محبة غير الله كحب الله شرك
قال
الله تعالى: ﴿
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].
«الأنداد»: جمع نِدٍّ، وهو المثيلُ والنظيرُ.
قال ابن القيم: «أخبر -تعالى- أنَّ من أحبَّ من دون
الله شيئًا كما يحبُّ
الله تعالى، فهوِ ممن اتخذ من دون
الله أندادًا، فهذا نِدٌّ في المحبَّةِ لا في الخَلق والربوبية، فإنَّ أحدًا من أهل الأرض لم يُثبت هذا النِدَّ، بخلاف ندِّ المحبَّة، فإنَّ أكثر أهل الأرض قد اتخذوا من دونِ اللهِ أندادًا في الحبِّ والتَّعظيمِ.
وقولُه: ﴿
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ أي يُحبونهم كما يحبون الله، فيكون قد أثبت لهم
محبة الله، ولكنَّها
محبة يشركون فيها معِ
الله أندادًا.
ثم قال: ﴿
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾؛ أي: والذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله من أصحاب الأنداد لأندادِهم، وآلهتهم التي يحبُّونها، ويعظمونها من دون الله.
ورجَّح شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التفسير حين قال: «إنَّما ذُموا بأن أشركوا بين
الله وبين أندادهم في المحبة ولم يخلصوها لله، كمحبة المؤمنين له، وهذه التسوية المذكورة في قوله تعالى - مخبرًا عنهم وهم في النار - أنَّهم يقولون لآلهتهِم وأندادِهم، وهي محضرة معهم في العذاب: ﴿
تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97، 98].
ومعلوم أنهم لم يُسووهم بربِّ العالمين في الخلقِ والربوبية، وإنما سوَّوهم به في المحبة والتعظيم. [انظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (ج 3 / 13 – 14)].
أقول: إنَّ بعض المسلمين من الصوفية يحبون مشايخهم ويعظمونهم كما يحبون الله، متشبهين المشركين الذي ذمهم
الله في الآية الأولى، والبعض من المسلمين - مع الأسف الشديد - يدعون أولياءهم كما يدعون الله، فقد ساووا بينهم وبين
الله في الدعاء وهو من العبادة التي لا تجوز إلا لله، فتنطبق عليهم الآية الأخيرة، وفي الحديث: «الدُّعاءُ هو العِبادةُ». [رواه الترمذيُّ وقال: حسَنٌ صَحِيحٌ].
ومِنَ الصُّوفيَّةِ من يسوِّي بين الله ومخلوقاته كابن عربي المدفون بدمشق حيث يقول:
الرَّبُّ عَبْدٌ، والعَبْدُ رَبٌّ *** يَالَيْتَ شِعْرِي مَنِ المُكَلَّفُ؟
تَعالَى اللهُ عمَّا يقولونَ علوًّا كبيرًا.
المصدر: «رسائل التوجيهات الإسلامية» (ج2 / ص 68 – 69)
الألوكة