والناس عندما يخرجون من قبورهم يخرجون لا يدرون أول الأمر أين يذهبون ، لم لا يدرون ؟ لأنهم لم يسبق لهم أن خرجوا من قبورهم قبل هذا ، وهذا شيء بدهي يمليه العقل ، فإن الإنسان إذا أتى مكانا لأول مرة يصعب عليه أن يتصرف فيه فإذا خرجوا ذكرهم الله جل وعلا في القرآن على حالين متتابعين قال جل وعلا : (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ) والفراش غير منضبط لا يعرف أين يذهب ثم ينتقلون من هذه الحالة إلى قوله جل وعلا : (كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ) لأن الجراد له قائد وهذا يكون بعد أن يخرجوا من القبور يتقدمهم إسرافيل ، وإذا تقدمهم إسرافيل تبعوه قال الله جل وعلا في طه : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ) فالداعي إسرافيل ويتبعه أهل المحشر، هنا يقول الله جل وعلا في الأعراف (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) هذا يكون بعد أن يحشر الناس لكن السؤال علميا ماالذييوزن ؟
العلماء في هذا على أقوال عديدة منها :
1. أن الذي يوزن العمل نفسه ، والقائلون أن الذي يوزن العمل نفسه احتجوا بقوله صلى الله عليه
وسلم : " الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان " فقالوا إن هذا دلالة على أن الذي يوزن هو العمل .
2. وقال آخرون : إن الذي يوزن صحائف العمل وليس العمل نفسه واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه
وسلم : " إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق ينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ، فيقول الله جل وعلا له : " أظلمك كتبتي الحافظون ؟ قال : لا يا رب ، فيقول الله جل وعلا : " إن لك عندنا بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فيقول : أي رب وما تنفع هذه البطاقة أمام هذه السجلات فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة ، قال عليه السلام كما عند الترمذي فطاشت السجلات ورجحت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء " .
موضع الشاهد من الحديث أن الذي يوزن صحائف الأعمال .
3. قال آخرون : إن الذي يوزن صاحب العمل نفسه واحتجوا بأن الله جل وعلا يقول : (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد عبد الله بن مسعود على شجرة فتعجب الصحابة من دقة ساقيه وضحكوا قال :" أتعجبون من دقة ساقيه ،والله لهما في الميزان أثقل من جبل أحد. فقالوا هذا دليل على أن الذي يوزن صاحب العمل . والصواب -إن شاء الله – من هذا كله أنه يوزن صاحب العمل ويوزن العمل نفسه ويوزن صحائف العمل جمعا بين الأدلة لأن الجمع إذا أمكن أولى من ترجح قول على قول .
الشيخ صالح المغامسي
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك