قال ابن مسعود رضي الله عنه: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: *{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}*– إلى قوله – *{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}*.
_ وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: *"يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟"* فقلت: الله ورسوله أعلم.
قال: *"حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً"*
فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: *"لا تبشرهم فيتكلوا"* أخرجاه في الصحيحين.
فيه مسائل:
*الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
* الثانية: أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه.
الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله،
ففيه معنى قوله تعالى : *{وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}*
*الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل.
* الخامسة: أن الرسالة عمَّت كل أمة.
*السادسة: أن دين الأنبياء واحد.
* السابعة: المسألة الكبيرة أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت؛
ففيه معنى قوله: *{فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}*
* الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عُبِد من دون الله.
*التاسعة: عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف. وفيها عشر مسائل، أولها النهي عن الشرك.
* العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثماني عشرة مسألة، بدأها الله بقوله: *{لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا}*
، ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: *{ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ}*.
* الحادية عشرة: آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة،
بدأها الله تعالى بقوله: *{۞ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}*
* الثانية عشرة:التنبيه على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته.
*الثالثة عشرة: معرفة حق الله تعالى علينا.
*الرابعة عشرة: معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.
*الخامسة عشرة: أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
*السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة.
*السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره.
* الثامنة عشرة: الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
* التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم.
* العشرون: جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض.
*الحادية والعشرون: تواضعه صلى الله عليه وسلم لركوب الحمار مع الإرداف عليه.
*الثانية والعشرون: جواز الإرداف على الدابة.
* الثالثة والعشرون: فضيلة معاذ بن جبل.
*الرابعة والعشرون: عظم شأن هذه المسألة.
___________
*كتاب التوحيد*
هذه الترجمة تدل على مقصود هذا الكتاب من أوله إلى آخره، ولهذا استغنى بها عن الخطبة؛ أي أن هذا الكتاب يشتمل على توحيد الإلهية والعبادة بذكر أحكامه وحدوده وشروطه، وفضله وبراهينه، وأصوله وتفاصيله، وأسبابه وثمراته ومقتضياته، وما يزداد به ويقويه، أو يضعفه ويوهيه، وما به يتم ويكمل.
اعلم أن التوحيد المطلق العلم والاعتراف بتفرد الرب بصفات الكمال والإقرار بتوحده بصفات العظمة والجلال، وإفراده وحده بالعبادة، وهو ثلاثة أقسام:
* أحدها :توحيد الأسماء والصفات: وهو اعتقاد انفراد الرب جل جلاله بالكمال المطلق؛ من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال والجمال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله، من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل، ونفي ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله ﷺ من النقائص والعيوب، وعن كل ما ينافي كماله.
* الثاني: توحيد الربوبية: بأن يعتقد العبد أن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير الذي ربى جميع الخلق بالنعم وربى خواص خلقه وهم الأنبياء وأتباعهم بالعقائد الصحيحة والأخلاق الجميلة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة، وهذه التربية النافعة للقلوب والأرواح المثمرة لسعادة الدارين.
*الثالث: توحيد الإلهية، ويقال له توحيد العبادة: وهو العلم والاعتراف بأن الله ذو الألوهية
والعبودية على خلقه أجمعين، وإفراده وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين لله وحده، وهذا الأخير يستلزم القسمين الأولين ويتضمنهما؛
لأن الألوهية التي هي وصفه تعم جميع أوصاف الكمال وجميع أوصاف الربوبية والعظمة، فإنه المألوه المعبود لما له من أوصاف العظمة والجلال ولما أسداه إلى خلقه من الفواضل والأفضال، فتوحده تعالى بصفات الكمال وتفرده بالربوبية يلزم منه أنه لا يستحق العبادة أحد سواه، ومقصود دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم الدعوة إلى هذا التوحيد.
فذكر المصنف في هذه الترجمة من النصوص ما يدل على أن الله خلق الخلق لعبادته والإخلاص له، وأن ذلك حقه الواجب المفروض عليهم،
فجميع الكتب السماوية وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد، ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد، وخصوصًا محمدًا ﷺ، وهذا القرآن الكريم فإنه أمر به، وفرضه وقرره أعظم تقرير، وبينه أعظم بيان، وأخبر أنه لا نجاة ولا فلاح ولا سعادة إلا بهذا التوحيد، وأن جميع الأدلة العقلية والنقلية والأفقية والنفسية أدلة وبراهين على الأمر بهذا التوحيد ووجوبه، فالتوحيد هو حق الله الواجب على العبيد، وهو أعظم أوامر الدين، وأصل الأصول كلها، وأساس الأعمال.
__________
تم النقل من [ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ] للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وشرحه [ القول السديد ] للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي.
___________
# _ التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم.
هذا يفيد الأدب أن من سئل عما لا يعلم يقول: الله أعلم! في حياة النبي ﷺ يقول: الله ورسوله أعلم، وبعد وفاته ﷺ يقول: الله أعلم، أو يقول: لا أدري، هذا الواجب على الإنسان لا يتنطع ولا يتكلف، إن علم قال، وإن لم يعلم يقول لا أدري، أو الله أعلم.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك