التركية, السعودية, العلاقات, الإقليمي, الوضع, ومسار
التركية, السعودية, العلاقات, الإقليمي, الوضع, ومسار
الوضع الإقليمي ومسار العلاقات السعودية - التركية
خادم الحرمين والرئيس التركي يحملان علاقة البلدين إلى آفاق أوسع من التعاون المشترك
تحليل إخباري - عمرو محمد
تعيش
العلاقات السعودية –
التركية حالة من التقارب السياسي انعكست من خلال عدد الزيارات المتبادلة على مستوى قادة البلدين والذي وصل إلى خمس زيارات في عام 2015م أولها كانت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتعزية في وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في يناير 2015م، وزيارة رسمية أخرى له إلى المملكة في شهر مارس 2015م، ثم الزيارة التي قام بها ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز إلى تركيا في أبريل 2015م، عقب بداية عاصفة الحزم في اليمن تلتها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى تركيا في نوفمبر 2015م لحضور قمة العشرين وأخيرًا الزيارة الحالية للرئيس التركي إلى المملكة.
ارتبط تطور
العلاقات السعودية -
التركية بعاملي التوقيت والوضع
الإقليمي اللذين لعبا دورا كبيرا في مسار
العلاقات بين البلدين كنتيجة لتواجد مصالح عليا قومية واقتصادية للبلدين في أكثر من قضية إقليمية مشتركة، حيث ترجع بدايات التطور في
العلاقات في القرن الحالي إلى الزيارات التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى تركيا في أغسطس 2006م ونوفمبر 2007م، في وقت تأزم فيه
الوضع الإقليمي على إثر الغزو الأميركي للعراق في 2003م، وتصاعدت الخلافات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية وتوترت الأوضاع في الساحة اللبنانية في أوج سياسة أميركية إقليمية حادة تدعو للتغيير داخل الدول العربية تبنتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش. وقد تناغم السلوك الخارجي للمملكة وتركيا في الإقليم واتفقت رؤى البلدين حول مجموعة أهداف إقليمية مشتركة كان أبرزها الحفاظ على وحدة العراق، وحل القضية الفلسطينية بناءً على مبدأ الأرض مقابل السلام، وبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأن الإصلاحات الداخلية تأتي من الداخل وليس من الخارج. وهو ما عكس تفضيل قيادة البلدين خيار الاستقرار كضامن لمصالحهم المتعددة سواء كانت المصالح الاقتصادية والإقليمية للحكومة
التركية أو المصالح القومية والعربية والإسلامية للمملكة في منطقة الشرق الأوسط.
ويعود
الوضع الإقليمي من جديد كي يفرض نفسه على مسار
العلاقات في التوقيت الحالي، حيث باتت الأجندة الإقليمية مثقلة سواء أجندة عام 2015م أو أجندة عام 2016م في أكثر من منطقة تتواجد فيها المصالح العليا لتركيا والمملكة. فسوف يبدأ العام المقبل مسار سياسي تفاوضي جديد لحل الأزمة السورية إنطلاقًا من مقررات مؤتمر فيننا الذي انعقد في شهر نوفمبر 2015م، بينما تزداد التدخلات الخارجية من إيران وروسيا كي تزيد
الوضع تعقيدًا في سعي واضح لفرض شروط معينة على أي تسوية سياسية حول مستقبل سورية. كما تتهيأ القوى الإقليمية والدولية لتكثيف تعاونها ونشاطها العسكري من أجل محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي بالأخص في سورية والعراق بعدما أعلنت المملكة عن إنشاء تحالف إسلامي واسع (يضم تركيا) ويطمح إلى لعب دور كبير في محاربة التنظيم على المستوى الفكري وعلى الأرض انطلاقًا من أن التنظيم يستهدف الأنظمة الحاكمة والشعوب في العالم العربي والإسلامي بالأساس. تأتي أيضًا مسألة توازن القوى على المستوى
الإقليمي وتصاعد نفوذ دول إقليمية مثل (إيران) في الدول الأخرى مثل سورية والعراق ولبنان طارحة نفسها ضمن أجندة الإقليم المثقلة بالإضافة إلى حالة الفوضى التي يخلفها هذا النفوذ والتي تهدد المصالح الأمنية العليا والاقتصادية لتركيا والمصالح القومية والعربية والإسلامية للمملكة في المنطقة كلها.
من ناحية أخرى ينعكس أي تقارب بين الرؤى الإقليمية والسلوك الخارجي للمملكة وتركيا إيجابيًا على
العلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى السياسي والاقتصادي والتجاري والثقافي. فقد نجح المستثمرون السعوديون في الحصول على مكانة متميزة في الاقتصاد التركي والاستحواذ على نسب كبيرة من أسهم كبريات المؤسسات الاقتصادية والتجارية في العشر سنوات الأخيرة من أبرزها شركة تورك تيليكوم، أفييا لخدمة الهواتف المحمولة، تويوتا تركيا، بنك تركيا فاينانس، بنك البركة تورك، إدارات مجموعة فنادق فورسيزنز ورافلز وسويسوتيل وموفنبييك في تركيا. بينما استفاد المستثمرون الأتراك من مشروعات البنى التحتية الكبرى التي يجرى العمل على تنفيذها في المملكة وكان أبرزها مشروع تجديد وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة بالشراكة مع شركة سعودية، كما يعتبر السوق السعودي من أكبر الأسواق الخليجية والعربية للمنتجات
التركية فقد وصل حجم البضائع
التركية المصدرة إلى المملكة أكثر من 3 مليارات دولار.
كما وصلت صادرات المملكة من النفط الخام إلى تركيا حاجز الخمس عشر في المئة من إجمالي واردات تركيا من النفط في عام 2012م كي تحتل المملكة المرتبة الثالثة بعد إيران والعراق أكبر موردي النفط إلى تركيا، في حين كانت هناك علامات بارزة في التعاون العسكري بين البلدين استفادت منها المملكة في إطار سعيها المستمر لرفع درجة الكفاءة والاستعداد لقواتها المسلحة؛ حيث شاركت قوات من المملكة أكثر من مرة في مناورات صقر الأناضول التي تجريها القوات الجوية
التركية بالاشتراك مع عدة جيوش مختلفة كل عام، كما وقعت المملكة على مجموعة من اتفاقيات التعاون العسكري والتدريب مع الجانب التركي.
تحتاج
العلاقات التركية -
السعودية حاليًا إلى استيضاح مجموعة الأهداف الإقليمية المشتركة لسياستي البلدين والتي تراها القيادة السياسية للجانبين واجبة التحقق من أجل ضمان استقرار المنطقة وحماية المصالح
التركية والسعودية المتعددة على المستوى
الإقليمي والاتفاق حول الخطوط العريضة للبلدين في مختلف القضايا الإقليمية المشتركة للبلدين (بدءًا من أمن الخليج واستقرار نظمه والشرعية في اليمن ودعم الاستقرار في مصر حتى الأوضاع في سورية والعراق ولبنان وأيضًا القضية الفلسطينية)، حيث سيساهم ذلك الاستيضاح في خلق جبهة إقليمية تدعم الاستقرار
الإقليمي وتعزز التقارب السياسي الذي يشهده الجانبان فيما بينهما وتدفعه لمزيد من التقدم، كما سيشجع ذلك على خلق مناخ إيجابي لتطوير
العلاقات الثنائية على المستوى الاقتصادي والتجاري والثقافي. وأخيرًا وليس آخرًا، يعد تطور
العلاقات السعودية -
التركية مرآة عاكسة لتطور
العلاقات التركية – الخليجية سواء على المستوى السياسي
الإقليمي أو السياسي الثنائي والاقتصادي والتجاري.