مشهد تاريخي عاشته القدس فجر اليوم، وسط احتفال ما يقارب الـ30 ألف مقدسي، بعد إزالة الاحتلال الإسرائيلي البواباتِ الإلكترونيةَ والجسور والمسارات الحديدية التي نصبها على باب الأسباط ومداخل وأبواب المسجد الأقصى، خلال الأسبوعين الماضيين، مُنع خلالهما الفلسطينيون من الصلاة بالمسجد لجمعتين متتاليتين؛ مما دفع بجموع المقدسيين لترك أعمالهم والاعتصام بالأزقّة المحيطة بالمسجد والاستمرار في أداء صلاتيْ الظهر والعصر في حر شديد يومياً، وتجمهروا بالآلاف في صلاتيْ المغرب والعشاء، وسهروا حتى صلاة الفجر في الطرقات، لم يُثنهم رصاص حي، ولا سُدت آذانهم بفعل قنابل الصوت، ولا أدمعت أعينهم من الغاز؛ حتى تحقق مرادهم.
15 يوماً والأقصى فارغ تماماً من المصلين والمرابطين، من الصلاة والعبادة، من شيوخ يقرأون في جنباته القرآن، والكتب الدينية، من أطفال يجوبون ساحاته، ونساء في حلقات تدريس.. 15 يوماً ومآذن الأقصى التاريخية تنتقل لحناجر المقدسيين في الطرقات والأزقة المحيطة بالأقصى، صارخة: الله أكبر الله أكبر.
صمودهم وإصرارهم على اللاعودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل 14 يوليو، نقلته وكالة "وفا" الفلسطينية؛ حيث تَمَكّن المقدسيون من انتزاع حقهم التاريخي بالسيادة العربية والإسلامية على المسجد الأقصى، بعد أربعة شهداء في القدس وهم: (محمد شرف، ومحمد أبو غنام، ومحمد لافي، ويوسف كاشور)، ومئات الجرحى، وعشرات المعتقلين.
حاول الاحتلال منذ بداية التفاف الجماهير المقدسية والعربية حول المرجعيات الدينية والشخصيات القيادية، قمعَ المرابطين وإرهابهم ودفعهم للدخول إلى المسجد الأقصى عبر بواباته الإلكترونية؛ لكن بعد كل قمع كانت أعداد المرابطين والمصلين في ازدياد، ولحمة الشارع المقدسي في ازدياد.
ففي بداية العدوان الأخير على الأقصى اعتقل الاحتلال عدداً من قيادات حركة "فتح" في المحافظة؛ للتأثير على تحركات الجماهير والحد من الغضب الشعبي؛ لكن الشارع المقدسي رد على الهجمة الصهيونية بالبقاء في الشارع والصمود حتى إنهاء كل التعديات والقيود التي أضافها الاحتلال على الأقصى.
لم يكتفِ الاحتلال بإغلاق الأقصى ووضع تعدياته على أبوابه؛ بل قام بأعمال تخريب وسرقة مخطوطات تاريخية، وتجريف في محيط الأقصى، وخلع أشجار وأحجار عتيقة من باب الأسباط وأزقّة البلدة القديمة، والسماح لمئات المستوطنين المتطرفين باستباحة باحات المسجد الأقصى.
ولكن بدماء من استشهدوا وأصيبوا ومَن اعتُقلوا ومَن ضُربوا وسُحلوا فوق بلاط وفي أزقة القدس، بحناجر من رفضوا وسهروا حتى الفجر، من تحملوا أصوات الرصاص والإسعاف والصراخ والشتائم، ومن وزعوا الطعام والماء على المصلين والمنتظرين للنصر؛ انتصرت القدس.
بدوره أعلن الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، أن صلاة ظهر اليوم الخميس ستقام داخل المسجد الأقصى؛ مشيداً بصمود أهل القدس وعزيمتهم.
وأكد مفتي القدس الشيخ محمد حسين أن الأوضاع عادت إلى ما كانت عليه سابقاً في المسجد الأقصى، وقال: "سنصلي فيه".
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك