الفرقة الثانية المصرية استدرجت لواء عساف ياجوري المدرع إلي مصيدة الموت
حفلت حرب أكتوبر73 بالعديد من البطولات التي جعلت من الأداء المصري معجزة بكل المقاييس العسكرية, ولم تسجل هذه الحرب العظيمة بطولات فردية قام بها جنود كان انتماؤهم للوطن فوق كل اعتبار وأكبر من أي عزيز بل سجل التاريخ ملاحم عسكرية وبطولات جماعية كان البطل فيها هو الكتيبة, واللواء, والفرقة العسكرية. وهذا هو ما سجلته وزارة التربية والتعليم في موقعها علي الانترنت حيث صورت بين هذه البطولات الجماعية ما قامت به الفرقة16 التي كانت تحت قيادة العميد عبد رب النبي حافظ وكانت مهمتها التقدم في القطاع الأوسط للجبهة بين العوجة والنسيمة الذي يمتد لمسافة40 كيلو مترا من منتصف بحيرة التمساح شمالا إلي منتصف البحيرات المرة جنوبا وكان للاسرائيليين في هذا القطاع نقطتان في منطقة الدفرسوار وثالثة في تل سلام تقوم بتأمين نقطتي الدفرسوار ومركز القيادة الاسرائيلي في منطقة الطالية.
بطولة الفرقة16
عند الساعة الخامسة من مساء6 أكتوبر كانت الفرقة16 مشاة بالكامل قد عبرت ورفعت الأعلام المصرية علي الضفة الشرقية للقناة وكان بين رجالها العميد قائد الفرقة وكتيبة برمائية, وعلي الفور قام المقاتلون بالاستيلاء علي المصاطب الترابية التي اقامتها القوات الاسرائيلية بالضفة الشرقية وكان ذلك بعد45 دقيقة فقط من إتمام العبور ثم مالبثت القوات الاسرائيلية المدرعة ان بدأت بهجوم ضار بالدبابات من احتياطيها القريب, إلا أن فرقة المشاة المصرية تصدت لموجة الهجوم الاولي وأفشلتها تماما.
وفي الساعة التاسعة و20 دقيقة وصلت اول دبابة مصرية إلي الشاطيء الشرقي في قطاع الفرقة16 المصرية. وفي تلك اللحظات بدأت القوات المعادية في توجيه أول هجماتها من احتياطي الدبابات البعيد واشتركت في هذه الهجمة50 دبابة ووحدة مشاة ميكانيكية توجهت إلي الجانب الأيمن من الفرقة المصرية إلا أن المقاومة المصرية الشرسة أسفرت عن وقوع خسائر فادحة في الجانب الاسرائيلي وصلت إلي20 دبابة خلال وقت قصير جدا واستمرت الفرقة16 في التقدم في محاولة للوصول إلي منطقة الطالية وهي عبارة عن تبة عالية يبلغ ارتفاعها34 مترا وتسيطر علي أرض القتال, ولقد تمكنت الفرقة المصرية بالفعل من الوصول إليها والسيطرة عليها.
وفي محاولة يائسة حاولت القوات الاسرائيلية الهجوم علي الجانب الأيسر بعد ان فشلت محاولتها للنيل من الجانب الأيمن للفرقة المصرية وكان ذلك يوم8 أكتوبر في الساعة الثامنة مساء وقامت بهذا الهجوم50 دبابة إسرائيلية أخري لتفشل القوات الاسرائيلية مرة أخري في تحقيق أهدافها لتعاود الهجوم علي نفس الجانب في صباح اليوم التالي ويكون نصيبها الفشل, بينما تواصل الفرقة المصرية تقدمها شرقا لتلتقي مع عناصر الجيش الثاني الميداني المصرية وقام القادة بتجهيز المواقع الجديدة التي استولوا عليها ليشتد جنون القوات الاسرائيلية فتحاول الهجوم للمرة الثالثة علي الجانب الأيسر ولكن هذه المرة بقوة أكبر بلغت150 دبابة. وهنا تدور إحدي أشد المعارك واشرسها اضطرت علي أثرها القوات الاسرائيلية إلي الانسحاب بعد مقاومة مصرية استمرت لأكثر من أربع ساعات, ولم تفلح كل هذه المحاولات الاسرائيلية المستميتة في وقف تقدم الفرقة16 حيث كانت القوات المكلفة بمهاجمة الحصنين في الدفرسوار قد استولت عليهما من خلال الهجوم علي محاور متعددة بين اليمين واليسار والخلف وتمكنت هذه القوات من أسر37 إسرائيليا في صباح يوم9 أكتوبر قامت القيادة الاسرائيلية بحشد اللواء(600) مدرع لمعاونة القوات الأصلية بهذا الموقع وبدأ الهجوم الاسرائيلي بـ150 دبابة علي مدي المواجهة كلها في الوقت الذي يندفع فيه اللواء600 المدرع الاسرائيلي بأكمله في منتصف التشكيل.
وعلي الفور تتصدي له المدرعات ومضادات الدبابات المصرية ووصلت المسافة بين مدرعات الطرفين في بعض الأحيان لنحو100 متر فقط حيث اسمي البعض هذه المعركة باسم صدام الدروع وقام قناصو الدبابات المصريون بتدمير34 دبابة, بينما استمرت هذه المعركة التي لامثيل لها حوالي7 ساعات كاملة حتي الساعة الرابعة من بعد ظهر ذلك اليوم.
وفي صبيحة اليوم التالي10 أكتوبر قامت القوات الاسرائيلية في الساعة الخامسة صباحا بالتمهيد النيراني لهجوم جديد باستخدام المدفعية والطائرات ثم اندفاع70 دبابة معادية في اتجاه مواقع وتحصينات الفرقة المصرية التي أبدت مقاومة شديدة أوقفت الهجوم بعد ساعات من بدايته.
وتتكرر المحاولات الاسرائيلية اليائسة لتدمير ووقف الفرقة16 المصرية عند مساء ذلك اليوم إلا أنها تبوء جميعها بالفشل وتضطر القوات الاسرائيلية إلي الارتداد, ثم الانسحاب أخيرا وكانت آخر هذه المحاولات الهجوم الاسرائيلي بـ100 دبابة علي الجانب الأيمن للفرقة المصرية في منطقة الدفرسوار عند التقاء القناة بالبحيرات المرة ومرة أخري كان نصيب هذا الهجوم كسابقية.. فشلا ذريعا.
معركة المليز
ومن قصص البطولة في حرب أكتوبر ما سطره رجال الفرقة الثانية مشاة فيما يعرف بمعركة المليز ففي الساعة السادسة والنصف من مساء يوم6 أكتوبر كانت هذه الفرقة قد حققت العديد من الانتصارات والأهداف المحددة لها ومن بينها تدمير الأهداف القريبة من منطقة عملياتها ومحاصرة النقاط الاسرائيلية القوية واسقاط إحداها وعزل ثلاث نقاط أخري وحصارها.
وفي هذا التوقيت اندفع لواء المليز المدرع الاسرائيلي في اتجاه تمركز الفرقة الثانية بأكثر من35 دبابة تتقدم بسرعة وقد اضاءت كشافاتها.. كانت الدبابات المصرية لم تصل بعد إلي الضفة الشرقية للقناة حيث وصلت طليعتها في الساعة الثامنة وعشرين دقيقة يوم6 أكتوبر. وعلي الفور أصدر قائد الفرقة المصرية أوامره بمهاجمة الدبابات المعادية بأطقم اقتناص الدبابات والمعروف أن كل طقم منها عبارة عن3 أو4 أفراد من الجنود المدربين علي ضرب الدبابات بالصواريخ المضادة للدروع. في البداية قام الجنود المصريون بتوجيه نيرانهم إلي كشافات الدبابات الإسرائيلية المضاءة ثم إنقضوا عليها من كافة الإتجاهات ودمروا12 دبابة الأمر الذي أدي إلي حدوث ارتباك بين القوات الاسرائيلية المهاجمة وفقد الجنود الإسرائيليون صوابهم إلي درجة جعلت الكتيبة الاسرائيلية توجه نيرانها إلي بعضها البعض. ثم مالبثت أن تقدمت كتيبة أخري من الدبابات الاسرائيلية واقتحمت وسط الفرقة المصرية فقامت قواتنا بالتعامل معها ودمرتها بالكامل فيما عدا دبابة واحدة تمكنت من الهرب إلا أن الجنود المصريين طاردوها وأصابوها وأسروا طاقمها.
الفرقة الثانية وعساف ياجوري
لم تكن هذه هي القصة الوحيدة التي روتها حرب أكتوبر عن بطولات الفرقة الثانية التي كان يقودها العميد حسن أبو سعدة الذي تولي مسئولية الدفاع عن جبهة تمتد من الإسماعيلية إلي الفردان لمسافة30 كيلو مترا بالمواجهة.. هذه المرة كان الهدف المحدد للفرقة هو تلك النقاط الحصينة الموجودة علي الضفة الشرقية بالقطاع والتي تدعمها50 دبابة قريبة بالاضافة إلي كتيبة مشاة ميكانيكية وفي خط الدفاع الإسرائيلي الثاني عن هذه المنطقة يوجد لواء مدرع يشتمل علي مائة دبابة أو أكثر. ومن بين الصعاب التي واجهتها الفرقة ذلك الساتر الترابي البالغ ارتفاعه32 مترا بالإضافة إلي العوائق الأخري ممثلة في حقول الألغام والأسلاك الشائكة والسيارات الميكانيكية فضلا عن وجود ثلاثة خطوط احتياطية من الدبابات الإسرائيلية في الخلف.
بعد قيام قوات الفرقة بالعبور بإستخدام القوارب المطاطية ثم تسلق السواتر الترابية الهائلة والتقدم في عمق سيناء لمسافة كيلو مترين في فترة زمنية لم تتجاوز10 دقائق قامت هذه القوات بالتصدي للدبابات المعادية, في نفس الوقت الذي بدأت فيه بإنشاء الكباري لعبور الدبابات حتي تم الأنتهاء من أول كوبري في الثامنة وعشرين دقيقة من مساء يوم العبور ثم بدأت كتائب الجيش الإسرائيلي في الوصول بعد ذلك بعشر دقائق حيث تقدمت أولي هذه الكتائب في اتجاه الفرقة المصرية فأبيدت بالكامل.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك