عدد الضغطات : 9,099عدد الضغطات : 6,598عدد الضغطات : 6,318عدد الضغطات : 5,539
التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز المراقب المميز المشرف المميز الموضوع المميز القسم المميز
قريبا
قريبا
قريبا

بقلم :
المنتدى الاسلامي العام

العودة   منتديات الحقلة > المنتدى الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الوجه الاخر لرجل الأعمال سعد التميمي (آخر رد :عميد القوم)       :: احذروا سوء الظن (آخر رد :ابو طراد)       :: من فوائد وفضائل الذكر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: هل تريد نخلة في الجنة (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: وانت في مفترق الطرق تذكر... (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: غلط يقع فيه بعض المصلين (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: علماء الأزهر (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رائعة جداً (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: ايمانيات (آخر رد :فاطمة صلاح)       :: رحله العمر (آخر رد :فاطمة صلاح)      


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 31-08-2020   #1


طالبة العلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1561
 تاريخ التسجيل :  20 - 06 - 2014
 أخر زيارة : 15-06-2023 (11:13 AM)
 المشاركات : 24,997 [ + ]
 التقييم :  17
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 اوسمتي
وسام العطاء وسام صاحب الحضور الدائم العطاء الذهبي المسابقه الرمضانيه عطاء بلاحدود 
لوني المفضل : Green
عاشوراء دروسٌ وعِبر



دروسٌ, عاشوراء, وعِبر

دروسٌ, عاشوراء, وعِبر

عاشوراء دروسٌ وعِبر


الحمدُ للهِ الذي خلَقَ الخلْقَ ليعبدوهُ، وأودعَ فيهمُ العقولَ ليعرفوهُ، وعرَّفهُم بأسمائه وصفاتهِ ليوحِدوهُ ويُـطيعُوهُ، وأسبغَ عليهم نعمهُ ظاهرةً وباطنةً ليشكروهُ، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235]... وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ.. بنى السماءَ فأعلاها، وسَطحَ الأرضَ ودَحاهَا، ونَصبَ الجبالَ فأرساهَا، وأنشَأَ السحابَ وأزجاها، وفجَّرَ المياهَ وأجراهَا، وأنبتَ الزروعَ وروَّاهَا، وبثَّ الدوابَّ ورعاهَا، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34].. وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، ومصطفاهُ وخليلهُ، أكرمنا اللهُ بنبوَّتهِ، ومنَّ علينا ببعثتهِ، وأتمَّ بهِ علينا نعمتهُ، وجعلَ خاتمةَ الرسالاتِ في رسالته، و﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124].. فصلواتُ اللهُ وسلامهُ عليهِ، وعلى آله وعترته وصحابتهِ، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أمّا بعدُ: فأوصيكم أيّها النَّاسُ ونفسي بتقوى اللهِ عزَّ وجلَّ، فاتّقوا اللهَ رحمكم اللهُ واغتنموا لحظاتِ الأعمارِ فما أسرعَ انْقضائَها، وانتهزوا الفُرصَ السانِحةَ قبلَ فواتِها، وأعِدُوا ليوم الحسابِ أجوبةً صواباً، فإنَّما يحاسِبُ النَّاسَ من لا يخفى عليهِ خافِيةٌ من أحوالِها، ومن أرادَ النَّجاةَ فليُخالِفْ النَّفسَ وهواها، ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [الأنعام: 104].

معاشر المؤمنين الكرام: تَدُورُ الدُّنْيَا بدورتها، وَتمضِي الأَيامُ بسرعتها، ليحلَّ علينا شهر الله المـحرَّمٍ، ويحلُّ معهُ ذكرى عاشوراء، يومٌ عظيمٌ من أيام الله تبارك وتعالى، يومٌ ظهرَ فيه الحقُّ عزيزاً، وزهقَ الباطل ذليلاً.. يومٌ انتقمَ الله فيه من الظالمين، وانتصر للمظلومين.. يومٌ نجى الله فيه كليمه موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين، وأهلك فرعون الطاغية ومن معه من الظالمين.. وإنَّ في قصةِ موسى وفرعونَ لعبراً وذكرى، ودروساً كُبرى، فلقد تكرَّر اسمُ مُوسى في كتابِ اللهِ تعالى أكثرَ من مائةٍ وثلاثين مرة، وتكرَّرت فيه قِصةِ مُوسى اثنينِ وعشرينَ مرةً. كُلُّ ذلك ليستَلهِم مِنها المؤمنونَ العبرَ والعِظات، ويتدبَّروا أحداثَها ومَواقِفَها.. فهيَ قِصةٌ جمعت بين أحوالِ الطُغاةِ الظَلمةِ المفسِدِينَ المستبدِين، وبينَ أحوالِ المؤمنينَ المصلِحينَ المستضعَفِينَ المضطَهدِينَ، وبينت عاقبةَ ومآلَ كُلِّ طرفٍ، ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 4-6].. إنها قِصةٌ عظِيمةٌ، تحدَّثت عن الإيمانِ والكفرِ، عن الشِدَّةِ والفَرَجِ، عن العُسرِ واليُسرِ.. قِصةٌ مَليئةٌ بالفَوائِدِ والعِبرِ، والعِظاتِ والغِيرِ.

فمن أوائِل فَوائِدِ هذه القِصةِ العَظِيمةِ: أنَّ آياتِ اللهِ تعالى في القُرآنِ، وآياتِه في الكونِ، وآياتِه في تَسيِّيرِ أحداثِ الحياةِ، يَنبغِي للمُسلمِ أنَّ يتدبَّرها جيداً، وأنَّ يعتبِر ويتَّعِظَ بها، ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].. واللهُ تَباركَ وتعالى إنَّما أنزلَ كِتابهُ للتَّدبُرِ والتَّأمُّلِ: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 120]..

ومِنْ أَعظَمِ دُرُوسِ وفوائد هذه القصة العظيمة: تَحريمُ الظُّلْمِ بكلِّ صُورهِ وأشكالِهِ، وبيانِ شُؤمِهِ وسُوءِ عاقبتِهِ.. روى مُسلمٌ في صَحيحهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يرَوَيهِ عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا).. وكانَ أبو إدريسَ الخولانِيُ رحمهُ اللهُ إذا حَدَّثَ بِهَذَا الحَديثِ جَثَا عَلَى رُكبَتَيهِ مِنْ هَولِ مَا فِيهِ.

ومن أعظم الفوائد من هذه القصة: أن الله تعالى إذا أراد شيئًا هيأ له أسبابًا عجيبةً لطيفة.. مقدماتها لا توحي بنتائجها.. فهذا فرعونُ قد تجبَّرَ وطَغى، وعاثَ فساداً في بني إسرائيل وبَغى.. قتَّلَ أطفالهم، واسْتحيا نِسائَهم وقال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، بل وأمرهم بعبادته قائلاً: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، ومع ذلك كله، فقد كان اللهُ يُهيئ لهذا الظالم أسبابَ سُقوطِهِ وهلاكِهِ من حيثُ لا يحتسِب، وربُنا العظيمُ القديرُ سُبحانهُ كما جاءَ في الحديثِ الصحيح: يُملي للظالم، حتى إذا أخذهُ لم يُفلتهُ، وقد أملى اللهُ لهذا الطاغيةِ أربعينَ سنة، حتى إذا وصلَ طُغيانهُ مداهُ، وزُيِّنَ لهُ سُوءُ عملهِ وصُدَّ عن السَّبِيلِ، ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾، جاءهُ بَأْسُ اللهُ الذي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، وأخذه اللهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدر، وجعلهُ عبرةً لمن يعتبر، قال تعالى: ﴿ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ﴾ [الزخرف: 51]، وقال تعالى: ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 40].. فإلى كلِّ ظالمٍ متجبر: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

ومن فوائد هذه القصةِ العظيمة: أن الباطلَ قد ينتفشُ ويتمدَّدُ ويزهو.. حتى ييأسَ كثيرٌ من الناسِ من صلاحِ الأحوال، لكنَّ القرآنَ الكريم، ومن خلالِ هذه القِصةِ العظِيمةِ، يُعلمُنا أن لا نيأسَ ولا نَقنطَ، ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110]، فمهما تمدَّدَ الباطلُ وعلا صَوتُهُ، فالحقُّ أعلا وأقوى، وأظهرُ وأبقى، وسينصُرُهُ اللهُ ولو بعد حين، فالعاقبةُ دَوماً للمتقين. ﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾.

ومن فوائدِ هذه القِصةِ: أنْ الاستِهزَاءَ بالصَالحينَ عادةٌ قديمةٌ للمفسِدِين، وحِيلةٌ رخِيصةٌ لتشوِيهِ صُورتِهم في عُيونِ العالمين، والغرضُ الحقيقيُ من ذلك، هو الصدُّ عن سبيل اللهِ، فهذا مُوسى عليه السلامُ كانَ في لِسانِهِ لثْغةٌ شدِيدة، فعيَّرهُ بها فِرعونُ قائلاً: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [آل عمران: 141]، بل وزعمَ الطَّاغِيةُ أنَّ دَعوةَ التَّوحِيدِ التي جاءَ بها مُوسى عليه السَّلامُ، إنَّما هيَ دَعوةٌ للفسادِ في الأرضِ، ثمَّ رتّبَ على هذهِ الفِريةِ أنَّ مُوسى يَستَحِقُّ القتل: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26]، وهكذا هو دأبُ الظلمةِ المفسِدِين، فلا مَانعَ عِندهُم من افتِراءِ الأكاذِيبِ، وقلبِ الحقائِقِ، والسُخريةِ والتَّهكُمِ، وانتهاجِ أيُّ وسِيلةٍ تُمكِنَهم من تنفِيرِ النَّاسِ وصدِّهِم عن سبيلِ اللهِ، قالَ تعالى: ﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الذاريات: 52، 53].

ومن فوائدِ هذه القِصةِ العظِيمة: أنَّها تُعلمُنا كيفَ نصنَعُ الأمَلَ ونستشرِفُه، تُعلمُنا أنْ نتَرقَبَ وِلادَةَ النَّورِ من رَحِمِ الظُلمةِ، وأن نتفاءلَ بخروجِ الخيرِ من قلبِ الشَّرِ، وانبثاقِ الفَرجِ من كَبدِ الأزماتِ، وأنَّ في طياتِ كلِّ مِحنَةٍ مِنحَةٌ، ومعَ كُلِّ ألمٍ هُناكَ أملٌ، ومعَ كُلِّ بلِيةٍ هُناكَ عَطيّة.. ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].. وكم لهذِه الأمّةِ من وثَبَاتٍ بعدَ كبَوَات، وإفاقاتٍ بعد غَفَوات، وصولاٍت وجولات.. كيف لا؟! وهي الأمّة المرحومةُ المنصُورةُ.. التي لا يُدرَى خيرُها في أوّلها أو في آخِرها.. وهي الأمّةٌ التي تمرضُ ولا تموت، تُجرَح ولا تُذبَح، تُفصَّلُ ولا تُستأصل، ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].

وإنَّ في هذا الحدَثِ العظِيمِ يا عبادَ اللهِ من الآياتِ البيناتِ، والدُّروسِ النيرات، والعِبرِ البَالِغاتِ، ما لو استلهَمتهُ الأجيالُ لصلُحت بإذن اللهِ الأحوال، فالقوةُ للهِ جميعاً، والعزة للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين يقيناً، ونحن قومٌ أعزنا اللهُ بهذا الدِّين، ومهما ابتغينا العزةَ بغيره أذلنا الله.. ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].. بارك الله.

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه واتباعه واخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واحذروا الظلم، فشؤمهُ وبيلٌ، وعاقبتهُ وخيمةٌ في الدنيا والآخرة، وكلُّ من ظَلَمَ غيرَهُ فواللهِ لنْ يفلِحَ.. كيفَ واللهُ عزّ وجلّ يقولُ: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام: 21]، وكلٌّ ظالمٍ خَائِبٌ خَاسِرٌ، محرومٌ من التوفيقِ في الدُنيَا وَفي الآخِرَةِ، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 111]، وهدايةُ اللهِ أبعدُ ما تكونُ عن الظالم، فقد تكرَّرَ قولُهُ تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258]، في عشرِ آياتٍ مختلفاتٍ من الكتابِ العزيزِ، كما أنَّ الآياتِ التي تُبينُ شُؤمَ الظُلمِ وسُوءَ عاقِبتهِ كَثيرةٌ جداً، مِنها قولهُ تعالى: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]، ﴿ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 151]، ﴿ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 44]، ﴿ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22]، ﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [الحج: 53]، ﴿ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ﴾ [الشورى: 45]، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [غافر: 52]، ﴿ تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ ﴾ [الشورى: 22]، ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 41]، إلى غير ذلك من الآيات وفي الحديث المُتَّفَقٌ عَلَيهِ قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]، فمصير الظلَمةِ أسود، وعاقبتُهم شنيعة، ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 41]، ومن سنةِ اللهِ الثابتةِ نُصرةُ المظلومِ، قال تعالى (وعزتي وجلالي لأنصرنَّكَ ولو بعد حين).

فلا تظلمنَّ إذا ما كنَّتَ مُقتدراً عاشوراء دروسٌ وعِبر   عاشوراء دروسٌ وعِبر عاشوراء دروسٌ
فالظلمُ آخِرهُ يُفضِي إلى النَّدمِ عاشوراء دروسٌ وعِبر   عاشوراء دروسٌ وعِبر عاشوراء دروسٌ
تنامُ عيناكَ والمظلومُ مُنتبِهٌ عاشوراء دروسٌ وعِبر   عاشوراء دروسٌ وعِبر عاشوراء دروسٌ
يدعو عليكَ وعينُ اللهُ لم تنمِ عاشوراء دروسٌ وعِبر   عاشوراء دروسٌ وعِبر عاشوراء دروسٌ


وصورُ الظُلمِ يا عباد الله كثيرةٌ ومُتنوعة، ولكثرتها قد يتساهلُ البعضُ فيها، وهي والله ليست كذلك، ففي الحديث الصحيح: "إيّاكم والشحّ! فإنّه أهلكَ من كانَ قبلَكُم؛ أمرهُم بالقطيعةِ فقطعوا، وأمرَهم بالظُّلمِ فظَلَموا، وأمَرَهم بالفُجور ففجَروا".. وأبرزُ صُورِ الظُلمِ المنتشرةِ ظُلمُ الأقوياءِ للضُعفاءِ، كظلم الرَّجُلِ لِأَهْلِ بَيتِهِ، وظُلمِ الرَّئيسِ لموظفِيه، وظُلمُ الكَفيلِ لمكفُولِه، وظلم الموَظَفِ لمُراجِعيه، وغيرها من صورِ الظُلمِ.. ألا فليتَذكَر كلُّ من ولَّاهُ اللهُ تعالى رعيةً أو حمَّلةُ مسئُوليةً، ليتذكر حديثَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "اللهمَّ من وليَ من أمرِ أُمتي شيئًا فرفِقَ بهم فارفق به، اللهمَّ من وليَ من أمرِ أُمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقُق عليه"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته".

ثم اعلموا يا عباد الله: أنه يستحبُ استحباباً شديداً صيامُ يومِ عاشوراء ويوماً قبلهُ أو بعدهُ، ففي صحيحِ مُسلمٍ أنَّ رسولَ ‏اللهِ صلى الله عليه وسلم: صامَ يومَ عاشوراء، وأمرَ بصيامه، ولما قيلَ له يا رسول الله: إنه يومٌ تعظمهُ ‏اليهود والنصارى! قال عليه الصلاة والسلام: (فإذا كان العام المقبل إن شاء ‏الله، صمنا اليوم التاسع)... فصوموا يا عباد الله يومَ عاشوراء، واعلموا أنَّ لهُ فضلاً عظيمًا، وأجراً كبيراً، ففي صحيحِ مُسلمٍ أيضاً أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (صيامُ يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفرَ السنة التي قبله).. فهي فرصةٌ عظيمةٌ من فُرصِ الخيرِ، فأحسنوا استغلالها..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان...



الألوكة

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك


الموضوع الأصلي: عاشوراء دروسٌ وعِبر || الكاتب: طالبة العلم || المصدر: منتديات الحقلة

منتديات الحقلة

منتديات الحقلة: منتديات عامة اسلامية ثقافية ادبية شعر خواطر اخبارية رياضية ترفيهية صحية اسرية كل مايتعلق بالمرأة والرجل والطفل وتهتم باخبار قرى الحقلة والقرى المجاوره لها





uha,vhx ]v,sR ,uAfv uha,vhx




uha,vhx ]v,sR ,uAfv uha,vhx uha,vhx ]v,sR ,uAfv uha,vhx



 

قديم 31-08-2020   #2
عضو اللجنة الادارية والفنية للمنتدى مستشـار مجلـس ادارة المنتـدى


ابو يحيى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 621
 تاريخ التسجيل :  19 - 01 - 2012
 أخر زيارة : منذ 2 أسابيع (12:32 AM)
 المشاركات : 210,276 [ + ]
 التقييم :  1210
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: عاشوراء دروسٌ وعِبر



جزاك الله خير ونفع الله بعلمك



 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
دروسٌ, عاشوراء, وعِبر


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دروسٌ من صبر نبينا محمد سندباد سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية 7 20-09-2015 12:11 AM
فضل صيام يوم عاشوراء للشيخ محمد العريفي عاشوراء ابو يحيى قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه 2 26-11-2013 06:46 PM
عاشوراء ابو يحيى منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة 4 20-11-2013 10:45 AM
فضل عاشوراء @حاول تفتكرني@ منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة 2 20-11-2012 04:05 AM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 04:37 AM

أقسام المنتدى

الاقسام العامة | المنتدى الاسلامي العام | المنتدى العام | منتدى الترحيب والتهاني | الاقسام الرياضية والترفيهية | العاب ومسابقات | الافلام ومقاطع الفيديو | منتدى الرياضة المتنوعة | الاقسام التقنية | الكمبيوتر وبرامجه | الجوالات والاتصالات | الفلاش والفوتوشوب والتصميم | منتدى التربية والتعليم | قسم خدمات الطالب | تعليم البنين والبنات | ملتقــــى الأعضـــــاء (خاص باعضاء المنتدى) | المرحله المتوسطه | منتدى الحقلة الخاص (حقلاويات) | منتدى الاخبار المحلية والعالمية | اخبار وشـؤون قرى الحقلة | اخبار منطقة جازان | الاقسام الأدبية والثقافية | الخواطر وعذب الكلام | منتدى الشعر | عالم القصة والروايات | اخبار الوظائف | منتديات الصحة والمجتمع | منتدى الصحة | منتدى الأسرة | منتدى السيارات | منتدى اللغة الانجليزية | منتدى الحوار والنقاشات | منتدى التراث والشعبيات والحكم والامثال | منتدى التعليم العام | منتدى السفر والسياحة | الثقافه العامه | منتدى تطوير الذات | كرسي الإعتراف | منتدى عالم المرأة | عالم الطفل | المطبخ الشامل | منتدى التصاميم والديكور المنزلي | المكتبة الثقافية العامة | شعراء وشاعرات المنتدى | مول الحقلة للمنتجات | الخيمة الرمضانية | المـرحلـة الابتدائيـة | استراحة وملتقى الاعضاء | المرحله الثانويه | الصور المتنوعة والغرائب والعجائب | المنتدى الاسلامي | منتدى القرآن الكريم والتفسير | سير نبي الرحمة واهم الشخصيات الإسلامية | قصص الرسل والانبياء | قسم الصوتيات والفلاشات الاسلاميه | اخبار مركز القفل | منتدى الابحاث والاستشارات التربوية والفكرية | افلام الانمي | صور ومقاطع فيديو حقلاويات | البلاك بيري / الآيفون / الجالكسي | بوح المشاعر وسطوة القلم(يمنع المنقول ) | مناسك الحج والعمرة | منتدى | ارشيف مسابقات المنتدى | منتدى الحديث والسنة النبوية الشريفة | المنتدى الاقتصادي | منتدى عالم الرجل | اعلانات الزواج ومناسبات منتديات الحقلة | تراث منطقـة جــــازان | كرة القدم السعوديه | منتدى الرياضة | كرة القدم العربيه والعالمية | ديـوان الشـاعـر عمـرين محمـد عريشي | ديـــوان الشــاعـر عـبدة حكمـي | يوميات اعضاء منتديات الحقلة | تصاميم الاعضاء | دروس الفوتوشوب | ارشيف الخيمة الرمضانية ومناسك الحج والعمرة الاعوام السابقة | منتدى الاخبار | نبض اقلام المنتدى | ديـــوان الشــاعـر علـي الـدحيمــي | الاستشارات الطبية | الترحيب بالاعضاء الجدد | قسم الاشغال الايدويه | قسم الاشغال اليدويه | مجلة الحقله الالكترونيه | حصريات مطبخ الحقله | ديوان الشاعر ابوطراد |



Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Ramdan √ BY: ! Omani ! © 2012
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Forum Modifications Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع المواضيع والمُشاركات المطروحه في منتديات الحقلة تُعبّر عن ثقافة كاتبها ووجهة نظره , ولا تُمثل وجهة نظر الإدارة , حيث أن إدارة المنتدى لا تتحمل أدنى مسؤولية عن أي طرح يتم نشره في المنتدى

This Forum used Arshfny Mod by islam servant