_فصل _
ويشهدون أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله،
وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو خاتم النبيين، أرسل إلى الإنس والجن بشيرا ونذيرا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله بصلاح الدين وصلاح الدنيا، وليقوم الخلق بعبادة الله، ويستعينوا برزقه على ذلك.
ويعلمون أنه أعلم الخلق وأصدقهم وأنصحهم، وأعظمهم بيانًا، فيعظمونه ويحبونه، ويقدمون محبته على محبة الخلق كلهم، ويتبعونه في أصول دينهم وفروعه، ويقدمون قوله وهديه على قول كل أحد وهديه، ويعتقدون أن الله جمع له من الفضائل والخصائص والكمالات ما لم يجمعه لأحد، فهو أعلى الخلق مقامًا، وأعظمهم جاهًا، وأكملهم في كل فضيلة، لم يبق خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرهم منه.
وكذلك يؤمنون بكل كتاب أنزله الله، وكل رسول أرسله الله، لا يفرقون بين أحد من رسله، ويؤمنون بالقدر كله، وأن جميع أعمال العباد - خيرها وشرها - قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، وتعلقت بها حكمته،
حيث خلق للعباد قدرة وإرادة، تقع بها أقوالهم وأفعالهم بحسب مشيئتهم، لم يجبرهم على شيء منها، بل جعلهم مختارين لها، وخص المؤمنين بأن حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وجعلهم من الراشدين بفضله ونعمته، وولى غيرهم ما تولوه ورضوه لأنفسهم من الكفر والفسوق والعصيان بعدله وحكمته،
ومن أصول أهل السنة أنهم يدينون بالنصيحة لله ولكتابه ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة،
ويأمرون ببر
الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران والمماليك والمعاملين، ومن له حق، وبالإحسان إلى الخلق أجمعين.
ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، وينهون عن مساوي الأخلاق وأرذلها، ويعتقدون أن أكمل المؤمنين إيمانًا أعظمهم إيمانًا ويقينًا، وأحسنهم أعمالًا وأخلاقًا، وأصدقهم أقوالًا، وأهداهم إلى كل خير وفضيلة، وأبعدهم من كل رذيلة،
ويأمرون بالقيام بشرائع الدين، على ما جاء عن نبيهم فيها وفي صفاتها ومكملاتها، والتحذير عن مفسداتها ومنقصاتها،
ويرون الجهاد في سبيل الله ماضيًا مع البر والفاجر، وأنه ذروة سنام الدين؛ جهاد العلم والحجة وجهاد السلاح، وأنه فرض على كل مسلم أن يدافع عن الدين بكل ممكن ومستطاع.
ومن أصولهم الحث على جمع كلمة المسلمين، والسعي في تقريب قلوبهم وتأليفها، والتحذير من التفرق والتعادي والتباغض، والعمل بكل وسيلة توصل إلى هذا.
ومن أصولهم النهي عن أذية الخلق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم، والأمر بالعدل والإنصاف في جميع المعاملات، والندب إلى الإحسان والفضل فيها،
ويؤمنون بأن أفضل الأمم أمة محمد ﷺ، وأفضلهم أصحاب رسول الله ﷺ، خصوصا الخلفاء الراشدين، والعشرة المشهود لهم بالجنة، وأهل بدر، وبيعة الرضوان والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فيحبون الصحابة ويدينون الله بذلك، وينشرون محاسنهم ويسكتون عما قيل عن مساويهم،
ويدينون الله باحترام العلماء الهداة وأئمة العدل ومن لهم المقامات العالية في الدين والفضل المتنوع على المسلمين، ويسألون الله أن يعيذهم من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وأن يثبتهم على دين نبيهم إلى الممات. فهذه الأصول الكلية بها يؤمنون ولها يعتقدون و إليها يدعون.
_
تم النقل من كتاب [القول السديد شرح كتاب التوحيد ]للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى.
_
═══ ༻ 📖 ༺ ═══
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك