صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: « للصائم دعوة لا ترد ».
لماذا؟
لـأن الصائم منكسر القلب ضعيف النفس،ذل جموحه، وانكسر طموحه ، واقترب من ربه،وأطاع مولاه،
ترك الطعام والشراب خيفة من الملك الوهاب، كف عن الشهوات طاعة لرب الأرض والسموات،
صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: " الدعاء هوالعبادة ".
فإذا رأيت العبد يكثر من الإلحاح في الدعاء فاعلم أنه قريب من الله ، واثق من ربه.
قال الصحابة: يا رسول الله! أربنا قريب؛فنناجيه أم بعيد فنناديه؟
فأنزل الله عز وجل:
"
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " (البقرة:186).
وقد صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال:
إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، وإنما تدعون سميعا بصيرا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته" .
الدعاء :
حبل مديد، وعروة وثقى، وصلة ربانية. صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: " لن يهلك أحد مع الدعاء ".
الله ينادينا أن ندعوه، ويطلب منا أن نسأله، قال الله تعالى: " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لايحب المعتدين" الأعراف: من الآية 55).
وقال أيضا: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إنالذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"غافر: من الآية 60).
صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـأنه قال:
" ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقىثلث الليل الآخر، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟
هل من داع فأجيبه؟هل من مستغفر فأغفر له؟".
و شهر رمضان هو شهر الدعاء ، و شهرالإجابة ، و شهر التوبة والقبول .
فيا صائما قد جفت شفته من الصيام ،وظمئت كبده من الظمأ، وجاع بطنه،
أكثر من الدعاء، و كن ملحاحا في الطلب.
وصف الله عباده الصالحين فقال:
(إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) الأنبياء: من الآية 90).
و للدعاء يا صائمين آداب ينبغي علىالصائم معرفته
و منها: عزم القلب ، و الثقة بعطاء الله ـ عز وجل ـوفضله.
صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال:
لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة؛ فإن الله لا مكره له " .
و من الآداب
الثناءعلى الله ـ تعالى ـ والصلاة على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول الدعاءوأواسطه وآخره ،
ومنها توخي أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل ، وفي السجود، وبين الأذان والإقامة ، وفي أدبار الصلوات ،
وآخر ساعة من يوم الجمعة ، وبعدالعصر ، ويوم عرفة ، ومنها تجنب السجع في الدعاء والتكلف والتعدي فيه .
ومنها الحذر من الدعاء بإثم أو قطيعة رحم.
أيهاالصائم! قبل الغروب لك ساعة من أعظم الساعات ، قبل الإفطار يشتد جوعك،
ويعظم ظمؤك ، فأكثر الدعاء ، وزد في الإلحاح ، وواصل الطلب ، ولك في السحر ساعة ،
فجد على نفسك بسؤال الحي القيوم ؛ فإنك الفقير ، وهوالغني ، وإنك الضعيف ، وهو القوي ، وإنك الفاني وهو الباقي :
يارب عفوك ليس غيرك يقصد *** يا من له كل الخلائق تصمد
أبواب كلم ملك قد أوصدت *** ورأيت بابك واسعا لا يوصد
دعا إبراهيم ـ عليه الصلاة ـ فقال:
"رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء * ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب"سورةإبراهيم: الآيتان 40 – 41).
ودعا موسى ـ عليه السلام ـ فقال:
"قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري "سورة طه: الآيتان 25 ـ 26).
ودعا سليمان ـ عليه السلام ـفقال:
قال رب اغفر لي وهب لي ملكالا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب» ص:35).
ودعا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال ـ كما في الصحيح:
اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إاىصراط مستقيم».
للدعاء أربع فوائد:
الأولى: أنه عبودية لله ـ عز وجل ـ وتذلل وثقة به، وهي مقصود العبادة وثمرتها.
الثانية: تلبية الطلب، إمالإعطاء خير أو دفع ضرر، وهذا لا يملكه إلا الله عز وجل.
الثالثة: ادخار الأجر والمثوبة عند الله إذا لم يجب الداعي في الدنيا، وهذا أنفع وأحسن.
الرابعة: إخلاص التوحيد بطريق الدعاء، وقطع العلائق بالناس، والطمع فيماعندهم.
ربناآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار،
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك