الفضيل بن عياض سارق معروف، وقاطع للطريق وله عصابة قوية مرهوبة الجانب مشتهرة بالفساد، إضافة إلى اللصوصية والسرقة، وكانوا إذا دخلوا قرية من القرى نهبوا الأموال وهتكوا الأعراض وقتلوا من يقف أمامهم، وقد ساعدهم على هذا ضعف الحكومة وعدم اهتمامها بشؤون رعاياها..
..
..
ذات مرّة شاهد الفضيل فتاة قرب إحدى القرى، خاطبها بلهجة الأمر:
أخبري أباك إنني سآتي الليلة وأحل ضيفاً عليكم وعليه أن يهيئك لي.
ارتعدت الفتاة خوفاً من مصيرها المظلم، وجاءت وأخبرت عائلتها، أخذ الأب والأم وكل العائلة بالبكاء والنحيب، ولكن لا مفر لهم، فهم مضطرون للاستجابة إلى الفضيل لأنه بالإضافة إلى هتكه عرضهم بالقوة سيقتلهم أيضاً.
وفي ظلام الليل البهيم، اقترب الفضيل من القرية والعائلة ساهرة باكية متضرعة إلى الله كي ينجيهم من هذا الطاغي..
..
.
وتسلّق الفضيل الجدار، وإذا به يسمع صوتاً شجياً يقرأ القرآن ويترنم بآيات تدوي في فضاء الليل الساكن، استمع الفضيل فتناهت إلى سمعه الآية التالية:
(ألم يئن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) ارتجف الفضيل بشدة وهو يستمع إلى هذه الآية، لقد نفذت الآية المباركة إلى أعماق قلبه وهزته، وبدا وكأن صاعقة قد سقطت عليه، اضطرب قلبه وجرت دموعه على خديه، وهو يتذكر ماضيه الأسود، قال لنفسه: (نعم آن لي أن يخشع قلبي لذكر الله) ولعلّ الله قد استجاب دعاء تلك العائلة التي تضرّعت إليه.
..
وتاب الفضيل إلى الله توبةً نصوحاً وهو على السطح، ومن هناك خاطب أهل الدار: يا أهل الدار: أنا الفضيل، ولقد تبت إلى الله، وأنا أعتذر إليكم حيث إنني أرعبتكم، وأخفتكم، ثم خرج من الدار هائماً على وجهه في نصف الليل حتى وصل إلى خربة فنزل فيها ينتظر الصباح ليرجع إلى المدينة، ويظهر توبته للناس، وبينما هو غارق في بحار التفكير في الخربة، إذا به يسمع صوت شخص يتحدث إلى آخر قائلاً: من الأفضل ألا تتحرك قافلتنا في هذا الوقت من الليل، فلربما قطع الفضيل وعصابته علينا الطريق.
..
..
فأجابه آخر: إننا أقوياء مسلحون جيداً، وإذا تعرّض لنا الفضيل وعصابته فإننا سنضطرهم للفرار.
وهنا صاح فيهم الفضيل: أيتها القافلة سيري بسلام فقد تاب الفضيل وها أنا هو لا خوف عليكم منه، ولكن القافلة لم تصدق أن هذا هو الفضيل.. اقترب الفضيل من القافلة وهو يبكي وينتحب وينثر التراب على رأسه، وعندما رأته القافلة عرفته.
ومنذ ذلك الوقت تحوّل الفضيل إلى عابد زاهد، حتى أخذ يُضرب به المثل في العبادة والزهد والفضيلة والتقوى. الحمد لله علي نعمة الاسلام
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك