عدد الضغطات : 9,099عدد الضغطات : 6,597عدد الضغطات : 6,318عدد الضغطات : 5,539
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > قصص الرسل والانبياء

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :عميد القوم)       :: احذروا سوء الظن (آخر رد :ابو طراد)       :: من فوائد وفضائل الذكر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: هل تريد نخلة في الجنة (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: وانت في مفترق الطرق تذكر... (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: غلط يقع فيه بعض المصلين (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: علماء الأزهر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رائعة جداً (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: ايمانيات (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رحله العمر (آخر رد :فاطمة صلاح)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 23-06-2016   #21
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام




بقرة بني إسرائيل

قال الله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون، قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون، قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون، وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون، فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون}.
قال ابن عباس وعبيدة السلماني وأبو العالية ومجاهد والسدي، وغير واحد من السلف: كان رجل في بني إسرائيل كثير المال، وكان شيخا كبيرا، وله بنو أخ، وكانوا يتمنون موته ليرثوه، فعمد أحدهم فقتله في الليل وطرحه في مجمع الطرق، ويقال على باب رجل منهم.
فلما أصبح الناس اختصموا فيه، وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلم، فقالوا: مالكم تختصمون ولا تأتون نبي الله، فجاء ابن أخيه فشكا أمر عمه إلى رسول الله موسى . فقال موسى عليه السلام: "أنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به". فلم يكن عند أحد منهم علم منه. وسألوه أن يسأل في هذه القضية ربه عز وجل.
فسأل ربه عز وجل في ذلك، فأمره الله أن يأمرهم بذبح بقرة. فقال: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا} يعنون نحن نسألك عن أمر هذا القتيل، وأنت تقول لنا هذا؟ {قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} أي أعوذ بالله أن أقول عنه غير ما أوحى إلي، أو هذا هو الذي أجابني حين سألته عما سألتموني أن أسأله فيه. قال ابن عباس وعبيدة ومجاهد وعكرمة والسدي وأبو العالية وغير واحد: لو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم. وقد ورد في حديث مرفوع، وفي إسناده ضعف. فسألوا عن صفتها، ثم عن لونها، ثم عن سنها، فأجيبوا بما عز وجوده فيهم. وقد ذكرنا ذلك كله في التفسير.
والمقصود أنهم أمروا بذبح بقرة عوان، وهي الوسط النصف بين الفارض وهي الكبيرة، والبكر وهي الصغيرة. قاله ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والحسن وقتادة وجماعة. ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها، فأمروا بصفراء فاقع لونها، أي مشرب بحمرة، نسر الناظرين، وهذا اللون عزيز. ثم شددوا أيضا {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون}.
ففي الحديث المرفوع الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه: "لولا أن بني إسرائيل استثنوا لما أعطوا" وفي صحته نظر. والله أعلم.
{قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون}. وهذه الصفات أضيق مما تقدم؛ حيث أمروا بذبح بقرة ليست بالذلول، وهي المذللة بالحراثة وسقي الأرض بالساقية، مسلمة، وهي الصحيحة التي لا عيب فيها، قال أبو العالية وقتادة. وقوله: {لا شية فيها}. أي ليس فيها لون يخالف لونها، بل هي مسلمة من العيوب، ومن مخالطة سائر الألوان غير لونها. فلما حددها بهذه الصفات، وحصرها بهذه النعوت والأوصاف {قالوا الآن جئت بالحق}.
ويقال إنهم لم يجدوا هذه البقرة بهذه الصفة إلا عند رجل منهم كان بارا بأبيه، فطلبوها منه فأبى عليهم، فأرغبوه في ثمنها حتى أعطوه، فيما ذكره السدي، بوزنها ذهبا فأبى عليهم، حتى أعطوه بوزنها عشر مرات، فباعها منهم.
فأمرهم نبي الله موسى بذبحها {فذبحوها وما كادوا يفعلون}. أي وهم يترددون في أمرها. ثم أمرهم عن الله أن يضربوا ذلك القتيل ببعضها قيل بلحم فخذها، وقيل بالعظم الذي يلي الغضروف، وقيل بالبضعة التي بين الكتفين، فلما ضربوه ببعضها أحياه الله تعالى، فقام وهو يشخب أوداجه، فسأله نبي الله موسى من قتلك؟ قال: قتلني ابن أخي. ثم عاد ميتا كما كان.
قال الله تعالى: {كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون}. أي كما شاهدتم إحياء هذا القتيل عن أمر الله له، كذلك أمره في سائر الموتى إذا شاء إحياءهم أحياهم في ساعة واحدة كما قال: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}.


 

قديم 23-06-2016   #22
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام




موسى والخضر عليهما السلام

قال الله تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا، فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا، فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنساني إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا، قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا، فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة منعندنا وعلمناه من لدنا علما، قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا، قال إنك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا، قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها، قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا، وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا}.
قال بعض أهل الكتاب: إن موسى هذا الذي رحل إلى الخضر هو موسى بن منسا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وتابعهم على ذلك بعض من يأخذ من صحفهم، وينقل عن كتبهم، منهم نوف، بن فضالة الحميري الشامي البكالي. ويقال إنه دمشقي، وكانت أمه زوجة كعب الأحبار.
والصحيح الذي دل عليه ظاهر سياق القرآن ونص الحديث الصحيح الصريح. المتفق عليه: أنه موسى ابن عمران صاحب بني إسرائيل.
قال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله. حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله يقول: "إن موسى هام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم، فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه فسقط في البحر، واتخذ سبيله في البحر سربا. وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما.
حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به، فقال له فتاه: {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنساني إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا}. قال: فكان للحوت سربا. ولموسى ولفتاه عجبا. فقال له موسى: {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصص}.
قال: فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا {إنك لن تستطيع معي صبرا}. يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه. فقال موسى: {ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا}.
فقال له الخضر: {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا}. يمشيان على ساحر البحر، فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها {لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا}.
قال: وقال رسول الله : فكانت الأولى من موسى نسيانا. قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من هذا البحر!
ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا}. قال: وهذه أشد من الأولى {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا}.
{فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض}. قال: مائل. فقام الخضر {فأقامه} بيده. فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك}. إلى قوله: {ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا}. فقال رسول الله : "وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما".
قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ: "وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا" وكان يقرأ: "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين".
ثم رواه البخاري أيضا عن قتيبة عن سفيان بن عيينة بإسناده نحوه. وفيه: "فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة فنزلا عندها، قال: فوضع موسى رأسه فنام".
قال سفيان: وفي حديث غير عمرو قال: وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة، لا يصيب من مائها شيء إلا حيي، فأصاب الحوت من ماء تلك العين، قال: فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر، فلما استيقظ {قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا}. الآية. وساق الحديث.
وقال: ووقع عصفور على حرف السفينة فغمس منقاره في البحر، فقال الخضر لموسى: ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره، وذكر تمام الحديث.
وقال البخاري: حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف: أن ابن جريج أخبرهم، قال أخبرني يعلى بن مسلم وعمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، يزيد أحدهما على صاحبه، وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد بن جبير قال: إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال: سلوني. فقلت: أي أبا عباس - جعلني الله فداك - بالكوفة رجل قاص يقال له نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل. أما عمرو فقال لي، قال: قد كذب عدو الله. وأما يعلى فقال لي: قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب قال: قال رسول الله : موسى رسول الله قال ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون، ورقت القلوب ولى، فأدركه رجل فقال: أي رسول الله! هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله، قيل بلى. قال أي رب فأين؟ قال بمجمع البحرين، قال: أي رب اجعل لي علما أعلم ذلك به. قال لي عمرو: قال حيث يفارقك الحوت، وقال لي يعلى: قال: خذ نونا ميتا حيث ينفخ فيه الروح.
فأخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كثيرا، فذلك قوله جل ذكره {وإذ قال موسى لفتاه}. يوشع بن نون، ليس عن سعيد بن جبير، قال بينما هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه لا أوقظه، حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر، قال لي عمرو: هكذا، كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما.
{لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}. قال: قد قطع الله عنك النصب ليست هذه عن سعيد. أخبره فرجعا فوجدا خضرا - قال لي عثمان بن أبي سليمان - على طنفسة خضراء على كبد البحر، قال سعيد بن جبير مسجى بثوبه، قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه، وقال: هل بأرضي من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: فما شأنك؟ قال: جئتك لتعلمني مما علمت رشدا، قال: أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك؟ يا موسى إن لي علما لا ينبغي لك أن تعلمه، وإن لك علما لا ينبغي لي أن أعلمه. فأخذ طائر بمنقاره من البحر، فقال: والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر.
{حتى إذا ركبا في السفينة}. وجد معابر صغارا تحمل أهل هذا الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر، عرفوه فقالوا: عبد الله الصالح. قال فقلنا لسعيد: خضر؟ قال: نعم. لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا "قال" موسى: {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا}. وقال مجاهد: منكرا. {قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا}. كانت الأولى نسيانا، والوسطى شرطا، والثالثة عمدا {قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله}. قال يعلى قال سعيد: وجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا ظريفا فأضجعه، ثم ذبحه بالسكين {قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس}. لم تعمل بالخبيث. وكان ابن عباس قرأها: زكية زاكية مسلمة، كقولك غلاما زكيا.
{فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه}. قال سعيد بيده هكذا، ورفع يده فاستقام. قال يعلى: حسبت أن سعيدا قال: فمسحه بيده فاستقام {قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا}. قال سعيد: أجرا نأكله.
{وكان وراءهم}. وكان أمامهم، قرأها ابن عباس: أمامهم ملك يزعمون عن غير سعيد أنه "هدد من بدد" والغلام المقتول اسمه يزعمون "جيسور" {ملك يأخذ كل سفينة غصبا} فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها. ومنهم من يقول: سدوها بقارورة، ومنهم من يقول بالقار.
{فكان أبواه مؤمنين}. وكان كافرا {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا}. أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة}. لقوله: {أقتلت نفسا زكية}. {وأقرب رحما} هما بها أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر.
وزعم غير سعيد بن جبير أنهما أبدلا جارية، وأما داود بن أبي عاصم فقال من غير واحد إنها جارية
وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خطب موسى بني إسرائيل، فقال: ما أحد أعلم بالله وبأمره مني، فأمر أن يلقي هذا الرجل، فذكر نحو ما تقدم.
وهكذا رواه محمد بن إسحاق عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عيينة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله كنحو ما تقدم أيضا.
ورواه العوفي عنه موقوفا. وقال الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس: أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فقال ابن عباس هو خضر، فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس، فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، فهل سمعت من رسول الله فيه شيئا؟ قال: نعم، وذكر الحديث.
وقد تقصينا طرق هذا الحديث وألفاظه في تفسير سورة الكهف ولله الحمد.
وقوله: {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة}. قال السهيلي: وهما أصرم وصريم ابنا كاشح {وكان تحته كنز لهما} قيل كان ذهبا، قاله عكرمة. وقيل علما، قاله ابن عباس. والأشبه أنه كان لوحا من ذهب مكتوبا فيه علم. قال البزار: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، حدثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي عن عياش بن عباس الغساني عن ابن حجيرة، عن أبي ذر رفعه قال: "إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من الذهب مصمت مكتوب فيه: عجبت لمن أيقن بالقدر كيف نصب! وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك؟ وعجبت لمن ذكر الموت كيف غفل؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وهكذا روى عن الحسن البصري وعمر مولى غفرة وجعفر الصادق نحو هذا.
وقوله: {وكان أبوهما صالحا}، قيل إنه كان الأب السابع وقيل العاشر. وعلى كل تقدير: فيه دلالة على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته والله المستعان.
وقوله: {رحمة من ربك } دليل على أنه كان نبيا، وأنه ما فعل شيئا من تلقاء نفسه بل بأمر ربه فهو نبي وقيل رسول وقيل لي وأغرب من هذا من قال إنه كان ملكا. قلت وقد أغرب جدا من قال هو ابن فرعون، وقيل إنه ابن ضحاك الذي ملك الدنيا ألف سنة.
قال ابن جرير: والذي عليه جمهور أهل الكتاب أنه كان في زمن "أفريدون" ويقال إنه كان على مقدمة ذي القرنين، الذي قيل أنه كان أفريدون، وذو الفرس هو الذي كان في زمن الخليل. وزعموا أنه شرب من ماء الحياة فخلد وهو باق إلى الآن.
وقيل إنه من ولد بعض من آمن بإبراهيم، وهاجر معه من أرض بابل. وقيل اسمه ملكان، وقيل أرميا بن حلقيا، وقيل كان نبيا في زمن سباسب بن بهراسب.
قال ابن جرير: وقد كان بين أفريدون وبين سباسب دهور طويلة لا يجهلها أحد من أهل العلم بالأنساب قال ابن جرير: والصحيح أنه كان في زمن أفريدون، واستمر حيا إلى أن أدركه موسى عليه السلام. وكانت نبوة موسى في زمن "منوشهر" الذي هو من ولد أبرج بن أفريدون أحد ملوك الفرس، وكان إليه الملك بعد جده أفريدون لعهد وكان عادلا. وهو أول من خندق الخنادق، وأول من جعل في كل قرية دهقانا، وكانت مدة ملكه قريبا من مائة وخمسين سنة. ويقال إنه كان من سلالة إسحاق بن إبراهيم.
وقد ذكر عنه من الخطب الحسان والكلم البليغ النافع الفصيح ما يبهر العقل، ويحير السامع، وهذا يدل على أنه من سلالة الخليل. والله أعلم.
وقد قال الله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}.
فأخذ الله ميثاق كل نبي على أن يؤمن بمن يجيء من بعده من الأنبياء وينصره واستلزم ذلك الإيمان وأخذ الميثاق لمحمد لأنه خاتم الأنبياء فحق على كل نبي أدركه أن يؤمن به وينصره فلو كان الخضر حيا في زمانه، لما وسعه إلا اتباعه والاجتماع به والقيام بنصره، ولكان من جملة من تحت لوائه يوم بدر، كما كان تحتها جبريل وسادات من الملائكة.
وقصارى الخضر عليه السلام أن يكون نبيا، وهو الحق، أو رسولا كما قيل، أو ملكا فيما ذكر. وأيا ما كان فجبريل رئيس الملائكة، وموسى أشرف من الخضر، ولو كان حيا لوجب عليه الإيمان بمحمد ونصرته، فكيف إن كان الخضر وليا كما يقوله طوائف كثيرون؟ فأولى أن يدخل في عموم البعثة وأحرى. ولم ينقل في حديث حسن بل ولا ضعيف يعتمد أنه جاء يوما واحدا إلى رسول الله ، ولا أجتمع به، وما ذكر من حديث التعزية فيه، وإن كان الحاكم قد رواه، فإسناده ضعيف، والله أعلم وسنفرد لخضر ترجمة على حدة بعد هذا.


 

قديم 23-06-2016   #23
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام





قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب التفسير من سننه، عند قوله تعالى في سورة طه: {وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا}. "حديث الفتون".
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا أصبغ بن زيد، حدثنا القاسم بن أبي أيوب، أخبرني سعيد بن جبير قال: سألت عبد الله بن عباس عن قول الله تعالى لموسى: {وفتناك فتونا}. فسألته عن الفتون ما هي؟ فقال: استأنف النهار يابن جبير فإن لها حديثا طويلا.
فلما أصبحت غدوت إلى ابن عباس لأتنجز منه ما وعدني من حديث الفتون، فقال: تذكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم عليه السلام أن يجعل من ذريته أنبياء وملوك، فقال بعضهم: إن بني إسرائيل يتنظرون ذلك ما يشكون فيه، وكان يظنون أنه يوسف بن يعقوب، فلما هلك قالوا ليس هكذا كان وعد إبراهيم، فقال فرعون: فكيف ترون؟ فاتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا معهم الشفار، يطوفون في بني إسرائيل فلا يجدون مولودا ذكرا إلا ذبحوه ففعلوا ذلك.
فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون لآجالهم، والصغار يذبحون قالوا: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم، فاقتلوا عاما كل مولود ذكر واتركوا بناتهم، ودعوا عاما فلا تقتلوا منهم أحدا، فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار، فإنهم لن يكثروا بمن تستحيون منهم، فتخافوا مكاثرتهم إياكم، ولن يفنوا بمن تقتلون وتحتاجون إليهم.
فأجمعوا أمرهم على ذلك فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة.
فلما كان من قابل حملت بموسى عليه السلام، فوقع في قلبها الهم والحزن، وذلك من الفتون يا ابن جبير! ما دخل عليه في بطن أمه مما يراد به فأوحى الله إليها: أن {ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين}. فأمرها إذا ولدت أن تجعله في تابوت وتلقيه في اليم.
فلما ولدت فعلت ذلك، فلما توارى عنها ابنها أتاها الشيطان، فقالت في نفسها: ما فعلت يا بني؟ لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه؟.
فانتهى الماء به حتى أوفى عند فرضة تستقي منها جواري امرأة فرعون،فلما رأينه أخذنه، فهممن أن يفتحن التابوت، فقال بعضهن: إن في هذا مالا، وإنا إن فتحناه لن تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه، فحملنه كهيئته لم يخرجن منه شيئا حتى دفعنه إليها. فلما فتحنه رأت فيه غلاما، فألقى الله عليه منها محبة لم يلق منها على أحد قط {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا}. من ذكر كل شيء إلا من ذكر موسى. فلما سمع الذباحون بأمره، أقبلوا بشفارهم إلى امرأة فرعون ليذبحوه. وذلك من الفتون يا بن جبير!
فقالت لهم: أقروه فإن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل، حتى أتى فرعون فاستوهبه منه، فإن وهبه مني كنتم قد أحسنتم وأجملتم، وإن أمر بذبحه لم ألمكم. فأتت فرعون فقالت: {قرة عين لي ولك}. فقال فرعون: يكون لك فأما لي فلا حاجة لي فيه. فقال رسول الله : "والذي يحلف به لو أقر فرعون أن يكون قرة عين له، كما أقرت امرأته لهداه الله كما هداها، ولكن حرمه ذلك".
فأرسلت إلى من حولها إلى كل امرأة لها لأن تختار له ظئرا فجعل كلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل على ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن فيموت، فأحزنها ذلك. فأمرت به فأخرج إلى السوق ومجمع الناس ترجوا أن تجد له ظئرا تأخذه منها، فلم يقبل. فأصبحت أم موسى والها فقالت لأخته: قصي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرا؟ أحي ابني أم قد أكلته الدواب ونسيت ما كان الله وعدها فيه.
{فبصرت به}. أخته {عن جنب وهم لا يشعرون}. والجنب: أن يسموا بصر الإنسان إلى شيء بعيد وهو إلى جنبه لا يشعر به. فقالت من الفرح حين أعياهم الظئرات: أنا {أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} فأخذوها فقالوا: ما يدريك ما نصحهم له؟ هل تعرفينه؟ حتى شكوا في ذلك وذلك من الفتون يا بن جبير! فقالت: نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في صهر الملك ورجاء منفعة الملك. فأرسلوها فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر، فجاءت أمه، فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى أمتلأ جنباه ريا، وانطلق البشير إلى امرأة فرعون يبشرها أن قد وجدنا لابنك ظئرا، فأرسلت إليها فأتت بها وبه.
فلما رأت ما يصنع بها قالت: امكثي ترضعي ابني هذا، فإني لم أحب شيئا حبه قط، قالت أم موسى: لا أستطيع أن أترك بيتي وولدي فيضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب به إلى بيتي، فيكون معي لا ألوه خيرا، فعلت فإني غير تاركة بيتي وولدي وذكرت أم موسى ما كان الله وعدها، فتعاسرت على امرأة فرعون، وأيقنت أن الله منجز موعده. فرجعت إلى بيتها من يومها، وأنبته الله نباتا حسنا وحفظه لما قد قضى فيه. فلم يزل بنوا إسرائيل وهم في ناحية القرية ممتنعين من السخرة والظلم ماكان فيهم.
فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى: أزيريني ابني، فوعدتها يوما تزيرها إياه فيه، وقالت امرأة فرعون لخزانها وظئورها وقهارمتها: لا يبقين أحد منكم إلا استقبل ابني اليوم بهدية وكرامة لأرى ذلك فيه. وأنا باعثة أمينا يحصي كل ما يصنع كل إنسان منكم، فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل على امرأة فرعون. فلما دخل عليها نحلته وأكرمته وفرحت به ونحلت أمه لحسن أثرها عليه. ثم قالت: لآتين به فرعون فلينحلنه وليكرمنه.
فلما دخلت به عليه جعله في حجره، فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض، فقال الغواة من أعداء الله لفرعون: ألا ترى ما وعد الله إبراهيم نبيه؟ إنه زعم أنه يرثك ويعلوك ويصرعك! فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه، وذلك من الفتون يابن جبير بعد كل بلاء ابتلي به وأريد به. فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون، فقالت ما بدا لك في هذا الغلام الذي وهبته لي؟ فقال: ألا ترينه يزعم أنه يصرعني ويعلوني؟ فقالت: اجعل بيني وبينك أمرا تعرف فيه الحق، ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل، وإن تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين، علمت أن أحدا لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل. فقرب إليه الجمرتين واللؤلؤتين فتناول الجمرتين فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا يده، فقالت المرأة: ألا ترى؟ فصرفه الله عنه بعدما كان هم به، وكان الله بالغا فيه أمره.
فلما بلغ أشده وكان من الرجال، لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا سخرة، حتى امتنعوا كل الامتناع فبينما موسى عليه السلام يمشي في ناحية المدينة، إذا هو برجلين يقتتلان أحدهما فرعوني والآخر إسرائيلي، فإستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني، فغضب موسى غضبا شديدا لأنه تناوله وهو يعلم منزلته من بني إسرائيل وحفظه لهم لا يعلم الناس إلا أنه من الرضاع إلى أم موسى إلا أن يكون الله أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع عليه غيره. فوكز موسى الفرعوني فقتله، وليس يراهما أحد إلا الله عز وجل والإسرائيلي، فقال موسى حين قتل الرجل: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين}. ثم قال: {قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم، قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين، فأصبح في المدينة خائفا يترقب}. الأخبار.
فأتى فرعون فقيل له إن بني إسرائيل قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم، فقال ابغوني قاتله ومن يشهد عليه فإن الملك وإن كان صفوة من قومه، لا ينبغي له أن يقتل بغير بينة ولا ثبت، فاطلبوا لي علم ذلك أخذ لكم بحقكم.
فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة إذا بموسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل رجلا من آل فرعون أخر فاستغاثة الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه وكره الذي رأى. فغضب الإسرائيلي وهو يريد أن يبطش بالفرعوني، فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم: {إنك لغوي مبين}. فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعدما ما قال له ما قال، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الذي قتل فيه الفرعوني، فخاف أن يكون بعدما قال له: {إنك لغوي مبين}. أن يكون إياه أراد، ولم يكن أراده. إنما أراد الفرعوني. فخاف الإسرائيلي وقال: {يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس}. وإنما قال له مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فتتاركا.
وانطلق الفرعوني فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس}. فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى. فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم، يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم، فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة، فاختصر طريقا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره. وذلك من الفتون يابن جبير!
فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلقى بلاء قبل ذلك وليس له بالطريق علم إلا حسن ظنه بربه عز وجل، فإنه قال: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل، ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان}. يعني بذلك حابستين غنمهما؛ فقال لهما: {ما خطبكما} معتزلتين عن الناس؟ قالتا: ليس لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم. فسقى لهما فجعل يغترف من الدلو ماء كثيرا حتى كان أول الرعاء وانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما، وانصرف موسى فاستظل بشجرة، وقال: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}.
واستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا فقال إن لكما اليوم لشأنا. فأخبرتاه بما صنع موسى، فأمر إحداهما أن تدعوه، فأتت موسى فدعته. فلما كلمه {قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين}. ليس لفرعون ولا لقومه علينا من سلطان ولسنا في مملكته، فقالت إحداهما: { يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين}. فاحتملته الغيرة على أن قال لها: ما يدريك ما قوته وما أمانته؟ فقالت: أما قوته فما رأيت منه في الدلو حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه، وأما الأمانة فإنه نظر إلي حين أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه حتى بلغته رسالتك. ثم قال لي: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فلم يفعل هذا إلا وهو أمين. فسرى عن أبيها وصدقها، وظن بالذي قالت.
فقال له: هل لك { أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثمانية حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين}. ففعل فكانت على نبي الله موسى ثمان سنين واجبة، وكانت السنتان عدة منه، فقضى الله عنه عدته فأتمها عشرا.
قال سعيد - وهو ابن جبير - لقيني رجلا من أهل النصرانية من علمائهم، فقال: هل تدري أي الأجلين قضى موسى؟ قلت لا، وأنا يومئذ لا أدري. فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له، فقال: أما علمت أن ثمانية كانت على نبي الله واجبة، لم يكن نبي الله لينقص منها شيئا؟ وتعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعده؛ فإنه قضى عشر سنين. فلقيت النصراني فأخبرته ذلك، فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك، قلت: أجل وأولى.
فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصا ويده، ما قص الله عليكم في القرآن.
فشكا إلى الله تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه؛ فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون؛ يكون له ردءا، يتكلم عنه الكثير مما لا يفصح به لسانه، فآتاه الله عز وجل سؤله، وحل عقدة من لسانه، وأوحى الله إلى هارون فأمره أن يلقاه.
فاندفع موسى بعصاه حتى لقى هارون، فانطلقا جميعا إلى فرعون، فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما. ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا: {إنا رسولا ربك} قال: {فمن ربكما} فأخبراه بالذي قص الله عليك في القرآن. قال: فما تريدان؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت، قال أريد أن تؤمن بالله وترسل معي بني إسرائيل، فأبى عليه وقال: {فأت بها إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه فإذا هي}. حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها فاقتحم عن سريره واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل.
ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء، يعني من غير برص، ثم ردها فعادت إلى لونها الأول.
فاستشار الملأ من حوله فيما رأى فقالوا له: {إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى}. يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش، وأبوا على موسى أن يعطوه شيئا مما طلب، وقالوا له: أجمع السحرة فإنهم بأرضك كثير، حتى تغلب بسحرك سحرهما.
فأرسل إلى المدائن فحشر له كل ساحر متعالم، فلما أتوا فرعون قالوا: بم يعمل هذا الساحر؟ قالوا: يعمل بالحيات. قالوا: فلا والله ما أحد في الأرض يعمل السحر بالحيات والحبال والعصي الذي نعمل، فما أجرنا إن نحن غلبنا؟ قال لهم: أنتم أقاربي خاصتي، وأنا صانع إليكم كل شيء أحببتم. فتواعدوا {يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى}.
قال سعيد فحدثنا ابن عباس عن يوم الزينة، الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة، هو يوم عاشوراء.
فلما اجتمعوا في صعيد قال الناس بعضهم لبعض: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر {لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين}. يعنون موسى وهارون استهزاء بهما، فقالوا يا موسى، بعد تريثهم بسحرهم {إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين}. قال بل ألقوا، {فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون}. فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة، فأوحى الله إليه: {أن ألق عصاك}. فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيمة فاغرة فاها، فجعلت العصا تلتبس بالحبال، حتى صارت حرزا للثعابين تدخل فيه حتى ما أبقت عصا ولا حبلا إلا ابتلعته.
فلما عرف السحرة ذلك، قالوا لو كان هذا سحرا لم يبلغ من سحرنا كل هذا، ولكنه أمر من الله تعالى، آمنا بالله وبما جاء به موسى، ونتوب إلى الله مما كنا عليه.
فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه وظهر الحق {وبطل ما كانوا يعملون، فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين}.
وامرأة فرعون بارزة مبتذلة تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون وأشياعه، فمن رآها من آل فرعون ظن أنها إنما ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه؛ وإنما كان حزنها وهمها لموسى.
فلما طال مكث موسى بمواعيد فرعون الكاذبة؛ كلما جاء بآية وعده عندها أن يرسل معه بني إسرائيل، فإذا مضت أخلف موعده وقال هل يستطيع ربك أن يصنع غير هذا؟ أرسل الله على قومه الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، كل ذلك يشكو إلى موسى ويطلب إليه أن يكفها عنه؛ ليوافقه على أن يرسل معه بني إسرائيل فإذا كف ذلك عنه أخلف بوعده ونكث عهده، حتى أمر الله موسى بالخروج بقومه، فخرج بهم ليلا.
فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا أرسل في المدائن حاشرين فتبعه بجنود عظيمة كثيرة وأوحى الله إلى البحر: إذا ضربك موسى عبدي بعصاه فانفلق اثنتي عشرة فرقة، حتى يجوز موسى ومن معه، ثم التق على من بقي بعد من فرعون وأشياعه.
فنسي موسى أن يضرب البحر بالعصى وانتهى إلى البحر وله قصيف مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافل فيصير عاصيا لله عز وجل!.
فلما تراءى الجمعان وتقاربا {قال أصحاب موسى إنا لمدركون}. افعل ما أمرك ربك، فإنه لم يكذب ولم تكذب. قال وعدني ربي إذا أتيت البحر انفرق اثنتي عشرة فرقة حتى أجاوزه، ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر بعصاه حين دنا أوائل جند فرعون من أواخر جند موسى، فانفرق البحر كما أمره ربه وكما وعد موسى فلما أن جاوز موسى وأصحابه كلهم البحر، ودخل فرعون وأصحابه، التقى عليهم البحر كما أمر فلما جاوز موسى قال أصحابه: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ولا نؤمن بهلاكه، فدعا ربه فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه.
ثم مروا بعد ذلك على قوم يعكفون على أصنام لهم {قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون، إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون}. قد رأيتم من العبر وسمعتم ما يكفيكم. ومضى فأنزلهم موسى منزلا وقال: أطيعوا هارون فإن الله قد استخلفه عليكم؛ فإني ذاهب إلى ربي. وأجلهم ثلاثين يوما أن يرجع إليهم فيها.
فلما أتى ربه عز وجل وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما. وقد صامهن ليلهن ونهارهن، كره أن يكلم ربه وريح فيه ريح فم الصائم، فتناول موسى شيئا من نبات الأرض فمضغه، فقال له ربه حين أتاه: لم أفطرت؟ - وهو أعلم بالذي كان - قال يا رب إني كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح. قال: أو ما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك! ارجع فصم عشرا ثم أئتني، ففعل موسى ما أمره به ربه.
فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم في الأجل ساءهم ذلك، وكان هارون قد خطبهم فقال: إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم عواري وودائع، ولكم فيها مثل ذلك، وأنا أرى أن تحتسبوا مالكم عندهم، ولا أحل لكم وديعة استودعتموها ولا عارية، ولسنا برادين إليهم شيئا من ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا. فحفر حفيرا وأمر كل قوم عندهم من ذلك متاع أو حلية أن يقذفوه في ذلك الحفير، ثم أوقد عليه النار فأحرقه، فقال لا يكون لنا ولا لهم.
وكان السامري من قوم يعبدون البقر، جيران لبني إسرائيل، لم يكن من بني إسرائيل، فاحتمل مع موسى وبني إسرائيل حين احتملوا، فقضي له أن رأى أثرا فقبض منه قبضة فمر بهارون فقال له هارون: يا سامري ألا تلقي ما في يدك؟ وهو قابض عليه لا يراه أحد طوال ذلك، فقال: هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر، ولا ألقيها لشيء إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد، فألقاها ودعا له هارون فقال: أريد أن تكون عجلا، فاجتمع ما كان في الحفرة من متاع أو حلية أو نحاس أو حديد، فصار عجلا أجوف، ليس فيه روح وله خوار.
قال ابن عباس: لا والله ما كان فيه صوت قط، إنما كانت الريح تدخل من دبره وتخرج من فيه، فكان ذلك الصوت من ذلك.
فتفرق بنوا إسرائيل فرقا؛ فقالت فرقة: يا سامري ما هذا وأنت أعلم به؟ قال: هذا ربكم، ولكن موسى أضل الطريق!.
وقالت فرقة: لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى؛ فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه وعكفنا عليه حين رأيناه، وإن لم يكن ربنا فإنا نتبع قول موسى.
وقالت فرقة: هذا من عمل الشيطان وليس بربنا ولا نؤمن به ولا نصدق وأشرب فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل وأعلنوا عدم التكذيب به.
فقال لهم هارون عليه السلام: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمان}. ليس هذا.
قالوا: فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوما ثم أخلفنا؟ وهذه أربعون يوما قد مضت. وقال سفهاؤهم: أخطأ ربه فهو يطلبه ويبتغيه.
فلما كلم الله موسى وقال له ما قال، أخبره بما لقي قومه من بعده، {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا}. فقال لهم ما سمعتم مما في القرآن {وأخذ برأس أخيه يجره إليه} وألقى الألواح من الغضب. ثم إنه عذر أخاه بعذره واستغفر له، وانصرف إلى السامري فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: قبضت قبضة من أثر الرسول وفطنت لها وعميت عليكم {فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي، قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظللت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا}. ولو كان إلها لم يخلص إلى ذلك منه.
فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأي هارون، فقالوا لجماعتهم: يا موسى سل لنا ربك يفتح لنا باب توبة نصنعها فتكفر عنا ما عملنا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلا لذلك، لا يألو الخير من خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في الحق، فانطلق بهم يسأل لهم التوبة فرجفت بهم الأرض.
فاستحيا نبي الله عليه السلام من قومه ومن وفده حين فعل بهم ما فعل فقال: {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا}. وفيهم من كان الله اطلع منه على ما أشرب قلبه من حب العجل وإيمانه به، فلذلك رجفت بهم الأرض فقال {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون، الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل}.
فقال: يا رب سألتك التوبة لقومي، فقلت: إن رحمتي كتبتها لقوم غير قومي، فليتك أخرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحوم. فقال له: إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن.
وتاب أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون أمرهم، واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا وغفر الله للقاتل والمقتول.
ثم سار بهم موسى عليه السلام متوجها نحو الأرض المقدسة، وأخذ الألواح بعدما سكت عنه الغضب، فأمرهم بالذي أمر به من الوظائف فثقل ذلك عليهم وأبوا أن يقروا بها، فنتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة، ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم، فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرون إلى الجبل، والكتاب بأيديهم وهم من وراء الجبل مخافة أن يقع عليهم. ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة، فوجدوا فيها قوم جبارون، خلقهم خلق منكر، وذكروا من ثمارهم أمرا عجبا من عظمها، فقالوا: {يا موسى إن فيها قوما جبارين} لا طاقة لنا بهم، ولا ندخلها ما داموا فيها، {فإن يخرجوا منها فإنا داخلون}.
{قال رجلان من الذين يخافون} قيل ليزيد: هكذا قرأه؟ قال نعم، من الجبارين، آمنا بموسى وخرجا إليه، فقالوا: نحن أعلم بقومنا إن كنتم إنما تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم لا قلوب لهم ولا منعة عندهم، فادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون. ويقول أناس: إنهم من قوم موسى.
فقال الذين يخافون من بني إسرائيل: {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}. فأغضبوا موسى، فدعا عليهم وسماهم فاسقين. ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى منهم من المعصية وإساءتهم، حتى كان يومئذ فاستجاب الله له، وسماهم كما سماهم فاسقين، فحرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض، يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ثم ظلل عليهم الغمام في التيه، وأنزل عليهم المن والسلوى، وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ وجعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا. وأمر موسى فضربه بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، في كل ناحية ثلاثة أعين، وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها، فلا يرتحلون محلة إلا وجدوا ذلك الحجر بينهم بالمكان الذي فيه بالمنزل الأول بالأمس.
رفع ابن عباس هذا الحديث إلى النبي ، وصدق ذلك عندي أن معاوية سمع ابن عباس يحدث هذا الحديث فأنكر عليه أن يكون الفرعوني الذي أفشى على موسى أمر القتيل الذي قتل. فقال: كيف يفشي عليه ولم يكن علم به ولا ظهر عليه إلا الإسرائيلي الذي حضر ذلك؟ فغضب ابن عباس، فأخذ بيد معاوية وانطلق به إلى سعد ابن مالك الزهري، فقال له: يا أبا إسحاق، هل تذكر يوم حدثنا رسول الله عن قتيل موسى الذي قتل من آل فرعون؟ الإسرائيلي الذي أفشى عليه أم الفرعوني؟ قال إنما أفشى عليه الفرعوني بما سمع من الإسرائيلي الذي شهد ذلك وحضره.
هكذا ساق هذا الحديث الإمام النسائي، وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيرهما من حديث يزيد بن هارون.
والأشبه والله أعلم أنه موقوف، وكونه مرفوعا فيه نظر.
وغالبه متلقى من الإسرائيليات وفيه شيء يسير مصرح برفعه في أثناء الكلام.
وفي بعض ما فيه نظر ونكارة، والأغلب أنه من كلام كعب الأحبار. وقد سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك، والله أعلم.


 

قديم 23-06-2016   #24
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام



بناء قبة الزمان

قال أهل الكتاب: وقد أمر الله موسى عليه السلام بعمل قبة من خشب الشمشاز وجلود الأنعام وشعر الأغنام، وأمر بزينتها بالحرير المصبغ والذهب والفضة على كيفيات مفصلة عند أهل الكتاب، ولها عشر سرادقات؛ طول كل واحد ثمانية وعشرون ذراعا، وعرضه أربع أذرع. ولها أربعة أبواب وأطناب من حرير ودمقس مصبغ، وفيها رفوف وصفائح من ذهب وفضة ولكل زاوية بابان وأبواب أخر كبيرة وستور من حرير مصبغ وغير ذلك مما يطول ذكره. وبعمل تابوت من خشب الشمشاز يكون طوله ذراعين ونصفا، وعرضه ذراعين وارتفاعه ذراعا ونصفا، ويكون مضببا بذهب خالص من داخله وخارجه، وله أربع حلق في أربع زواياه، ويكون على حافتيه كروبيان من ذهب - يعنون صفة ملكين بأجنحة - وهما متقابلان صنعه رجل اسمه "بصليال".
وأمره أن يعمل مائدة من خشب الشمشاز طولها ذراعان وعرضها ذراعان ونصف، لها ضباب ذهب وإكليل ذهب، بشفة مرتفعة بإكليل من ذهب، وأربع حلق من نواحيها من ذهب، مغرزة في مثل الرمان من خشب ملبس ذهبا. وأن يعمل صحافا ومصافي وقصاعا على المائدة، ويصنع منارة من الذهب دلي فيها ست قصبات من ذهب، من كل جانب ثلاثة، على كل قصبة ثلاث سرج. وليكن في المنارة أربع قناديل، ولتكن هي وجميع هذه الآنية من قنطار من ذهب. صنع ذلك "بصليال" أيضا، وهو الذي عمل المذبح أيضا.
ونصبت هذه القبة أول يوم من سنتهم، وهو أول يوم من الربيع ونصب تابوت الشهادة، وهو - والله أعلم - المذكور في قوله تعالى: {إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين}.
وقد بسط هذا الفصل في كتابهم مطولا جدا، وفيه شرائع لهم وأحكام وصفة قربانهم، وكيفيته. وفيه أن قبة الزمان كانت موجودة قبل عبادتهم العجل الذي هو متقدم على مجيئهم بيت المقدس، وأنها كانت لهم كالكعبة يصلون فيها وإليها، ويتقربون عندها، وأن موسى عليه السلام كان إذا دخلها يقفون عندها، وينزل عمود الغمام على بابها، فيخرون عند ذلك سجدا لله عز وجل.
ويكلم الله موسى عليه السلام من ذلك العمود الغمام الذي هو نور ويخاطبه ويناجيه، ويأمره وينهاه، وهو واقف عند التابوت صامد إلى ما بين الكروبيين فإذا فصل الخطاب يخبر بني إسرائيل بما أوحاه الله عز وجل إليه من الأوامر والنواهي.
وإذا تحاكموا إليه في شيء ليس عنده من الله فيه شيء، يجيء إلى قبة الزمان، ويقف عند التابوت ويصمد لما بين ذينك الكروبيين، فيأتيه الخطاب بما فيه فصل تلك الحكومة.
وقد كان هذا مشروعا لهم في زمانهم، أعني استعمال الذهب والحرير المصبغ واللآلى، في معبدهم وعند مصلاهم، فأما في شريعتنا فلا، بل قد نهينا عن زخرفة المساجد وتزيينها؛ لئلا تشغل المصلين، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما وسع في مسجد رسول الله ، للذي وكله على عمارته: ابن للناس ما يكنهم، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال ابن عباس: لا تزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى كنائسهم.
وهذا من باب التشريف والتكريم والتنزيه، فهذه الأمة غير مشابهة من كان قبلهم من الأمم؛ إذ جمع الله هممهم في صلاتهم على التوجه إليه والإقبال عليه، وصان أبصارهم وخواطرهم عن الاشتغال والتفكير في غير ما هم بصدده من العبادة العظيمة. فلله الحمد والمنة.
وقد كانت قبة الزمان هذه مع بني إسرائيل في التيه، يصلون إليها وهي قبلتهم وكعبتهم، وإمامهم كليم الله موسى عليه السلام، ومقدم القربان أخوه هارون عليه السلام.
فلما مات هارون ثم موسى عليهما السلام استمر بنو هارون في الذي كان يليه أبوهم، من أمر القربان وهو فيهم إلى الآن.
وقام بأعباء النبوة بعد موسى وتدبير الأمر بعده فتاه يوشع بن نون عليه السلام وهو الذي دخل بهم بيت المقدس كما سيأتي بيانه.
والمقصود هنا أنه لما استقرت يده على بيت المقدس نصب هذه القبة على صخرة بيت المقدس فكانوا يصلون إليها. فلما بادت صلوا إلى محلتها وهي الصخرة؛ فلهذا كانت قبلة الأنبياء بعده إلى زمان رسول الله . وقد صلى إليها رسول الله قبل الهجرة، وكان يجعل الكعبة بين يديه فلما هاجر أمر بالصلاة إلى بيت المقدس فصلى إليها ستة عشر - وقيل سبعة عشر - شهرا.
ثم حولت القبلة إلى الكعبة وهي قبلة إبراهيم في شعبان سنة ثنتين في وقت صلاة العصر وقيل الظهر، كما بسطنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}. إلى قوله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام}. الآيات.


 

قديم 23-06-2016   #25
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام




قارون مع موسى عليه السلام

قال الله تعالى: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين، قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون، فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم، وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون، فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين، وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون، تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}.
قال الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان قارون ابن عم موسى، وكذا قال إبراهيم النخعي وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وسماك بن حرب وقتادة ومالك ابن دينار وابن جريج وزاد فقال: هو قارون بن يصهب بن قاهث، وموسى بن عمران بن قاهث. قال ابن جرير وهذا قول أكثر أهل العلم: أنه كان ابن عم موسى، ورد قوله ابن إسحاق إنه كان عم موسى. وقال قتادة: وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه البغي لكثرة ماله. وقال شهر بن حوشب: زاد في ثيابه شبرا طولا ترفعا على قومه.
وقد ذكر الله تعالى كثرة كنوزه؛ حتى إن مفاتحه كان يثقل حملها على الفنام من الرجال الشداد، وقد قيل إنها كانت من الجلود وإنها كانت تحمل على ستين بغلا، فالله أعلم.
وقد وعظه النصحاء من قومه قائلين: {لا تفرح} أي لا تبطر بما أعطيت وتفخر على غيرك، {إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} يقولون: لتكن همتك مصروفة لتحصل ثواب الله في الدار الآخرة، فإنه خير وأبقى، ومع هذا {ولا تنس نصيبك من الدنيا} أي وتناول منها بمالك ما احل الله لك، فتمتع لنفسك بالملاذ الطيبة الحلال، {وأحسن كما أحسن الله إليك} أي وأحسن إلى خلق الله كما أحسن الله خالقهم وبارئهم إليك {ولا تبغ الفساد في الأرض} أي ولا تسيء إليهم ولا تفسد فيهم، فتقابلهم ضد ما أمرت فيهم فيعاقبك ويسلبك ما وهبك، {إن الله لا يحب المفسدين}.
فما كان جواب قومه لهذه النصيحة الصحيحة الفصيحة إلا أن {قال إنما أوتيته على علم عندي} يعني أنا لا أحتاج إلى استماع ما ذكرتم، ولا إلى ما إليه أشرتم، فإن الله إنما أعطاني هذا لعلمه أني أستحقه، وأني أهل له، ولولا أني حبيب إليه وحظي عنده لما أعطاني ما أعطاني.
قال الله تعالى ردا عليه فيما ذهب إليه: {أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} أي قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطاياهم من هو أشد من قارون قوة وأكثر أموالا وأولادا؛ فلو كان ما قال صحيحا لم نعاقب أحدا من كان أكثر مالا منه، ولم يكن ماله دليلا على محبتنا له واعتنائنا به، كما قال تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا} وقال تعالى: {أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين، نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} وهذا هو الرد عليه يدل على صحة ما ذهبنا إليه من معنى قوله: {إنما أوتيته على علم عندي}.
وأما من زعم أن المراد من ذلك أنه كان يعرف صنعة الكيمياء. أو أنه كان يحفظ الاسم الأعظم فاستعمله في جمع الأموال، فليس بصحيح؛ لأن الكيمياء تخييل وصنعة، لا تحيل الحقائق، ولا تشابه صنعة الخالق. والاسم الأعظم لا يصعد الدعاء به من كافر به، وقارون كان كافرا في الباطن منافقا في الظاهر. ثم لا يصح جوابه لهم بهذا على هذا التقدير. ولا يبقى بين الكلامين تلازم، وقد وضحنا هذا في كتابنا التفسير، ولله الحمد.
قال الله تعالى: {فخرج على قومه في زينته} ذكر كثير من المفسرين أنه خرج في تجمل عظيم؛ من ملابس ومراكب وخدم وحشم. فلما رآه من يعظم زهرة الحياة الدنيا تمنوا أن لو كانوا مثله، وغبطوه بما عليه وله، فلما سمع مقالتهم العلماء، ذوو الفهم الصحيح الزهاد الألباء، قالوا لهم: {ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا} أي ثواب الله في الدار الآخرة خير وأبقى وأجل وأعلى. قال الله تعالى: {ولا يلقاها إلا الصابرون}. أي وما يلقى هذه النصيحة وهذه المقالة، وهذه الهمة السامية إلى الدار الآخرة العلية، عند النظر إلى زهرة هذه الدنيا الدنية إلا من هدى الله قلبه وثبت فؤاده، وأيد لبه وحقق مراده.
وما أحسن ما قال بعض السلف: إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، والعقل الكامل عند حلول الشهوات!.
قال الله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين}.
لما ذكر تعالى خروجه في زينته واختياله فيها، وفخره على قومه بها قال: {فخسفنا به وبداره الأرض} كما روى البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي قال: "بينا رجل يجر إزاره إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة".
ثم رواه البخاري من حديث جرير بن زيد، عن سالم، عن أبي هريرة عن النبي نحوه. وقد ذكر عن ابن عباس والسدي: أن قارون أعطى امرأة بغيا مالا على أن تقول لموسى عليه السلام وهو في ملأ من الناس: إنك فعلت بي كذا وكذا، فيقال إنها قالت له ذلك، فأرعد من الفرق وصلى ركعتين، ثم أقبل عليها فاستحلفها من ذلك على ذلك، وما حملت عليه، فذكرت أن قارون هو الذي حملها على ذلك. واستغفرت الله وتابت إليه. فعند ذلك خر موسى لله ساجدا، ودعا الله على قارون. فأوحى الله إليه: إني قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره، فكان ذلك، والله أعلم.
وقد قيل: إن قارون لما خرج على قومه في زينته مر بجحفله وبغاله وملابسه على مجلس موسى عليه السلام، وهو يذكر قومه بأيام الله. فلما رآه الناس انصرفت وجوه كثير منهم ينظرون إليه، فدعاه موسى عليه السلام فقال له: ما حملك على هذا؟ فقال: يا موسى أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة، فقد فضلت عليك بالمال، ولئن شئت لتخرجن فلتدعون علي ولأدعون عليك.
فخرج موسى وخرج قارون في قومه، فقال له موسى: تدعو أو أدعو أنا؟ قال: أدعو أنا، فدعا قارون فلم يجب له في موسى، فقال موسى: أدعو؟ قال: نعم. فقال موسى اللهم مر الأرض فلتطعني اليوم، فأوحى الله إليه إني قد فعلت. فقال موسى: يا أرض خذيهم. فأخذتهم إلى أقدامهم، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم، ثم إلى مناكبهم. ثم قال: أقبلي بكنوزهم وأموالهم، فأقبلت بها حتى نظروا إليها، ثم أشار موسى بيده فقال: اذهبوا بني لاوى فاستوت بهم الأرض.
وقد روي عن قتادة أنه قال: يخسف بهم كل يوم قامة إلى يوم القيامة. وعن ابن عباس أنه قال: خسف بهم إلى الأرض السابعة. وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا إسرائيليات كثيرة، أضربنا عنها صفحا وتركناها قصدا.
وقوله تعالى: {فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين} لم يكن له ناصر من نفسه ولا من غيره كما قال: {فما له من قوة ولا ناصر}.
ولما حل به ما حل من الخسف وذهاب الأموال وخراب الدار وإهلاك النفس والأهل والعقار، ندم من كان تمنى مثل ما أوتي، وشكروا الله تعالى الذي يدبر عباده بما يشاء من حسن التدبير المخزون، ولهذا قالوا: { لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون} وقد تكلمنا على لفظ ويكأن في التفسير وقد قال قتادة: ويكأن بمعنى ألم تر أن. وهذا قول حسن من حيث المعنى، والله أعلم.
ثم أخبر تعالى أن {الدار الآخرة} وهي دار القرار، وهي الدار التي يغبط من أعطيها ويعزى من حرمها إنما هي معدة {للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا}. فالعلو هو التكبر والفخر والأشر والبطر. والفساد هو عمل المعاصي اللازمة والمتعدية، من أخذ أموال الناس وإفساد معايشهم، والإساءة إليهم وعدم النصح لهم.
ثم قال تعالى: {والعاقبة للمتقين}.
وقصة قارون هذه قد تكون قبل خروجهم من مصر، لقوله: {فخسفنا به وبداره الأرض}. فإن الدار ظاهرة في البنيان، وقد تكون بعد ذلك في التيه، وتكون الدار عبارة عن المحلة التي تضرب فيها الخيام؛ كما قال عنترة:
يا دار عبلة بالجواء تكلمي ** ** ** وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
والله أعلم.
وقد ذكر الله تعالى مذمة قارون في غير ما آية من القرآن، قال الله، {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين، إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب}.
وقال تعالى في سورة العنكبوت بعد ذكر عاد وثمود: {وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين، فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
فالذي خسف به الأرض قارون كما تقدم، والذي أغرق فرعون وهامان وجنودهما إنهم كانوا خاطئين.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا سعيد، حدثنا كعب بن علقمة، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي أنه ذكر الصلاة يوما فقال: "من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف". تفرد به أحمد رحمه الله.


 

قديم 23-06-2016   #26
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام




فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته

قال الله تعالى: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا، وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا، ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا}. وقال تعالى: {قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين}.
وتقدم في الصحيحين عن رسول الله أنه قال: "لا تفضلوني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فأجد موسى باطشا بقائمة العرش، فلا أدري أصعق فأفاق قبلي؟ أم جوزي بصعقة الطور"؟.
وقد قدمنا أنه من رسول الله من باب الهضم والتواضع، وإلا فهو - صلوات الله وسلامه عليه - خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، قطعا جزما لا يحتمل النقيض.
وقال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} إلى أن قال: {ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما}.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.
قال الإمام أبو عبد الله البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن روح بن عباده، عن عوف عن الحسن ومحمد وخلاس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما برص، وإما أدره وإما آفة. وإن الله عز وجل أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وبرأه الله مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا. فذلك قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.
وقد رواه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن شفيق وهمام بن منبه عن أبي هريرة به. وهو في الصحيحين من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عنه به. ورواه مسلم من حديث عبد الله بن شفيق العقيلي عنه.
قال بعض السلف: كان من وجاهته أنه شفع في أخيه عند الله، وطلب منه أن يكون معه وزيرا، فأجابه الله إلى سؤاله وأعطاه طلبته وجعله نبيا، كما قال: {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا}.
ثم قال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة عن الأعمش قال سمعت أبا وائل، قال سمعت عبد الله قال: قسم رسول الله قسما، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، فأتيت النبي فأخبرته فغضب، حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: "يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر". وكذا رواه مسلم من غير وجه عن سليمان بن مهران الأعمش به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن حجاج، سمعت إسرائيل بن يونس، عن الوليد بن أبي هاشم مولى لهمدان، عن زيد بن أبي زائد، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله لأصحابه: "لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر". قال: وأتى رسول الله مال فقسمه، قال: فمررت برجلين وأحدهما يقول لصاحبه: والله ما أراد محمد بقسمته وجه الله ولا الدار الآخرة، فثبت حتى سمعت ما قالا، ثم أتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله! إنك قلت لنا لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا وإني مررت بفلان وفلان وهما يقولان كذا وكذا. فاحمر وجه رسول الله وشق عليه، ثم قال: "دعنا منك فقد أوذي موسى أكثر من ذلك فصبر"!.
وهكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث إسرائيل عن الوليد بن أبي هاشم به. وفي رواية للترمذي ولأبي داود من طريق ابن عبد عن إسرائيل عن السدي عن الوليد به. وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه.
وقد ثبت في الصحيحين في أحاديث الإسراء: أن رسول الله مر بموسى وهو قائم يصلي في قبره، ورواه مسلم عن أنس.
وفي الصحيحين من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة عن النبي أنه مر ليلة أسري به بموسى في السماء السادسة، فقال له جبريل: هذا موسى، فسلم عليه. قال: "فسلمت عليه فقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فلما تجاوزت بكى. قيل له ما يبكيك؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي". وذكر إبراهيم في السماء السابعة، وهذا هو المحفوظ.
وما وقع في حديث شريك بن أبي نمر، عن أنس، من أن إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة، بتفضيل كلام الله - فقد ذكر غير واحد من الحفاظ: أن الذي عليه الجادة: أن موسى في السادسة وإبراهيم في السابعة، وأنه مسند ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم. واتفقت الروايات كلها على أن الله تعالى لما فرض على محمد وأمته خمسين صلاة في اليوم والليلة - مر بموسى، فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإني قد عالجت بني إسرائيل قبلك أشد المعالجة، وإن أمتك أضعف أسماعا وأبصارا وأفئدة. فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، ويخفف عنه في كل مرة، حتى صارت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة. وقال الله تعالى. هي خمس وهي خمسون أي بالمضاعفة، فجزى الله عنا سيدنا محمد خيرا، وجزى الله عنا موسى عليه السلام خيرا.
وقال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خرج علينا رسول الله يوما فقال: "عرضت علي الأمم ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق، فقيل هذا موسى في قومه". هكذا روى البخاري هذا الحديث ها هنا مختصرا.
وقد رواه الإمام أحمد مطولا فقال: حدثنا شريح، حدثنا هشام، حدثنا حصين بن عبد الرحمن، قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت أنا، ثم قلت: إني لم أكن في صلاة ولكن لدغت. قال: وكيف فعلت؟ قلت: استرقيت. قال: وما حملك على ذلك؟ قال قلت: حديث حدثناه الشعبي عن بريدة الأسلمي أنه قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة"، فقال سعيد يعني ابن جبير - : قد أحسن من أنهى إلي ما سمع.
ثم قال: حدثنا ابن عباس عن النبي قال: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي معه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فقلت هذه أمتي؟ فقيل هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فإذا سواد عظيم، ثم قيل انظر إلى هذا الجانب، فإذا سواد عظيم، فقيل: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ثم نهض رسول الله فدخل، فخاض القوم في ذلك، فقالوا: من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ فقال بعضهم: لعلهم الذين صحبوا النبي . وقال بعضهم: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئا قط، وذكروا أشياء.
فخرج إليهم رسول الله فقال: "ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه؟" فأخبروه بمقالتهم فقال: "هم الذي لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: أنت منهم. ثم قام آخر فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ فقال: "سبقك بها عكاشة"!.
وهذا الحديث له طرق كثيرة جدا وهو في الصحاح والحسان وغيرها وقد أوردناها في باب صفة الجنة عند ذكر أحوال القيامة وأهوالها.
وقد ذكر الله تعالى موسى عليه السلام في القرآن كثيرا، وأثنى عليه وأورد قصته في كتابه العزيز مرارا، وكررها كثيرا، مطولة ومبسوطة ومختصرة، وأثنى عليه ثناء بليغا.
وكثيرا ما يقرنه الله ويذكره، ويذكر كتابه مع محمد وكتابه، كما قال في سورة البقرة: {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون}.
وقال تعالى: {الم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم، نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل، من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام}.
وقال تعالى في سورة الأنعام: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون، وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون}.
فأثنى الله تعالى على التوراة، ثم مدح القرآن العظيم مدحا عظيما.
وقال تعالى في آخرها: {ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون، وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون}.
وقال تعالى في سورة المائدة: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشوني ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. إلى أن قال: {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون، وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}. الآية.
فجعل القرآن حاكما على سائر الكتب غيره، وجعله مصدقا لها ومبينا ما وقع فيها من التحريف والتبديل؛ فإن أهل الكتاب استحفظوا على ما بأيديهم من الكتب، فلم يقدروا على حفظها ولا على ضبطها وصونها، فلهذا دخلها ما دخلها من تغييرهم وتبديلهم؛ لسوء فهمهم وقصورهم في علومهم، ورداءة قصودهم وخيانتهم لمعبودهم، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. ولهذا يوجد في كتبهم من الخطأ البين على الله وعلى رسوله ما لا يحد ولا يوصف، وما لا يوجد مثله ولا يعرف.
وقال تعالى في سورة الأنبياء: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين، الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون، وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون}.
وقال تعالى في سورة القصص: {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون، قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين}.
فأثنى الله على الكتابين وعلى الرسولين عليهما السلام.
وقالت الجن لقومهم: {إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى}.
وقال ورقة بن نوفل لما قص عليه رسول الله خبر ما رأى من أول الوحي وتلا عليه: {اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم}. قال: سبوح سبوح، هذا الناموس الذي أنزل على موسى بن عمران.
وبالجملة فشريعة موسى عليه السلام كانت شريعة عظمية، وأمته كانت أمة كثيرة ووجد فيها أنبياء وعلماء، وعباد وزهاد وألباء، وملوك وأمراء، وسادات وكبراء، لكنهم كانوا فبادوا، وتبدلوا كما بدلت شريعتهم ومسخوا قردة وخنازير، ثم نسخت بعد كل حساب ملتهم، وجرت عليهم خطوب وأمور يطول ذكرها. ولكن سنورد ما فيه مقنع لمن أراد أن يبلغه خبرها إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان.


 

قديم 23-06-2016   #27
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام




حجه عليه السلام إلى البيت العتيق

قال الإمام أحمد: حدثنا هشام، حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أن رسول الله مر بوادي الأزرق فقال: "أي واد هذا" ؟ قالوا: وادي الأزرق، قال: "كأني أنظر إلى موسى وهو هابط من الثنية، وله جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية"، حتى أتى على ثنية هرشاء فقال: "أي ثنية هذه"؟ قالوا: هذه ثنية هرشاء. قال: "كأني أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء، عليه جبة من صوف، خطام ناقته خلبة" - قال هشيم: يعني ليفا - وهو يلبي. أخرجه مسلم من حديث داود بن أبي هند به. وروى الطبراني عن ابن عباس مرفوعا "إن موسى حج على ثور أحمر" وهذا غريب جدا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، عن مجاهد قال: كنا عند ابن عباس فذكروا الدجال، فقال: إنه مكتوب بين عينيه "ك ف ر" قال: ما يقولون؟ قال: يقولون مكتوب بين عينيه إ "ك ف ر" فقال ابن عباس: لم أسمعه قال ذلك ولكن قال: "أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فرجل آدم جعد الشعر على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه وقد انحدر من الوادي يلبي"، قال هشيم: الخلبة: الليف.
ثم رواه الإمام أحمد عن أسود، عن إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "رأيت عيسى ابن مريم وموسى وإبراهيم: فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى فآدم جسيم سبط، قالوا: فإبراهيم؟ قال: انظر إلى صاحبكم".
وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا شيبان قال: حدث قتادة عن أبي العالية، حدثنا ابن عم نبيكم ابن عباس قال: قال نبي الله : "رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا طوالا جعدا، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس.
وأخرجاه من حديث قتادة به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر قال الزهري: وأخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله حين أسري به: "لقيت موسى، قال فنعته؛ فإذ رجل - حسبته قال - مضطرب، رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة، ولقيت عيسى - فنعته رسول الله فقال: ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس، يعني الحمام، قال: ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به". الحديث.
وقد تقدم غالب هذه الأحاديث في ترجمة الخليل.


 

قديم 23-06-2016   #28
مـراقبة القسم *****


وردة الجنوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1891
 تاريخ التسجيل :  25 - 04 - 2015
 أخر زيارة : 08-10-2016 (03:25 PM)
 المشاركات : 3,422 [ + ]
 التقييم :  137
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام




وفاته عليه السلام

قال البخاري في صحيحه: "وفاة موسى عليه السلام" حدثنا يحيى ابن موسى، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه عز وجل، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن.
قال: فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال أبو هريرة: فقال رسول الله : "فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر".
قال: وأنبأنا معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي نحوه.
وقد روى مسلم الطريق الأول من حديث عبد الرزاق به - ورواه الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة مرفوعا وسيأتي.
وقال الإمام أحمد: حدثنا الحسن، حدثنا لهيعة، حدثنا أبو يونس - يعني سليم بن جبير - عن أبي هريرة، قال: الإمام أحمد لم يرفعه، قال: "جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فقال أجب ربك، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، فرجع الملك إلى الله فقال: إنك بعثتني إلى عبد لك لا يريد الموت، قال: وقد فقأ عيني. قال فرد الله عينه. وقال: ارجع إلى عبدي فقل له: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور، فما وارت يدك من شعره فإنك تعيش بها سنة. قال: ثم مه؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن يا رب من قريب". تفرد به أحمد، وهو موقوف بهذا اللفظ.
وقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال معمر: وأخبرني من سمع الحسن عن رسول الله . فذكره.
ثم استشكله ابن حبان وأجاب عنه بما حاصله: أن ملك الموت لما قال له هذا لم يعرفه، لمجيئه على غير صورة يعرفها موسى عليه السلام كما جاء جبريل في صورة أعرابي، وكما وردت الملائكة على إبراهيم ولوط في صورة شباب، فلم يعرفهم إبراهيم ولا لوط أولا. وكذلك موسى لعله لم يعرفه؛ لذلك لطمه ففقأ عينه لأنه دخل داره بغير إذنه، وهذا موافق لشريعتنا في جواز فقء عين من نظر إليك في دارك بغير إذن.
ثم أورد الحديث من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "جاء ملك الموت إلى موسى ليقبض روحه، قال له: أجب ربك، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأ عينه". وذكر تمام الحديث كما أشار إليه البخاري.
ثم تأوله على أنه لما رفع يده ليلطمه، قال له: أجب ربك، وهذا التأويل لا يتمشى مع ما ورد به اللفظ؛ من تعقيب قوله أجب ربك بلطمه. ولو استمر على الجواب الأول لتمشى له، وكأنه لم يعرفه في تلك الصورة ولم يحمل قوله هذا على أنه مطابق؛ إذ لم يتحقق في الساعة الراهنة أنه ملك كريم، لأنه كان يرجو أمورا كثيرة كان يحب وقوعها في حياته؛ من خروجهم من التيه، ودخولهم الأرض المقدسة. وكان قد سبق في قدرة الله أنه عليه السلام يموت في التيه بعد هارون أخيه، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وقد زعم بعضهم: أن موسى عليه السلام هو الذي خرج بهم من التيه ودخل بهم الأرض المقدسة. وهذا خلاف ما عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين.
ومما يدل على ذلك قوله لما اختارت الموت: رب أدنني إلى الأرض المقدسة رمية حجر، ولو كان قد دخلها لم يسأل ذلك. ولكن لما كان مع قومه بالتيه وحانت وفاته عليه السلام أحب أن يتقرب إلى الأرض التي هاجر إليها، وحث قومه عليها. ولكن حال بينهم وبينها القدر، رمية بحجر.
ولهذا قال سيد البشر، ورسول الله إلى أهل الوبر والمدر: "فلو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر".
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا ثابت وسليمان التيمي عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: "لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر" ورواه مسلم من حديث حماد بن سلمة به.
وقال السدي عن أبي مالك وأبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة قالوا: ثم إن الله تعالى أوحى إلى موسى إني متوف هارون فائت إلى جبل كذا وكذا.
فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل، فإذا هم بشجرة لم تر شجرة مثلها، وإذا هم ببيت مبني، وإذا هم بسرير عليه فرش، وإذا فيه ريح طيبة. فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه، قال: يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير، قال له موسى: فنم عليه، قال: إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب علي، قال له: لا ترهب.. أنا أكفيك رب هذا البيت فنم. قال: يا موسى بل نم معي فإن جاء رب هذا البيت غضب علي وعليك جميعا. فلما ناما أخذ هارون الموت، فلما وجد حسه قال: يا موسى خدعتني، فلما قبض رفع ذلك البيت، وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير به إلى السماء.
فلما رجع موسى إلى قومه وليس معه هارون قالوا إن موسى قتل هارون، وحسده على حب بني إسرائيل له، وكان هارون أكف عنهم وألين لهم من موسى، وكان في موسى بعض الغلظة عليهم. فلما بلغه ذلك قال لهم: ويحكم! كان أخي أفتروني أقتله؟ فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين، ثم دعا الله فنزل السرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض.
ثم إن موسى عليه السلام بينما هو يمشي ويوشع فتاه إذ أقبلت ريح سوداء، فلما نظر إليها يوشع ظن أنها الساعة، فالتزم موسى وقال: تقوم الساعة وأنا ملتزم موسى نبي الله؟ فاستل موسى عليه السلام من تحت القميص وترك القميص في يدي يوشع. فلما جاء يوشع بالقميص أخذته بنو إسرائيل وقالوا: قتلت نبي الله. فقال: لا والله ما قتلته، ولكنه استل مني، فلم يصدقوه وأرادوا قتله. قال: فإذا لم تصدقوني فأخروني ثلاثة أيام، فدعا الله فأتي كل رجل ممن كان يحرسه في المنام فأخبر أن يوشع لم يقتل موسى، وإنا قد رفعناه إلينا. فتركوه.
ولم يبق أحد ممن أبى أن يدخل قرية الجبارين مع موسى إلا مات ولم يشهد الفتح وفي بعض هذا السياق نكارة وغرابة والله أعلم.
وقد قدمنا أنه لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى،سوى يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا، وهو زوج مريم أخت موسى وهارون، وهما الرجلان المذكوران فيما تقدم، اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بالدخول عليهم.
وذكر وهب بن منبه: أن موسى عليه السلام مر بملأ من الملائكة يحفرون قبرا، فلم ير أحسن منه ولا أنظر ولا أبهج، فقال: يا ملائكة الله لمن تحفرون هذا القبر؟ فقالوا لعبد من عباد الله كريم، فإن كنت تحب أن تكون هذا العبد فادخل هذا القبر، وتمدد فيه وتوجه إلى ربك، وتنفس أسهل تنفس، ففعل ذلك، فمات صلوات الله وسلامه عليه، فصلت عليه الملائكة ودفنوه.
وذكر أهل الكتاب وغيرهم أنه مات وعمره مائة وعشرون سنة.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أمية بن خالد ويونس، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة عن النبي ، قال يونس: رفع هذا الحديث إلى النبي فقال: "كان ملك الموت يأتي الناس عيانا، قال فأتى موسى عليه السلام فلطمه ففقأ عينه، فأتى ربه فقال: يا رب عبدك موسى فقأ عيني، ولولا كرامته عليك لعتبت عليه وقال يونس: لشققت عليه - قال له اذهب إلى عبدي، وقل له فليضع يده على جلد - أو مسك ثور - فله بكل شعرة وارت يده سنة، فأتاه فقال له، فقال: ما بعد هذا؟ قال: الموت قال: فالآن. قال فشمه شمة فقبض روحه".
قال يونس: فرد الله عليه عينه وكان يأتي الناس خفية. وكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب، عن مصعب بن المقدام عن حماد بن سلمة به فرفعه أيضا.




انتظرونا اٍلياس عليه السلام


 

قديم 23-06-2016   #29


ايهم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2453
 تاريخ التسجيل :  16 - 04 - 2016
 أخر زيارة : 28-10-2018 (01:47 PM)
 المشاركات : 6,956 [ + ]
 التقييم :  143
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام



باارك الله فيكك


 

قديم 25-06-2016   #30


فرافيش غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1224
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2013
 أخر زيارة : 21-05-2018 (06:18 AM)
 المشاركات : 202 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: قصص الانبياء موسي عليه السلام



جزاك الله خيرا
في ميزان حسناتك
دام تميزك وعطائك



 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أنسى, الانبياء, السماء, عليه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصص الانبياء ادم عليه السلام وردة الجنوب قصص الرسل والانبياء 24 15-11-2016 04:32 PM
قصص الانبياء هود عليه السلام وردة الجنوب قصص الرسل والانبياء 14 15-11-2016 04:22 PM
قصص الانبياء ادريس عليه السلام وردة الجنوب قصص الرسل والانبياء 15 15-11-2016 01:41 AM
قصص الانبياء لوط عليه السلام وردة الجنوب قصص الرسل والانبياء 16 19-09-2016 12:30 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 04:43 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant