لقيت توجيهات سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بإضافة تحليل المخدرات في الفحص الطبي للأجانب من طالبي الزواج من سعودية، إشادة كبيرة من المختصين، الذين أجمعوا أن هذا القرار سيخلق أجواء أسرية واجتماعية آمنه، وتمنى اجتماعيون ومختصون وشرعيون تعميم قرار الفحص ليشمل السعوديين كمتطلب لإتمام جميع عقود الزواج في المملكة، واصفين المخدرات بالآفة المقلقة للأمن الوطني، والأمن الأسري على حد ٍ سواء.
«الرياض» استطلعت رأي عدد من المختصين وذوي الشأن لمعرفة الآثار الإيجابية المترتبة على هذا القرار.
واقع مؤلم
في البداية كشف د.خالد الحليبي- مدير جمعية التنمية الأسرية بالأحساء- أن الاستشارات الواردة لجمعية التنمية الأسرية بالأحساء سجلت أكثر من 300 حالة تشكو فيها الأم أو الزوجة أو الأخت من أثر المخدرات الوبيل على الأولاد والأزواج والأشقاء، وقد تنتقل هذه المشكلة من مجرد الشكوى والألم إلى عدم الصبر على آثارها المدمرة، فتطالب الزوجة بالطلاق، وهي محتاجة إلى نفقته وإلى رعايته لها ولأولادها، وقد وصلت الحالات في قسم الإصلاح في الجمعية إلى 44 حالة مخدرات و 16 حالة خمر، كما وردت على الموقع الإلكتروني 16 حالة، ولا يلام هؤلاء النساء حين ينفد صبرهن، فإن بقاء هذا الوضع سيكون له أثر خطير في حدوث المشكلات وتفاقمها.
وبيّن د.الحليبي أن المستشارين والمستشارات في جمعية التنمية الأسرية سجلوا عشرين مشكلة تسببها المخدرات في مفاصل الأسرة وأساسها وبنيتها وعلاقاتها، ومنها: البعد عن الله وترك الفرائض؛ مما يجعل الابن جاهزاً لكل الأفكار المنحرفة، سواءً المتطرفة حيث تجد خُواء وضعفاً في الخلفية الشرعية، فتملأه بالفكر الفاسد القائم على الانتقام من المجتمع بل وتكفيره، ومن تابع ما نشر عن الشباب الذين اصطادتهم أيدي الإرهاب في بلادنا سيجد منهم من كان مدمناً، ومسرفاً في الانحراف غير الأخلاقي، أو الأفكار المنحلة عقدياً أو جنسياً، أو جريمة.
واستعرض د.الحليبي جانبا آخر من نتائج معاقرة المخدرات ومثلها الخمر، مبيناً أنه يتمثل في العنف الأسري؛ وغياب آداب الحوار الإيجابي، فالمدمن منهار نفسياً، يتعامل مع أفراد الأسرة بعصبية شديدة، أو بانزواء وعزلة، وكثيراً ما تحسّ الزوجة بقهر قاتل من جراء (الصمت الزواجي)، حيث لا حوار، ولا تفاهم، ولا تفكير في مستقبل الأسرة، بل حياة مليئة بالشجار والتنابز، محذراً أن أسوأ ما يقع من مدمن المخدرات يتثمل في التحرش الجنسي .
مخاطر كبيرة
ولفت د.الحليبي إلى أن المخاطر الكبيرة التي تحدق بالمجتمع برمته جراء وجود مدمن المخدرات والتي قد يصل الأمر جرائها إلى الخيانة الزوجية، والأمراض النفسية، وانهيار المكانة الاجتماعية للأسرة، ومعها نفور المجتمع من الأسرة في شؤون الزواج خاصة، فيكون شؤما على الأسرة كلها، ومثل هذه الآفة تتدرج من حبوب يتوهم أنها منشطة، إلى الغوص في أوحال الحشيش بكل أنواعه، التي تورثه أمراضا، وتأثيرا سلبيا على العلاقة الخاصة مع الزوجة .
واستطرد: إن بكاء زوجات المدمنين يقطع نياط القلوب، إنها مصيبة لا كالمصائب، كل شر يتوقع منه، مع أن في داخل نفسه بذور للخير، وأصول للصلاح والاستقامة يمكن أن تهتز وتنمو وتزهر متى ما وفقه الله تعالى لذلك، ووجد من يسانده ويساعده، ومن هنا تكمن بجلاء أهمية تعميم فحص المخدرات لتشمل السعوديين كذلك.
هدم الزواج
وذكر د. عبدالله الفوزان- أستاذ علم الاجتماع وعضو مجلس الشورى- أن أغلب الدراسات التي أجريت حول علاقة تعاطي المخدرات بالمشكلات والفشل الزواجي أكدت بأن التعاطي يمثل أحد أهم عوامل هدم العلاقات الزوجية، لاعتبار أن المخدرات ينجم عنها فقدان القدرة على التحكم بانفعالاته وسلوكه، ويترك آثاراً نفسية على أفراد الأسرة بسبب العنف وكثرة المشاجرات والخلافات بين المتعاطي وبقية أفراد الأسرة.
وشدد د.الفوزان على أن تعاطي المخدرات نتيجتها الحتمية هو هدم العلاقة الزوجية وتفكك الأسرة وانحراف أفرادها، لذلك يصبح من الضروري مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة بالتوعية تارة وبالعلاج تارة وكذلك بالإجراءات الاحترازية لضمان سلامة الأفراد والأسر والمجتمعات من خلال الفحص الطبي، ومما لاشك فيه أن فحص المخدرات سيحد من الخلافات والمشاكل الزوجية، فقد ذكرت إحدى الدراسات عن أسباب الطلاق أن تعاطي المخدرات كانت سبباً لـ (25%) من حالات الطلاق.
الفحص ضرورة
وعدّ د.الفوزان خطوة فحص المخدرات للمقبلين على الزواج من السعوديين بأنها في غاية الأهمية وذلك للحد من حالات الطلاق، رافضاً اعتراض البعض بحجة انتهاك الفحص لخصوصيات الأفراد، منبهاً إلى من يعرف الآثار المدمرة لتعاطي المخدرات على صاحبها وأسرته والمجتمع بشكل عام سيدرك حجم أهمية هذه الخطوة، ولعل البداية مع الأجانب الذين يتزوجون من مواطنات خطوة تدفع باتجاه تعميم الفكرة على الجميع مستقبلا وتحد كثيراً من المشكلات الاجتماعية المرتبطة بتعاطي المخدرات والإدمان عليها.
فوائد الفحص
أبدى د.أحمد البوعلي- إمام وخطيب جامع آل ثاني بالهفوف- ثقته التامة في أن إقرار فحص المخدرات على المواطنين المقبلين على الزواج من شأنه أن يحد من إدمان المخدرات ومعه انخفاض من معدل الجرائم التي يرتكبونها، معللاً كلامه بأن الفحص سيكشف مبكراً عن حالات الإدمان لدى المتقدمين للزواج، ونبّه إلى أن الزواج أمانة يجب ألا يخدع أو يتلاعب أحد الزوجين بها، وبهذه الطريقة سيحافظ على كيان المجتمع ككل، ويؤسس لأسرة سليمة، ونكون بذلك قد وضعنا اللبنات الأولى أمام أجيال المستقبل.
حق مشروع
ووصف حجّي النجيدي- مدير مركز التنمية الأسرية بمدينة العمران- إصدار التشريعات والقوانين بكونها ضمان لحقوق الفرد والمجتمع ومعالجة الظواهر الاجتماعية، ومن ذلك إقرار تطبيق فحص المخدرات للسعوديين المقبلين على الزواج الذي سيضمن حق الزوجة التي اعتبرها بأنها ستكون الضحية الأولى لهذه الآفة، مضيفاً بأن إلزام الفحص سيُحد من إدمان المخدرات خشية البعض من انكشاف أمرهم أمام أسرهم، كما أنه مُطمئن لبناتنا من إعطائها لزوج مدمن، فالزواج عقد شراكة دائمة يحتاج الى الوضوح والصراحة، وأن تبنى هذه العلاقة الزوجية على قواعد صلبة تجنبها الانهيار، مشيراً إلى أن من فوائد الفحص هو الاكتشاف المبكر للمدمن ومن ثم احتضانه وعلاجه وقبل أن يستفحل وينغمس في براثن المخدرات القاتلة.
أجساد عليلة
ونبّه د.أحمد السليمان- مدير مركز أمراض الدم الوراثية في الأحساء، السابق واستشاري الباطنية في مستشفى الملك فهد بالهفوف- إلى أن تعاطي المخدرات يؤدي إلى أمراض صحية عديدة، ونفسية وعقلية وخيمة وعلل جسمية فتاكة، كما أن الإدمان يترك آثاراً نفسية واجتماعية وصحية، فيفرز الإحباط والقلق والاكتئاب النفسي ويفقد المدمن الاتصال بينه وبين أسرته، فلا يهتم بهموم الأسرة، وتهتز بل تنهار معه معايير الأبوة وتكون الأم مطحونة ومشتته، وأخيراً تكون النتيجة تعثر الحياة الزوجية. المجتمع ينتظر تعميم قرار فحص الأزواج بعد البدء بفحص الأجانب
د. خالد الحليبي
د. عبدالله الفوزان
د. أحمد البوعلي
حجّي النجيدي
د.أحمد السليمان
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك