إنه الــمــوت : الموت حقيقة كتبه الله على كل نفس ، فمات الرسل والأنبياء ، والأتقياء والعلماء والأغنياء والفقراء ، والمؤمنون ماتوا وكذلك والكفار الأشقياء . قال الله الكبير المتعال والذي إليه المرجع والمآل smile كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ( (العنكبوت : 57 ) ، وقال سبحانه كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (آل عمران : 185 ) . إنَّه الموت الذي يكرهه كلُّ مذنب ولابد له منه ، أين الآباء ؟ أين الأمهات ؟ أين الإخوان ؟ أين الأخوات ؟ أين الصالحون ؟ أين الصالحات ؟ من منّا وقف مع نفسه يوماً يُذكرها بالموت وشدته ؟ من منا وقف مع نفسه يوماً يُذكرها بساعة الرحيل ؟ من منا وقف مع نفسه يوماً يُذكرها بساعة النقلة من هذه الدنيا الفانية والمتاع الزائل ؟ إنَّه الموت الذي أَقَضَّ مضاجعَ الأتقياء ، إنَّه الموت الذي فَضَح الدنيا فلم يترك لطامع فيها بقاء ، إنَّه الموت الذي ينتهي إليه كل حي ، ولا يدفعه عن نفسه ولا عن غيره حي . إنه الــمــوت : أكبر واعظ ، ومن لم يتعظ بالموت ولا بالقرآن ، فلو تناطحت الجبال بين يديه ما اتعظ . قال الله العظيم الذي لا يموت وهو حيّ دائم عليم ): قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( (الجمعة : 8 ) . روى الترمذي ـ رحمه الله ـ بإسناد حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : (( أكثروا ذكر هاذم اللذات )) يعني الموت ، كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، إذا ذكر الجنة والنار لا يبكي، وإذا ذكر القبر يبكي حتى تخضل لحيته، قالوا له: "مالك تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتذكر القبر فتبكي؟!"، قال: "القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه"، وقال - صلى الله عليه وسلم - : " لولا أن تدافنوا لدعوت الله تعالى أن يسمعكم عذاب القبر. " فهل تذكرت القبر وضمته، وهل تذكرت القبر وظلمته، وسؤال الملكين فيه، وسؤال منكر ونكير؟! إنه الــمــوت : من أعظم المصائب لكن الغفلة عنه أعظم منه مصيبة في قول الله ـ عزوجل ـ : ) فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ( (المائدة : 106 ) اذا فتنتك بهجة الدنيا وشغلتك عن ربك !...تذكّر يوما ستنشغل فيه كل الشغل بنفسك،وسينشغل عنك أقرب الناس اليك حينما توضع في قبرك !!أخي الحبيب: طالما أنت في هذه الدنيا،تستطيع أن تضع يدك على صدرك فتتحسس نبضات قلبك،فاعلم أنّك في نعمة عظيمة حرمها كثيرون ! وفرصة كبيرة خسرها سابقون! الآن أنفاسك تتردد في جسدك فهنيئاً لك القدرة على العمل الصالح .. غداً ستنقطع هذه الأنفاس فمن سيعمل لك ؟؟؟ إنه الــمــوت : فلا إله إلا الله ، كيف يكون حالك أيّها الإنسان إذا حملت على الأكتاف وأسرعوا بك إلى لحدك وقبرك فأي الجنازتين أنت ؟ صالحة أم طالحة ؟ في البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال : (( إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت : قدِموني ، وإن كانت غير صالحة ، قالت : ياويلها أين تذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمعه لصعق )) إنَّها الروح الطيبة التي يجلها ويحترمها حتى ملك الموت ، فيقول لها : " أخرجي أيتها النفس الطيبة ، أو الروح الخبيثة التي ينهرها قائلاً : أخرجي أيتها الروح أو النفس الخبيثة أخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق ، واخرجي ساخطة مسخوطاً عليك إلى عذاب الله ـ عزوجل ـ فتخرج كأنتن ريح جيفة . إنه الــمــوت : أخي إنَّه القبر وما أدراك ما القبر؟ فتنته عظيمة ومواقفه رهيبة لا يثبت فيه إلا من ثبّته الله ـ عزوجل ـ فكم من أقدام زلت ! وكم من ألسنة انحرفت عن الحق ! لو أفلت أحد من القبر وضمّته لنجا منها سعد بن معاذ ، ففي الحديث الصحيح : الذي رواه النسائي : أن رسول الله قال عن سعد بن معاذ : (( هو الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفاً من الملائكة لقد ضُمّ ضَمّةً ثمّ فُرّجَ عنه )) . إنه الــمــوت : أخي رعاك ربي ووقاك عذاب القبر وفتنته ، من الناس من يُفرش قبره ناراً ، ومنهم من يُضرب بمرْزبّة لو ضُرب بها جبل كان تراباً ، والذي يقوم بضربه أعمى أصمّ ، فلا إله إلا الله كيف يكون حال المضروب ؟ ومنهم من تُسلط عليه أفعى عظيمة كبيرة تلسعه وتنهشه ، ففي صحيح ابن حبان ( يُسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً ) أتدرون ما التنين ؟ سبعون حية لكل حية سبعة رؤوس يلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة . ألا فالفكاك الفكاك من عذاب القبر وفتنته بالإيمان والعمل الصالح بعد توفيق الله ورحمته ، واحذر الشيطان ، ورفاق السوء ، والنفس الأمارة بالسوء ، فإنهم أعداؤك ، واعلم أنَّ الله أعد للتائبين جنات النعيم . أخي الحبيب والله انّ لك ربا كريما،يغفر الصغائر،ويمحو الكبائر!،يحب أن يرى عبده مقبلا عليه،تائبا نادما مما جنت يديه! فما أعظمها من كسرة في قلب العبد،لكنها رفعة لك عند الرب! فوالله لاتزال تقترب من مولاك،حتى يشرح صدرك،ويفرج كربك،ويذهب همك،حتى تعيش في جنة الدنيا قبل جنة الاخرة،فما أجملها من حياة طيبة!! وليسأل كل امريء نفسه!،ماذا أخذ من المعاصي والذنوب؟!،والله لم يخرج الا بكل ضيق واكتئاب!،وقلق واضطراب!،وذنوب لها حساب !!،ولكنه الشيطان يزيّن القبيح ياأخي ! وذلك دأبه وعادته ! أخي الحبيب: هاتان حياتان أمامك،فاختر لنفسك ماتحب،والنتيجة تراها في قبرك غدا !فستذكرون ماأقول لكم!..نسأل الله أن يغفر لنا ويرحمنا ويرزقنا الحياة الطيبة وحسن الختام !! اللهم إنا نسألك توبة قبل الممات ورحمة منك تغنينا بها عن رحمة من سواك . وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك