فالطفل يُحِسُّ بالحاجة إلى الانضواء[14]تحت راية كائن مرموق، فيتجه إلى الاقتداء بالوالدين أو الإخوة أو المعلمين أو الأصدقاء، ثم يتحوَّل الاقتداء إلى عمليَّة فكريَّة يمتزج فيها الوعي والانتماء بالمحاكاة والاعتزاز، ويظلُّ محتاجًا إلى القدوة في كل مراحل حياته، والاقتداء من أعظم عوامل الإصلاح، إضافة إلى أنه يُشبع الحاجة الغريزية المذكورة آنفًا؛ لأن الطفل لديه قدرة عجيبة على المحاكاة بوعي أو بغير وعي، وهو يعتقد أن كل ما يفعله الكبار صحيح من آباء وأمهات وأجداد وجدات وإخوة كبار؛ إذ هم أكمل الناس عنده.
ويوصي علماء التربية بالاهتمام بتربية الولد البكر ذكرًا كان أم أنثى؛ لأن إخوته يقلِّدونه ويتأثَّرون به، وعلى الوالدين أن يحقِّقا إسلامهما في كل صغيرة وكبيرة؛ ليتربى ولدهما تربية إسلاميَّة، وإذا كان أحدهما مبتلى بمعصية أو بِدْعَةٍ فعليه أن يستخفي بها عن أولاده، كالتدخين وشرب المسكر وترك الصلاة وغيرها.
وكلما كبر الطفل تعدَّد الأشخاص الذين ينالون إعجابه ويقتدي بهم، كالرفقة والمعلِّم والجار، وقد تكون بيئة الطفل واسعةً، فيها الجدُّ والجدَّة واللذين يؤثِّران في سلوك الطفل لعَلاقتهما الحميمة به، كما أن وجود الخدم والمربيات واهتمامهم بالطفل يجعله مقتديًا بهم، يقتبس من سلوكهم حسب محبَّته لهم واختلاطه بهم.
ولا بُدَّ أن يربط المربِّي ولده بالقدوة الأوَّل صلى الله عليه وسلم وصحبه، فيُعلِّمه السِّيَرَ والمغازي، وما تتضمَّنه من قَصَص نبوي، ويُعَلِّمه السُّنن والأخلاق، وإذا أرشده إلى خُلُقٍ ذَكَّرَه بأنه خُلُقٌ نبوي، ليرتبط به وجدانيًّا وسلوكيًّا.
ومن الخطأ أن يُعجب الوالدان بتقليد ولدهما للاعب أو ممثِّل أو مغنٍ، ولو كان ذلك التقليد طريفًا؛ لأن هذا يغرس محبَّة القدوةِ السيِّئة في نفس الطفل دون شعور الوالدين، ومن الخطأ كذلك شراء الملابس أو الأدوات التي تحمل صور المنحرفين أو أسمائهم أو ألبستهم الخاصَّة؛ لأن هذا يُورِث الاقتداء بهم.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك