هو أبو قَتَادَة
الأنصاري السلمي , فارس رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- شهد أحدا ، والحديبية . وله عدة أحاديث . اسمه الحارث بن ربعي ، على الصحيح ، وقيل : اسمه : النعمان ، وقيل : عمرو .
روى إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه ، عن النبي -صلى
الله عليه وسلم- ، قال : خير فرساننا أبو
قتادة ، وخير رجـالتنا سلمة بن الأكوع .
قال يحيى بن عبد
الله بن أبي
قتادة ، عن أمه ، عن أبيه ، قال : قال أبو
قتادة : إني لأغسل رأسي ، قد غسلت أحد شقيه ، إذ سمعت فرسي جروة تصهل ، وتبحث بحافرها . فقلت : هذه حرب قد حضرت .
فقمت ، ولم أغسل شق رأسي الآخر ، فركبتُ ، وعليَّ بردة ، فإذا رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- يصيح : الفزع! الفزع! .
قال : فأدرك المقداد ، فسايرته ساعة ، ثم تقدمه فرسي ، وكان أجود من فرسه . وأخبرني المقداد بقتل مسعدة محرزا -يعني: ابن نضلة- فقلت للمقداد: إما أن أموت ، أو أقتل قاتل محرز.
فضرب فرسه ، فلحقه أبو
قتادة ، فوقف له مسعدة ، فنزل أبو
قتادة فقتله ، وجنب فرسه معه .
قال : فلما مَرَّ الناس ، تلاحقُوا ، ونظروا إلى بُرْدِي ، فعرفوها ، وقالوا : أبو
قتادة قتل! فقال رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- : لا ، ولكنه قتيل أبي
قتادة عليه برده ، فخلوا بينه وبين سَلبه وفرسه .
قال : فلما أدركني ، قال : اللهم بارك له في شَعره وبشَرِه ، أفلحَ وجهُك ! قتلتَ مسعدة ؟ قلت : نعم . قال : فما هذا الذي بوجهك ؟ .
قلت : سهمٌ رُمِيتُ به ; قال : فادْنُ منِّي . فبصَق عليه ، فما ضرب عليَّ قط ولا قاح .
فمات أبو
قتادة وهو ابن سبعين سنة ; وكأنه ابن خمس عشرة سنة . قال : وأعطاني فرس مسعدة وسلاحه .
عن أبي محمد مولى أبي
قتادة ، عن أبي
قتادة ، قال : خرجنا مع رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- عام حنين ، فلما التقينا ، رأيت رجلا قد علا المسلمين ، فاستدرت له من ورائه ، فضربته بالسيف على حبل عاتقه ، ضربة قطعت منها الدرع ، فأقبل عليَّ ، وضمني ضمة وجَدْتُ منها ريح الموت ، ثم أرسلني ، ومات. إلى أن قال : فقال رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- : من قتل قتيلا له بيِّنَة ، فله سَلَبُه. فقمت ، فقلت : من يشهد لي ؟ وقصصت عليه ، فقال رجل : صدق يا رسول
الله ، وسَلَبُ ذلك القتيل عندي. فأَرْضِه منه . فقال أبو بكر : لا ها
الله ، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد
الله يقاتل عن
الله ورسوله فيعطيك سلبه! فقال النبي -صلى
الله عليه وسلم- : صدق فأعطانيه ، فبعت الدرع ، وابتعت به مَخْرَفًا في بني سلمة ; فإنه لأول مال تأثَّلْتُه في الإسلام .
قال ابن سعد : كانت سرية أبي
قتادة إلى حضرة ، وهي بنجد ، سنة ثمان ، وكان في خمسة عشر رجلا ، فغنموا مائتي بعير وألفي شاة ، وسبوا سبيا. ثم سرية أبي
قتادة إلى بطن إضم بعد شهر .
عن أسيد بن أبي أسيد ، عن أبيه : قلت لأبي
قتادة : مالك لا تحدث عن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- كما يحدث عنه الناس ؟ فقال : سمعت رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول : من كذب عليَّ فليَشْهَد لجنْبِهِ مضجعًا من النار وجعل رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- يقول ذلك ، ويمسح الأرض بيده .
ابن سعد : حدثنا أبو الوليد : حدثنا عكرمة بن عمار : حدثني عبد
الله ابن عبيد بن عمير : أن عمر بعث أبا
قتادة ، فقتل ملك فارس بيده ، وعليه منطقة قيمتها خمسة عشر ألفا ، فنفلها إياه عمر .
عن عبد
الله بن محمد بن عقيل : أن معاوية قدم المدينة ، فلقيه أبو
قتادة ، فقال : تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار ، فما منعكم ؟ قالوا : لم يكن لنا دواب . قال : فأين النواضح ؟ . قال أبو
قتادة : عقرناها في طلب أبيك يوم بدر ; إن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- قال لنا : إنكم ستلقون بعدي أثرة قال معاوية : فما أمَرَكُم ؟ قال : أمرنا أن نصبر . قال : فاصبروا .
وقال الواقدي : لم أر بين ولد أبي
قتادة وأهل البلد عندنا اختلاف أنه توفي بالمدينة .
قال : وروى أهل الكوفة أنه توفي بها ، وأن عليا صلى عليه .
عن
قتادة ، عن عبد
الله بن رباح ، عن أبي
قتادة ، قال : كنَّا مع رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- في بعض أسفاره ، إذ تأخر عن الراحلة ، فدعمته بيدي ، حتى استيقظ ، فقال : اللهم احفظ أبا
قتادة كما حفظني منذ الليلة ، ما أرانا إلا قد شققنا عليك .
وله أولاد ، وهم : عبد
الله ، وعبد الرحمن ، وثابت ، وعبيد ، وأم البنين ، وأم أبان .
عن محمد : أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- أرسل إلى أبي
قتادة ، فقيل : يترجـل ; ثم أرسل إليه ، فقيل : يترجـل ; ثم أرسل إليه ، فقيل : يترجل . فقال : احلقوا رأسه .
فجاء ، فقال : يا رسول
الله ، دعني هذه المرة ، فو
الله لأعتبنك فكان أول ما لقي قتل رأس المشركين مسعدة .
عن محمد بن سيرين : أن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- رأى أبا
قتادة يصلي ، ويتقي شعره ، فأراد أن يجزه ، فقال : يا رسول
الله ، إن تركته ، لأرضِيَنَّك . فتركه . فأغار مسعدة الفزاري على سرح أهل المدينة . فركب أبو
قتادة ، فقتله ، وغشَّاه ببردته .
حماد بن سلمة : أخبرنا إسحاق بن عبد
الله بن أبي طلحة ، عن أنس : أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- قال : مَن قتل كافرًا فله سَلَبُه . فقال أبو
قتادة : يا رسول
الله ، إني ضربت رجلا على حبل عاتقه وعليه دِرع له ، فأجهضت عنه . فقال رجل : أنا أخذتها ، فأرْضِه منها ، وأعطنيها -وكان رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- لا يُسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت- فسكتَ . فقال عمر : لا يُفِيئها
الله على أسد من أُسْدِه ، ويعطيكها . فضحك رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- ، وقال : صدق عمر .
عن أبي محمد ، مولى أبي
قتادة : أن أبا
قتادة قال : خرجنا مع النبي -صلى
الله عليه وسلم- عام حنين ... الحديث بنحو منه . وفيه : فقال أبو بكر : لا ها
الله ! إذا لا يعمد إلى أسدٍ من أسد
الله ، فيعطيك سَلَبَه ، فأعطاني الدرع ، فبعته . قال : فابتعت به مخرفا ; فإنه لأول مال تأثَّلْتُه .
قال أسامة بن زيد الليثي ، عن الأعرج ، عن عبد
الله بن أبي
قتادة ، عن أبيه ، قال : لما كان يوم حنين ، قتلت رجلا ، فجاء رجل ، فنزع عنه درعه ، فخاصمته إلى رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- ; فقضى لي بها ، فبعتها بسبع أواقي من حاطب بن أبي بلتعة .
قال الواقدي : لم أر بين ولد أبي قتاده وأهل بلدنا اختلافا أن أبا
قتادة توفي بالمدينة .
قال يحيى بن عبد
الله بن أبي
قتادة ، والمدائني ، مات أبو
قتادة سنه أربع وخمسين .
قال إسماعيل بن أبي خالد ، عن موسى بن عبد
الله بن يزيد الخطمي ، قال : صلى عليٌّ على أبي
قتادة ، فكبر عليه سبعا .