وأما أصحاب السبت،
فإن قصتهم أيضاً عجيبة، وفيها عبر،
أصحاب السبت أهل مدينة من اليهود، حرم الله عليهم صيد الحيتان يوم السبت، وابتلاهم الله عزوجل،
ابتلاهم حيث كانت الحيتان يوم السبت تأتي شرعاً على ظهر الماء كثيرة،
وفي غير يوم السبت لا تأتي، فراغ عليهم الأمر،
وقالوا: كيف ندع هذه الحيتان؟!
لكنهم قالوا: إن الله حرم علينا أن نصيدها في يوم السبت،
فلجئوا إلى حيلة، ووضعوا شباكاً في يوم الجمعة، فإذا كان يوم السبت، وجاءت الحيتان، ودخلت في هذا الشباك، انحبست فيها، فإذا كان يوم الأحد، جاءوا، فأخذوها،
فقالوا: إننا لم نأخذ الحيتان يوم السبت، وإنما أخذناها يوم الأحد، ظنوا أن هذا التحيل على محارم الله ينفعهم،
ولكنه بالعكس، فإن الله تعالى جعلهم قردة خاسئين،
قال الله تعالى: *﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾*، ** ففي هذه القصة من العبر أن من تحيل على محارم الله، فإن حيلته لا تنفعه، وأن التحيل على المحارم من خصال اليهود،
* وفيه أيضاًَ من العبر ما تدل عليه القصة في سورة الأعراف: *﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾* فقد انقسم أهل هذه القرية إلى ثلاثة أقسام،
- قسم اعتدوا وفعلوا ما حرم الله عليهم بهذه الحيلة،
- وقسم نهوهم عن هذا الأمر، وأنكروا عليهم،
- وقسم سكتوا، بل ثبطوا الناهيين عن المنكر، وقالوا: *﴿لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً﴾*
وقد بين الله سبحانه وتعالى أنه أنجا الذين ينهون عن السوء، وأنه أخذ الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون، وسكت عن الطائفة الثالثة،
* وفيه دليل على خطورة هذا الأمر، أي: على خطورة من كان ينهى الناهين عن السوء،
ويقول مثلاً: إن الناس لم يبالوا بكلامكم، ولم يعتنوا بالمعروف، ولم ينتهوا عن منكر، وما أشبه ذلك من التثبيط عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
* وفيه أيضاً دليل على أنه يجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، سواء ظن أنه ينفع أم لا ينفع معذرة إلى الله، ولعل المنهي يتقي الله عزوجل
*📚المصدر:*
*(( سلسلة فتاوى نور على الدرب«1/133» ))*
═══ ༻ 📖 ༺ ═══