عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ[1] بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»[2]، رواه أبو داود وصححه النووي[3].
وله شاهد عند الترمذي (3 /242) من حديث أنس.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ذروا المراء؛ فإنه لا تفهم حكمته، ولا تؤمن فتنته.
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ»[4]؛ رواه الترمذي وصححه.
وقال مسلم بن يسار: إياكم والمراء، فإنه ساعة جهل العالم، وعندها يبتغي الشيطان زلته.
وقال الإمام مالك رحمه الله: المراء يقسي القلوب، ويورث الضغائن.
وقال بلال بن سعد: إذا رأيت الرجل لجوجًا مماريًا معجبًا برأيه، فقد تمت خسارته.
وقال عمر رضي الله عنه: لا تتعلم العلم لثلاث، ولا تتركه لثلاث: لا تتعلمه لتماري به ولا لتباهي به، ولا لترائي به، ولا تتركه حياءٍ من طلبه، ولا زهادة فيه، ولا رضًا بالجهل منه.
قال الغزالي: وحد المراء هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ، وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم، وترك المراء بترك الإنكار والاعتراض، فكل كلام سمعته، فإن كان حقًّا فصدق به، وإن كان باطلًا وكذبًا، ولم يكن متعلقًا بأمور الدين فاسكت عنه. اهـ[5].
واعلم أخي المسلم: أن الجدل لا يحق حقًّا ولا يبطل باطلًا، بل ربما كان سببًا في تمسك أهل الباطل بباطلهم، فيجب على المسلم أن يصون لسانه عن الجدل، فإذا أراد أن يقدم نصيحة فليقدمها بلطف ولين، وحبذا لو كانت في السر بينك وبين المنصوح، حتى لا يحرج أمام الملأ؛ لأن ذلك غالبًا ما يكون سببًا في الانتصار للرأي ولو بالباطل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ»[8] رواه مسلم.
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةً فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»[9]؛ متفق عليه.
قال الغزالي رحمه الله: فالخصومة مبدأ كل شر، وكذا المراء والجدل، فينبغي ألا يفتح بابه إلا لضرورة، وعند الضرورة ينبغي أن يحفظ اللسان والقلب عن تبعات الخصومة، وذلك متعذر جدًّا؛ ا هـ[10].
وقال عمر رضي الله عنه: البر شيء هيِّن: وجه طليق وكلام لين.
وقال بعضهم: الكلام اللين يغسل الضغائن المستكنة في الجوارح.
[1] زعيم: ضامن.
[2] حسن: أبو داود رقم (4800) في «الأدب» باب حسن الخلق، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع» رقم (1464) و «الصحيحة» رقم (273).
[3] رياض الصالحين (1/420).
[4] حسن: الترمذي رقم (3253) في «تفسير القرآن» باب ومن سورة الزخرف، وابن ماجه رقم (48) في «المقدمة»، وأخرجه أحمد في «المسند» (5 /252)، والحاكم في «المستدرك»، وصححه وأقره الذهبي، والحديث حسن لأجل شهاب بن خراش بن حوشب الشيباني، قال الحافظ في «التقريب» (2825): صدوق يخطئ له ذكر في مقدمة مسلم، وحسن الحديث الألباني في «صحيح ابن ماجه».
[5] تخريج إحياء علوم الدين (1554).
[6] متفق عليه: رواه البخاري رقم (2457) في «المظالم» باب قول الله تعالى: ﴿ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: 204]، ومسلم رقم (2668) في «العلم» باب في الألد الخصم.
[7] صحيح: ذكره الألباني شاهدًا للحديث رقم (1465) في «الصحيحة» ليتقوى به، وقال: قال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات.
[8] صحيح: رواه مسلم رقم (1009) في «الزكاة» باب بيان اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف.
[9] متفق عليه: رواه البخاري رقم (1413) في «الزكاة» باب الصدقة قبل الرد، ومسلم رقم (1016) في «الزكاة» باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة.
[10] تخريج إحياء علوم الدين (1558).
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك