عدد الضغطات : 9,176عدد الضغطات : 6,682عدد الضغطات : 6,399عدد الضغطات : 5,611
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > منتدى القرآن الكريم والتفسير

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ذات مساء مساحه خاصه لكم (آخر رد :السموه)       :: ...بم‘ـــآآآذآ تفــكــــر الآن ... (آخر رد :السموه)       :: مؤلم ... (آخر رد :محمد الجابر)       :: لِ .. أَحَدُهُم ‘ ..| (آخر رد :محمد الجابر)       :: ضع بصمتك .. واترك أثراً ..~ (آخر رد :السموه)       :: وقع ولو بكلمه (آخر رد :السموه)       :: اللهم ... (آخر رد :السموه)       :: لـ نهتف : (يَآرَبْ )مساحة خاصه لكم لتناجون البارئ بماشئتم (آخر رد :السموه)       :: ثرثرة الواو (آخر رد :السموه)       :: دعاء اليوم ((متجدد بإذن الله)) (آخر رد :ابو يحيى)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17-08-2017   #31


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)


شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية ألوهيته ، بأنه تعالى هو المنعم على عبيده ، بإخراجهم من العدم إلى الوجود وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة





 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #32


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)


بأن جعل لهم الأرض فراشا ، أي : مهدا كالفراش مقررة موطأة مثبتة بالرواسي الشامخات ، ( والسماء بناء ) وهو السقف ، كما قال في الآية الأخرى : ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ) [ الأنبياء : 32 ] وأنزل لهم من السماء ماء - والمراد به السحاب هاهنا - في وقته عند احتياجهم إليه ، فأخرج لهم به من أنواع الزروع والثمار ما هو مشاهد ؛ رزقا لهم ولأنعامهم ، كما قرر هذا في غير موضع من القرآن . ومن أشبه آية بهذه الآية قوله تعالى : ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ) [ غافر : 64 ] ومضمونه : أنه الخالق الرازق مالك الدار ، وساكنيها ، ورازقهم ، فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره ؛ ولهذا قال : ( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) وفي الصحيحين عن ابن مسعود ، قال : قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله ندا ، وهو خلقك الحديث . وكذا حديث معاذ : أتدري ما حق الله على عباده ؟ أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا الحديث وفي الحديث الآخر : لا يقولن أحدكم : ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن ليقل ما شاء الله ، ثم شاء فلان .
وقال حماد بن سلمة : حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن الطفيل بن سخبرة ، أخي عائشة أم المؤمنين لأمها ، قال : رأيت فيما يرى النائم ، كأني أتيت على نفر من اليهود ، فقلت : من أنتم ؟ فقالوا : نحن اليهود ، قلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون : عزير ابن الله . قالوا : وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . قال : ثم مررت بنفر من النصارى ، فقلت : من أنتم ؟ قالوا : نحن النصارى . قلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون : المسيح ابن الله . قالوا : وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : هل أخبرت بها أحدا ؟ فقلت : نعم . فقام ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم ، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها ، فلا تقولوا : ما شاء الله وشاء محمد ، ولكن قولوا : ما شاء الله وحده . هكذا رواه ابن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث حماد بن سلمة ، به . وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر ، عن عبد الملك بن عمير به ، بنحوه .
وقال سفيان بن سعيد الثوري ، عن الأجلح بن عبد الله الكندي ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس ، قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت . فقال : أجعلتني لله ندا ؟ قل : ما شاء الله وحده . رواه ابن مردويه ، وأخرجه النسائي ، وابن ماجه من حديث عيسى بن يونس ، عن الأجلح ، به .
وهذا كله صيانة وحماية لجناب التوحيد ، والله أعلم .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال الله تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم ) للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين ، أي : وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم .
وبه عن ابن عباس : ( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) أي : لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر ، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيده هو الحق الذي لا شك فيه . وهكذا قال قتادة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، حدثنا أبي عمرو ، حدثنا أبي الضحاك بن مخلد أبو عاصم ، حدثنا شبيب بن بشر ، حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس ، في قول الله ، عز وجل ( فلا تجعلوا لله أندادا [ وأنتم تعلمون ] ) قال : الأنداد هو الشرك ، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ، وهو أن يقول : والله وحياتك يا فلان ، وحياتي ، ويقول : لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص ، وقول الرجل لصاحبه : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان . لا تجعل فيها فلان . هذا كله به شرك .
وفي الحديث : أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت ، فقال : أجعلتني لله ندا . وفي الحديث الآخر : نعم القوم أنتم ، لولا أنكم تنددون ، تقولون : ما شاء الله ، وشاء فلان .
قال أبو العالية : ( فلا تجعلوا لله أندادا ) أي عدلاء شركاء . وهكذا قال الربيع بن أنس ، وقتادة ، والسدي ، وأبو مالك : وإسماعيل بن أبي خالد .
وقال مجاهد : ( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) قال : تعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل .
ذكر حديث في معنى هذه الآية الكريمة :
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبو خلف موسى بن خلف ، وكان يعد من البدلاء ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن جده ممطور ، عن الحارث الأشعري ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل ، أمر يحيى بن زكريا ، عليه السلام ، بخمس كلمات أن يعمل بهن ، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، وكان يبطئ بها ، فقال له عيسى ، عليه السلام : إنك قد أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فإما أن تبلغهن ، وإما أن أبلغهن . فقال : يا أخي ، إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي . قال : فجمع يحيى بن زكريا بني إسرائيل في بيت المقدس ، حتى امتلأ المسجد ، فقعد على الشرف ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن ، وآمركم أن تعملوا بهن ، وأولهن : أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، فإن مثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب ، فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك ؟ وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأمركم بالصلاة ؛ فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت ، فإذا صليتم فلا تلتفتوا . وأمركم بالصيام ، فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في عصابة ، كلهم يجد ريح المسك . وإن خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك . وأمركم بالصدقة ؛ فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو ، فشدوا يديه إلى عنقه ، وقدموه ليضربوا عنقه ، فقال لهم : هل لكم أن أفتدي نفسي ؟ فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه . وأمركم بذكر الله كثيرا ؛ وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره ، فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه ، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله .
قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن : الجماعة ، والسمع ، والطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ؛ فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، إلا أن يراجع ومن دعا بدعوى جاهلية فهو من جثي جهنم . قالوا : يا رسول الله ، وإن صام وصلى ؟ فقال : وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ؛ فادعوا المسلمين بأسمائهم على ما سماهم الله عز وجل : المسلمين المؤمنين عباد الله .
هذا حديث حسن ، والشاهد منه في هذه الآية قوله : وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا .
وهذه الآية دالة على توحيده تعالى بالعبادة وحده لا شريك له ، وقد استدل به كثير من المفسرين كالرازي وغيره على وجود الصانع فقال : وهي دالة على ذلك بطريق الأولى ، فإن من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية واختلاف أشكالها وألوانها وطباعها ومنافعها ووضعها في مواضع النفع بها محكمة ، علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه وإتقانه وعظيم سلطانه ، كما قال بعض الأعراب ، وقد سئل : ما الدليل على وجود الرب تعالى ؟ فقال : يا سبحان الله ، إن البعرة لتدل على البعير ، وإن أثر الأقدام لتدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ؟ ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير ؟
وحكى فخر الدين عن الإمام مالك أن الرشيد سأله عن ذلك فاستدل باختلاف اللغات والأصوات والنغمات ، وعن أبي حنيفة أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى ، فقال لهم : دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه ، ذكروا لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها ، وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها ، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد . فقالوا : هذا شيء لا يقوله عاقل ، فقال : ويحكم ، هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع ! ! فبهت القوم ورجعوا إلى الحق وأسلموا على يديه .
وعن الشافعي : أنه سئل عن وجود الصانع ، فقال : هذا ورق التوت طعمه واحد تأكله الدود فيخرج منه الإبريسم ، وتأكله النحل فيخرج منه العسل ، وتأكله الشاة والبعير والأنعام فتلقيه بعرا وروثا ، وتأكله الظباء فيخرج منها المسك وهو شيء واحد .
وعن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل عن ذلك فقال : هاهنا حصن حصين أملس ، ليس له باب ولا منفذ ، ظاهره كالفضة البيضاء ، وباطنه كالذهب الإبريز ، فبينا هو كذلك إذ انصدع جداره فخرج منه حيوان سميع بصير ذو شكل حسن وصوت مليح ، يعني بذلك البيضة إذا خرج منها الدجاجة .
وسئل أبو نواس عن ذلك فأنشد :
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك عيون من لجين شاخصات
بأحداق هي الذهب السبيك على قضب الزبرجد شاهدات
بأن الله ليس له شريك
وقال ابن المعتز :
فيا عجبا كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
وقال آخرون : من تأمل هذه السماوات في ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب الكبار والصغار المنيرة من السيارة ومن الثوابت ، وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم في كل يوم وليلة دويرة ولها في أنفسها سير يخصها ، ونظر إلى البحار الملتفة للأرض من كل جانب ، والجبال الموضوعة في الأرض لتقر ويسكن ساكنوها مع اختلاف أشكالها وألوانها كما قال : ( ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء ) [ فاطر : 27 ، 28 ] وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قطر لمنافع العباد وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة والنبات المختلف الطعوم والأراييح والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء ، علم وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم لا إله غيره ولا رب سواه ، عليه توكلت وإليه أنيب ، والآيات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جدا .



 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #33


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23)


ثم شرع تعالى في تقرير النبوة بعد أن قرر أنه لا إله إلا هو ، فقال مخاطبا للكافرين : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ( فأتوا بسورة ) من مثل ما جاء به إن زعمتم أنه من عند غير الله ، فعارضوه بمثل ما جاء به ، واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون الله ، فإنكم لا تستطيعون ذلك .
قال ابن عباس : ( شهداءكم ) أعوانكم [ أي : قوما آخرين يساعدونكم على ذلك ] .
وقال السدي ، عن أبي مالك : شركاؤكم [ أي استعينوا بآلهتكم في ذلك يمدونكم وينصرونكم ] .
وقال مجاهد : ( وادعوا شهداءكم ) قال : ناس يشهدون به [ يعني : حكام الفصحاء ] .
وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن ، فقال في سورة القصص : ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ) [ القصص : 49 ] وقال في سورة سبحان : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) [ الإسراء : 88 ] وقال في سورة هود : ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) [ هود : 13 ] ، وقال في سورة يونس : ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) [ يونس : 37 ، 38 ] وكل هذه الآيات مكية .
ثم تحداهم [ الله تعالى ] بذلك - أيضا - في المدينة ، فقال في هذه الآية : ( وإن كنتم في ريب ) أي : [ في ] شك ( مما نزلنا على عبدنا ) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . ( فأتوا بسورة من مثله ) يعني : من مثل [ هذا ] القرآن ؛ قاله مجاهد وقتادة ، واختاره ابن جرير . بدليل قوله : ( فأتوا بعشر سور مثله ) [ هود : 13 ] وقوله : ( لا يأتون بمثله ) [ الإسراء : 88 ] وقال بعضهم : من مثل محمد صلى الله عليه وسلم ، يعني : من رجل أمي مثله . والصحيح الأول ؛ لأن التحدي عام لهم كلهم ، مع أنهم أفصح الأمم ، وقد تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة ، مع شدة عداوتهم له وبغضهم لدينه ، ومع هذا عجزوا عن ذلك



 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #34


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)


ولهذا قال تعالى : ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ) ولن : لنفي التأبيد أي : ولن تفعلوا ذلك أبدا . وهذه - أيضا - معجزة أخرى ، وهو أنه أخبر أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبدا وكذلك وقع الأمر ، لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا ولا يمكن ، وأنى يتأتى ذلك لأحد ، والقرآن كلام الله خالق كل شيء ؟ وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين ؟ !
ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ ومن جهة المعنى ، قال الله تعالى : ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) [ هود : 1 ] ، فأحكمت ألفاظه وفصلت معانيه أو بالعكس على الخلاف ، فكل من لفظه ومعناه فصيح لا يجارى ولا يدانى ، فقد أخبر عن مغيبات ماضية وآتية كانت ووقعت طبق ما أخبر سواء بسواء ، وأمر بكل خير ، ونهى عن كل شر كما قال : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) [ الأنعام : 115 ] أي : صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام ، فكله حق وصدق وعدل وهدى ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء ، كما يوجد في أشعار العرب وغيرهم من الأكاذيب والمجازفات التي لا يحسن شعرهم إلا بها ، كما قيل في الشعر : إن أعذبه أكذبه ، وتجد القصيدة الطويلة المديدة قد استعمل غالبها في وصف النساء أو الخيل أو الخمر ، أو في مدح شخص معين أو فرس أو ناقة أو حرب أو كائنة أو مخافة أو سبع ، أو شيء من المشاهدات المتعينة التي لا تفيد شيئا إلا قدرة المتكلم المعبر على التعبير على الشيء الخفي أو الدقيق أو إبرازه إلى الشيء الواضح ، ثم تجد له فيها بيتا أو بيتين أو أكثر هي بيوت القصيد وسائرها هذر لا طائل تحته .
وأما القرآن فجميعه فصيح في غاية نهايات البلاغة عند من يعرف ذلك تفصيلا وإجمالا ممن فهم كلام العرب وتصاريف التعبير ، فإنه إن تأملت أخباره وجدتها في غاية الحلاوة ، سواء كانت مبسوطة أو وجيزة ، وسواء تكررت أم لا ، وكلما تكرر حلا وعلا ، لا يخلق عن كثرة الرد ، ولا يمل منه العلماء ، وإن أخذ في الوعيد والتهديد جاء منه ما تقشعر منه الجبال الصم الراسيات ، فما ظنك بالقلوب الفاهمات ، وإن وعد أتى بما يفتح القلوب والآذان ، ويشوق إلى دار السلام ومجاورة عرش الرحمن ، كما قال في الترغيب : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) [ السجدة : 17 ] وقال : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ) [ الزخرف : 71 ] ، وقال في الترهيب : ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر ) [ الإسراء : 68 ] ، ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ) [ الملك : 16 ، 17 ] وقال في الزجر : ( فكلا أخذنا بذنبه ) [ العنكبوت : 40 ] ، وقال في الوعظ : ( أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) [ الشعراء : 205 - 207 ] إلى غير ذلك من أنواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة ، وإن جاءت الآيات في الأحكام والأوامر والنواهي ، اشتملت على الأمر بكل معروف حسن نافع طيب محبوب ، والنهي عن كل قبيح رذيل دنيء ؛ كما قال ابن مسعود وغيره من السلف : إذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن : ( يا أيها الذين آمنوا ) فأوعها سمعك فإنه خير ما يأمر به أو شر ينهى عنه . ولهذا قال تعالى : ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) الآية [ الأعراف : 157 ] ، وإن جاءت الآيات في وصف المعاد وما فيه من الأهوال وفي وصف الجنة والنار وما أعد الله فيهما لأوليائه وأعدائه من النعيم والجحيم والملاذ والعذاب الأليم ، بشرت به وحذرت وأنذرت ؛ ودعت إلى فعل الخيرات واجتناب المنكرات ، وزهدت في الدنيا ورغبت في الأخرى ، وثبتت على الطريقة المثلى ، وهدت إلى صراط الله المستقيم وشرعه القويم ، ونفت عن القلوب رجس الشيطان الرجيم .
ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة لفظ مسلم . وقوله : وإنما كان الذي أوتيته وحيا أي : الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن يعارضوه ، بخلاف غيره من الكتب الإلهية ، فإنها ليست معجزة [ عند كثير من العلماء ] والله أعلم . وله عليه الصلاة والسلام من الآيات الدالة على نبوته ، وصدقه فيما جاء به ما لا يدخل تحت حصر ، ولله الحمد والمنة .
[ وقد قرر بعض المتكلمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصوفية ، فقال : إن كان هذا القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته ، فقد حصل المدعى وهو المطلوب ، وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله ولم يفعلوا ذلك مع شدة عداوتهم له ، كان ذلك دليلا على أنه من عند الله ؛ لصرفه إياهم عن معارضته مع قدرتهم على ذلك ، وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية لأن القرآن في نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته ، كما قررنا ، إلا أنها تصلح على سبيل التنزل والمجادلة والمنافحة عن الحق وبهذه الطريقة أجاب فخر الدين في تفسيره عن سؤاله في السور القصار كالعصر ) و إنا أعطيناك الكوثر ) ] .
وقوله تعالى : ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ) أما الوقود ، بفتح الواو ، فهو ما يلقى في النار لإضرامها كالحطب ونحوه ، كما قال : ( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) [ الجن : 15 ] وقال تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) [ الأنبياء : 98 ] .
والمراد بالحجارة هاهنا : هي حجارة الكبريت العظيمة السوداء الصلبة المنتنة ، وهي أشد الأحجار حرا إذا حميت ، أجارنا الله منها .
قال عبد الملك بن ميسرة الزراد عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله تعالى : ( وقودها الناس والحجارة ) قال : هي حجارة من كبريت ، خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض في السماء الدنيا ، يعدها للكافرين . رواهابن جرير ، وهذا لفظه . وابن أبي حاتم ، والحاكم في مستدركه وقال : على شرط الشيخين .
وقال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ) أما الحجارة فهي حجارة في النار من كبريت أسود ، يعذبون به مع النار .
وقال مجاهد : حجارة من كبريت أنتن من الجيفة . وقال أبو جعفر محمد بن علي : [ هي ] حجارة من كبريت . وقال ابن جريج : حجارة من كبريت أسود في النار ، وقال لي عمرو بن دينار : أصلب من هذه الحجارة وأعظم .
[ وقيل : المراد بها : حجارة الأصنام والأنداد التي كانت تعبد من دون الله كما قال : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) الآية [ الأنبياء : 98 ] ، حكاه القرطبي وفخر الدين ورجحه على الأول ؛ قال : لأن أخذ النار في حجارة الكبريت ليس بمنكر فجعلها هذه الحجارة أولى ، وهذا الذي قاله ليس بقوي ؛ وذلك أن النار إذا أضرمت بحجارة الكبريت كان ذلك أشد لحرها وأقوى لسعيرها ، ولا سيما على ما ذكره السلف من أنها حجارة من كبريت معدة لذلك ، ثم إن أخذ النار في هذه الحجارة - أيضا - مشاهد ، وهذا الجص يكون أحجارا فتعمل فيه بالنار حتى يصير كذلك . وكذلك سائر الأحجار تفخرها النار وتحرقها . وإنما سيق هذا في حر هذه النار التي وعدوا بها ، وشدة ضرامها وقوة لهبها كما قال : ( كلما خبت زدناهم سعيرا ) [ الإسراء : 97 ] . وهكذا رجح القرطبي أن المراد بها الحجارة التي تسعر بها النار لتحمى ويشتد لهبها قال : ليكون ذلك أشد عذابا لأهلها ، قال : وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كل مؤذ في النار وهذا الحديث ليس بمحفوظ ولا معروف ثم قال القرطبي : وقد فسر بمعنيين ، أحدهما : أن كل من آذى الناس دخل النار ، والآخر : كل ما يؤذي فهو في النار يتأذى به أهلها من السباع والهوام وغير ذلك ] .
وقوله تعالى : ( أعدت للكافرين ) الأظهر أن الضمير في ( أعدت ) عائد إلى النار التي وقودها الناس والحجارة ، ويحتمل عوده على الحجارة ، كما قال ابن مسعود ، ولا منافاة بين القولين في المعنى ؛ لأنهما متلازمان .
و ( أعدت ) أي : أرصدت وحصلت للكافرين بالله ورسوله ، كما قال [ محمد ] بن إسحاق ، عن محمد ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( أعدت للكافرين ) أي : لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر .
وقد استدل كثير من أئمة السنة بهذه الآية على أن النار موجودة الآن لقوله : ( أعدت ) أي : أرصدت وهيئت وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك منها : تحاجت الجنة والنار ومنها : استأذنت النار ربها فقالت : رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، وحديث ابن مسعود سمعنا وجبة فقلنا ما هذه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حجر ألقي به من شفير جهنم منذ سبعين سنة ، الآن وصل إلى قعرها وهو عند مسلم وحديث صلاة الكسوف وليلة الإسراء وغير ذلك من الأحاديث المتواترة في هذا المعنى ، وقد خالفت المعتزلة بجهلهم في هذا ووافقهم القاضي منذر بن سعيد البلوطي قاضي الأندلس .
تنبيه ينبغي الوقوف عليه :
قوله : ( فأتوا بسورة من مثله ) وقوله في سورة يونس : ( بسورة مثله ) [ يونس : 38 ] يعم كل سورة في القرآن طويلة كانت أو قصيرة ؛ لأنها نكرة في سياق الشرط فتعم كما هي في سياق النفي عند المحققين من الأصوليين كما هو مقرر في موضعه ، فالإعجاز حاصل في طوال السور وقصارها ، وهذا ما أعلم فيه نزاعا بين الناس سلفا وخلفا ، وقد قال الإمام العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره : فإن قيل : قوله : ( فأتوا بسورة من مثله ) يتناول سورة الكوثر وسورة العصر ، و ( قل يا أيها الكافرون ) ونحن نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله أو بما يقرب منه ممكن . فإن قلتم : إن الإتيان بمثل هذه السور خارج عن مقدور البشر كان مكابرة ، والإقدام على هذه المكابرات مما يطرق بالتهمة إلى الدين : قلنا : فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني ، وقلنا : إن بلغت هذه السورة في الفصاحة حد الإعجاز فقد حصل المقصود ، وإن لم يكن كذلك ، كان امتناعهم من المعارضة مع شدة دواعيهم إلى تهوين أمره معجزا ، فعلى التقديرين يحصل المعجز ، هذا لفظه بحروفه . والصواب : أن كل سورة من القرآن معجزة لا يستطيع البشر معارضتها طويلة كانت أو قصيرة .
قال الشافعي ، رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) [ سورة العصر ] . وقد روينا عن عمرو بن العاص أنه وفد على مسيلمة الكذاب قبل أن يسلم ، فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم بمكة في هذا الحين ؟ فقال له عمرو : لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة فقال : وما هي ؟ فقال : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ) ففكر ساعة ثم رفع رأسه فقال : ولقد أنزل علي مثلها ، فقال : وما هو ؟ فقال : يا وبر يا وبر ، إنما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حقر فقر ، ثم قال : كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو : والله إنك لتعلم أني لأعلم أنك تكذب .



 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #35


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) ۞ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)



 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #36


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)


لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب والنكال ، عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله ، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة ، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال العلماء ، كما سنبسطه في موضعه ، وهو أن يذكر الإيمان ويتبعه بذكر الكفر ، أو عكسه ، أو حال السعداء ثم الأشقياء ، أو عكسه . وحاصله ذكر الشيء ومقابله . وأما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه ، كما سنوضحه إن شاء الله ؛ فلهذا قال تعالى : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار ، كما وصف النار بأن وقودها الناس والحجارة ، ومعنى ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : من تحت أشجارها وغرفها ، وقد جاء في الحديث : أن أنهارها تجري من غير أخدود ، وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف ، ولا منافاة بينهما ، وطينها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر ، نسأل الله من فضله [ وكرمه ] إنه هو البر الرحيم .
وقال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان : حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك .
وقال أيضا : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .
وقوله تعالى : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال : إنهم أتوا بالثمرة في الجنة ، فلما نظروا إليها قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل في [ دار ] الدنيا .
وهكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ونصره ابن جرير .
وقال عكرمة : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال : معناه : مثل الذي كان بالأمس ، وكذا قال الربيع بن أنس . وقال مجاهد : يقولون : ما أشبهه به .
قال ابن جرير : وقال آخرون : بل تأويل ذلك هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا ؛ لشدة مشابهة بعضه بعضا ، لقوله تعالى : ( وأتوا به متشابها ) قال سنيد بن داود : حدثنا شيخ من أهل المصيصة ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء ، فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول : هذا الذي أوتينا به من قبل . فتقول الملائكة : كل ، فاللون واحد ، والطعم مختلف .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال : عشب الجنة الزعفران ، وكثبانها المسك ، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثم يؤتون بمثلها ، فيقول لهم أهل الجنة : هذا الذي أتيتمونا آنفا به ، فيقول لهم الولدان : كلوا ، فإن اللون واحد ، والطعم مختلف . وهو قول الله تعالى : ( وأتوا به متشابها )
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه بعضه بعضا ، ويختلف في الطعم .
وقال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، والربيع بن أنس ، والسدي نحو ذلك .
وقال ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ، في قوله تعالى : ( وأتوا به متشابها ) يعني : في اللون والمرأى ، وليس يشتبه في الطعم .
وهذا اختيار ابن جرير .
وقال عكرمة : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه ثمر الدنيا ، غير أن ثمر الجنة أطيب .
وقال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء ، وفي رواية : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء . رواه ابن جرير ، من رواية الثوري ، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش ، به .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وأتوا به متشابها ) قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا : التفاح بالتفاح ، والرمان بالرمان ، قالوا في الجنة : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا ، وأتوا به متشابها ، يعرفونه وليس هو مثله في الطعم .
وقوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : مطهرة من القذر والأذى .
وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد .
وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم . وفي رواية عنه : لا حيض ولا كلف . وروي عن عطاء والحسن والضحاك وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك .
وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : المطهرة التي لا تحيض . قال : وكذلك خلقت حواء - عليها السلام - حتى عصت ، فلما عصت قال الله تعالى : إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة . وهذا غريب .
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثني جعفر بن محمد بن حرب ، وأحمد بن محمد الجوري قالا حدثنا محمد بن عبيد الكندي ، حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال : من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق .
هذا حديث غريب . وقد رواه الحاكم في مستدركه ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسن بن علي بن عفان ، عن محمد بن عبيد ، به ، وقال : صحيح على شرط الشيخين .
وهذا الذي ادعاه فيه نظر ؛ فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به .
قلت : والأظهر أن هذا من كلام قتادة ، كما تقدم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( وهم فيها خالدون ) هذا هو تمام السعادة ، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع ، فلا آخر له ولا انقضاء ، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام ، والله المسئول أن يحشرنا في زمرتهم ، إنه جواد كريم ، بر رحيم .






 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #37


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



۞ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)

قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة عن ابن مسعود - وعن ناس من الصحابة : لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين ، يعني قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) [ البقرة : 17 ] وقوله أو كصيب من السماء ) [ البقرة : 19 ] الآيات الثلاث ، قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال ، فأنزل الله هذه الآية إلى قوله : ( هم الخاسرون )
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : لما ذكر الله العنكبوت والذباب ، قال المشركون : ما بال العنكبوت والذباب يذكران ؟ فأنزل الله [ تعالى هذه الآية ] إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) .
وقال سعيد ، عن قتادة : أي : إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكر شيئا ما ، قل أو كثر ، وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضلالة : ما أراد الله من ذكر هذا ؟ فأنزل الله : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها )
قلت : العبارة الأولى عن قتادة فيها إشعار أن هذه الآية مكية ، وليس كذلك ، وعبارة رواية سعيد ، عن قتادة أقرب والله أعلم . وروى ابن جريج عن مجاهد نحو هذا الثاني عن قتادة .
وقال ابن أبي حاتم : روي عن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد نحو قول السدي وقتادة .
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في هذه الآية قال : هذا مثل ضربه الله للدنيا ؛ إذ البعوضة تحيا ما جاعت ، فإذا سمنت ماتت . وكذلك مثل هؤلاء القوم الذين ضرب لهم هذا المثل في القرآن ، إذا امتلؤوا من الدنيا ريا أخذهم الله تعالى عند ذلك ، ثم تلا فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) [ الأنعام : 44 ] .
هكذا رواه ابن جرير ، ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، بنحوه ، فالله أعلم .
فهذا اختلافهم في سبب النزول ، وقد اختار ابن جرير ما حكاه السدي ؛ لأنه أمس بالسورة ، وهو مناسب ، ومعنى الآية : أنه تعالى أخبر أنه لا يستحيي ، أي : لا يستنكف ، وقيل : لا يخشى أن يضرب مثلا ما ، أي : أي مثل كان ، بأي شيء كان ، صغيرا كان أو كبيرا .
و " ما " هاهنا للتقليل وتكون بعوضة ) منصوبة على البدل ، كما تقول : لأضربن ضربا ما ، فيصدق بأدنى شيء [ أو تكون " ما " نكرة موصوفة ببعوضة ] . واختار ابن جرير أن " ما " موصولة ، وبعوضة معربة بإعرابها ، قال : وذلك سائغ في كلام العرب ، أنهم يعربون صلة " ما " و " من " بإعرابهما لأنهما يكونان معرفة تارة ، ونكرة أخرى ، كما قال حسان بن ثابت :
وكفى بنا فضلا على من غيرنا حب النبي محمد إيانا
قال : ويجوز أن تكون " بعوضة " منصوبة بحذف الجار ، وتقدير الكلام : إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بين بعوضة إلى ما فوقها .
[ وهذا الذي اختاره الكسائي والفراء . وقرأ الضحاك وإبراهيم بن أبي عبلة ورويت " بعوضة " بالرفع ، قال ابن جني : وتكون صلة ل " ما " ، وحذف العائد كما في قوله : ( تماما على الذي أحسن ) [ الأنعام : 154 ] أي : على الذي أحسن هو أحسن ، وحكى سيبويه : ما أنا بالذي قائل لك شيئا ، أي : يعني بالذي هو قائل لك شيئا ] .
وقوله : ( فما فوقها ) فيه قولان : أحدهما : فما دونها في الصغر ، والحقارة ، كما إذا وصف رجل باللؤم والشح ، فيقول السامع : نعم ، وهو فوق ذلك ، يعني فيما وصفت . وهذا قول الكسائي وأبي عبيدة ، قال الرازي : وأكثر المحققين ، وفي الحديث : لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء .
والثاني : فما فوقها : فما هو أكبر منها ؛ لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة . وهذا [ قول قتادة بن دعامة و ] اختيار ابن جرير .
[ ويؤيده ما رواه مسلم عن عائشة ، رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة ] .
فأخبر أنه لا يستصغر شيئا يضرب به مثلا ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة ، كما [ لم يستنكف عن خلقها كذلك لا يستنكف من ] ضرب المثل بالذباب والعنكبوت في قوله : ( ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) [ الحج : 73 ] ، وقال : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) [ العنكبوت : 41 ] وقال تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) [ إبراهيم : 24 - 27 ] ، وقال تعالى : ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا ) الآية [ النحل : 75 ] ، ثم قال : ( وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل ) الآية [ النحل : 76 ] ، كما قال : ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم ) الآية [ الروم : 28 ] . وقال : ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل ) الآية [ الزمر : 29 ] ، وقد قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) [ العنكبوت : 43 ] وفي القرآن أمثال كثيرة .
قال بعض السلف : إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )
وقال مجاهد قوله : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) الأمثال صغيرها وكبيرها يؤمن بها المؤمنون ويعلمون أنها الحق من ربهم ، ويهديهم الله بها .
وقال قتادة : ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ) أي : يعلمون أنه كلام الرحمن ، وأنه من عند الله .
وروي عن مجاهد والحسن والربيع بن أنس نحو ذلك .
وقال أبو العالية : ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ) يعني : هذا المثل : ( وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) كما قال في سورة المدثر : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) [ المدثر : 31 ] ، وكذلك قال هاهنا : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين )
قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( يضل به كثيرا ) يعني : المنافقين ، ويهدي به كثيرا ) يعني المؤمنين ، فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالهم لتكذيبهم بما قد علموه حقا يقينا ، من المثل الذي ضربه الله بما ضربه لهم ، وأنه لما ضربه له موافق ، فذلك إضلال الله إياهم به ويهدي به ) يعني بالمثل كثيرا من أهل الإيمان والتصديق ، فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم ، لتصديقهم بما قد علموه حقا يقينا أنه موافق ما ضربه الله له مثلا وإقرارهم به ، وذلك هداية من الله لهم به وما يضل به إلا الفاسقين ) قال : هم المنافقون .
وقال أبو العالية : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) قال : هم أهل النفاق . وكذا قال الربيع بن أنس .
وقال ابن جريج عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) يقول : يعرفه الكافرون فيكفرون به .
وقال قتادة : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) فسقوا ، فأضلهم الله على فسقهم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثت عن إسحاق بن سليمان ، عن أبي سنان ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد يضل به كثيرا ) يعني الخوارج .






 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #38


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)


وقال شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، قال : سألت أبي فقلت : قوله تعالى : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) إلى آخر الآية ، فقال : هم الحرورية . وهذا الإسناد إن صح عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - فهو تفسير على المعنى ، لا أن الآية أريد منها التنصيص على الخوارج ، الذين خرجوا على علي بالنهروان ، فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الآية ، وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل ؛ لأنهم سموا خوارج لخروجهم على طاعة الإمام والقيام بشرائع الإسلام .
والفاسق في اللغة : هو الخارج عن الطاعة أيضا . وتقول العرب : فسقت الرطبة : إذا خرجت من قشرتها ؛ ولهذا يقال للفأرة : فويسقة ، لخروجها عن جحرها للفساد . وثبت في الصحيحين ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور .
فالفاسق يشمل الكافر والعاصي ، ولكن فسق الكافر أشد وأفحش ، والمراد من الآية الفاسق الكافر ، والله أعلم ، بدليل أنه وصفهم بقوله : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون )
وهذه الصفات صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين ، كما قال تعالى في سورة الرعد : ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) الآيات ، إلى أن قال : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ الرعد : 19 - 25 ] .
وقد اختلف أهل التفسير في معنى العهد الذي وصف هؤلاء الفاسقين بنقضه ، فقال بعضهم : هو وصية الله إلى خلقه وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه ، وعلى لسان رسله ، ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به .
وقال آخرون : بل هي في كفار أهل الكتاب والمنافقين منهم ، وعهد الله الذي نقضوه هو ما أخذه الله عليهم في التوراة من العمل بما فيها واتباع محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث والتصديق به ، وبما جاء به من عند ربهم ، ونقضهم ذلك هو جحودهم به بعد معرفتهم بحقيقته وإنكارهم ذلك ، وكتمانهم علم ذلك [ عن ] الناس بعد إعطائهم الله من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه ، فأخبر تعالى أنهم نبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمنا قليلا . وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله وقول مقاتل بن حيان .
وقال آخرون : بل عنى بهذه الآية جميع أهل الكفر والشرك والنفاق . وعهده إلى جميعهم في توحيده : ما وضع لهم من الأدلة الدالة على ربوبيته ، وعهده إليهم في أمره ونهيه ما احتج به لرسله من المعجزات التي لا يقدر أحد من الناس غيرهم أن يأتي بمثلها الشاهدة لهم على صدقهم ، قالوا : ونقضهم ذلك : تركهم الإقرار بما ثبتت لهم صحته بالأدلة وتكذيبهم الرسل والكتب مع علمهم أن ما أتوا به حق ، وروي أيضا عن مقاتل بن حيان نحو هذا ، وهو حسن ، [ وإليه مال الزمخشري ، فإنه قال : فإن قلت : فما المراد بعهد الله ؟ قلت : ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد ، كأنه أمر وصاهم به ووثقه عليهم وهو معنى قوله : ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) [ الأعراف : 172 ] إذ أخذ الميثاق عليهم في الكتب المنزلة عليهم لقوله : ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) [ البقرة : 40 ] .
وقال آخرون : العهد الذي ذكره [ الله ] تعالى هو العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم الذي وصف في قوله : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) الآيتين [ الأعراف : 172 ، 173 ] ونقضهم ذلك تركهم الوفاء به . وهكذا روي عن مقاتل بن حيان أيضا ، حكى هذه الأقوال ابن جرير في تفسيره .
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) إلى قوله : ( الخاسرون ) قال : هي ست خصال من المنافقين إذا كانت فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا اؤتمنوا خانوا ، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه ، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل ، وأفسدوا في الأرض ، وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الخصال الثلاث : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا اؤتمنوا خانوا .
وكذا قال الربيع بن أنس أيضا . وقال السدي في تفسيره بإسناده ، قوله تعالى : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) قال : هو ما عهد إليهم في القرآن فأقروا به ثم كفروا فنقضوه .
وقوله : ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) قيل : المراد به صلة الأرحام والقرابات ، كما فسره قتادة كقوله تعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) [ محمد : 22 ] ورجحه ابن جرير . وقيل : المراد أعم من ذلك فكل ما أمر الله بوصله وفعله قطعوه وتركوه .
وقال مقاتل بن حيان في قوله : ( أولئك هم الخاسرون ) قال في الآخرة ، وهذا كما قال تعالى : ( أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ الرعد : 25 ] .
وقال الضحاك عن ابن عباس : كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل خاسر ، فإنما يعني به الكفر ، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذنب .
وقال ابن جرير في قوله : ( أولئك هم الخاسرون ) الخاسرون : جمع خاسر ، وهم الناقصون أنفسهم [ و ] حظوظهم بمعصيتهم الله من رحمته ، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه ، وكذلك الكافر والمنافق خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته ، يقال منه : خسر الرجل يخسر خسرا وخسرانا وخسارا ، كما قال جرير بن عطية :
إن سليطا في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنه



 

رد مع اقتباس
قديم 17-08-2017   #39


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)


يقول تعالى محتجا على وجوده وقدرته ، وأنه الخالق المتصرف في عباده : ( كيف تكفرون بالله ) أي : كيف تجحدون وجوده أو تعبدون معه غيره ! ( وكنتم أمواتا فأحياكم ) أي : قد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود ، كما قال تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ) [ الطور : 35 ، 36 ] ، وقال ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) [ الإنسان : 1 ] والآيات في هذا كثيرة .
وقال سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) [ غافر : 11 ] قال : هي التي في البقرة : ( وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم )
وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : ( كنتم أمواتا فأحياكم ) أمواتا في أصلاب آبائكم ، لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ، ثم يميتكم موتة الحق ، ثم يحييكم حين يبعثكم . قال : وهي مثل قوله : ( [ ربنا ] أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) قال : كنتم ترابا قبل أن يخلقكم ، فهذه ميتة ، ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة ، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ، ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة أخرى . فهذه ميتتان وحياتان ، فهو كقوله : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم )
وهكذا روي عن السدي بسنده ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة - وعن أبي العالية والحسن البصري ومجاهد وقتادة وأبي صالح والضحاك وعطاء الخراساني نحو ذلك .
وقال الثوري ، عن السدي عن أبي صالح : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) قال : يحييكم في القبر ، ثم يميتكم .
وقال ابن جرير عن يونس ، عن ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ؛ خلقهم في ظهر آدم ثم أخذ عليهم الميثاق ، ثم أماتهم ثم خلقهم في الأرحام ، ثم أماتهم ، ثم أحياهم يوم القيامة . وذلك كقول الله تعالى : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين )
وهذا غريب والذي قبله . والصحيح ما تقدم عن ابن مسعود وابن عباس ، وأولئك الجماعة من التابعين ، وهو كقوله تعالى : ( قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) [ الجاثية : 26 ] .
[ وعبر عن الحال قبل الوجود بالموت بجامع ما يشتركان فيه من عدم الإحساس ، كما قال في الأصنام : ( أموات غير أحياء ) [ النحل : 21 ] ، وقال ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ) [ يس : 33 ]



 

رد مع اقتباس
قديم 18-08-2017   #40


مصراوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1899
 تاريخ التسجيل :  27 - 04 - 2015
 العمر : 70
 أخر زيارة : 02-09-2020 (09:50 AM)
 المشاركات : 87,984 [ + ]
 التقييم :  246
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتابة القرآن الكريم وتفسيره



هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)


لما ذكر تعالى دلالة من خلقهم وما يشاهدونه من أنفسهم ، ذكر دليلا آخر مما يشاهدونه من خلق السماوات والأرض ، فقال : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء ) أي : قصد إلى السماء ، والاستواء هاهنا تضمن معنى القصد والإقبال ؛ لأنه عدي بإلى ( فسواهن ) أي : فخلق السماء سبعا ، والسماء هاهنا اسم جنس ، فلهذا قال : ( فسواهن ) . ( وهو بكل شيء عليم ) أي : وعلمه محيط بجميع ما خلق . كما قال : ( ألا يعلم من خلق ) [ الملك : 14 ] وتفصيل هذه الآية في سورة " حم السجدة " وهو قوله : ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ) [ فصلت : 9 - 12 ] .
ففي هذا دلالة على أنه تعالى ابتدأ بخلق الأرض أولا ثم خلق السماوات سبعا ، وهذا شأن البناء أن يبدأ بعمارة أسافله ثم أعاليه بعد ذلك ، وقد صرح المفسرون بذلك ، كما سنذكره بعد هذا إن شاء الله . فأما قوله تعالى : ( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها ) [ النازعات : 27 - 32 ] فقد قيل : إن ) ثم ) هاهنا إنما هي لعطف الخبر على الخبر ، لا لعطف الفعل على الفعل ، كما قال الشاعر :
قل لمن ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده
وقيل : إن الدحي كان بعد خلق السماوات ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس .
وقد قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك - وعن أبي صالح عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات [ وهو بكل شيء عليم ] ) قال : إن الله تبارك وتعالى كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء . فلما أراد أن يخلق الخلق ، أخرج من الماء دخانا ، فارتفع فوق الماء فسما عليه ، فسماه سماء . ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد والاثنين ، فخلق الأرض على حوت ، والحوت هو النون الذي ذكره الله في القرآن : ( ن والقلم ) والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان - ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرك الحوت فاضطرب ، فتزلزلت الأرض ، فأرسى عليها الجبال فقرت ، فالجبال تفخر على الأرض ، فذلك قوله تعالى : ( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) [ النحل : 15 ] . وخلق الجبال فيها ، وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين ، في الثلاثاء والأربعاء ، وذلك حين يقول : ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها ) [ فصلت : 9 ، 10 ] . يقول : أنبت شجرها ( وقدر فيها أقواتها ) يقول : أقواتها لأهلها ( في أربعة أيام سواء للسائلين ) [ فصلت : 10 ] يقول : من سأل فهكذا الأمر . ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) [ فصلت : 11 ] وذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس ، فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين ، في الخميس والجمعة ، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض ، ( وأوحى في كل سماء أمرها ) [ فصلت : 12 ] قال : خلق الله في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها ، من البحار وجبال البرد وما لا نعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ، فجعلها زينة وحفظا تحفظ من الشياطين . فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش ، فذلك حين يقول : ( خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ) [ الأعراف : 54 ] ويقول ( كانتا رتقا ففتقناهما ) [ الأنبياء : 30 ] .
وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد ، عن عبد الله بن سلام أنه قال : إن الله بدأ الخلق يوم الأحد ، فخلق الأرضين في الأحد والاثنين ، وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء ، وخلق السماوات في الخميس والجمعة ، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة ، فخلق فيها آدم على عجل ، فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة .
وقال مجاهد في قوله : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) قال : خلق الله الأرض قبل السماء ، فلما خلق الأرض ثار منها دخان ، فذلك حين يقول : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) ( فسواهن سبع سماوات ) قال : بعضهن فوق بعض ، وسبع أرضين ، يعني بعضهن تحت بعض .
وهذه الآية دالة على أن الأرض خلقت قبل السماء ، كما قال في آية السجدة : ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ) [ فصلت : 9 - 12 ] فهذه وهذه دالتان على أن الأرض خلقت قبل السماء ، وهذا ما لا أعلم فيه نزاعا بين العلماء إلا ما نقله ابن جرير عن قتادة : أنه زعم أن السماء خلقت قبل الأرض ، وقد توقف في ذلك القرطبي في تفسيره لقوله تعالى : ( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها ) [ النازعات : 27 - 31 ] قالوا : فذكر خلق السماء قبل الأرض . وفي صحيح البخاري : أن ابن عباس سئل عن هذا بعينه ، فأجاب بأن الأرض خلقت قبل السماء وأن الأرض إنما دحيت بعد خلق السماء ، وكذلك أجاب غير واحد من علماء التفسير قديما وحديثا ، وقد قررنا ذلك في تفسير سورة النازعات ، وحاصل ذلك أن الدحي مفسر بقوله : ( والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها ) [ النازعات : 30 - 32 ] ففسر الدحي بإخراج ما كان مودعا فيها بالقوة إلى الفعل لما اكتملت صورة المخلوقات الأرضية ثم السماوية دحى بعد ذلك الأرض ، فأخرجت ما كان مودعا فيها من المياه ، فنبتت النباتات على اختلاف أصنافها وصفاتها وألوانها وأشكالها ، وكذلك جرت هذه الأفلاك فدارت بما فيها من الكواكب الثوابت والسيارة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقد ذكر ابن أبي حاتم وابن مردويه في تفسير هذه الآية الحديث الذي رواه مسلم والنسائي في التفسير - أيضا - من رواية ابن جريج قال : أخبرني إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق الجبال فيها يوم الأحد ، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة من ساعات الجمعة ، فيما بين العصر إلى الليل .
وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ، وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ ، وجعلوه من كلام كعب ، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار ، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعا ، وقد حرر ذلك البيهقي .






 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن, الكريم, وتفسيره, كتابة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لفظ (زين) في القرآن الكريم ريناد منتدى القرآن الكريم والتفسير 10 06-11-2016 12:57 AM
لفظ (وكل) في القرآن الكريم طالبة العلم منتدى القرآن الكريم والتفسير 5 05-10-2016 11:18 PM
حفظ القرآن الكريم مصراوي منتدى القرآن الكريم والتفسير 9 30-12-2015 03:20 AM
اسباب نزول القرآن الكريم ، فضل سور القرآن الكريم ، سبب تسمية كل سورة من سور القرآن ا مصراوي منتدى القرآن الكريم والتفسير 71 22-12-2015 03:03 PM
أمير الرياض يكرِّم الفائزين بجائزة حفظ القرآن وتلاوته وتفسيره انسام منتدى الاخبار المحلية والعالمية 2 09-09-2015 09:22 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 03:17 PM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant