إتباعها لتعزيز القيم اللازمة لاستنقاذ المدمن وإعادة تأهيله
(دراسة ميدانية)
إن ابرز ما يميز عصرنا الراهن هو وصفه بأنه عصر القلق والتوتر, فمن ابرز سماته سرعة التغير الناجمة عن التقدم الهائل والسريع في مختلف جوانب الحياة العملية والتكنولوجية مما جعلها أكثر تطورا وتعقيداً مؤدياً نشوء ثورة في الطموحات والآمال والاحتياجات، مما جعل الإنسان في كثير من الأحيان يلجأ المخدرات لمواجهة هذه المتطلبات والطموحات وهروباً من الواقع وقد وصل الأمر به الاعتماد عليها
وتُعَد مشكلة إدمان المخدرات من المشكلات التي تعاني منها معظم المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء فإدمان المخدرات من اخطر الظواهر التي تعاني منها المجتمعات العربية عامة ودول الخليج خاصة والتي لا يجوز فصلها عن مجمل الظروف المحيطة بها في داخل هذا المجتمع أو خارجه فهي لا تنفصل عن الظروف السياسية والاقتصادية التي تسود المجتمع.
وبناء على ما تقدم فإن ظاهرة تعاطي المخدرات كأي سلوك انحرافي في المجتمع ما هي في الواقع إلا نتاج للكثير من المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة والتي تشكل في مجملها أسبابا حقيقية لانتشار هذه الظاهرة أو تلك وهذا ما أكده علماء الاجتماع بقولهم انه ما من ظاهرة تنشأ في المجتمع وتتطور وتتسع بهذا الحجم أو ذاك إلا ويكون لها الأسباب والظروف المؤاتية التي تساعدها على النشوء والانتشار ولا تخرج عن كونها نتاج لمجمل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيش فيها.
ولعل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مر بها قطرنا العراقي عقب الاحتلال الأمريكي كانت سبباً في تفشي المخدرات وسهولة تهريبها وازدياد متعاطيها ولخطورة الظاهرة وما تسببه من ضرر ونخر في المجتمع ارتأت الباحثة أن تتناول (طُّرق التعامُل المُثلى و الأساليب الأسرية التي ينبغي إتباعها لتعزيز القيم اللازمة لاستنقاذ المدمن وإعادة تأهيله) عنواناً لبحثها الحالي.
استهدف البحث الحالي تحقيقالأهداف الآتية:
1- بناء مقياس الكشف الأسري المبكر للإدمان.
2- تعرف الطرق المثلى في التعامل مع المدمن واحتوائه ومساعدته من وجهة نظر تدريسي وتدريسيات الجامعات العراقية.
3- تحديد الأساليب الأسرية التي ينبغي إتباعها لتعزيز القيم اللازمة لاستنقاذ المدمن وإعادة تأهيله من وجهة نظر تدريسي وتدريسيات الجامعات العراقية.
وقد اقتصر البحث الحالي على تدريسي وتدريسيات الجامعات العراقية من حملة الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه باختصاص الإرشاد التربوي والنفسي والصحة النفسيةفي الجامعات العراقية للعام الدراسي (2012 – 2013).
و اعتمدت الباحثة الطريقة العشوائية في اختيار عينة البحث التطبيقية الرئيسة ، إذ تم اختيار ( 100 ) تدريسي وتدريسية من المتخصصين في الإرشاد التربوي والنفسي والصحة النفسية في الجامعات العراقية و(25) من المدمنين ممن تمكنت الباحثة الوصول إليهم.
ومن اجل تحقيق أهداف البحث قامت الباحثة بإعداد الأدوات التالية:
1- بناء مقياس الكشف الأسري المبكر
2- إعداد استبانه الطرق المثلى في التعامل مع المدمن واحتوائه ومساعدته من وجهة نظر تدريسي وتدريسيات الجامعات العراقية.
3- تحديد الأساليب الأسرية التي ينبغي إتباعها لتعزيز القيم اللازمة لاستنقاذ المدمن وإعادة تأهيله من وجهة نظر تدريسي وتدريسيات الجامعات العراقية.
وقدتم تحديد المؤشرات السيكومترية للأدوات الثلاثة واعتمد عليها في تحقيق أهداف البحث الثلاثة.
وقد توصل البحث إلى النتائج الآتية وكما يلي:
نتائج الهدف الأول: تحقق هذا الهدف ببناء مقياس الكشف الأسري المبكر و يتكون من(60) فقرة يجاب عنها بخمس بدائل أمام كل فقرة من الفقرات ولكل بديل درجة وعلى النحو : ( موافق جداً-5) ,( موافق-4)( متردد-3) (غير موافق-2)( غير موافق جداً-1) فتكون أعلى درجة (300) واقل درجة(60) وان المتوسط الفرضي للمقياس هو (180) درجة.
نتائج الهدف الثاني:
تحقق هذا الهدف بإعداد استبانه الطرق المثلى في التعامل مع المدمن واحتوائه ومساعدته من وجهة نظر تدريسي وتدريسيات الجامعات العراقية ضمت (41) فقرة وزعت على (14) طريقة مرتبة ترتيبا تنازليا بمعنى إنها تتمحور حول (14) طريقة مثالية للتعامل مع المدمنين,و احتلت الفقرات (34,32, 33, 34, 36) المرتبة الأولى وهي تؤكد على أهمية الناحية الدينية وأثرها الكبير على المدمنين ، وخصوصا أن الناحية الدينية أساسية فيعلاج الإدمان.
بينما احتلت الفقرات الرتب الدنيا المشار لها بالترتيب بحسب الترتيب التنازلي المعتمد كما يلي (42-12 ), (44, 45, 46-13) (14-41) وهذا لايعني إنها فقرات غير فعالة وإنما هي فقرات تحوي طرقا للتعامل مع المدمنين تعد مثالية من وجهة نظر التدريسيين الجامعيين وقد تضمنت هذه الفقرات التأكيد على منعه من الخروج من المنزل إلا بصحبة الأسرة وأشغاله بالكثير من الأنشطة كالرحلات العائلية والزيارات الاجتماعية والأماكن الترفيهية وكل شيء مفيد لتضييع الفرصةللخلوة بنفسه وأصدقاء السوء وعمل برنامج للأسرة يتضمن زيارات للأهل والأقارب بصحبة المريض ، والخروج في نزهات خلوية و الحدائق العامة مرة كل أسبوع وتغيير الأسلوب الاجتماعي لحياتهم والسعي الارتباط بالجيران ذوي السمات الطيبة المؤثرة وتكوين شبكة من الصداقات منهم،ووجوب التعاون مع الجيران ما أمكن ذلك للتخلص من هذه البؤرة المرضية قبل أن تؤدي بهم الانتكاس والنظر بإمكانية السكن له بالقرب من المستشفى إذا كانت الأسرة من منطقة بعيدة عنها أو توفير وسيلة انتقال للمستشفى.
نتائج الهدف الثالث:
أولا- إن قيم المتوسط العام للأوساط المرجحة والأوزان المئوية لكل أسلوب من الأساليب الأسرية العشرة انحصر بين (4.86-97.2%) للقيم الدينية كحد أعلى و (4.11-82.22%) كحد أدنى لتقدير قيمة الوقت وانحصرت المتوسطات العامة بين هاتين القيمتين
ثانيا- احتلت الأساليب التي تعزز القيم الدينية المرتبة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى (3.3 – 66 %) كحد أدنى مما يؤكد أهمية تعزيز القيم الدينية.
ثالثا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة المساندة الصحية المرتبة الثانية فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (4.4-88%) كحد أدنى مما يؤكد أهمية إسناد الأسرة للمريض بعد خروجه المجتمع الخارجي فهو يبدأ مرحلة هامة في حياته تعتمد على التعافي من المخدر والتخلص من أساليبه السلوكية والمراوغات المرتبطة به.
رابعا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة الحياء والعفة المرتبة الثالثة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (4-80%) كحد أدنى مما يؤكد أهمية تعزيز قيمة الحياء والعفة لدى الأبناء بشكل عام والمدمنين بشكل خاص وذلك بتوخي اليقظة الشديدة من الأب والأم في سلوكياتهم داخل المنزل كقدوة عملية للأبناء.
خامسا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة الاستماع والحوار المرتبة الرابعة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (3.5 - 70 %) كحد أدنى مما يؤكد أهمية تكوين قناعات لدى الأفراد بعدم تعاطي المخدرات لتكوين اتجاهات رافضة و ممارسة الأب والأم لنماذج متعددة من الحوارات أمامه تخص المخدرات وأضرارها.
سادسا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة الإيجابية المرتبة الخامسة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و(4-80%) كحد أدنى مما يؤكد أهمية تذكير الفرد بآثار تعاطي المخدرات لتعزيز الاتجاه السلبي نحوها و تنمية التفكير الإيجابي وتنمية الإحساس بالمسئولية والأمان لديه.
سابعا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز المساندة والمراقبة المرتبة السادسة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (3.3 - 66 %) كحد أدنى مما يؤكد أهمية توثيق وتدعيم الترابط فيما بين أعضاء أسرة المدمن لمساعدته على الاعتراف بذلك وحثه على طلب العلاج , وملاحظة أيتغيير في سلوكه وحالته الصحية من أجل الاكتشاف المبكر لأية دلائل تشير حدوث انتكاسة.
ثامنا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة الصداقة والأخوة المرتبة السابعة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (3.5- 70%) كحد أدنى مما يؤكد أهمية التدخل الحكيم في علاقات الأبناء ومشاكلهم من زملائهم بالشكل الذي يحفظ للابن شخصيته واستقلاليته، ويصحح جوانب الخلل التي تحدث سواء في الاختيار أو طبيعة العلاقة.
تاسعا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة تقدير الذات المرتبة الثامنة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (3.2-64%) كحد أدنى مما يفيد بأهمية احترام خصوصية المدمن وأشعاره بالاحترام والتقدير,وإظهار الاهتمام به والعناية بشئونه؛ وهو ما يمنحه الأمان والاستقرار.
عاشرا- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمةالتعاون والجماعية المرتبة التاسعة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (5 – 100%) كحد أعلى و (3.6-72%) كحد أدنى مما يؤكد أهمية المتابعة الدقيقة من الأب والأم لسلوكه ورصد المظاهر السلوكية الإيجابية وتعزيزها إيجابيا بالكثير من الثناء، وعدم تفويت السلوكيات الفردية السلبية وتعزيزها سلبيا بالمحاسبة والعقاب المناسب.
حادي عشر- احتلت الأساليب الأسرية التي تعزز قيمة تقدير الوقت المرتبة العاشرة فأظهرت النتائج إن قيم الأوساط المرجحة و المئوية لها انحصرت بين (4.9 – 98%) كحد أعلى و(4.1- 82%) كحد أدنى مما يؤكد استيعاب طاقاته بان تفتح أمامه مجالات متنوعة لممارسة الأنشطة المختلفة كالرياضة وتعلم الهوايات إذ إن الإشباع الذي يجده من الإجادة فيها سوف يغنيه عن البحث عن الإشباع في المخدرات.
واختتم البحث بمجموعة من التوصيات والمقترحات أهمها:
الإفادة من مقياس الكشف الأسري المبكر الذي أعدته الباحثة من قبل الأسر والمدارس و هيئة مكافحة المخدرات في بحوثهم ودراساتهم ذات العلاقة في هذا الميدان.و اعتماد الطرق التي حددها البحث في التعامل مع المدمنين إذ ستعطي بمشيئة الله نتائج ايجابية وتترك آثارها على المدمن.
وضرورة تنمية الشعور الديني والتمسك بدين الله تعالى وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم شرعاً والتوعية الإسلامية لكل فئات المجتمع بأضرار تعاطي المخدرات.
واقترحت الباحثة القيام ببعض الدراسات المهمة والمكملة للبحث الحالي وهي:
القيام بدراسة تستهدف قياس أضرار تعاطي المخدرات لدى المتعاطين , وإجراء دراسة تستهدف كشف علاقة المخدرات بالسلوك الإجرامي , وإجراء دراسة حول الدور التربوي للمدرسة في مكافحة المخدرات.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
اكثروا من الحمد
.. استغفر الله الحمد لله ..
يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء :
تسعة منها في اعتزال الناس وواحدة في الصمت 🤐
- الإمام علي بن أبي طالب
_ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ _