إلى الوقف على كلمة ﴿الْوَسْوَاسِ ﴾؛ لعذر طارئ كالعطاس أو النحنحة أو الكحة، فعليه أن يعيد الآية كلها كاملة.
وأسأل الله عز وجل ألَّا يحرمنا الحسنات الجاريات بعد الممات، وأن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وشفاء أمراضنا، وبركة لنا في حياتنا، وأنيسًا بعد مماتنا، وأن يحشرنا الله مع من أنعم عليهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الألوكة
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك